بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين حبيبنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين واللعن الدائم الأبدي على أعدائهم أجمعين من الآن إلى قيام يوم الدين .
أرفع إلى مقام سيدي ومولاي صاحب العصر والزمان أرواحنا لمقدم ترابه الفداء أسمى آيات التبريكات والتهانئ بمناسبة ذكرى مولده الشريف ، وأهنأكم بهذه المناسبة العظيمة ، راجياً من الله ومنكم القبول على هذه الكلمة المتواضعة والتي في حقيقتها هي مجرّد إثارة وتحتوي على محورين :
۱_ المحور الأول :
قبل البدأ بالمحور الأول لابد من توطئة بالنسبة للإنسان صاحب الأمل الذي قد مضّه الألم … هذا الإنسان أو الإنسانية عموما التي تتنظر المصلح العالمي والذي بشّر به أكثر الأنبياء والمرسلين ، لإن فكرة المصلح أو المنقذ العالمي مطروحه في جميع الأديان وحتى على مستوى الديانات الأرضية غير السماوية ، هناك تنبثق فكرة المصلح المنقذ للبشرية من آلآمها والتي طحنتها عجلة الظلم على مر الدهور . ان هذا المصلح هو خاتمة المصلحين وخاتمة المنقذين للبشرية ، فهي تترقب بأمل وشوق لظهور هذا المصلح العالمي .
وهذه الحقيقة باتت البشرية تتلمسها كُلما إزداد أوار الظلم والعدوان والحشد على كاهلها… باتت تنتظر هذا المنقذ المصلح العظيم بعد ان يأست من التنظيرات البشرية العقلية القاصرة ، حيث تأمل في هذا الإنسان ان يحكم بالعدل المطلق (ولا أقول أنها تنتظر الإطروحة لإن لنا تحفظ على كلمة الإطروحة لإن قضية الإمام المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشريف من الخطأ الفادح أن نطلق عليها اطروحه .. هذا تعبير بشري وإنما نعبر عنها بأنها الأمل الرباني أو الأمل الإلهي أو الموعد أو الموعود الإلهي هذه التسمية أو هذا التوصيف هو الأدق وهو الأصح ) فكان لابد ان تنتظر هذه الشخصية الربانية انها تأمل معها ((البشرية)) انها تحكم بالعدل رطبق الموازين الربانية لاطبق التنظيرات البشرية العقلية القاصرة ، وانتم كما ترون مايحكم الأرض من نظريات اثبتت فشلها في إنقاذ هذا الإنسان ..
نعم إرتقت به في الجانب المادي .. الجانب الحضاري لكنها أغفلت الجانب المعنوي والجانب الروحي حيثُ لم تُبرز أساسيات تُنقذ هذه البشرية المعذبة من معاناتها ، فهي تأمل (( البشرية)) في إمام مُنتظر موعود مسدد من قِبل الله سبحانه وتعالى لايحكم بالهوى وإنما فلسفته فلسفه ربّانيّة نابعة من السماء وان دولتهُ هي دولة الحق , كما يعبر عنها مولانا الإمام الصادق عليه أفضل الصلاة والسلام حيث يصف دولة الإمام المُنتظر أرواحنا فداه بـ (( دولة الحق)) حيث تتكامل فيها البشرية وحيثُ تنمو فيها العقول فلا تحتاج إلى مُسدد وإلى معدل .
قد تظافرت الروايات عن أهل بيت العصمة والطهارة على حقانية هذه دولة .. دولة الحق الموعودة من الله سبحانه وتعالى لإنقاذ البشرية ، ونتيجة طبيعية بالنسبة للإنسان الذي يعيش الهموم و الآلام ان ينتظر موعوداً نهائياً يخلصه من هذا العناء ومن هذا البلاء ، وهذا ما يعيبه أعداء الشيعة الإمامية على أن فكرة الإمام المهدي (عج) إنما هي فكرة تنفيس عن مدى الظلم الذي لاحق هذه الفرقة على مدى العصور وانها وجدت في الإمام المهدي (عج) متنفساً تُلقي بظلال آلآمها وعذاباتها على هذه الشخصية المُنقذه وتجعلها شُعلة أمل ، ولاعيب في هذا التوصيف نحن فعلااً نعتقد بأن الإمام الُحجة (عج) هو من ينقذنا ومن يخلصنا ،وبين أيدينا من التراث الكمّ الهائل سواءا التراث النصوص القرآنية أو أللسنة رويات صادرة واردة عن أيمّة الهدى عليهم أفضل الصلاة والسلام ونحن نفتخر كُل الفخر بأننا نلتزم بهذه الروايات .. نعم نحن نعيش أمل هذه الدولة .. دولة الحق ، والشيعة كغيرهم ايضا بل هم أول من يحمل فكرة أو مسألة إنتظار القائم المهدي (عج) لإنه أول من يحمل هم هده الفكرة.
