وردت رسالة على الشيخ المفيد(قدس سره) من قبل الإمام المهدي(ع) تعتبر الرسالة الأولى، وذلك في شهر صفر ، سنة عشر وأربعمائة.
نص الرسالة:
(للأخ السديد، والولي الرشيد، الشيخ المفيد أبي عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمان أدام الله إعزازه، من مستودع العهد المأخوذ على العباد.
بسم الله الرحمن الرحيم. أمّا بعد، سلام الله عليك أيّها الوليّ المخلص في الدين المخصوص فينا باليقين، فإنّا نحمد إليك الله الذي ﻻ إله إلاّ هو، ونسأله الصلاة على سيّدنا ومولانا ونبيّنا محمّد وآله الطاهرين.
ونعلمك – أدام الله توفيقك لنصرة الحق، وأجزل مثوبتك على نطقك عنّا بالصدق- أنّه قد أذن لنا في تشريفك بالمكاتبة وتكليفك ما تؤدّيه عنّا إلى موالينا قبلك أعزّهم الله بطاعته وكفاهم المهمّ برعايته لهم وحراسته.
فقف – أمدّك الله بعونه على أعدائه المارقين من دينه – على ما تذكره، واعمل في تأديته إلى من تسكن إليه، بما نرسمه إن شاء الله. نحن وإن كنّا ناوين بمكاننا النائي عن مساكن الظالمين – حسب الذي أراناه الله تعالى من الصلاح، ولشيعتنا المؤمنين في ذلك مادامت دولة الدنيا للفاسقين – فإنّا نحيط علماً بأنبائكم. ولا يعزب عنّا شيء من أخباركم ومعرفتنا بالذلّ الذي أصابكم مذ جنح كثير منكم إلى ما كان السلف الصالح عنه شاسعاً، ونبذوا العهد المأخوذ (منه) وراء ظهورهم كأنّهم ﻻ يعلمون إنّا غير مهملين لمراعاتكم، ولا ناسين لذكركم ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء واصطلمكم الأعداء، فاتقوا الله جلّ جلاله، وظاهرونا على انتياشكم من فتنة قد أنافت عليكم، يهلك فيها من حمّ أجله، ويحمى عنها من أدرك أمله، وهي إمارة لأزوف حركتنا و(مبانيتكم) (مباثبتكم) بأمرنا ونهينا، والله متم نوره ولو كره الكافرون.
اعتصموا بالتقية؛ مَن شبّ نار الجاهلية يحشّشها عصب أموية يهول بها فرقة مهدية.
أنا زعيم بنجاة من لم يرم فيها المواطن الخفيّة، وسلك في الظعن منها السبل المرضية.
إذا حلّ جمادى الأولى من سنتكم هذه، فاعتبروا بما يحدث فيها، واستيقظوا من رقدتكم لما يكون في الذي يليها، ستظهر لكم من السماء آية جليّة، ومن الأرض مثلها بالسويّة، ويحدث في أرض المشرق ما يحزن ويقلق، ويغلب من بعد على العراق، طوائف عن الإسلام مراق تضيق بسوء فعالهم على أهله الأرزاق، ثم تنفرج الغمة من بعد ببوار طاغوت من الأشرار، ثم يسرّ بهلاكه المتقون الأخيار ويتفق لمريدي الحج من الآفاق، ما يؤملونه منه على توفير غلبه (عليه) منهم وإنفاق، ولنا في تيسير حجهم على الاختيار منهم والوفاق، شأن يظهر على نظام واتساق فليعمل كل امرئ منكم بما يقرّب به من محبتنا، ويتجنّب ما يدنيه من كراهتنا وسخطنا، فإن أمرنا بغتة فجأة حين ﻻ ينفعه توبة، ولا ينجّيه من عقابنا ندم على حوبة والله يلهمكم الرشد، ويلطف لكم في التوفيق برحمته).