المولد والنشأة
ولد ببلدة ” شبعا ” عام ۱۹۶۶م في لبنان(۱).
تشرّف باعتناق مذهب أهل البيت (عليهم السلام) عام ۱۹۸۹م في بلاده.
التخبط في الفراغ الديني:
يقول الأخ خليل: ” كان والدي عاملا في أحّد المعامل غير ملّماً بالأمور الدينيّة، إلى حدّ كنّا في الأُسرة ـ وأنا واحد منهم ـ لا نعرف سوى أنّنا من أبناء العامة، وكان والدي يحدّثنا عمّا يدور في محل عمله من نقاشات حول الأمور الدينيّة بين العمّال ـ الذين كانوا من مذاهب مختلفة ـ وكان أبي كثيراً ما يقدح بالشيعة حتى أرتسمت في ذهني صورة مشوهة عنهم.
وكان أبي يحفّزني على مجادلة زملائي الشيعة في الدراسة حول مذهبهم، وكنت ـ في أكثر الأحيان ـ لقلّة باعي في العلم أقف متحيّراً أمام الفكر الشيعي الذي يطرحه زملائي، ولا أجد سبيلاً سوى الابتعاد عنهم حفاظاً على معتقداتي الموروثة، وكنت أنتقد الطلاّب من أبناء العامة الذين يختلطون معهم، وكنت أقول لهم: إنّ أهلنا يقولون: إنّ الشيعة خوارج ويجب الابتعاد عنهم!.
الانبهار بشجاعة الإمام عليّ (عليه السلام) :
ذات يوم حدّثنا مدرّس التربية الدينيّة عن معركة الخندق وما وقع فيها من نصر للمسلمين نتيجة شجاعة الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ، وتطرّق الأستاذ في حديثه إلى الطريقة النبيلة التي تصرّف بها الإمام (عليه السلام) مع عدوّه المشرك عمرو بن عبد ود العامري، وترفّعه عن سلب درعه ـ على خلاف العادة الجارية آنذاك ـ فتأثّرت كثيراً بشخصية الإمام عليّ (عليه السلام) ، ومن ذلك الحين وقع حبّه في قلبي.
عند رجوعي إلى البيت حدثت أهلي عن تلك المعركة وفارسها المغوار، وسألتهم عن دور الخلفاء الثلاثة في تلك المعركة؟ فأجابوني: بأنّهم كانوا من خواص أصحاب الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)!، فلم تقنعني إجابتهم، وبقيت أفكّر بعظمة شخصيّة الإمام عليّ (عليه السلام) ، ولم أعط أهميّة لمثل أولئك الأصحاب.
البحث عن الحقيقة:
بعد مضي فترة انتقلت من مدرستي إلى مدرسة الغدير الرسميّة، وتعرّفت فيها على عدد من الزملاء ـ الذين كانت لهم اتجاهات مختلفة ـ فاصطدمت لمواجهتي كثرة الاختلافات العقائدية بين الطلبة، واعترتني أزمة نفسيّة نتيجة التزلزل الفكري الذي لاقيته جراء الحديث مع هذا وذلك.
فقرّرت أن أصبّ اهتمامي للوصول إلى الحقّ عبر دراسة مبرمجة واستقصاء شامل، فابتعدت عن درس التربية الدينيّة ليكون بحثي موضوعيّاً أصل به إلى النتائج من دون التأثر بجهة معينة، ولكن بعد إلحاح أصدقائي حضرت الدرس، فلمست منه فوائد عديدة أكبرها معرفتي لأصول الدين، إلاّ أنّي لم أصل إلى درجة الاعتقاد التام بها، ومن هذه المعرفة المجملة ازدادت استفساراتي في هذا المجال، وانطلقت نحو البحث وطلب المعرفة وبدأت أتحرّر من تعصّبي الأعمى.
