كشمير – السيد صادق حسين النقوي – حنفي

2015-03-18

297 بازدید

المولد والنشأة

ولد عام ۱۹۶۹م بمنطقة ” مظفّر آباد ” في كشمير الحرّة(۱)، نشأ في أوساط عائلة هاشمية النسب تعتنق المذهب الحنفي.
تشرّف باعتناق مذهب أهل البيت (عليهم السلام) عام ۱۹۹۰م في بلاده اثر مناقشات ودراسات مكثفة ومتواصلة.

حقيقة التشيع:

يقول السيد صادق: ” كان يقطن في منطقتنا الكثير من السادة المعتنقين للمذهب الحنفي، والعجيب أنّ بعض ممارساتنا وطقوسنا الدينية مشابهة إلى حدّ ما لطقوس الشيعة الإمامية.
ومنطقتنا متميزة ببغضها لمعاوية بن أبي سفيان ويزيد ولآل أُمية بصورة عامّة، لأنّنا كنا محيطين من خلال دراستنا للتاريخ الإسلامي بالظلم والجور الذي ارتكبه هؤلاء بحقّ عترة الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)وذريته على العموم، كما نحيي مراسم العزاء ونقيم المآتم في شهر محرم الحرام إحياءً لذكرى مظلومية سيد الشهداء وأهل بيته في كربلاء، وكنّا نعتقد أنّنا من شيعة أهل البيت (عليهم السلام) ولا توجد طائفة أخرى تتفاعل مع أهل البيت (عليهم السلام) وتتودد إليهم كما نحن عليه!.
وبهذه الرؤية وعلى هذا النهج والمعتقد أمضيت سنوات من عمري وأنا أعتبر نفسي سائراً على نهج مذهب أهل البيت (عليهم السلام) ، حتى دخلت الجامعة فتعرّفت خلال الدراسة على الشيعة، فأعجبت بهم لوسع ثقافتهم الدينية وارتفاع مستواهم الفكري، وتقرّبت إليهم حتى أصبحت لي علاقة ودّيه مع اثنين منهم، فكنت أجالسهم وأتحدّث معهم في شتى المجالات العلمية والثقافية، حتى دار بيني وبينهم ذات يوم حوار حول مسألة المذاهب والأديان، فأخبرتهما بأنني شيعي ـ باعتباري سيد هاشمي ـ.
فقالا لي: كيف تكون شيعياً ونحن لا نرى ممارساتك العبادية وفق المذهب الجعفري؟!.
فتعجّبت من كلامهما! وقلت: ما هو منهج الشيعة في العبادة غير ماأنا عليه؟
فبدأ زميلاي يحدثاني عن أصول مذهب الشيعة ومعالمه وخطوطه العريضة، وذكرا لي الظروف القاسية والمحن الصعبة التي مر بها هذا المذهب وأتباعه.
فاستغربت من ذلك! وعرفت ذلك الحين مدى غفلتي عن الواقع والحقيقة، وقرّرت بعد ذلك أن أبذل قصارى جهدي للحصول على معتقد يرتكز على الدليل والبرهان فاعتنقه عن علم ودراية، ولئلا أكون كما أنا عليه الآن متزلزلاً لا أمتلك أي دليل أستند وألتجىء إليه عند مواجهتي لأدنى شبهة.
وطلبت منهما إرفادي بكتب الشيعة العقائدية والفقهية والتاريخية لأتحقق من نفسي، ولأصل إلى ما يوافق كتاب الله وسنة نبيه(صلى الله عليه وآله وسلم) ونهج آله (عليهم السلام) ، وأتخذه سبيلاً أسير عليه بعزم وثبات في حياتي، فأرسلا إليّ الكتب، وعكفت على قراءتها ومطالعتها بدقة وإمعان، وكنت أناقش ما كان غامضاً فيها معهما ومع غيرهما، وبعد مضى فترة أدركت أنّ مضامين هذه الكتب متينة الاستدلال سهلة الأسلوب ومستظلة بمظلة القرآن، وموافقه لسنة النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)، وزاخرة بتراث العترة الطاهرة (عليهم السلام) ، فكانت هذه الكتب تلامس شغاف قلبي وتفتح أبواب عقلي.

