السؤال:
يقال في الإمام عليّ(عليه السلام): أنّ حبّه حسنة لا تضرّ معها سيئة.
ما هو المقصود بذلك؟ هل يعني أنّه يكفي محبّة الإمام(عليه السلام) بدون صلاة؟ وهذا من المنظور السطحي، أم محبّة الإمام مقرونة بالأعمال الحسنة وليست السيئة؟
الجواب:
لقد استفاضت الأخبار عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) أنّه قال: «حبّ عليّ حسنة لا تضرّ معها سيئة، وبغضه سيئة لا ينفع معها حسنة»(۱).
وهناك عدّة تأويلات ذكرت لهذا الخبر:
منها: عن الشهيد الثاني(قدس سره): «حمله على المحبّة الحقيقية الكاملة، وهي تُوجب عدم ملابسة شيء من الذنوب البتّة؛ لأنّ المحبّ الحقيقي يُؤثّر رضا المحبوب كيف كان.
ولا شكّ أنّ رضا عليّ(عليه السلام) في ترك المحرّمات والقيام بالواجبات، فمحبّة عليّ الحقيقية تؤثّر لأجل ذلك، فلا يفعل موجب النار فيدخل الجنّة، ومَن خالف هوى محبوبه فمحبّته معلولة»(۲).
ومنها: عن عليّ بن يونس العاملي(قدس سره): «إنّ مَن أحبّ عليّاً لا يخرج من الدنيا إلّا بتوبة تكفّر سيئاته، فتكون ولايته خاتمة عمله، ومَن لم يُوفّق للتوبة ابتُلي بغمٍّ في نفسه، أو حزنٍ في ماله، أو تعسيرٍ في خروج روحه، حتّى يخرج من الدنيا ولا ذنب له يؤاخذ به»(۳).
ومنها: عن الشيخ المفيد(قدس سره): «إنّ الله تعالى آلا على نفسه أن لا يطعم النار لحم رجل أحبّ عليّاً(عليه السلام)، وإن ارتكب الذنوب الموبقات، وأراد الله أن يعذّبه عليها، كان ذلك في البرزخ، وهو القبر ومدّته، حتّى إذا ورد القيامة وردها وهو سالم من عذاب الله، فصارت ذنوبه لا تضرّه ضرراً يدخله النار»(۴).
ومنها: عن بعض الأعاظم، نقله الشيخ الماحوزي: «إنّ محبّة عليّ(عليه السلام) توجب الإيمان الخاصّ، والتشيّع بقول مطلق، وحينئذٍ لا يضرّ معه سيئة؛ لأنّ العصيان في غير الأُصول الخمسة لا يوجب الخلود في النار، بل المفهوم من أخبارنا الواردة عن أئمّتنا(عليهم السلام): إنّ ذنوب الشيعة الإمامية مغفورة»(۵).
ومنها: عن ابن جبر(قدس سره): «لمّا كان حبّه هو الإيمان بالله تعالى وبغضه هو الكفر، استحقّ محبّه الثواب الدائم، ومبغضه العذاب الدائم، فإن قارن هذه المحبّة سيئة استحقّ بها عقاباً منقطعاً، ومع ذلك يُرجى له عفو من الله تعالى، أو شفاعة من الرسول(صلى الله عليه وآله)، وكلّ شيء قلّ ضرره بإضافته إلى ما كثر ضرره، جاز أن يُقال: إنّه غير ضارّ، كما يُقال: لا ضرر على مَن يحبّ نفسه في مهلكة، وإن تلف ماله.
فحبّه(عليه السلام) يصحّح العقيدة، وصحّة العقيدة تمنع من الخلود، فلا تضرّ سيئته كلّ الضرر، وبغضه يفسدها، وفسادها يوجب الخلود، ويحبط كلّ حسنة»(۶).
ومنها: عن الشيخ الطريحي: «الظاهر أنّ المراد بالحبّ الحبّ الكامل المضاف إليه سائر الأعمال؛ لأنّه هو الإيمان الكامل حقيقة، وأمّا ما عداه فمجاز، وإذا كان حبّه إيماناً وبغضه كفراً، فلا يضرّ مع الإيمان الكامل سيئة، بل تُغفر إكراماً لعليّ(عليه السلام)، ولا تنفع مع عدمه حسنة إذ لا حسنة مع عدم الإيمان»(۷).
هذه بعض التأويلات وبها نكتفي.
___________________
۱ـ ينابيع المودّة ۲ /۷۵ و۲۹۲، فردوس الأخبار: ۳۴۷٫
۲ـ رسالة في العدالة: ۲۲۷٫
۳ـ الصراط المستقيم ۱ /۱۹۹٫
۴ـ الأربعين: ۱۰۵ عن الإرشاد.
۵ـ الأربعين: ۱۰۵٫
۶ـ نهج الإيمان: ۴۴۹٫
۷ـ مجمع البحرين ۱ /۴۴۲٫
إعداد: مركز آل البيت العالمي للمعلومات / قم المقدسة