يتطرق المؤلف في كتابه إلى ذكر بعض خصائص الإمام الحسين (ع) ومناقبه وفضائله فيقول:
كان عليه السلام يشبه النبي صلى الله عليه وآله وسلم من صدره إلى رجليه وكان الحسن عليه السلام يشبهه من صدره إلى رأسه كما تقدم .
وروى سعيد بن راشد ، عن يعلى بن مرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : ( حسين مني وأنا من حسين ، أحب الله من أحب حسينا ، حسين سبط من الأسباط ) ( 1 ) .
وروى عبد الله بن ميمون القداح ، عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال : ( اصطرع الحسن والحسين بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إيها ( 2 ) حسن خذ حسينا ، فقالت فاطمة عليها السلام : يا رسول الله أتستنهض الكبير على الصغير ؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : هذا جبرئيل يقول للحسين : أيها حسين خذ حسنا ) ( 3 ) .
وروى الأوزاعي ، عن عبد الله بن شداد ، عن أم الفضل ، أنها دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالت : يا رسول الله رأيت الليلة حلما منكرا .
قال : ( وما رأيت ؟ ) .
فقالت : إنه شديد .
قال : ( وما هو ؟ ) .
قالت : رأيت كان قطعة من جسدك قطعت ووضعت في حجري .
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( خيرا رأيت ، تلد فاطمة غلاما فيكون في حجرك ) .
فولدت الحسين عليه السلام وكان في حجري كما قال صلوات الله عليه وآله .
قالت : فدخلت به يوما على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فوضعته في حجره ، ثم حانت مني التفاتة فإذا عينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تهرقان بالدموع ، فقلت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله مالك ؟
قال : ( أتاني جبرئيل فأخبرني أن أمتي ستقتل ابني هذا ، وأتاني بتربة من تربته حمراء ) ( 4 ) .
وفي مسند الرضا عليه السلام : عن علي بن الحسين عليهما السلام قال : ( حدثتني أسماء بنت عميس قالت : لما كان بعد حول من مولد الحسن عليه السلام ولد الحسين عليه السلام فجاء النبي عليه واله السلام فقال : يا أسماء هاتي ابني ، فدفعته إليه في خرقة بيضاء فأذن في اذنه اليمنى ، وأقام في اليسرى ، ووضعه في حجره وبكى .
قالت أسماء : فداك أبي وأمي مم بكاؤك ؟
قال : من ابني هذا .
قلت : إنه ولد الساعة !
قال : يا أسماء تقتله الفئة الباغية من بعدي ، لا أنالهم الله شفاعتي ، ثم قال : يا أسماء ، لا تخبري فاطمة فإنها حديث عهد بولادته ، ثم قال لعلي : أي شئ سميت ابني هذا ؟
قال : ما كنت لأسبقك باسمه يا رسول الله ، وقد كنت أحب أن اسميه حربا .
فقال رسول الله : ما كنت لأسبق باسمه ربي .
فأتاه جبرئيل فقال : الجبار يقرئك السلام ويقول : سمه باسم ابن هارون .
فقال : وما اسم ابن هارون ؟
قال : شبير .
قال : لساني عربي .
قال : سمه الحسين .
فسماه الحسين ، ثم عق عنه يوم سابعه بكبشين أملحين ، وحلق رأسه وتصدق بوزن شعره ورقا ، وطلى رأسه بالخلوق وقال : الدم فعل الجاهلية ، وأعطى القابلة فخذ كبش ) ( 5 ) .
وروى الضحاك ، عن ابن المخارق ، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : بينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم جالس والحسين عليه السلام في حجره إذ هملت عيناه بالدموع فقلت : يا رسول الله أراك تبكي جعلت فداك ؟
قال : ( جاءني جبرئيل عليه السلام فعزاني بابني الحسين ، وأخبرني أن طائفة من أمتي ستقتله ، لا أنالهم الله شفاعتي ) ( 6 ) .
وروي بإسناد اخر عن أم سلمة : أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خرج من عندنا ذات ليلة فغاب عنا طويلا ثم جاءنا وهو أشعث أغبر ويده مضمومة ، فقلت له : يا رسول الله ، ما لي أراك شعثا مغبرا ؟
فقال : ( أسري بي في هذه الليلة إلى موضع من العراق يقال له : كربلاء ، فأريت فيه مصرع الحسين ابني وجماعة من ولدي وأهل بيتي ، فلم أزل القط منه دماءهم فها هي في يدي ) وبسطها فقال : ( خذيه واحتفظي به ) .
