دلائل الإمام محمد الجواد (ع) ومعجزاته
محمد بن يعقوب ، عن أحمد بن إدريس ، عن محمد بن حسان ، عن علي بن خالد قال : كنت بالعسكر فبلغني أن هناك رجلا محبوسا اتي به من ناحية الشام مكبولا وقالوا : إنه تنبأ ، قال : فأتيت الباب وداريت البوابين حتى وصلت إليه ، فإذا رجل له فهم وعقل ، فقلت له : ما قصتك ؟
فقال : إني كنت بالشام أعبد الله في الموضع الذي يقال إنه نصب فيه رأس الحسين عليه السلام ، فبينا أنا ذات ليلة في موضعي مقبل على المحراب أذكر الله تعالى إذ رأيت شخصا بين يدي فنظرت إليه فقال لي :
( قم ) فقمت ، فمشى بي قليلا فإذا أنا في مسجد الكوفة فقال لي : ( أتعرف هذا المسجد ؟ ) فقلت : نعم هذا مسجد الكوفة .
قال : فصلى وصليت معه ، ثم انصرف وانصرفت معه ، فمشى بي قليلا فإذا نحن بمسجد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، فسلم على الرسول وصلى وصليت معه .
ثم خرج وخرجت معه ، فمشى قليلا فإذا أنا بمكة ، فطاف بالبيت وطفت معه .
ثم خرج فمشى قليلا فإذا أنا بموضعي الذي كنت أعبد الله بالشام ، وغاب الشخص عن عيني ، فبقيت متعجبا حولا مما رأيت ، فلما كان في العام المقبل رأيت ذلك الشخص فاستبشرت به ودعاني فأجبته . ففعل كما فعل في العام الماضي ، فلما أراد مفارقتي بالشام قلت له : سألتك بحق الذي أقدرك على ما رأيت منك إلا أخبرتني من أنت ؟
قال : ( أنا محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ) .
فحدثت من كان يصير إلي بخبره ، فرقي ذلك إلى محمد بن عبد الملك الزيات فبعث إلي من أخذني وكبلني في الحديد وحملني إلى العراق وحبست كما ترى ، وادعى علي المحال .
فقلت له : أرفع عنك القصة إلى محمد بن عبد الملك الزيات ؟
قال : إفعل .
فكتبت عنه قصة ، شرحت أمره فيها ورفعتها إلى محمد بن عبد الملك ، فوقع في ظهرها : قل للذي أخرجك من الشام في ليلة إلى الكوفة ، ومن الكوفة إلى المدينة ، ومن المدينة إلى مكة ، وردك من مكة إلى الشام أن يخرجك من حبسك هذا .
قال علي بن خالد : فغمني ذلك من أمره وانصرفت محزونا عليه ، فلما كان من الغد باكرت إلى الحبس لأعلمه الحال وآمره بالصبر والعزاء ، فوجدت الجند وأصحاب الحرس وخلقا عظيما من الناس يهرعون ، فسألت عن حالهم فقيل لي : المتنبئ المحمول من الشام أفتقد البارحة من الحبس ، فلا يدرى خسفت به الأرض أو اختطفه الطير .
وكان علي بن خالد هذا زيديا فشال بالإمامة لما رأى ذلك وحسن اعتقاده ( 1 ) .
وفي كتاب أخبار أبي هاشم الجعفري رضي الله عنه للشيخ أبي عبد الله أحمد بن محمد بن عياش الذي أخبرني بجميعه السيد أبو طالب محمد بن الحسين الحسيني القصبي الجرجاني رحمه الله قال : أخبرني والدي السيد أبو عبد الله الحسين بن الحسن القصبي ، عن الشريف أبي الحسين طاهر بن محمد الجعفري عنه قال . حدثني أبو علي أحمد بن محمد ابن محيى العطار القمي ، عن عبد الله بن جعفر الحميري قال : قال أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري : دخلت على أبي جعفر الثاني عليه السلام ومعي ثلاث رقاع غير معنونة واشتبهت علي فاغتممت لذلك ، فتناول إحداهن وقال : ( هذه رقعة ريان بن شبيب ) ثم تناول الثانية فقال : ( هذه رقعة محمد ابن حمزة ) وتناول الثالثة وقال : ( هذه رقعة فلان ) فبهت فنظر إلي وتبسم عليه السلام .
قال الحميري : وقال لي أبو هاشم : وأعطاني أبو جعفر ثلاثمائة دينار في صرة وأمرني أن أحملها إلى بعض بني عمه وقال : ( أما إنه سيقول لك دلني على حريف يشتري لي بها متاعا فدله عليه ) .
قال : فأتيته بالدنانير فقال لي : يا أبا هاشم دلني على حريف يشتري لي بها متاعا . ففعلت .
قال أبو هاشم : وكلمني جمال أن أكلمه ليدخله في ، بعض أموره ، فدخلت عليه لم كلمه فوجدته يأكل مع جماعة فلم يمكنني كلامه ، فقال :
( يا أبا هاشم كال ) ووضع بين يدي ثم قال – ابتداء منه من غير مسألة – :
( يا غلام انظر الجمال الذي أتانا به أبو هاشم فضمه إليك ) .
