يتميّز الأئمّة الأثنا عشر (عليهم السلام) بارتباط خاصٍّ بالله تعالى وعالَم الغيب؛ بسبَب مقام العصمة والإمامة، ولهم ـ مثل الأنبياء والأوصياء ـ معاجزٌ وكرامَاتٌ تؤيِّد ارتباطهم بالله تعالى، وكونهم أئمّة يقتدى بهم.
الإمام زين العابدين (عليه السلام) له معاجزٌ وكراماتٌ كثيرةٌ، سجَّلتها كتبُ التاريخ والسيرة، نذكر بعضاً منها:
من معجزاته
أما ما يدل على إمامته عليه السلام من طريق المعجز الخارق للعادة فحديث حبابة الوالبية وما جاء فيه من طبعه نقش فصه في الحجر ، وما ثبت من دعائه عليه السلام وإيمائه إليها حتى عادت شابة ولها يومئذ مائة سنة وثلاث عشرة سنة ( 1 ) .
وكذلك نطق الحجر الأسود له عليه السلام وقد استشهد به على محمد ابن الحنفية فشهد له بالإمامة ، وكانا يومئذ بمكة فقال لمحمد : ( ابدأ فابتهل إلى الله واسأله أن ينطق لك ) فابتهل محمد في الدعاء ثم دعا فلم يجبه فقال عليه السلام : ( أما إنك يا عم لو كنت إماما لأجابك ) .
فقال له محمد : فادع أنت يا ابن أخي ، فدعا عليه السلام بما أراد ثم قال : ( أسألك بالذي جعل فيك ميثاق الأنبياء وميثاق الأوصياء لما أخبرتنا بلسان عربي مبين من الوصي والإمام بعد الحسين بن علي ؟ ) فتحرك الحجر حتى كاد أن يزول عن موضعه ثم أنطقه الله بلسان عربي مبين فقال : اللهم إن الوصية والإمامة بعد الحسين بن علي إلى علي بن الحسين عليهما السلام .
فانصرف محمد وهو يتولى علي بن الحسين عليهما السلام ( 2 ) .
وأورد هذا الخبر بإسناده محمد بن أحمد بن يحيى في كتاب بوادر الحكمة .
وفي هذا المعنى يقول السيد الحميري لما رجع عن القول بالكيسانية إلى القول بإمامة الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام :
عجبت لكر صروف الزمان ** وأمر أبي خالد ذي البيان
ومن رده الأمر لا ينثني ** إلى الطيب الطهر نور الجنان
علي وما كان من عمه ** برد الأمانة عطف البيان
وتحكيمه حجرا أسودا ** وما كان من نطقه المستبان
بتسليم عم بغير امتراء ** إلى أبن أخ منطقا باللسان
شهدت بذلك حقا كما ** شهدت بتصديق اي القران
علي أمامي ولا أمتري ** وخليت قولي بكان وكان ( 3 )
قال الصادق عليه السلام : ( كان أبو خالد يقول بإمامة محمد بن الحنفية فقدم من كابل شاه إلى المدينة فسمع محمدا يخاطب علي بن الحسين عليه السلام فيقول : يا سيدي ، فقال له : أتخاطب ابن أخيك بما لا يخاطبك مثله ؟ ! فقال : إنه حاكمني إلى الحجر الأسود فصرت إليه فسمعت الحجر يقول : سلم الأمر إلى ابن أخيك فإنه أحق به منك ، وصار أبو خالد الكابلي إماميا ) ( 4 ) .
وروى عنه أنه قال : قال لي علي بن الحسين عليه السلام : ( يا كنكر ) ولا والله ما عرفني بهذا الاسم إلا أبي وأمي ( 5 ) .
الهوامش
( 1 ) كمال الدين : 537 / ضمن ح 1 و 2 ، وقطعة منه في : المناقب لابن شهرآشوب 4 : 35 1 .
( 2 ) انظر : بصائر الدرجات : 522 ، الكافي 1 : 5 / 282 الإمامة والتبصرة : 61 و 62 / 49 ، الهد اية الكبرى للخصيبي : 220 ، روضة الواعظين : 197 ، الاحتجاج 2 : 316 ، الخرائج والجرائح 1 : 257 / 3 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 147 ، اثبات الوصية : 147 .
( 3 ) المناقب لابن شهرآشوب 4 : 148 .
( 4 ) المناقب لابن شهرآشوب 4 : 147 .
( 5 ) انظر : الهداية الكبرى : 221 ، رجال الكشي 1 : 336 / 192 ، الخرائج والجرائح 1 : 261 / 6 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 147 .
المصدر: إعلام الورى بأعلام الهدى ج1 / الشيخ الطبرسي
الخلاصة
ذكر المؤلف من معجزات الإمام زين العابدين (عليه السلام) هو نطق الحجر الأسود بإمامته أمام عمه محمد ابن الحنفية بعد أن ادعى الأخير الإمامة له من بعد الحسين (ع) .