وفي أحد الأيام ذهبت مع أحّد أصدقائي إلى أحّد مشايخ أبناء العامة علّهُ يجيب عن بعض الأسئلة العالقة في ذهني، فسألته عن أدلّة خلافة أبي بكر؟
فقال: إنّ أبا بكر كان أقرب الناس إلى الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) عند وفاته.
فقلت: إنّ الشيعة يقولون: إنّ الخلافة بعد النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) للإمام عليّ (عليه السلام) ، ويستدلون بقول الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) يوم الغدير: ” من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه “، فهل هذا الحديث في كتبنا؟
فأجابني الشيخ بنبرة حادّة: نعم موجود، فماذا تقصد من هذه الإثارة؟
قلت: أريد معرفة حديث ” من كنت مولاه ” هل أنّه ورد بحقّ الإمام عليّ (عليه السلام) أم لا؟ وإن كان وارداً فما هي دلالته؟
فقال: نعم ورد بحقّ الإمام عليّ، ومعناه أنّ من يحبّ الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)عليه أن يحبّ الإمام عليّ، ثم قال: وأنصحك أن تبتعد عن هؤلاء الشيعة!.
وكان بودّي أن أسأله عن سبب ذلك، لكنّه لم يفسح لي المجال لمواصلة الحوار، فقرّرت بعدها أن ألتجيء بنفسي إلى مطالعة الكتب المعروفة لأقف على نقاط الخلاف بين الفريقين، ولأعرف المناقب المذكورة لأبي بكر التي جعلته مستحقاً للخلافة بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، لأني طالما كنت أسمع من أبناء العامة أنّهم يمجّدون بأبي بكر، ويفتخرون بصحبته للنبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)في الغار “.
أبو بكر وآية الغار:
حاول أهل السنّة أن ينتزعوا فضائل عديدة لأبي بكر من آية الغار بشتى الطرق، حتى وصل بهم الأمر أن نسبوا له السكينة دون رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)!(۲).
لكن الآية في قوله تعالى: (إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُود لَمْ تَرَوْها وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيا وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (التوبة: ۴۰)، فاقدة لأيّ منقبة ـ لا من قريب ولا من بعيد ـ لأبي بكر، والمتأمّل في سياق هذه الآية ودلالتها يدرك:
أوّلاً: إنّ ما ادعاه أبناء العامة من الفضل لأبي بكر في قوله تعالى: (ثانِيَ اثْنَيْنِ) مجرّد تمحّل لا أكثر، لأنّ الآية تخبر عن العدد ليس إلاّ!.
فمن المعلوم أنّ اجتماع مؤمن وكافر في أيّ مكان، هو اجتماع اثنين ليس إلاَّ، وقد جرت العادة في آيات كثيرة من القرآن الكريم ذكر العدد، كما في قوله تعالى: (سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ…) (الكهف: ۲۲)، فأيّ ميزة لرابعية الكلب أو سادسيّته أو ثامنيّته؟!.
ثانياً: أمّا قوله تعالى: (إِذْ هُما فِي الْغارِ)، فقد يجتمع في المكان الصالح والطالح، والإنس والجنّ!.
فمسجد النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) الذي هو أشرف من الغار قد جمع المؤمنين والمنافقين، وسفينة نوح (عليه السلام) قد جمعت الإنسان والحيوان، فالاستدلال على أنّ أبا بكر كان ثاني النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) في الغار، ثمّ الاستنتاج بأنّه الثاني له (صلى الله عليه وآله وسلم) في المنزلة ـ كما ذهب إلى ذلك الفخر الرازي(۳) ـ دعوى بلا دليل، إذ لا استلزام بينهما، لا سيما أنّ الآية لم تتطرق إلى مسألة المنزلة والرتبة!.
والادعاء بمثل هذه الفضيلة لأبي بكر مجرّد إيهام للعوام، وتحميل لقول الله تعالى بما لا صلة له في المقام.
ثالثاً: أمّا تشبثهم بقوله تعالى: (لِصاحِبِهِ)، فهو لا يدلّ على ما ذهبوا إليه من أنّه صاحب النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم).