واقعة الطفّ الدامية:

بمرور الزمان توثقت عرى الصداقة بيني وبين هذين الأخوين، فاشتركت معهما في نشاطات تربوية وثقافية مختلفة منها إحياء مراسم عاشوراء، وفي أجواء إحيائنا لواقعة الطفّ الدامية أحببت البحث في هذه المسألة لاستيعابها.
وفي بدء الأمر حاولت الإحاطة بما جرى في يوم عاشوراء على أهل البيت (عليهم السلام) في أرض كربلاء، فقرأت أحداث هذه الواقعة حتى بلغت آخرها في عصر يوم عاشوراء، وذلك حينما بدأت شمس العاشر من محرم عام ۶۱ هـ تجمع أشعتها عن أرض كربلاء المضمخة بالدماء، بدء اللئام ليدونوا في سجل التاريخ فصلاً آخر من فصول جرائمهم البشعة! فداهموا الخيام، وأستباحوا الرحال، وانتبهوا الأموال، وروعوا الأطفال، وأشعلوا النار حتى أخذت تلتهم كل شيء، فدهشت النساء، وارتاعت الصبية، وفروا في البيداء ليكونوا طعمة لسنابك الخيل، وعرضة للضياع….

لماذا أخرج الإمام الحسين (عليه السلام) عياله معه؟

إنّ الأحداث الرهيبة التي جرت في واقعة كربلاء جعلتني أتساءل عن الداعي الذي حدا بالإمام الحسين (عليه السلام) لإخراج عياله معه؟
راجعت كتب التاريخ والسير لعلّي أجد السبب في ذلك، فعثرت على إحدى الحقائق الهامّة التي أفصح عنها أبو الفرج الاصفهاني بقوله: ” بعد خروج الحسين (عليه السلام) أمر عمرو بن سعيد بن العاص صاحب شرطته على المدينة، أن يهدم دور بني هاشم، وبلغ منهم كل مبلغ!! “(۲).
فتبيّن لي عندئذ لؤم ودناءة نفسية الأمويين، وعرفت سبب إخراج الإمام الحسين (عليه السلام) أهل بيته معه، فإنّ بني أميّة إذ عمدوا إلى هدم الدور الخالية للتنكيل ببني هاشم، فما عساهم أن يفعلوا بإخوة وأبناء ونساء الحسين (عليه السلام) لو ظفروا بهم؟! فإنّهم من المؤكد سيكونون عرضة للذبح والانتهاك… “.
وفي الحقيقة أنّ هذه الضغوط من مبتكرات الأمويين وسماتهم التي كانوا يتخذونها لإخضاع المعارضين، وليس بالمستبعد من يزيد بن معاوية أن يبادر إلى قتل واحد من آل الحسين (عليه السلام) في كلّ يوم ما لم يأت الحسين (عليه السلام) ويسلّم نفسه!، وليس هذا الأمر بمستبعد من آل أميّة خصوصاً وأنّ التشفي طبيعة نسجت عليها أوصالهم، وتعامل هند زوجة أبي سفيان مع جسد حمزة بن عبد المطّلب الطاهر في أُحد، بمضغها كبده وتمثيلها بجسده الشريف، خير شاهد على عدم استبعاد ارتكاب هذه الجرائم من هذه الشجرة الخبيثة.

ومن هنا فإنّ إخراج الحسين (عليه السلام) للعيال معه، وعدم تركهم لقمة سائغة وفريسة سهلة بيد الجلاوزة، كان أمراً طبيعيّاً لابد من القيام به، فالحسين (عليه السلام) عاش هذه الظروف الصعبة وكانت الخيارات أمامه محدودة، فهو (عليه السلام) لاقى نفس المحنة التي عاشها رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) من قبل، وكان موقفه كموقف جدّه(صلى الله عليه وآله وسلم)، فالنبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)عندما هاجر من مكّة ترك إبنته الزهراء عند فاطمة بنت أسد، ثم لم يدخل المدينة حتى إلتحق به الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) مع ضعينة الفواطم، فإنّه(صلى الله عليه وآله وسلم) كان يخشى أن يستخدم المشركون حجز إبنته ورقة ضغط عليه، فأودعها عند عائلة الإمام عليّ (عليه السلام) ، ولو كان الإمام الحسين (عليه السلام) يضمن بقاء عياله في مأمن من التعدي، وأيدي أمينة كأيدي أبيه (عليه السلام) ما كان صحب العيال معه!.
وقد يسأل السائل: فأين إذاً المهاجرون والأنصار وأبناؤهم؟! ألم يكونوا عاهدوا رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) من قبل أنّهم يذودون عنه وعن آله كما يذودون عن أنفسهم!
والجواب يكون ماثلاً وواضحاً عندما يتبيّن للسائل موقف المهاجرين والأنصار في أحداث السقيفة! وأنّ القوم لم يدافعوا عن أمّ الإمام الحسين (عليه السلام) وهي بضعة النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) عندما هجم الأوغاد على دارها، وأحرقوا بابها، ورضوا ضلعها، وهدّدوا بعلها بالقتل أمام مرأى ومسمع الجميع، ولم يتقدّم أحد من المهاجرين والأنصار للدفاع والذب عن حريم رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، فمن الأولى بالإمام الحسين أن لا يأمن على أهله من أتباع يزيد وأن يتركهم في أوساط هؤلاء.
والذي يتأمّل كل هذا يجد من غير المستبعد أن يطيع أهل المدينة يزيد فيمالو كلّفهم بحرق بيت الإمام الحسين (عليه السلام) على من فيه.