فأخذته فإذا هو شبه تراب أحمر ، فوضعته في قارورة وشددت رأسها واحتفظت بها ، فلما خرج الحسين عليه السلام متوجها نحو العراق كنت اخرج تلك القارورة في كل يوم وليلة فأشمها وأنظر إليها ثم أبكي لمصابه ، فلما كان يوم العاشر من المحرم – وهو اليوم الذي قتل فيه – أخرجتها في أول النهار وهي بحالها ثم عدت إليها آخر النهار فإذا هي دم عبيط ، فصحت
في بيتي وكظمت غيظي مخافة أن يسمع أعداؤهم بالمدينة فيسرعوا بالشماتة ، فلم أزل حافظة للوقت واليوم حتى جاء الناعي ينعاه ، فحقق ما رأيت ( 7 ) .
وعن ابن عباس رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( قال لي جبرئيل عليه السلام : إن الله جل جلاله قتل بدم يحيى بن زكريا سبعين ألفا ، وهو قاتل بدم ابنك الحسين سبعين ألفا وسبعين ألفا ) ( 8 ) .
وروى سفيان بن عيينة ، عن علي بن زيد ، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال : ( خرجنا مع الحسين عليه السلام فما نزل منزلا ولا ارتحل عنه إلا ذكر يحيى بن زكريا ، وقال يوما : من هوان الدنيا على الله عز وجل أن رأس يحيى بن زكريا أهدي إلى بغي من بغايا بني إسرائيل ) ( 9 ) .
وروى يوسف بن عبدة قال : سمعت محمد بن سيرين يقول : لم تر هذه الحمرة في السماء إلا بعد قتل الحسين عليه السلام ( 10 ) .
وذكر الحافظ الشيخ أبو بكر البيهقي في كتاب دلائل النبوة قال : أخبرنا القطان : حدثنا عبد الله بن جعفر ، حدثنا يعقوب بن سفيان ، حدثنا سليمان ابن حرب ، حدثنا حماد بن زيد ، عن معمر قال : أول ما عرف الزهري تكلم في مجلس الوليد بن عبد الملك ، فقال الوليد : أيكم يعلم ما فعلت أحجار بيت المقدس يوم قتل الحسين بن علي ؟
فقال الزهري : بلغني أنه لم يقلب حجر إلا وجد تحته دم عبيط ( 11 ) .
قال : وأخبرنا القطان بإسناده ، عن علي بن مسهر قال : حدثتني جدتي قالت : كنت أيام الحسين عليه السلام جارية شابة فكانت السماء أياما علقة ( 12 ) .
قال : وأخبرنا القطان بإسناده ، عن جميل بن مرة قال : أصابوا إبلا في عسكر الحسين عليه السلام يوم قتل فنحروها وطبخوها ، قال : فصارت مثل
العلقم فما استطاعوا أن يسيغوا منها شيئا ( 13 ) .
وعن ابن عباس قال : رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما يرى النائم ذات يوم بنصف النهار أشعث أغبر ، بيده قارورة فيها دم ، فقلت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما هذه ؟
قال : ( هذا دم الحسين عليه السلام وأصحابه لم أزل التقطه منذ اليوم ) .
فأحصي بذلك الوقت فوجد ( قد ) قتل ذلك اليوم ( 14 ) .
وعن نضرة الأزدية : لما قتل الحسين بن علي عليهما السلام مطرت السماء دما ، فأصبحت وكل شئ لنأمل ء دم ( 15 ) ! !
وروى محمد بن مسلم ، عن السيدين الباقر والصادق عليهما السلام قال : سمعتهما يقولان : ( إن الله تعالى عوض الحسين عليه السلام من قتله :
أن جعل الإمامة في ذريته ، والشفاء في تربته ، وإجابة الدعاء عند قبره ، ولا تعد أيام زائره جائيا وراجعا من عمره ) .
قال محمد بن مسلم : فقلت لأبي عبد الله عليه السلام : هذه الخلال تنال بالحسين فماله هو في نفسه ؟
قال : ( إن الله تعالى ألحقه بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم فكان معه في درجته ومنزلته ) ثم تلا أبو عبد الله عليه السلام : ( والذين امنوا وأتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم ) ( 16 ) ( 17 ) .
والأخبار في هذا المعنى أكثر من أن تحصى .
