مناظرة الإمام الرضا (ع) مع زنديق حول حدوث العالم وإثبات المحدث

2019-05-15

558 بازدید

دخل رجل من الزنادقة على أبى الحسن ( عليه السلام ) وعنده جماعة ، فقال أبو الحسن ( عليه السلام ) : أيها الرجل أرأيت ان كان القول قولكم – وليس هو كما تقولون – ألسنا وإياكم شرعا سواء ، لا يضرنا ما صلينا وصمنا وزكينا وأقررنا ؟

فسكت الرجل .

ثم قال أبو الحسن ( عليه السلام ) : وان كان القول قولنا – وهو كما نقول – ألستم قد هلكتم ونجونا ؟

فقال : رحمك الله فأجدني كيف هو وأين هو ؟

فقال : ويلك ، ان الذي ذهبت اليه غلط ، هو اين الأين بلا اين ، وكيف الكيف بلا كيف ، فلا يعرف بالكيفوفية ، ولا بأينونية ، ولا يدرك بحاسة ، ولا يقاس بشئ.

فقال الرجل : فإذا أنه لا شئ إذا لم يدرك بحاسة من الحواس ؟

فقال أبو الحسن ( عليه السلام ) : ويلك ، لما عجزت حواسك عن ادراكه أنكرت ربوبيته ، ونحن إذا عجزت حواسنا عن ادراكه ، أيقنا انه ربنا ، وانه شئ بخلاف الأشياء .

قال الرجل : فأخبرني متى كان ؟

قال أبو الحسن ( عليه السلام ) : أخبرني متى لم يكن ، فأخبرك متى كان .

قال الرجل : فما الدليل عليه ؟

فقال أبو الحسن ( عليه السلام ) : اني لما نظرت إلى جسدي ، ولم يمكني فيه زيادة و لا نقصان في العرض والطول ، ودفع المكاره عنه ، وجر المنفعة اليه ، علمت ان لهذا البنيان بانيا ، فأقررت به ، مع ما أرى من دوران الفلك بقدرته ، وانشاء السحاب وتصريف الرياح ، ومجرى الشمس والقمر والنجوم ، وغير ذلك من الآيات العجيبات المبينات ، علمت ان لهذا مقدرا ومنشئا .

قال الرجل : فلم لا تدركه حاسة البصر ؟

قال : للفرق بينه وبين خلقه الذي تدركه حاسة الابصار ، منهم ومن غيرهم ، ثم هو اجل من ان يدركه بصر ، أو يحيط به وهم ، أو يضبطه عقل .

قال : فحده لي ، قال : لا حد له ، قال : ولم ؟

قال : لان كل محدود متناه ، وإذا احتمل التحديد احتمل الزيادة ، وإذا احتمل الزيادة احتمل النقصان ، فهو غير محدود ، ولا متزايد ، ولا متناقص ، ولا متجز ، ولا متوهم .

المصدر: صحيفة الرضا: ص 344.