- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 6 دقیقة
- بواسطة : امین نجف
- 0 تعليق
الجمع بين النساء وعددهن ، وجمهور المسلمين على أنه لا يجوز للحر أن يجمع زيادة على أربع زوجات لقوله تعالى : ” فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع ) * النساء / 3 ، وللسنة الشريفة التي حددت الزوجات بأربع كما سيأتي ، والشيعة في ذلك كسائر فرق المسلمين لا يبيحون الجمع بين أكثر من أربع زوجات ، وعندهم حتى لو طلق الرجل زوجة واحدة من الأربع فلا يجوز له أن يكمل العدد برابعة حتى تنتهي عدة المطلقة ، وقد أجمعوا على ذلك وإليك نموذجين من أقوالهم :
أولا – : يقول الشهيد الأول في اللمعة : لا يجوز للحر أن يجمع زيادة على أربع حرائر أو حرتين وأمتين ، أو ثلاث حرائر وأمة ، ولا للعبد أن يجمع أكثر من أربع إماء أو حرتين أو حرة وأمتين ، ولا يباح له ثلاث إماء وحرة ( 1 ) .
ثانيا – : يقول المقداد السيوري في كنز العرفان : الحصر في الأربع وعدم جواز الزائد في النكاح الدائم إجماعي ، وحتى المنقطع عند كثير من فقهائنا لقول النبي ( ص ) لغيلان لما أسلم وعنده عشر نسوة أمسك أربعا وفارق سائرهن أي باقيهن ، ولقول الإمام الصادق ( ع ) لا يحل لماء الرجل أن يجري في أكثر من أربعة أرحام من الحرائر ( 2 ) .
وبوسع القارئ أن يرجع لأي كتاب فقهي من كتب الإمامية في باب النكاح ليرى أن هذه المسألة إجماعية عندهم ، ومع ذلك استمع إلى بعض فقهاء المسلمين من أهل السنة الذين يجب أن يكونوا قدوة في الأمانة والصدق :
أ – : يقول ابن حزم في المحلى لم يختلف في أنه لا يحل لأحد زواج أكثر من أربع نسوة : أحد من أهل الإسلام وخالف في ذلك قوم من الروافض لا يحل لهم عقد الإسلام ( 3 ) .
ب – قال محمد بن عبد الواحد المعروف بابن الهمام الحنفي : وأجاز الروافض تسعا من الحرائر ، ونقل عن النخعي وابن أبي ليلى – أي جواز التسع – وأجاز الخوارج ثماني عشرة ، وحكي عن بعض الناس إباحة أي عدد شاء بلا حصر:
وجه الأول : أنه بين العدد المحلل بمثنى وثلاث ورباع بحرف الجمع والحاصل من ذلك تسع ، ووجه الثاني ذلك إلا أن مثنى وثلاث ورباع معدول عن عدد مكرر على ما عرف في العربية ، فيصير الحاصل ثمانية عشر ، ووجه الثالث العمومات من نحو فانكحوا ما طاب لكم من النساء ، ولفظ مثنى وثلاث ورباع تعداد عرفي لا قيد ، كما يقال خذ من البحر ما شئت قربة أو قربتين أو ثلاثا ، ويخص الأولين تزوجه تسعا والأصل عدم الخصوصية إلا بدليل ، إلى آخر ما أورده ، ثم شرع يقدم أدلته على الحصر بأربع ( 4 ) .
وقد اتضح من قول ابن الهمام أمران : أولهما نسبة إباحة التسع للإمامية وهو محض اختلاق ونتحدى من يذكر لنا مصدرا واحدا يقول بذلك من الشيعة ، وثانيهما أن هناك من أهل السنة من يقول بإباحة التسع والأكثر من التسع كما نص عليه ، ابن الهمام نفسه .
ج – يقول محمد أبو زهرة في الأحوال الشخصية : إن بعض الشيعة يجوز الزواج بتسع حرائر لأن معنى قوله تعالى : * ( مثنى وثلاث ورباع ) * يعني اثنين وثلاثة وأربعة ( 5 ) وهذا من أبي زهرة كأمثال له كثيرة ، إن الرجل فيما أعرفه من مؤلفاته كثير التساهل فيما ينسبه للغير ، ولا يحتاط بالنقل وللمناقشة مكان غير هذا لأن موارد تساهله كثيرة تحتاج إلى جهد ومكان .
