السؤال:
كيف يرضى الله سبحانه وتعالى أن لا يُحفَظَ كلامه في ( الكتاب المقدس ) ؟ أوَ ليس الله يقول : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) الحجر : ۹ .
وكيف يقدر البشر على تحريف الكتاب المقدس وهناك آية في الإنجيل تقول : ( السَّمَاوَاتُ وَالأرضُ تَزَولانِ لَكِنَّ كَلامِي لا يَزُولُ ) ؟
الجواب:
لا يوجد عندنا أي دليل يدل على لزوم حفظ كل كتاب سماوي ، وإنما دلَّ الدليل على تعهد الله سبحانه وتعالى بحفظ القرآن الكريم فقط ، وذلك في قوله سبحانه وتعالى :
( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) الحجر : ۹ .
بل إن الآيات القرآنية تشير إلى عدم وجود مثل هذا التعهد بحفظ الكتب السماوية الأخرى ، وذلك بإخبارها عن وقوع التحريف في تلك الكتب .
فقال تعالى : ( فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ ) المائدة : ۱۳ .
وقال تعالى : ( مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا ) النساء ۴۶ .
وقال تعالى : ( أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) البقرة : ۷۵ .
وقال تعالى: ( فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ ) البقرة : ۷۹ .
وقال تعالى : ( وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) آل عمران : ۷۸ .
هذا وقد أخبر القرآن الكريم بأن البشارة بنبيِّنا محمد ( صلى الله عليه وآله ) موجودة في التوارة والإنجيل فقال : ( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ ) الأعراف : ۱۵۷ .
وأخبر أنَّ عيسى ( عليه السلام ) بَشَّر بِه ( صلى الله عليه وآله ) وذلك في قوله تعالى : ( وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ ) الصف : ۶ .
في حين أنَّنا لا نجد أي ذكر لذلك في التوارة والإنجيل .
ويؤيد ذلك النقل التاريخي في كيفية كتابة التوراة والإنجيل ، فراجع الكتب المختصة مثل كتاب ( الهُدَى إِلى دِين المُصْطَفى ) للعلاَّمة البلاغي .
وكتاب ( إِظهار الحَقِّ ) لرحمة الله بن خليل الرحمن الهندي .
وكتاب ( مُقَارنة الأديان اليهودية ) لأحمد شبلي ، وغير ذلك .