ومما روي في السبطين عليهما السلام : ما رواه عتبة بن غزوان قال :
كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصلي فجاء الحسن والحسين يركبان ظهره ، فم انصرف فوضعهما في حجره وجعل يقبل هذا مرة وهذا مرة ، فقال قوم : أتحبهما يا رسول الله ؟
فقال : ( ما لي لا أحب ريحانتي من الدنيا ) ( 18 ) .
وروى سلمان الفارسي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول : ( الحسن والحسين ابني من أحبهما أحبني ، ومن أحبني أحبه الله ، ومن أحبه الله أدخله الجنة ، ومن أبغضهما أبغضني ، ومن أبغضني أبغضه الله ، ومن أبغضه الله أدخله النار على وجهه ) ( 19 ) .
وروى ابن لهيعة عن أبي عوانة رفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم : أن الحسن والحسين شنفا ( 20 ) العرش ، وأن الجنة قالت : يا رب أسكنتني الضعفاء والمساكين ، فقال لها الله تعالى : ( ألا ترضين أني زينت أركانك بالحسن والحسين ، قال : فماست كما تميس ( 21 ) العروس فرحا ) ( ) .
وروى عبد الله بن بريدة قال : سمعت أبي يقول : كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يخطبنا فجاء الحسن والحسين عليهما السلام وعليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران ، فنزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من المنبر فحملهما ووضعهما بين يديه ، ثم قال : ( صدق الله تعالى : ( انما أموالكم وأولادكم فتنة ) ( 22 ) نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما ) ( 23 ) .
وأما ما جاء من الرواية في ثواب زيارته ، وفضل تربته ، وكيفية أخذها ، وغير ذلك مما يتعلق بجلال رتبته ، وعلو منزلته عند الله فكثيرة ، وما ذكرناه كاف في هذا الباب .
الهوامش
( 1 ) كامل الزيارات : 52 و 53 ، ارشاد المفيد 2 : 127 ، المصنف لابن أبي شيبة 12 : 102 / 12244 ، سنن ابن ماجة 1 : 51 ، الأدب المفرد للبخاري 1 : 455 / 364 ، والتاريخ الكبير 8 : 414 / 3536 ، مسند أحمد 4 : 172 ، صحيح الترمذي 5 : 658 / 3775 ، المعجم الكبير للطبراني 3 : 20 / 586 و 587 و 589 ، مستدرك الحاكم 3 : 177 ، ووافقه الذهبي في تلخيص المستدرك ، تاريخ ابن عساكر – ترجمة الإمام الحسين ( ع ) – : 79 / ، 112 أسد الغابة 2 : 19 ، جامع الأصول 9 : 29 ، ذخائر العقبى : 133 ، سير أعلام النبلاء 3 : 190 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 43 : 270 / 35 .
( 2 ) إيه : اسم سمي به الفعل ، لان معناه الأمر . تقول للرجل إذا استزدته من حديث أو عمل : إيه ( بكسر الهاء ) . قال ابن السكيت : فإن وصلت نونت فقلت : إيه حدثنا . ( الصحاح – أيه – 6 : 2226 ) .
( 3 ) قرب الاسناد : 101 / 339 ، أمالي الصدوق : 361 ، ارشاد المفيد 2 : 128 ، أمالي الطوسي 2 : 172 ، مناقب ابن شهرآشوب 3 : 393 ، مقتل الخوارزمي : 155 ، تاريخ ابن عساكر – ترجمة الإمام الحسين ( ع ) – 116 – 117 / 154 – 156 ، 5 أسد الغابة 2 : 19 ، ذخائر العقبى : 134 ، الإصابة : 1 : 332 ، وفي بعضها باختلاف يسير ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 43 : 276 / 45 .
( 4 ) ارشاد المفيد 2 : 129 ، دلائل الإمامة : 72 ، مستدرك الحاكم 3 : 176 ، دلائل النبوة للبيهقي 6 : 468 ، مقتل الخوارزمي 1 : 158 ، البداية والنهاية 6 : 230 .
( 5 ) عيون أخبار الرضا ( ع ) 2 : 25 / ضمن حديث 5 .
( 6 ) ارشاد المفيد 2 : 130 ، كشف الغمة 2 : 7 .
( 7 ) ارشاد المفيد 2 : 130 ، كشف الغمة 802 ، وروى مضمونه اليعقوبي في تاريخه 2 : ( 8 ) تاريخ بغداد 1 : 142 ، تاريخ ابن الإمام الحسين ( ع ) – 241 / 286 ، الفردوس لابن شيرويه 3 : 187 / 4515 .
