نص الرسول (ص) على عدد الأئمة

2015-09-17

448 بازدید

اخبر الرسول ان عدد الائمة الذي يلون من بعده اثنا عشر، كما روى عنه ذلك اصحاب الصحاح والمسانيد الآتية:

أ) روى مسلم عن جابر بن سمرة انه سمع النبي يقول: (لا يزال الدين قائماً حتى تقوم الساعة او يكون عليكم اثنا عشر خليفة، كلهم من قريش). وفي رواية (لا يزال امر الناس ماضياً…) وفي حديثين منهما : (الى اثني عشر خليفة…) وفي سنن ابي داود : (حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفة)، وفي حديث : (الى اثني عشر).

وفي البخاري ، قال: سمعت النبي (ص) يقول: (يكون اثنا عشر اميراً)، فقال كلمة لم اسمعها، فقال ابي : قال (كلهم من قريش). وفي رواية : ثم تكلم النبي (ص) بكلمة خفيت علي، فسألت ابي: ماذا قال رسول الله (ص)؟ فقال: (كلهم من قريش). وفي رواية : ( لا تضرهم عداوة من عاداهم).

ب) وفي رواية: ( لا تزال هذه الامة مستقيماً امرها، ظاهرة على عدوها، حتى يمضي منهم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش ، ثم يكون المرج او الهرج).

ج) وفي رواية : يكون لهذه الامة اثنا عشر قيماً لا يضرهم من خذلهم كلهم من قريش)

د) (لا يزال امر الناس ماضياً ما وليهم اثنا عشر رجلاً).

هـ) وعن انس: (لن يزال هذا الدين قائماً الى اثني عشر من قريش، فاذا هلكوا ماجت الارض بأهلها).

و) وفي رواية: لا يزال امر هذه الامة ظاهراً حتى يقوم اثنا عشر كلهم من قريش).

ز) وروى احمد والحاكم وغيرهما واللفظ للاول عن مسروق قال: (كنا جلوساً ليلة عند عبد الله (ابن مسعود) يقرئنا القرآن، فسأله رجل فقال : يا ابا عبد الرحمن هل سألتم رسول الله كم يملك هذه الامة من خليفة؟ فقال عبد الله: ما سألني عن هذا أحد منذ قدمت العراق قبلك، قال: سألناه فقال:(اثنا عشر عدة نقباء بني اسرائيل).

ح) وفي رواية قال ابن مسعود : قال رسول الله: (يكون بعدي من الخلفاء عدة اصحاب موسى).

قال ابن كثير: وقد روي مثل هذا عن عبد الله بن عمر وحذيفة وابن عباس. ولست ادري هل قصد من رواية ابن عباس ما رواه الحاكم الحسكاني عن ابن عباس او غيره.

نصّت الروايات الآنفة أن عدد الولاة اثنا عشر وأنهم من قريش، وقد بين الامام علي (ع) في كلامه المقصود من قريش وقال: (ان الائمة من قريش غرسوا في هذا البطن من هاشم لا تصلح على سواهم ولا يصلح الولاة من غيرهم)، وقال: (اللهم بلى لا تخلو الارض من قائم لله بحجة إما ظاهراً مشهوراً او خائفاً مغموراً لئلا تبطل حجج الله وبيناته…).

الائمة الاثنا عشر في التوراة

وقال ابن كثير : وفي التوراة التي بأيدي اهل الكتاب ما معناه : ان الله تعالى بشر ابراهيم بإسماعيل، وانه ينميه ويكثره ويجعل من ذريته اثني عشر عظيماً.

وقال: قال ابن تيمية: وهؤلاء المبشر بهم في حديث جابر بن سمرة وقرر أنهم يكونون مفرقين في الامة ولا تقوم الساعة حتى يوجدوا. وغلط كثير ممن تشرف بالاسلام من اليهود، فظنوا انهم الذين تدعو اليهم فرقة الرافضة فأتبعوهم.

قال المؤلف: والبشارة المذكورة اعلاه في سفر التكوين ، الاصحاح (۱۷/ الرقم ۱۸- ۲۰) من التوراة المتداولة في عصرنا، وقد جاءت هذه البشارة في الاصل العبري كالاتي: جاء في سفر التكوين قول (الرب) لإبراهيم (ع) ما نصه بالعبرية: (قي ليشماعيل بيرختي اوتوقي هفريتي أوتو قي هربيتي بمئود مئودشنيم عسار نسيئيم يوليد قي نتتيف لكوي كدول).