وبعد ما ذكرته سأقدم لك الأدلة على أن هذا الرأي عند أهل السنة وليس عند الشيعة كما مر عليك :
1 – يقول الكاساني علاء الدين في البدائع : لا يجوز للحر أن يتزوج أكثر من أربع زوجات من الحرائر والإماء عند عامة العلماء ، وقال بعضهم : يباح له الجمع بين التسع ، وقال بعضهم : يباح له الجمع بين ثمانية عشر ، واحتجوا بظاهر قوله تعالى : * ( فانكحوا ما طاب لكم من النساء ) * الخ فالأولون قالوا إنه ذكر هذه الأعداد بحرف الجمع وهو الواو وجملتها تسعة ، واستدلوا أيضا بفعل رسول الله وأنه تزوج تسع نسوة وهو قدوة الأمة ، والآخرون قالوا إن المثنى ضعف الاثنين والثلاث ضعف الثلاثة ، والرباع ضعف الأربعة وجملتها ثمانية عشرة ، إلى آخر ما ذكره وظاهر قوله إن هذه الآراء عند أهل السنة لأنه لو كان للشيعة رأي هنا لنص عليه كعادته ( 6 ) .
2 – يقول إبراهيم بن موسى الغرناطي الشاطبي صاحب الموافقات في كتابه الإعتصام : ثم أن بعض من نسب إلى الفرق ممن حرف – من الحرفة – التأويل في كتاب الله تعالى أجاز نكاح أكثر من أربع نسوة إما اقتداءا في زعمه بالنبي حيث أحل له أكثر من ذلك ولم يلتفت إلى إجماع المسلمين أن ذلك خاص به ، وإما تحريفا لقوله تعالى : * ( فانكحوا ما طاب ) * الخ فأجاز الجمع بين تسع نسوة في ذلك فأتى ببدعة أجراها في هذه الأمة ( 7 ) وما ذكره الشاطبي هو عند السنة ولو كان عند الشيعة ، لنص عليه أولا ، وثانيا لتغيرت لهجته ، فإن لهجة هذا الرجل مع الشيعة أترك لك نعتها بعد أن تسمعها فاسمع قوله : ” قال : يحكى عن الشيعة أن النبي أسقط عن أهل بيته ومن دان بحبهم : جميع الأعمال ، وأنهم غير مكلفين إلا بما تطوعوا به ، وأن المحظورات مباحة لهم كالخنزير والزنا والخمر وسائر الفواحش ، وعندهم نساء يسمين النوابات يتصدقن بفروجهن على المحتاجين رغبة في الأجر ، وينكحون ما شاؤوا من الأخوات والبنات والأمهات لا حرج عليهم ولا في تكثير النساء ، ومن هؤلاء العبيدية الذين ملكوا مصر وإفريقية ومما يحكى عنهم في ذلك أن يكون للمرأة ثلاثة أزواج وأكثر في بيت واحد يستولدونها وتنسب الولد لكل واحد منهم ” إنتهى وقد عقب عليه الناشر بالحاشية بقوله إنما يريد بعض فرق الشيعة الباطنية المارقين عن الإسلام ( 8 ) إني أدعو القارئ ليضع يده على أنفه لئلا يشم هذه الجيف ، وبعد ذلك أعقب على قوله بما يلي :
أولا – : إن العبيدين وغيرهم ليسوا من الشيعة الإمامية وإن كنت أعتقد جازما عدم صحة ما نسبه إليهم قياسا على ما نسبه لغيرهم وهو غير صحيح .
ثانيا – : لسنا الذين نبيح نكاح المحارم وحكم من يقع على إحدى محارمه عندنا القتل فراجع أي كتاب من كتب فقه الشيعة باب الحدود ، وإنما يقول الإمام أبو حنيفة من عقد على أمه أو أخته أو بنته ، عالما عامدا ودخل بها فلا يقام عليه الحد وإنما يعزر لأن العقد أورث شبهة ( 9 ) .
إذا فلسنا نحن الذين نتساهل في الاعتداء على المحارم كما أننا لا نريد التهريج على أبي حنيفة بل نرى رأيه هنا خطأ في تطبيق معنى الشبهة هنا على هذا العقد . ولأن المحارم ليست محلا للعقد .