( 9 ) ارشاد المفيد 2 : 132 ، مجمع البيان 3 : 502 ، كشف الغمة 2 : 9 .
( 10 ) ارشاد المفيد 2 : 132 ، كشف الغمة 2 : 9 ، طبقات ابن سعد – ترجمة الإمام الحسين ( ع ) – ج 8 انظر : مجلة تراثنا العدد 10 : ص 200 ح 326 ، تاريخ أبن عسكر – ترجمة الإمام علي ( ع ) – : 45 / 298 ، وباختلاف يسير في : المعجم الكبير للطبراني 3 : 122 / 2840 ، ونحوه في : شير أعلام النبلاء 3 : 312 ، وتاريخ الاسلام للذهبي : ص حوادث سنة 61 .
( 11 ) دلائل النبوة للبيهقي 6 : 471 ، ورواه الطبراني في المعجم الكبير 3 : 127 / 2856 ، والذهبي في سير أعلام النبلاء 3 : 314 ، وتاريخ الاسلام : ص 16 حوادث سنة 61 ، والهيثمي في مجمع الزوائد 9 : 197 .
( 12 ) دلائل النبوة للبيهقي 6 : 472 ، ورواه الطبراني في المعجم الكبير 3 : 120 / 2836 ، وابن عساكر في تاريخه – ترجمة الإمام الحسين ( ع ) – : 242 / 289 ، والهيثمي في مجمع الزوائد 9 : 196 .
( 13 ) دلائل النبوة للبيهقي 6 : 472 ، ورواه الذهبي في سير أعلام النبلاء 3 : 313 ، وتاريخ الاسلام : ص 15 حوادث سنة 61 .
( 14 ) مسند أحمد 1 : 242 و 283 ، المعجم الكبير للطبراني 3 : 116 2822 ، مستدرك الحاكم 4 : 397 ، ووافقه الذهبي في تلخيص المستدرك ، دلائل النبوة للبيهقي 6 : 471 ، تاريخ بغداد 1 : 142 ، تاريخ ابن عساكر – ترجمة الإمام الحسين ( ع ) – : 261 / 325 ، أسد – الغابة 2 : 23 ، سير أعلام النبلاء 3 : 315 ، تاريخ الاسلام للذهبي : ص 17 حوادث سنة 61 ، البداية والنهاية 6 : 231 ، تهذيب التهذيب 2 : 355 ، مجمع الزوائد 9 : 194 .
( 15 ) طبقات ابن سعد – ترجمة الإمام الحسين ( ع ) – ج 8 انظر : مجلة تراثنا العدد 10 : ص 199 ح 321 ، دلائل النبوة للبيهقي 6 : 471 ، تاريخ ابن عساكر – ترجمة الإمام الحسين ( ع ) – 244 / 295 ، سير أعلام النبلاء 3 : 312 .
( 16 ) الطور 52 : 21 .
( 17 ) أمالي الطوسي 1 : 324 .
( 18 ) مناقب ابن شهرآشوب 3 : 383 .
( 19 ) مستدرك الحاكم 3 : 166 ، وباختلاف يسير في : إرشاد المفيد 2 : 28 ، وتاريخ ابن عساكر – ترجمة الإمام الحسين ( ع ) – : 97 – 98 / 131 و 132 ، كفاية الطالب : 422 .
( 20 ) الشنف : القرط الأعلى . ( الصحاح – شنف – 4 : 383 1 ) .
( 21 ) الميس : ضرب من الميسان ، أي ضرر من المشي في تبختر وتهاد ، كما تميس الجارية العروس . ( لعين 7 : 323 ) .
( 22 ) ارشاد المفيد 2 : 127 ، مناقب ابن شهرآشوب : 395 ، وقطعة منه في : تاريخ بغداد 2 : 238 ، ومجمع الزوائد 9 : 184 ، وكنز العمال 12 : 121 .
( 23 ) الأنفال 8 : 28 ، التغابن 64 : 15 .
المصدر: إعلام الورى بأعلام الهدى ج1 / الشيخ الطبرسي
الخلاصة
إن المؤلف يذكر في كتابه إعلام الورى بأعلام الهدى بعض خصائص الإمام الحسين (ع) ومناقبه وفضائله التي قالتها جده النبي محمد (ص) .