قال أبو هاشم : ودخلت معه ذات يوم بستانا فقلت له : جعلت فداك ، إني مولع بأكل الطين ، فادع الله لي ، فسكت ثم قال لي بعد أيام – ابتداء منه – :
( يا أبا هاشم ، قد أذهب الله عنك أكل الطين ) .
قال أبو هاشم : فما شئ أبغض إلي منه ( 2 ) .
ومما رواه محمد بن يعقوب ، عن الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ( عن علي بن أسباط ) ( 3 ) قال : خرج علي أبو جعفر حدثان موت أبيه فنظرت إلى قده لأصف قامته لأصحابنا فقعد ، ثم قال : ( يا علي ، إن الله تعالى احتج في الإمامة بمثل ما احتج به في النبوة فقال : ( وآتيناه الحكم صبيا ) ( 4 ) ) ( 5 ) .
وروى أيضا : عن عدة من أصحابه ، عن أحمد بن محمد ، عن الحجال ( وعمرو بن عثمان ) ( 6 ) ، عن رجل من أهل المدينة ، عن المطر في قال : مضى أبو الحسن الرضا عليه السلام ولي عليه أربعة آلاف درهم ، لم يكن يعرفها غيري وغيره ، فأرسل إلي أبو جعفر : ( إذا كان في غد فائتني ) .
فأتيته من الغد ، فقال لي : ( مضى أبو الحسن ولك عليه أربعة آلاف درهم ؟ )
فقلت : نعم .
فرفع المصلى الذي كان تحته ، فإذا تحته دنانير فدفعها إلي ، وكان قيمتها في الوقت أربعة آلاف درهم ( 7 ) .
وروى محمد بن أحمد بن يحيى في كتاب ( نوادر الحكمة ) : عن موسى بن جعفر ، عن أمية بن علي قال : كنت بالمدينة ، وكنت أختلف إلى أبي جعفر عليه السلام وأبو الحسن عليه السلام بخراسان وكان أهل بيته وعمومة أبيه يأتونه ويسلمون عليه ، فدعا يوما الجارية فقال : ( قولي لهم : يتهيأون للمأتم ) .
فلما تفرقوا قالوا : ألا سألناه مأتم من ؟
فلما كان من الغد فعل مثل ذلك ، فقالوا : مأتم من ؟
قال : ( مأتم خير من على ظهرها ) .
فأتانا خبر أبي الحسن عليه السلام بعد ذلك بأيام ، فإذا هو قد مات في ذلك اليوم ( 8 ) .
وفيه : عن حمدان بن سليمان ، عن أبي سعيد الأرمني ، عن محمد ابن عبد الله بن مهران قال : قال : محمد بن الفرج : كتب إلي أبو جعفر :
( إحملوا إلي الخمس ، فإني لست آخذه منكم سوى عامي هذا ) .
فقبض عليه السلام في تلك السنة ( 9 ) .
الهوامش
( 1 ) الكافي 1 . 411 / 1 ، وكذا في : بصائر الدرجات : 422 / 1 ، ارشاد المفيد 2 : 289 ، الاختصاص : 320 ، ونحوه في : دلائل الإمامة : 214 ، روضة الواعظين : 242 ، الخرائج : الجرائح 1 : 380 / 10 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 393 ، الفصول المهمة : 271 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 50 : 40 .
( 2 ) الكافي 1 : 414 / 5 ، ارشاد المفيد 2 : 293 ، الخرائج والجرائح 2 : 644 – 665 / 1 و 2 و 3 و 4 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 390 ، كشف الغمة 2 : 361 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 50 : 41 / 6 و 7 .
( 3 ) أثبتناه من الكافي .
( 4 ) مريم 19 : 12 .
( 5 ) الكافي 1 : 413 / 3 ، وكذا في : بصائر الدرجات : 258 / 10 ، ارشاد المفيد 2 : 292 ، اثبات الوصية : 184 ، الخرائج والجرائح 1 : 384 / 14 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 389 ، كشف الغمة 2 : 360
( 6 ) أثبتناه من الكافي .
( 7 ) الكافي 1 : 415 / 11 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 292 ، روضة الواعظين : 1 : 243 ، الخرائج والجرائح 1 : 378 / 7 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 391 ، كشف الغمة 2 : 360 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 50 : 54 / 29 .
( 8 ) اثبات الوصية : 188 ، دلائل الإمامة : 212 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 389 ، الثاقب في المناقب : 151 / 443 ، كشف الغمة 2 : 369 ، ونقله المجلسي في بحار الا نوار 50 : 63 / 39 .
( 9 ) المناقب لابن شهرآشوب 4 : 389 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 50 : 63 / ذيل حديث 39 .
المصدر: إعلام الورى بأعلام الهدى ج2 / الشيخ الطبرسي
الخلاصة
يذكر الشيخ الطبرسي في كتابه بعض دلائل الإمام محمد الجواد (عليه السلام) ومعجزاته