لأنّ الصحبة بمعناها اللغوي قد تكون بين المؤمن والكافر، كما في قوله تعالى: (قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَ كَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُراب ثُمَّ مِنْ نُطْفَة ثُمَّ سَوّاكَ رَجُلاً) (الكهف: ۳۷)، وقد تكون بين الإنسان والحيوان، كقوله تعالى: (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نادى وَهُوَ مَكْظُومٌ) (القلم: ۴۸)، فهي لا توجب فضلا ولا منقبة للمنعوت بها.
رابعاً: وأمّا قوله تعالى حكاية عن نبيّه(صلى الله عليه وآله وسلم): (لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا)، فلايستلزم منقبة لأبي بكر كما توهّم البعض، بل ربّما تكون منقصة!.
لأنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)نهى أبا بكر عن الحزن في الغار، وحزنه لا يخلو من احدى حالتين:
أمّا أن يكون على النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) وخوفاً عليه، وهذا عين طاعة الله، فالنبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)لا ينهى عن طاعة ربّه، بل يدعو إلى التقرّب إليه من خلال ذلك.
وأمّا أن يكون حزن أبي بكر على نفسه، وخوفه من المشركين لتورطه في التواجد مع النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) في الغار، وهو الواقع، ولهذا نهاه النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) عن الحزن.
خامساً: أمّا تشبّث أبناء العامة بقوله تعالى ( مَعَنَا ) فكالتعلّق بخيط العنكبوت!.
لأنّ المعيّة كما تكون للتسكين والتبشير وقد تكون للتحذير والتخويف، كقوله تعالى: (يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ) (هود: ۴۲)، وقد يكون المراد من (مَعَنا) أنّه تعالى عالم بحالنا، كقوله تعالى: ( مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَة إِلاّ هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَة إِلاّ هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا ) (المجادلة: ۷).
فإذا احتملت لفظة ( مَعَنَا ) كلّ هذه المعاني، فأيّ فضل يبقى لأبي بكر في ذلك؟!.
سادساً: إنّ قسماً من أئمّة التفسير من العامّة جعلوا السكينة في قوله: (فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ) نازلة على أبي بكر، وذلك لأنّ الضمير يعود إلى أقرب المذكورات وهو أبو بكر(۴).
لكن المتأمّل لسياق الآية يجد أنّ الضمائر التي في صدر الآية والتي في وسطها وكذا التي في آخرها كلّها تعود إلى الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم)، فالكلام في الآية مسوق لبيان نصرة الله تعالى لنبيّه (صلى الله عليه وآله وسلم)، حيث لم يكن معه أحّد يتمكّن من نصرته، فأنزل الله على نبيّه السكينة وعزّزه بجنود غير مرئيّة.
كما أنّ قوله تعالى: (وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيا ) (التوبه: ۴۰) بيان لما سبق، ولا يصحّ التفريق بين البيان والمبيّن.
ودعوى من قال: أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) لم يزل على سكينة من ربّه، وإنزال السكينة هنا مختصّ بصاحبه مردوده، لأنّ أصل الاستدلال غير صحيح، فالنبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) تتجدّد له هذه السكينة، بدليل نزولها عليه (صلى الله عليه وآله وسلم) مرّة أخرى يوم حنين، كما قال تعالى: (ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ) (التوبة: ۲۶)، ومثلها قوله تعالى في سورة الفتح: (إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ) (الفتح: ۲۶).
كما أنّ السكينة لو كانت مختصّة بأبي بكر، فإنّ هذا يعني أنّه هو المؤيّد بجنود الله غير المرئيّة، لأنّهما في سياق واحد!
والنبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) أكرم على الله من أيّ مخلوق، فلا يحوجه إلى نصر أحّد، فهو تعالى ناصره ومؤيّده، وقد بيّن سبحانه صور هذا النصر بنزول السكينة، والتأييد بالجنود الخفيّة.