وتعني حرفياً: (وإسماعيل اباركه، وأثمره، واكثره جدا جداً، اثنا عشر اماماً يلد، واجعله امة كبيرة). اشارت هذه الفقرة الى ان المباركة ، والاثمار، والتكثير إنما يكون في صلب اسماعيل (ع) و(شنيم عسار) تعني (اثنا عشر). ولفظة (عسار) تأتي في (العدد التركيبي اذا كان المعدود مذكراً) والمعدود هنا (نسيئيم) وهو مذكر وبصيغة الجمع لاضافة الـ(يم) في آخر الاسم، والمفرد (ناسي) وتعني: إمام، زعيم، رئيس).

واما قول (الرب) لابراهيم (ع) في الفقرة نفسها ايضاً: (في نتتيف كوي كدول)، نلاحظ أن (في نتتيف) مكونة من حرف العطف (في)، والفعل (ناتن) بمعنى : (اجعل، اذهب)، والضمير (يف) في اخر الفعل (نتتيف) يعود على اسماعيل (ع) ، اي (واجعله) واما كلمة (كوي) فتعني : (امة ، شعب)، و(كدول) تعني: (كبير، عظيم) ، فتصبح (واجعله امة كبيرة).

فيتضح من هذه الفقرة ان التكثير والمباركة انما هما في صلب اسماعيل (ع)، مما يجعل القصد واضحاً في الرسول محمد (ص) واهل بيته (ع) باعتبارهم امتداداً لنسل اسماعيل (ع) ، ذلك لان الله تعالى امر ابراهيم بالخروج من بلاد (نمرود) الى الشام، فخرج ومعه امرأته (سارة) و(لوط) مهاجرين الى حيث امرهم الله تعالى فنزلوا ارض فلسطين.

ووسع الله تعالى على ابراهيم (ع) في كثرة المال، فقال: (رب ما اصنع بالمال ولا ولد لي) فأوحى الله عز وجل اليه: (اني مكثر ولدك حتى يكونوا عدد النجوم). وكانت (هاجر) جارية لسارة، فوهبتها لابراهيم (ع)، فحملت منه، وولدت له اسماعيل (ع) وابراهيم (ع) يومئذ ابن (ست وثمانين سنة).

والقران الكريم يشير الى هذه الحقيقة من خلال توجه ابراهيم (ع) بالدعاء الى الله تعالى : (رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ )إبراهيم۳۷٫

فالاية الكريمة تؤكد ان ابراهيم (ع) قد اسكن بعضاً من ذريته وهو اسماعيل (ع) ومن ولد منه في مكة ودعا الله تعالى ان يجعل في ذريته الرحمة والهداية للبشرية ما بقي الدهر، فاستجاب الله لدعوته بان جعل في ذريته محمداً (ص) واثني عشر اماماً من بعده.

وقد قال الامام الباقر (ع): (نحن بقية تلك العترة وكانت دعوة ابراهيم لنا).

خلاصة الاحاديث الآنفة

نستخلص مما سبق ونستنتج: ان عدد الائمة في هذه الامة اثنا عشر على التوالي، وان بعد الثاني عشر منهم ينتهي عمر هذه الدنيا.

فقد ورد في الحديث الاول : (ولا يزال هذا الدين قائماً حتى تقوم الساعة او يكون عليكم اثنا عشر خليفة…).

فان هذا الحديث يعين مدة قيام الدين ويحددها بقيام الساعة، ويعين عدد الائمة في هذه الامة باثني عشر شخصاً. وفي الحديث الخامس: (لن يزال هذا الدين قائماً الى اثني عشر من قريش فاذا هلكوا ماجت الارض بأهلها) ويدل هذا الحديث على تأييد وجود الدين بامتداد الاثني عشر وان بعدهم تموج الارض. وفي الحديث الثامن: حصر عددهم باثني عشر بقول: (يكون بعدي من الخلفاء عدة اصحاب موسى).

ويدل هذا الحديث على انه لا خليفة بعد الرسول عدا الاثني عشر. وان الفاظ هذه الروايات المصرحة بحصر عدد الخلفاء بالاثني عشر وان بعدهم يكون الهرج وتموج الارض وقيام الساعة تبين الفاظ الاحاديث الاخرى التي قد لا يفهم من ألفاظها هذا التصريح. وبناءً على هذا لابد ان يكون عمر احدهم طويلاً خارقاً للعادة في أعمار البشر كما وقع فعلاً في مدة عمر الثاني عشر في الائمة اوصياء النبي (ص).