فكلما تطاول الزمن وكلما تطاولت الدهور … الآن عمر الإمام المهدي (عج) ۱۱۷۳عام تقريبا على وجه التحديد ، ولازلات الفكرة تتأصل في نفوسنا فس ظهور مُصلح ينقذ البشرية عموماً ويخلصها من عذاباتها وآلآمها . ولكن المشكلة (( وهنا أبدأ ببعض المداخلات )) المشكلة تكمن في كيفية التعامل مع روايات هذه الفكرة من نفس الإنسان الذي يعيش أو ينتظر هذه الفكرة (( فكرة إنتظار الامام المهدي(عج))) ، كيفية التعامل مع هذه الفكرة موجودة بكثرة كاثرة في الروايات الواردة بشأن مولانا الإمام الحُجة (عج)، فبالفحص السريع ان الروايات في شأن الإمام الحجة أرواحنا فداه تنقسم إلى عدة أقسام :ـ
۱- قسم عام يُبشر به صلاوت الله وسلامه عليه في روايات وكتب أهل الكتاب .
۲ – قسم آخر يتعلق بالغيبة الصغرى .
۳- قسم ثالث يتعلق بالغيبة الكبرى.
۴- قسم رابع يتعلق بعصر الظهور.
۵- قسم آخر في علامات الظهور .
۶-قسم لروايات مابعد الظهور .
هذه الكثرة الكاثرة من روايات المعصومين على اصحابها أفضل الصلاة والسلام إذا لم تُقسم أو لم تُمحّصّ من لدن باحث خبي رو بوظيفة الفقيه المتضلّع الذي يعرف ان يتعامل مع الروايات لإن الروايات فيها الخاص والعام والمطلق والمُقيد والمتشابه والمُحكم …. تماماً كالقرآن.
وليست وظيفة الإنسان القارئ المثُقف ، ومع ذالك نرى بعض الكُتّاب المُحدثين قد تزّلُ قدمهم بالنسبة للتعامل مع هذا البحث (( أي الفكرة المهدويّة)) وخصوصاً فيما يتعلق بعلامات الظهور ، ( وليلتفت لي المستمع ) ان الخطر اكثر ما يقع في روايات تمهيد أوعلامات الظهور ، وأكبر خطر في ذالك هي مسألة (( الإسقاط)) وماذا نعني بالإسقاط ؟ الإسقاط اسقاط واقع سياسي معين وتحميل النص مالا يحتمل ، وهي من الأخطاء العلمية الفادحة . ان يطبق الإنسان واقع سياسي معين أو واقع فكري أوعقائدي معين على روايات مُعيّنة ينتخبها ويحمّلها مالا تحتمل من أفكار … هذه هي عمليةُ الإسقاط وهو من الأخطاء العلمية الفادحة ، حيثُ تتلخص أو تتمحض أفكار هذ الإنسان الكاتب على الروايات المعصومية وبمعنى علمي أدق (( إخضاع النص الشرعي للواقع المعيّن )) سواء كان سياسياً أو عقائدياً … ، هذا هو أكبر خطر في التعامل مع روايات ظهور الإمام الحُجة أرواحنا لمقدمه الفداء.
وهذا التعامل إما ان يكون إجتهادات شخصيّة تُجانب البحث الموضوعي وياريتها تكون محصورة في ذهن الكاتب ولكنها تنشر في الكتب وتُضفى عليها صفة الإسلام أو الإسلاميّة أو التشيٌّع وهذا ايضاً مُجانب للصواب بالنسبة للبحث العلمي الموضوعي ومن الأخطاء ، لإ ن القارئ المُتلهف للظهور المبارك عندما يرى مثل هذه الأفكار وهذه النتائج التي توصل إليها الكاتب واضفى عليها صفة أوسمة الإسلامية أو في الإسلام أو في التشيّع يعتقد بإنها هي الحق الحقيق وقد قرب عصر الظهور فعلاً ، وفي الحقيقة هذه ليست إلا إجتهادات وليست إ لا إستنتاجات من فكر وتصور هذا الكاتب ، هذه بعض تحفظاتنا على مايكتب وينشر حول علامات الظهور للإمام الحجة (عج) فكما قُلنا بإن التعامل مع الروايات هي حِرفة الفقيه المتضلّع وليست حِرفة الإنسان العادي كي يتجوّل في الروايات كيف ما يشاء ويحمّلها مالا تحتمل وهذا إجتهاد في مقابلة النصوص وهذا ممنوع في الشريعة لإن الإنسان العادي وخصوصا الشباب لاتوجد لديه ملكة محاكمة الروايات من الأصل لاتوجد عنده المحاكمة بين الأفكار العامة من الأساس فلذالك تزُل الأقدام من الكبار فضلااً عن الصغار ، وما يُدّعى من النضج الفكري فالإنسان عادةً مايتنازل عن أفكاره وقناعته كلما قرأ .