فالآية في هذا الموضع تبيّن أنّ المخصوص بولاية الله عزّوجلّ هو النبيّ الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) لا أحّد سواه، ولو كان مشمولا بهذه العناية لشملته السكينة كما شملت غيره مع النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) كما ذكرنا، وما ذكر من الفضائل بخصوص أبي بكر لا يعدّو كونه إدعاءٌ لا أكثر.
تسمية أبي بكر بالصدّيق:
يضيف الأخ خليل: ” كنت أتساءل لماذا سُمي أبو بكر صدّيقاً، فهل كان ذلك لتصديقه بالنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، أو كان ذلك لقبٌ له؟، وهل ناداه رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)يوماً ما بهذا اللقب؟ “.
والباحث إذا أمعن النظر في التراث الإسلامي يجد أنّ السياسة لعبت دوراً هاماً في تزييف الكثير من الحقائق، فبفعل هيمنتها على وضع الأمّة تمكّنت أن تنفّذ مخطّطاتها على المسلمين، فمنحت بعض الشخصيات ألقاباً ما كانوا لها أهلا، وكلّ ذلك حرباً منهم لآل البيت (عليهم السلام) لا سيّما لأمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) .
فلقّب الصدّيق وكذا الفاروق هما من مختصّات الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ، حيث وردت روايات عديدة تؤكّد ذلك، منها:
عن الإمام عليّ (عليه السلام) ، أنّه قال: ” أنا عبد الله، وأخو رسول الله، وأنا الصدّيق الأكبر، لا يقولها بعدي إلاّ كذّاب مفتري… “(۵).
وعنه أيضاً: ” أنا الصدّيق الأكبر، والفاروق الأوّل، أسلمت قبل إسلام أبي بكر… “(۶).
وعن النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)، قال: ” الصدّيقون ثلاثة، حبيب النجّار وهو مؤمن آل ياسين، وحزقيل وهو مؤمن آل فرعون، وعليّ بن أبي طالب وهو أفضلهم “(۷).
وعن أبي ذر وسلمان(رضي الله عنه)، إنّ الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) أخذ بيد عليّ (عليه السلام) ، فقال: ” إنّ هذا أوّل من آمن بي، وهذا أوّل من يصافحني يوم القيامة، وهذا الصدّيق الأكبر، وهذا فاروق هذه الأمّة يفرّق بين الحقّ والباطل… “(۸).
وهناك مصادر كثيرة تثبت أنّ هذا اللقب هو لأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) (۹)، كما ذكر العلاّمة الأميني في (موسوعة الغدير)، وفنّد الروايات الموضوعة التي ذكرت هذا اللقب لأبي بكر.
كما أنكر ذلك أيضاً كبار النقّاد والحفّاظ من أبناء العامة ووصفوا هذه المرويات بالوضع والكذب، كالذهبي، والخطيب، وابن حبان، والسيوطي، والفيروز آبادي، والعجلوني، وغيرهم(۱۰).
ولم يثبت بدليل معتبر أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) نادى يوماً ما أبا بكر بلقب الصدّيق!.
وأخيراً تجلّت الحقيقة:
يقول الأخ خليل: ” وقد ثبت عندي أنّ أبا بكر كان ضعيف الإيمان بنبوّة النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) حينما خاف على نفسه في الغار، فكيف يسمّى صديّقاً!.
ومضيت في مطالعة الكتب وأمعنت النظر في مضامينها، حتى زالت غمائم الحيرة عن بصيرتي، وعرفت واقع بعض المسائل المختلف عليها بين الفريقين، كما وجدت في كتب أبناء العامة ما يؤيّد قول الشيعة.