حيرتهم في تفسير الحديث

لقد حار علماء مدرسة الخلفاء في بيان المقصود من الاثني عشر في الروايات المذكورة وتضاربت اقوالهم. فقد قال ابن العربي في شرح سنن الترمذي: فعددنا بعد رسول الله (ص) اثني عشر اميراً فوجدنا: ابا بكر، عمر، عثمان، علياً، الحسن، معاوية، يزيد، معاوية بن يزيد، مروان، عبد الملك بن مروان، الوليد، سليمان، عمر بن عبد العزيز، يزيد بن عبد الملك، مروان بن محمد بن مروان، السفاح…..

ثم عد بعده سبعاً وعشرين خليفة من العباسيين الى عصره، ثم قال: واذا عددنا منهم اثني عشر انتهى العدد بالصورة الى سليمان، واذا عددناهم بالمعنى كان معنا منهم خمسة، الخلفاء الاربعة وعمر بن عبد العزي، ولم اعلم للحديث معنى. وقال القاضي عياش في جواب القول : انه ولي اكثر من هذا العدد: هذا اعتراض باطل، لانه (ص) لم يقل: لا يلي الا اثنا عشر، وقد ولي هذا العدد، ولا يمنع ذلك في الزيادة عليهم.

ونقل السيوطي في الجواب: ان المراد: وجود اثني عشر خليفة في جميع مدة الاسلام الى القيامة يعملون بالحق وان لم يتوالوا. وفي فتح الباري: وقد مضى منهم الخلفاء الاربعة ولابد من تمام العدد قبل قيام الساعة.

وقال ابن الجوزي: وعلى هذا فالمراد من (ثم يكون الهرج) : الفتن المؤذنة بقيام الساعة من خروج الدجال وما بعده.

قال السيوطي: وقد وجد من الاثني عشر الخلفاء الاربعة والحسن ومعاوية وابن الزبير وعمر بن عبد العزيز، هؤلاء ثمانية، ويحتمل ان يضم اليهم المهدي العباسي لانه في العباسيين كعمر بن عبد العزيز في الامويين، والطاهر العباسي ايضاً لما اوتيه من العدل ويبقى الاثنان المنتظران احدهما المهدي لانه من اهل البيت.

وقيل: المراد: ان يكون الاثنا عشر في مدة عزة الخلافة وقوة الاسلام واستقامة اموره، ممن يعزالاسلام في زمنه، ويجتمع المسلمون عليه. وقال البيهقي: وقد وجد هذا العدد بالصفة المذكورة الى وقت الوليد ابن يزيد بن عبد الملك ، ثم وقع الهرج والفتنة العظيمة، ثم ظهر ملك العباسية، وانما يزيدون على العدد المذكور في الخبر اذا تركت الصفة المذكورة فيه، او عد منهم من كان بعد الهرج المذكور.

وقالوا: والذين اجتمعوا عليه: الخلفاء الثلاثة ثم علي الى ان وقع امر الحكمين في صفين فتسمى معاوية يومئذ بالخلافة، ثم اجتمعوا على معاوية عند صلح الحسن، ثم اجتمعوا على ولده يزيد ولم ينتظم للحسين امر بل قتل قبل ذلك، ثم لما مات يزيد اختلفوا الى ان اجتمعوا على عبد الملك بن مروان بعد قتل ابن الزبير، ثم اجتمعوا على اولاده الاربعة: الوليد، ثم سليمان، ثم يزيد، ثم هشام، وتخلل بين سليمان ويزيد، عمر بن عبد العزيز، والثاني عشر هو الوليد بن يزيد بن عبد الملك ، اجتمع الناس عليه بعد هشام تولى اربع سنين.

بناء على هذا فان خلافة هؤلاء الاثني عشر كانت صحيحة، لاجماع المسلمين عليهم، وكان الرسول قد بشر المسلمين بخلافتهم له في حمل الاسلام الى الناس.

قال ابن حجر عن هذا الوجه: انه ارجح الوجوه.