وعندما تنظر بنظرة فاحصة فيما يُكتب أو يُنشر الآن عن الإمام الحُجة (عج) من كِثرة التنظيرات وكثرة ماتحمل النصوص كأنك تشعُر في الواقع انك قريب من عصر الظهور .. كلما تصفحت كتاب تجد حسب التصوير وحسب منطلقات هذا الكاتب ان عصر الظهور قد إقترب ، مع ورود النهي عن الأئمة (ع) :- (( لُعن الوقاتون لُعن الوقاتون لُعن الوقاتون )) يلوح من بعض الكتابات خصوصاً الحديثة الآن المتزامنة مع الوضع الراهن العالمي التوقيت المنهي عنه فما ان تظهر قضية مثلااً في بلاد الشام حتى تطبق عليها الروايات الواردة في حق الشام وما ان يظهر حسني مثلاا في الحجاز ويقتل حتى تُسقط هذه الروايات على شخصيّه تنتسب لمولانا الحسن ابن علي ابن أبي طالب عليهم أفضل الصلاة والسلام ثم يظهر خطأ التنظير وهكذا ..
وأنا من هذه المنصّه الشريفة أدعوا أحبائي الشباب إلى مطالعة التراث المهدوي برويّة من مصدره الأصلي ومن دون إستعجال ، أن لايستعجلوا في إطلاق الأحكام وكذالك لايستعجلوا في البحث عن مصاديق خارجية لإن الجزم والقطع به مثل هذه الأمور يُعتبر تخرّص ومجانب ومجافي للحقيقة ، وعلى فرض انه لو قدر لأحدهم بعض المحاكمة فيما يلوح من روايات لايطلق لفكره العنان ولا يركن لمثل هذه الماحكمة ، لأن الأجواء النفسية التي يعيشها الإنسان قد تحرف بل هي الحقيقة تحرف فطرية روحه التي من المفترض ان تُسلّم لمجمل الروايات العامّة لإن هناك مُخلّص مُنقذ قد تكقلت الرويات ببيان اسمه ونسبه و أن الإنسان عليه أن ينتظر الإنتظار وان الإنتظار لصاحب الزمان (عج) من أفضل العباده ، أي أن الإنسان يأخذ العناوين العامّة ولا يستعجل كي لا تصبح هذه الروح أسيرة التنظيرات والتي عادةً ماتشب وتصبح في خندق من يحاولون تعليم الإمام .. أنا قرأت في بعض ماصدر عن الإمام الحجة (عج) كتابات تريد أن تعلم الإمام المنتظر (عج) بتكليفه أو ان صاحب هذه الكتابات يريد أن يجعل الإمام موظفاً في حزبه يملي عليه الأوامر الفوقانية وكأنه يريد ان يعلمه .
وكما تعلمون ان في هذا رد على الإمام رد على النبي (ص) ورد على الله سبحانه وتعالى وله ملازمات خطيرة بحسب المعتقد الإمامي .
نصيحةُ أُخرى وهي مزدوجة في الواقع أنا لا أنهاهم (( الشباب )) عن مطالعة الكتب الثقافية .. وهذا لايجوز لي ، ولكن أقول أن لايستعجلوا لايمسوا تلك الكتب الآن وذلك لسبب وجيه بحسب وجهة نظري القاصرة . وكما أسلفت لعدم القدرة على محاكمة الأفكار ونقدها نقداً علمياً .
وهذه الملاحظة جديرة بالإنتباه وهي ان القارئ عادةً ماينظر إلى المؤلِف لا إلى المؤلف بمعنى آخر ينظر إلى الكاتب لا إلى الكتاب وهذا الأمر له دور كبير في الإنزلاقات وفوضى التنظيرات ، ولاينسى أحبائي أن ما يطرح في الكتب عن علامات الظهور أو ماينظر له الآن هوفي الحقيقة قوالب لذهنية الكاتب على صفحات هذا الكتاب فلا تؤخذ أخذ المسلمات هي مجرّد إجتهادات شخصيّة ، ويمبغي على الكاتب في هذا المضمار ان يبين ان هذا هو ما توصل إليه فهمه القاصر أو إ ن هذا إ جتهاد خاص لا أن يضفي عليه صفة الإسلام أو الإسلامية أو التشيّع فقد قرأت منذ زمن طويل نقداً للإمام الصادق (ع) حيث ان الإنسان في ثورة الحماس قد يعترض على الله فضلاً عن الإمام المعصوم .. قرأت لأحدهم في تقييمه لنهضة زيد ابن علي رضوان الله عليه ودور الإمام الصادق عليه أفضل الصلاة والسلام وتنظره في الرواية (( أغلق عليه بابه وهادن الظالمين )) يريد ان يقييم دور الإمام الصادق (ع) يقول ماضرّه لو ساند ثورة زيد ثم استلمها .. هذا تعبير خطير .. هذا فيه رد على الإمام المعصوم .