من هم قتلة الإمام الحسين (عليه السلام) :

يقول السيّد صادق: ” بعد انتهاء المراسم التي أحييناها بمناسبة ذكرى مقتل الإمام الحسين (عليه السلام) يوم عاشوراء، جلست وقت غروب ذلك اليوم وحيداً منعزلاً عن جماعتي تحت ظل السماء، وغرقت في التفكير حتى خيّم عليَّ الهمّ والحزن، ورفعت رأسي أنظر إلى غروب الشمس العاشر من المحرّم، فكانت السماء دامية توحي بالحزن والكآبة، ثم تأملت بما قمت به في ذلك اليوم، فرأيت أني طويت يوماً طال أمده بالنسبة لي!.
وبعد مضي ذلك اليوم طفقت أتتبع خطى الحسين (عليه السلام) واسلوبه في النهضة، كي أشفي غليلي من الأسئلة التي تعتلج في صدري، كتشنيع البعض على الشيعة وإتهامهم بقتل الحسين (عليه السلام) لتبرير ساحة بني أميّة من هذه الجريمة النكراء!.
وقد قيض الله تعالى لي مجموعة من الكتب التي فندت هذا الإدعاء بشكل تام، وفهمت منها ومن بعض المحاورات التي كانت تدور بيني وبين الآخرين، إنّه لم يكن في الجيوش الزاحفة لحرب الإمام الحسين (عليه السلام) شيعي واحد! “.
فإنّ الكوفة قد خلت تقريباً ـ في هذه الفترة ـ من الشيعة، حيث تعرضوا لحملات الإبادة والتنكيل والتهجير، فكان شيعة أهل البيت (عليهم السلام) في الكوفة أكثر الناس بلاءً وأشدهم محنة، كما قال ابن أبي الحديد: ” فلم يكن البلاء أشدّ ولا أكثر منه بالعراق، ولاسيما بالكوفة، حتى أنّ الرجل من شيعة عليّ (عليه السلام) ليأتيه من يثق به، فيدخل بيته فيلقي إليه سرّه، ويخاف من خادمه ومملوكه، ولايحدثه حتى يأخذ عليه الأيمان الغليظة ليكتمن عليه… فلم يزل الأمر كذلك حتى مات الحسن بن عليّ (عليه السلام) ، فازداد البلاء والفتنة، فلم يبق أحد من هذا القبيل إلاّ وهو خائف على دمه أو طريد في الأرض “(۳)، بل تعدى الأمر حتى كتب معاوية إلى عمّاله نسخة واحدة: ” أنظروا من قامت عليه البيّنة أنّه يحبّ عليّاً وأهل بيته فامحوه من الديوان، وأسقطوا عطاءه ورزقه “، وشفع بذلك بنسخة أخرى: ” من إتهمتموه بموالاة هؤلاء القوم فنكّلوا به واهدموا داره “(۴).
ويصف الإمام محمّد الباقر (عليه السلام) ذلك الوقت قائلاً: ” وقتلت شيعتنا بكل بلدة، وقطعت الأيدي والأرجل على الظنّة، وكل من يذكر بحبّنا والانقطاع إلينا سجن أو نهب ماله أو هدمت داره، ثم لم يزل البلاء يشتد ويزداد إلى زمان عبيد الله بن زياد قاتل الحسين (عليه السلام) … “(۵).
وبهذه السياسة خلت الكوفة من الشيعة تقريباً، خصوصاً بعد حملات التهجير والنفي التي شنت على أتباع أهل البيت (عليهم السلام) أيام زياد ابن أبيه، حيث أبعد خمسين ألفاً منهم إلى خراسان!، والكوفة كانت شيعية النزعة أيام خلافة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) ، ولكنّها تغيّرت بعد ذلك فقلّ عددهم فيها.
وقد أكّد القوم الزاحفون لحرب الحسين (عليه السلام) أنّهم ليسوا من الشيعة، بل هم عثمانيون!! عندما قالوا: ” ليعطش كما عطش من كان قلبه ” إشارة إلى عثمان عندما حاصره الثوار في بيته، وأثبتوا ذلك أيضاً عندما سألهم سيد الشهداء (عليه السلام) بقوله: ” ويلكم! أتطلبوني بدم أحد منكم قتلته، أو بمال استملكته، أو بقصاص من جراحات استهلكته؟ “(۶)، فقالوا: ” نقتلك بغضاً منا لأبيك! “(۷)، ولايوجد شيعي واحد يبغض الإمام أميرالمؤمنين (عليه السلام) ، فأين هؤلاء من التشيع!!.
ثم إنّ الإمام الحسين (عليه السلام) قد حدّد انتماءهم بقوله: ” يا شيعة آل أبي سفيان، إن لم يكن لكم دين، وكنتم لا تخافون المعاد، فكونوا أحراراً في دنياكم هذه، وارجعوا إلى أحسابكم إن كنتم عرباً كما تزعمون “(۸)، فهل بعد كل هذا يقول أحد أنّ الشيعة هم قتلة الإمام الحسين(صلى الله عليه وآله وسلم)!!.
ولعل البعض يحاول جعل من شاركوا في حرب صفين مع الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) كشمر بن ذي الجوشن، وشبث بن ربعي، وقيس بن الأشعث من الشيعة، ولكن هذه مغالطة مكشوفة فإنّ هؤلاء من أبرز الذين تمرّدوا على الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) وخرجوا عليه، في العوبة رفع المصاحف التي دبّرها عمرو بن العاص!، فالقوم خارجون عن الدين مارقون منه، ليس بينهم وبين التشيّع صلة وإنتماء.