وكان كتاب المرحوم الشيخ محمّد مرعي الأنطاكي (لماذا اخترت مذهب
أهل البيت (عليهم السلام) )(۱۱) خير معين لي في هذه المرحلة، لما فيه من بحوث دقيقة وعلميّة، وممّا زادني إنجذاباً نحو الإمام عليّ (عليه السلام) إقرار أبناء العامة بعدد من الآيات النازلة في حقّه، إذ لم يكن لغيره فيها نصيب، فأدركت أنّه الأحقّ بالخلافة من غيره، وواصلت البحث حتى استضاء قلبي بنور الهداية، فاستبصرت وتشرّفت باعتناق المذهب الإمامي الإثنا عشري عام ۱۹۸۹م.
ومن ذلك الحين أبلغت دوائر النفوس في الدولة كي يسجلوا على هويتي (شيعي) بدل (سني) لأكون مفتخراً بعدها بانتمائي إلى مذهب أهل البيت (عليهم السلام) الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً “.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(۱) لبنان: تقع على الساحل الشرقي للبحر المتوسط، تحيط بها سوريا وفلسطين، يبلغ عدد سكانها حوالي (۵) ملايين نسمة، يشكل المسلمون نسبة ۶۳% منهم، والباقي من المسيحيين والديانات الأخرى، أمّا الشيعة في لبنان فيشكلون نسبة ۳۵%.
(۲) أنظر: التفسير الكبير للفخر الرازي: ۶ / ۴۹ ـ ۵۴٫
(۳) أنظر: التفسير الكبير للفخر الرازي: ۶ / ۵۰٫
(۴) أنظر: التفسير الكبير للفخر الرازي: ۶ / ۵۲٫
(۵) أنظر: المستدرك للحاكم: ۳ / ۱۲۰ (۴۵۸۴)، فرائد السمطين للجويني: ۱ / ۲۴۸ (۱۹۲)، البداية والنهاية لابن كثير: ۳ / ۲۵، سنن ابن ماجة: ۱ / ۵۵، فضائل الصحابة لابن حنّبل: ۲ / ۵۸۶ (۹۹۳)، الرياض النضرة للطبري: ۲ / ۹۶ (۱۲۷۵).
(۶) أنظر: المعارف لابن قتيبة: ۱۶۷، الرياض النضرة للطبري: ۲ / ۹۵ (۱۲۶۲)، ذخائر العقبى للطبري: ۸۵٫
(۷) أنظر: فضائل الصحابة لابن حنّبل: ۲ / ۶۲۷ (۱۰۷۲)، الصواعق المحرقة لابن حجر: ۲ / ۳۶۴، فيض القدير للمنّاوي: ۴ / ۲۳۸، تاريخ ابن عساكر: ۴۲ / ۴۳٫
(۸) أنظر: مجمع الزوائد للهيثمي: ۹ / ۱۰۲، تاريخ ابن عساكر: ۴۲ / ۴۱، كنز العمّال: ۱۱ / ۱۶۱ (۳۲۹۹۰) عن البيهقي وابن عدي عن حذيفة، وعن أبي ذر وسلمان، ذخائر العقبى للطبري: ۵۶٫
(۹) أنظر: شواهد التنزيل للحسكاني: ۱ / ۱۵۳ (۲۰۶ ـ ۲۰۹)، ۲ / ۱۲۰ (۸۱۰ ـ ۸۱۵)، تاريخ ابن عساكر: ۴۲ / ۴۰ ـ ۴۴، مناقب عليّ بن أبى طالب لابن المغازلي: ۲۶۹ (۳۱۷)، كفاية الطالب للكنجي: ۲۳۳، الدرّ المنثور للسيوطي: ۵ / ۳۲۸، وغيرها من المصادر.
(۱۰) أنظر: الغدير للعلامة الأميني الجزء السابع.
(۱۱) ولد في إحدى قرى سورية عام ۱۳۱۴هـ على المذهب الشافعي وكان من العلماء المبرّزين الذين تخرّجوا من الأزهر، وتشيّع بعد ذلك وألّف كتابه الشهير (لماذا اخترت مذهب الشيعة).
المصدر: مركز الأبحاث العقائدية