يريد أن يعلم الإمام بتكليفه ، وهذه الشخصيّة شخصيّة علمائيه تخطأ في حق الإمام المعصوم ! . ولاتستكثر ولا تستنكر ان يوجد بعض الكتاب الآن من يُنظر للإمام (عج) ويسرع به الخطى للظهور لسبب مشروع سياسي معين أو لسبب طموح سياسي مثلااً لإنه يريد أن يصل للموقع الفلاني أو لإن له مشروع سياسي معين يستعجل ويسرع الخطى بالإمام المهدي حتى يظهر ويصل ، وهو لا يعلم أن الإمام المهدي (عج) ينسف كل هذه التنظيرات وكل هذه الطموحات وكما عبّرنا أنه يحكم بحكم آل داود كما في الرواية وان دولته دولة الحق . هذه الإثارة أحببت أن أثيرها.
۲_ المحور الثاني:
أحببت ايضاً أن إثير مسألة دعوى السفارة عن الإمام القائم أروحنا الفداء لمقدمه . هذه القضيّة ، القضيّة المنسيّة في الواقع وهي الحقيقة المرّة التي يجب على علماء البحرين ان يعترفوا بها , أصبحت قضيّة منسيّة وعفا عليها الزمن وهي قضيّة محاربة مُدعي السفارة في زمن الغيبة الكبرى عن مولانا الإمام المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف وذالك بسبب إنشغالاتهم السياسيّة وهمهم السياسي مع ان الأولى هو الطرح العقائدي الذي يُحصن أتباع الإمام الحُجة عجل الله تعالى فرجه الشريف .
وها أنت ترى قريباً إحتفالات بإسم الإمام المنتظر (عج) وتتبعها وسوف ترى الإسقاطات ، إسقاطات الواقع السياسي سواءاً كان محلياً أو عالمياً في سلة الإمام المهدي (عج) بينما أصحاب بدعة السفارة يسرحون ويمرحون ويكثر أتباعهم يوماً بعد يوم ، وكأن القضيّة ليست قضيّة عقائديّة تهم النشأ أو الشاب أو الإنسان الشيعي.
لو سأل أحد شبابنا المولود في عام ۱۹۸۹م عن عن مسألة قضية السفارة لايعلم عنها شيئاً ، ونحن نرى هؤلاء كل يوم يستقطبون عدداً كبيراً من شبابنا الأعزاء وفتياتنا ايضاً . فأيهما أولى .. أنا أوجه ندائي من هذه المنصه .. إلى كل عالم مسؤول أولااً عن دينه وعن وظيفته الشرعيه أيهما أولى :التظيرات السياسية أم محاربة هذه البدعة الضالّة ، بل وصل الأمر إلى البعض يريد الإنتفاع على هذه المجموعة الضالّه التي ادعت النيابة عن الإمام المهدي أرواحنا لمقدمه الفداء والتي انغلقت بتوقيع السفير الرابع علي ابن محمد السمري رضوان الله تعالى عليه ، وادعاء السفارة في الغيبة الكبرى .. أيهما أولى ، لو سألته لأجابك بأن هذا أولى ، لكن على الصعيد العملي لايوجد شيئ ، لاتوجد نشرية واحده تحارب أصحاب هذه البدعة كانوا لايتعدون أشخاص محدودين .
وجزا الله العلماء وعلى رأسهم آية الله الشيخ سليمان المدني((طيّب الله ثراه)) لما بذله من جهد جهيد لمحاربة هذه البدعة الضالّة . أما الآن فلايوجد حتى على المستوى الفكري لايوجد من يحارب أصحاب هذه البدعة ويفعلّ المحاربة من جديد .
أحببت في هذه الليلة أن أعيد لولا خشية الإطالة لفصلة في المحور الثاني (( دعوة السفارة في زمن الغيبة الكبرى )) وماهي أسباب وأهداف أصحاب هذه البدعة وأن هذه السفارة على إمتداد التاريخ تعتبر سفارة مزوّرة عن الإمام المهدي (عج) وإنها لاتصمد أمام الأدلّة العقائدية التي طرحها وبحثها العلماء الأعلام من قديم الأزمان إلى الآن .
وأستغفر الله لي ولكم والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين