ساحل العاج – بامبا عثمان – مالكي

2014-10-26

200 بازدید

المولد والنشأة

ولد عام ۱۳۸۱هـ ، (۱۹۶۲م)، في مدينة “دناني” بساحل العاج، وترعرع في أُسرة تنتمي إلى المذهب المالكي، واصل دراسته حتّى نال الشهادة الثانوية، ثُمّ درس في المدارس الدينية لمدة إحدى عشرة سنة، وكان عضواً في إحدى الجمعيات التبليغية ومعلّماً في المدارس الابتدائية.
بدأت رحلة استبصاره من قراءة كتاب يسيء إلى المذهب الشيعي، فدفعه ذلك إلى البحث والتحقيق في هذا المجال، ومن هنا تبلورت قناعته بأحقِّية مذهب أهل البيت(عليهم السلام)، وأعلن استبصاره عام ۱۴۱۱هـ ، (۱۹۹۱م).

أوّل ما سمعت بالشيعة والتشيّع:

يقول “بامبا”: كانت تصلني ـ وبصفتي طالباً في العلوم الدينية ـ بعض الكتب من مؤسسات تبليغية في الدول الإسلاميّة وفي إحدى المرّات وصلني كتاب من إحدى المؤسسات التركية الفعّالة ـ ولاسيمّا في أفريقيا ـ وكان هذا الكتاب ضدّ الشيعة ويتَّهمهم بأشدّ الافتراءات. ومن خلال هذا الكتاب سمعت باسم الشيعة والتشيّع ولم أكن أعرفهم من قبل.
ولكثرة ما أثار مؤلّف هذا الكتاب من شبهات ضدّ التشيّع ولهول ما سمعتُ من تشنيعات على هذا المذهب، أحببت أن أعرف من هم الشيعة وهل هم مسلمون؟ ولماذا كلّ هذا التشنيع؟ فدفعني هذا الأمر إلى البحث عنهم، فسمعت بمدرسة شيعية بدولة غانا، ولحبّ الإطلاع، سجّلت اسمي في تلك المدرسة الدينية وبدأت أدرس فيها لأتعرّف أكثر فأكثر على المذهب الشيعي.
وكان منهج إدارة المدرسة إهداء كتاب “ثُمّ اهتديت” للدكتور محمّد التيجاني ـ لكلّ طالب يدخل المدرسة، فعندما أخذت الكتاب وطالعته تعرّفت على بعض عقائد الشيعة، ثُمّ واصلت قراءة الكتب الشيعية إلى أن اكتملت معلوماتي عنهم.

عليّ(عليه السلام) خير البشر بعد الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم):