الاقتناع التام بأحقيّة التشيّع:

ويقول السيد صادق النقوي: ” لقد أراحتني هذه الإجابات، ودفعتني لتصحيح عقائدي الموروثة، فكنت بعد ذلك من الملتزمين بإحياء هذه المراسم.
وجئت ذات يوم إلى أبي وقلت له: أبتاه نحن من سلالة الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)، وأولى الناس بإتباع ذريته الطاهرة التي أبعد الله عنها الرجس، فعلينا أن لا نبتعد عن مسلكهم لأنّهم سفن النجاة، ونجوم الأمان والهداية.
وأخذت أشرح له الحقائق التي عرفتها، فما كان منه إلاّ أن وافقني على ذلك، بل دفعني للالتحاق بمدارس الإمامية لأنهل من علوم العترة الطيبة وأسير بسيرتهم (عليهم السلام) وأكون داعية لمذهبهم “.

(۱) كشمير: تقع في أقصى غرب شبه القارة الهندية بين الهند وباكستان، تحيط بها الصين من الشمال والشرق، ثلثها يخضع لباكستان وتسمّى ” كشمير الحرّة ” والباقي للهند، يبلغ عدد سكانها (۹) ملايين شخص (۶) ملايين في القسم الهندي و (۳) في القسم الباكستاني، يشكل المسلمون نسبة ۷۵% والباقي من الهندوس والسيخ.
(۲) أنظر: الأغاني لأبي الفرج الاصفهاني: ۵ / ۸۲٫
(۳) شرح النهج لابن أبي الحديد: ۱۱ / ۴۴ ـ ۴۶٫
(۴) المصدر نفسه، كتاب سليم بن قيس: ۳۱۸٫
(۵) أنظر: شرح النهج لابن أبي الحديد: ۱۱ / ۴۳ ـ ۴۴٫
(۶) أنظر: تاريخ الطبري: ۵ / ۴۲۵، ينابيع المودّة للقندوزي: ۳ / ۶۴٫
(۷) أنظر: نور العين في مشهد الحسين (عليه السلام) للاسفرايني: ۴۷٫
(۸) أنظر: مقتل الحسين للخوارزمي: ۲ / ۳۸، وغيره.

المصدر: مركز الأبحاث العقائدية