وقال ابن كثير: ان الذي سلكه البيهقي ووافقه عليه جماعة: من ان المراد هم الخلفاء المتتابعون الى زمن الوليد بن يزيد بن عبد الملك الفاسق الذي قدمنا الحديث فيه بالذم والوعيد، فانه مسلك فيه نظر، وبيان ذلك: ان الخلفاء الى زمن الوليد بن يزيد هذا اكثر من اثني عشر على كل تقدير، وبرهانه ان الخلفاء الاربعة: ابو بكر وعمر وعثمان وعلي خلافتهم محققة.. ثم بعدهم الحسن بن علي كما وقع، لان علياً اوصى اليه وبايعه اهل العراق… حتى اصطلح هو ومعاوية… ثم ابنه يزيد بن معاوية، ثم ابنه معاوية بن يزيد، ثم مروان بن الحكم، ثم ابنه عبد الملك بن مروان، ثم ابنه الوليد بن عبد الملك ، ثم سليمان بن عبد الملك، ثم عمر بن عبد العزيز، ثم يزيد بن عبد الملك، ثم هشام بن عبد الملك، فهؤلاء خمسة عشر، ثم الوليد بن يزيد بن عبد الملك، فان اعتبرنا ولاية ابن ازبير قبل عبد الملك صاروا ستة عشر، وعلى كل تقدير فهم اثنا عشر قبل عمر بن عبد العزيز، وعلى هذا التقدير يدخل في الاثني عشر يزيد بن معاوية ويخرج عمر بن عبد العزيز، الذي اطبق الائمة على شكره وعلى مدحه وعدوه من الخلفاء الراشدين، واجمع الناس قاطبة على عدله. وان ايامه كانت من اعدل الايام حتى الرافضة يعترفون بذلك، فان قال: انا لا اعتبر الا من اجتمعت الامة عليه لزمه على هذا القول ان لا يعد علي بن ابي طالب ولا ابنه، لان الناس لم يجتمعوا عليهما، وذلك ان اهل الشام بكمالهم لم يبايعوهما.

وذكر: ان بعضهم عد معاوية وابنه يزيد وابن ابنه معاوية بن يزيد، ولم يقيد بايام مروان ولا ابن الزبير، لان الامة لم تجتمع على واحد منهما، فعلى هذا نقول في مسلكه هذا عاداً للخلفاء الثلاثة، ثم معاوية، ثم يزيد، ثم عبد الملك، ثم الوليد بن سليمان، ثم عمر بن عبد العزيز، ثم يزيد، ثم هشام، فهؤلاء عشرة، ثم من بعدهم الوليد بن يزيد بن عبد الملك الفاسق، ويلزمه منه اخراج علي وابنه الحسن، وهو خلاف ما نص عليه ائمة السنة بل الشيعة.

قال المؤلف: هكذا لم يتفقوا على رأي في تفسير الروايات السابقة ، ثم انهم اهملوا ايراد الروايات التي ذكر الرسول (ص) فيها اسماء الاثني عشر، لانها كانت تخالف سياسة الحكم بمدرسة الخلفاء مدى القرون، وخرجها المحدثون بمدرسة اهل البيت (ع) في تآليفهم بسندهم الى ابرار الصحابة عن رسول الله (ص)، ونقتصر هنا على ايراد يسير منها في ما يأتي مما رواه الفريقان.

أسماء الاثني عشر لدى مدرسة الخلفاء

أ) الجويني عن عبد الله بن عباس، قال: قال رسول الله (ص): (انا سيد النبيين وعلي بن ابي طالب سيد الوصيين، وان أوصيائي بعدي اثنا عشر، اولهم علي بن ابي طالب وآخرهم المهدي).

ب) الجويني – ايضاً- بسنده عن ابن عباس: قال: قال رسول الله (ص): (ان خلفائي واوصيائي وحجج الله على الخلق بعدي الاثني عشر اولهم أخي وآخرهم ولدي).
قيل يا رسول الله ، ومن اخوك؟

قال: (علي بن ابي طالب).

قيل : فمن ولدك؟

قال: المهدي الذي يملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، والذي بعثني بالحق بشيراً ونذيراً لو لم يبق من الدنيا الا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج فيه ولدي المهدي فينزل روح الله عيسى بن مريم فيصلي خلفه وتشرق الارض بنور ربها، ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب).

ج) الجويني – ايضاً- بسنده قال: سمعت رسول الله (ص) يقول : (انا وعلي والحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين مطهرون معصومون).

اقتضت سياسة الحكم لدى مدرسة الخلفاء مدى القرون اخفاء امثال الاحاديث الانفة عن ابناء الامة الاسلامية واسدال الستار عليها وجاهد القسم الاكبر من اتباع مدرستهم في هذا السبيل كما مر بنا فعلهم بأمثالها في بحث دراسة عمل مدرسة الخلفاء بنصوص سنة الرسول (ص) التي تخالف اتجاهها.

الكاتب: السيد مرتضى العسكري