قال الرضا (عليه السلام): فان قال قائل: لهم جعل أولي الامر وأمر بطاعتهم؟
قيل: لعلل كثيرة منها ان الخلق لما وقفوا على حد محدود وأمروا أن لا يتعدوا ذلك الحد لما فيه من فسادهم لم يكن يثبت ذلك ولا يقوم إلا بأن يجعل فيه أمينا يمنعهم من التعدي والدخول فيما حظر عليهم لأنه لو لم يكن ذلك لكان أحد لا يترك لذته ومنفعته لفساد غيره فجعل عليهم فيما يمنعهم من الفساد ويقيم فيهم الحدود والاحكام.
ومنها إنا لا نجد فرقة من الفرق ولا ملة من الملل بقوا وعاشوا إلا بقيم ورئيس ولما لا بد لهم منه في أمر الدين والدنيا فلم يجز في حكمة الحكيم أن يترك الخلق مما يعلم أنه لا بد له منه ولا قوام إلا به فيقاتلون به عدوهم ويقسمون فيئهم ويقيم لهم جمعهم وجماعتهم ويمنع ظالمهم من مظلومهم.
ومنها: انه لو لم يجعل لهم إماما قيما أمينا حافظا مستودعا لدرست الملة وذهب الدين، وغيرت السنن والاحكام، ولزاد فيه المبتدعون، ونقص منه الملحدون وشبهوا ذلك على المسلمين، لأنا وجدنا الخلق منقوصين محتاجين غير كاملين مع اختلافهم واختلاف أهوائهم وتشتت أنحائهم فلو لم يجعل لهم قيما حافظا لما جاء به الرسول (صلى الله عليه وآله) لفسدوا على نحو ما بينا وغيرت الشرايع والسنن والاحكام والايمان وكان في ذلك فساد الخلق أجمعين ” (1).
وتحدث الإمام الرضا (عليه السلام) في هذا المقطع عن ضرورة الإمامة وانها عنصر أساس لإقامة الحياة الاسلامية وإقامة حدود الله تعالى وأحكامه وقد أقام الامام على ذلك المزيد من العلل والأسباب.