ثالثا – : أنا أسأل الله تعالى أن يجعل حصيلة هذا القول في ميزان الشاطبي يوم يلقاه وسوف يسأله عن ذلك لأنه تعالى يقول : * ( من يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) * 7 و 8 من سورة الزلزال ، وأنا إنما أطلت الكلام في هذه المسألة وهي من البديهيات تقريبا حتى أوقفك على مدى أمانة بعض الناس ، ولست أدري بماذا يتعلل هؤلاء وحولهم كتب الشيعة تملأ المكتبات فهل ذكروا لنا كتابا واحدا يفتي بإباحة لحم الخنزير أو شرب الخمر إن الذي يقول بذلك غيرنا إذا أحببت فراجع تفسير قوله تعالى : * ( ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا إن في ذلك لآية لقوم يعقلون ) * النحل / 76 في تفاسير أهل السنة لترى رأي الإمام أبي حنيفة حول النبيذ فرأيه معروف ، ودعني أذكر لك فتوى واحدة من فتاواه توضح لك رأيه في هذا الموضوع يقول أبو زهرة في كتابه فلسفة العقوبة :
والسبب في تساهل أبي حنيفة في موضوع بعض المسكرات هو أنه ثبت بالرواية عنده أن بعض الصحابة تناول بعض هذه الأشربة ، فامتنع عن تحريمها حتى لا يتهم الصحابة بالمعصية وقال في ذلك : لو غرقوني في الفرات لأقول إنها حرام ما فعلت ، حتى لا أفسق بعض الصحابة ولو غرقوني في الفرات على أن أتناول قطرة منها ما فعلت ، فالأمر بالنسبة لأبي حنيفة احتياط لكرامة الصحابة واحتياط لدينه ( 10 ) ولست أفهم معنى الاحتياط هنا فإن الحرام حرام على الصحابة وغيرهم ، إن استنتاج أبي زهرة لا يقبل بحال من الأحوال وصدق في تسمية كتابه فلسفة العقوبة فهو فلسفة غير ذات معنى أحيانا .
3 – الرأي الثالث الذي يدل على أن الجمع بين أكثر من أربع عند غير الشيعة ما ذكره ابن قدامة في المغني معلقا على قول المتن :
وليس للحر أن يجمع بين أكثر من أربع زوجات أجمع أهل العلم على هذا ولا نعلم أحدا خالفه إلا شيئا يحكى عن ابن القاسم بن إبراهيم أنه أباح تسعا لقوله تعالى : * ( فانكحوا ما طاب لكم ) * الخ والواو للجمع ، ولأن النبي ( ص ) مات عن تسع ، وهذا ليس بشئ لأنه خرق وترك للسنة ، فإن رسول الله قال لغيلان بن سلمة حين أسلم وتحته عشرة نسوة : أمسك أربعا وفارق سائرهن ( 11 ) ومن ذلك يظهر أن لا قول للشيعة في المسألة فما أدري من أين جاء من ينسب هذا القول الشيعة بهذا القول .
لقد أصبح هذا الخلط من الشاطبي وغيره زادا دسما للمستشرقين الذين أخذوا يؤكدون على أن الشيعة والصوفية يسقطون الشريعة ويحلون المحارم عند وصول الحقيقة ، والخ . ( 12 ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) شرح اللمعة ج 2 ص 73 .
( 2 ) كنز العرفان ج 2 ص 141 .
( 3 ) المحلى لابن حزم ج 6 ص 441 .
( 4 ) شرح فتح القدير ج 2 ص 379 .
( 5 ) الأحوال الشخصية ص 83 .
( 6 ) بدائع الصنائع ج 7 ص 65 .
( 7 ) الإعتصام ج 2 ص 44 .
( 8 ) الإعتصام ج 2 ص 44 .
( 9 ) بدائع الصنائع ج 7 ص 35 .
( 10 ) فلسفة العقوبة لأبي زهرة ص 183 .
( 11 ) المغني لابن قدامة ج 6 ص 439 .
( 12 ) الحضارة الإسلامية لآدم متز ج 2 ص 30 .
المصدر: هوية التشيع / الشيخ أحمد الوائلي