كانت إحدى العقائد الشيعية التي طعن بها مؤلّف هذا الكتاب واتهمهم لأجلها بالغلوّ والكفر، هي أنّ الشيعة يعتقدون بأفضلية الإمام عليّ(عليه السلام) على سائر الأنبياء والرسل ومن المناسب في هذا المجال أن نذكر الأدلّة على أفضلية الإمام عليّ(عليه السلام) من جميع الأنبياء سوى نبينا(صلى الله عليه وآله وسلم).
فمن هذه الأدلّة قوله تعالى: (فَمَن حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعدِ مَا جَاءكَ مِنَ العِلمِ فَقُل تَعَالَوا نَدعُ أَبنَاءنَا وَأَبنَاءكُم وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُم وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُم ثُمَّ نَبتَهِل فَنَجعَل لَّعنَةُ اللّهِ عَلَى الكَاذِبِينَ) (آل عمران:۶۱).
فإنَّ شأن نزول هذه الآية الكريمة هم أهل الكساء الخمسة النجباء(عليهم السلام)، كما صرَّح به أكثر المحدّثين والمفسّرين من الفريقين وأرسلوه ارسال المسلمات، فقد ذكر نزول هذه الآية فيهم(عليهم السلام) الكثير: منهم الحاكم في مستدركه، وأبو نعيم في الدلائل(۱)، والزمخشري في تفسيره(۲).
حتّى أنّ الفخر الرازي قال في تفسيره لهذه الآية: روي أنّه(صلى الله عليه وآله وسلم) لمّا أورد الدلائل على نصارى نجران، ثُمّ إنّهم أصرّوا على جهلهم فقال(صلى الله عليه وآله وسلم) “إنَّ الله أمرني ان لم تقبلو الحّجة أن أباهلكم ـ إلى أن قال ـ وكان رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) خرج وعليه مرط من شعر أسود، وكان قد احتضن الحسين وأخذ بيد الحسن وفاطمة تمشي خلفه وعليّ(رضي الله عنه) خلفهما وهو يقول: “إذا دعوت فأمّنوا”، فقال اسقف نجران: يا معشر النصارى إنّي لأرى وجوهاً لو سألوا الله أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله بها فلا تباهلوا فتهلكوا ولا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة ـ إلى أن قال ـ قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): ولو لا عنوا لمسخوا قردةً وخنازير ولاضطرم عليهم الوادي ناراً ولاستأصل الله نجران وأهله حتّى الطير على رؤوس الشجر”(۳).
وكذا قال مسلم في صحيحه: “ولما نزلت هذه الآية (فَقُل تَعَالَوا نَدعُ أَبنَاءنَا وَأَبنَاءكُم… )، دعا رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً وقال “اللّهم هؤلاء أهلي”(۴).
وهذه الأقوال التي ذكرت في شأن نزول هذه الآية قطرة من بحر، فمن أراد الكثير فليراجع كتاب “إحقاق الحقّ” للتستري(۵).
ثُمّ أنّ الدليل على أفضلية عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) من جميع البشر والأنبياء سوى الرسول الخاتم(صلى الله عليه وآله وسلم) قوله تعالى: (وَأَنفُسَنَا) نفس محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم)، لأنّ الإنسان لا يدعو نفسه بل غيره، وكما ظهر من الروايات وأقوال المؤرخين والمحدّثين هو عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين(عليه السلام).
وكذا حين لا يمكن القول بأنّ نفس عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) هي عين نفس الرسول، لزم أن تكون هذه النفس مثل تلك النفس، وذلك يقتضي المساواة من جميع الوجوه إلاّ ما أُستثني منها مثل النبوّة.
ومن جهة ثانية فقد أجمع المسلمون على أفضلية الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) من سائر الأنبياء، فيلزم أن يكون عليّ(عليه السلام) أفضل من سائر الرسل والأنبياء غيره(صلى الله عليه وآله وسلم).
ويؤيِّد الاستدلال بهذه الآية الحديثُ المقبول عند الفريقين، وهو قوله(صلى الله عليه وآله وسلم): “من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى يحيى بن زكريا في زهده، وإلى موسى بن عمران في بطشه، فلينظر إلى عليّ ابن أبي طالب”(۶)، فالحديث يدل على أنّ ما تفرّق من الفضائل في الأنبياء قد اجتمعت كلها في شخص الإمام عليّ(عليه السلام) وكذا الحديث المروي عن العلاّمة الكراجكي عن النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال لأمير المؤمنين(عليه السلام): “يا أبا الحسن! لو وضع إيمان الخلائق وأعمالهم في كفّة ميزان ووضع عملك يوم أُحُد في كفة أخرى، لرجح عملك على جميع ما عمل الخلائق”(۷).
وأمّا مضامين هذه الأحاديث عن طريق شيعة أهل البيت(عليهم السلام) فهي أكثر من أن تحصى، منها ما رواه الطبرسي(رحمهم الله) في الاحتجاج عن النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: “يا معاشر الناس فضّلوا عليّاً فإنّه أفضل الناس بعدي من ذكر وأنثى، بنا أنزل الله الرزق وبقى الخلق” الحديث(۸).

ولقد أجاد الشاعر في مدح أمير المؤمنين(عليه السلام) حيث قال:

لك في مرتقى العلى والمعالي ***** درجاتٌ لا يرتقى أدناها
أنت بعد النبيّ خير البرايا ***** والسماء خير ما بها قمراها

مواصلة البحث واقتطاف الثمرة:

يضيف “بامبا” قائلاً: من الأُمور الأُخرى التي بحثتها بنفسي ووجدت فيها الحقّ مع المذهب الجعفري هي مسألة العدل الإلهي، وكذا مسألة الإمامة والأئمّة الاثني عشر، واستغربت جدّاً عندما رأيت الأحاديث التي ذكرها القندوزي في هذا المجال، وحصل لي التساؤل بأنّ علماءنا هل يعلمون بهذه الأحاديث أم لا؟
وفي نهاية مطاف البحث وبعد اقتناعي بالمبادئ الحقّة للتشيّع، أعلنت تشّيعي وعملت في مجال التبليغ، ثُمّ هاجرت إلى إحدى الحوزات العلمية لمواصلة الدرس للرجوع إلى بلدي مواصلاً نشاطي التبليغي ونشري لعلوم ومعارف آل محمّد(عليهم السلام).

(۱) الدر المنثور ۲: ۳۸٫
(۲) الكشاف ۱: ۳۶۲٫
(۳) التفسير الكبير ۳: ۲۴۷٫
(۴) صحيح مسلم ۴: ۱۴۹۱٫
(۵) إحقاق الحقّ ۳: ۴۶ ـ ۷۹٫
(۶) تاريخ دمشق ۴۲: ۳۱۳٫
(۷) ينابيع المودّة ۱: ۲۰۲٫
(۸) الاحتجاج ۱: ۷۵٫

المصدر: مركز الأبحاث العقائدية