- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 10 دقیقة
- بواسطة : المشرف
- 0 تعليق
الإمامة منصب إلهي، وليس للبشر حق في اختيار الإمام والقائد للأمة الإسلامية، ولذا جاءت نصوص وروايات عن النبي محمد (ص) وأهل بيته المعصومين (ع) تبين لنا من هم الأئمة وما هو عددهم، ونحن نتطرق في هذا المقال حول النصوص الدالة على إمامة الإمام الحسن العسكري (ع)، ويمكن تصنيفها إلى ثلاثة أنواع وهي:
أ ـ نصوص الرسول الأعظم (ص)
وهي النصوص التي رواها الصحابة والأئمة (ع) والتي اشتملت على ذكر أسماء الأئمة الاثني عشر وما وعد الله ـ على لسان رسوله (ص) ـ المصدقين بهم والتابعين لهم، بالخير والسعادة في الدارين وما توعد به الناصبين لهم العداء والمخالفين من العذاب والخزي فيهما أيضاً.
ولم تبتل الأُمّة الإسلامية بالتجزئة والخضوع للاستكبار العالمي والحيرة والتيه وسوء الظروف التي تمرّ بها الأُمّة الإسلامية إلاّ بسبب هذه القطيعة الحاصلة بينها وبين أئمة أهل البيت (ع)، ونورد هنا جملة من أحاديث الرسول (ص) في هذا الاتجاه:
1ـ عن المفضل بن عمر عن الصادق جعفر بن محمّد عن أبيه، عن آبائه (ع)، عن أمير المؤمنين (ع) قال: قال رسول الله (ص):
«لما اُسري بي إلى السماء أوحى إلي ربي جل جلاله فقال: يا محمّد إني اطّلعت على الأرض اطّلاعة فاخترتك منها فجعلتك نبياً وشققت لك من اسمي اسماً، فأنا المحمود وأنت محمّد، ثم اطّلعت الثانية فأخترت منها علياً وجعلته وصيك وخليفتك وزوج ابنتك وأبا ذريتك وشققت له اسماً من أسمائي فأنا العلي الأعلى وهو عليّ، وخلقت فاطمة والحسن والحسين من نوركما، ثم عرضت ولايتهم على الملائكة فمن قبلها كان عندي من المقربين.
يا محمّد لو أنّ عبداً عبدني حتى ينقطع ويصير كالشنّ البالي ثم أتاني جاحداً لولايتهم فما أسكنته جنتي ولا أظللته تحت عرشي.
يا محمّد تحبّ أن تراهم؟
قلت: نعم يا رب.
فقال عزوجل: ارفع رأسك.
فرفعت رأسي وإذا أنا بأنوار عليّ وفاطمة والحسن والحسين وعليّ بن الحسين ومحمّد بن عليّ وجعفر بن محمّد وموسى بن جعفر وعليّ بن موسى ومحمّد بن عليّ وعليّ بن محمّد والحسن بن عليّ و (م ح م د) بن الحسن القائم في وسطهم كأنه كوكب درّي، قلت: يارب، ومن هؤلاء؟
قال: هؤلاء الأئمة، وهذا القائم الذي يحلل حلالي ويحرم حرامي، وبه أنتقم من أعدائي، وهو راحة لأوليائي، وهو الذي يشفي قلوب شيعتك من الظالمين والجاحدين والكافرين…»[1].
2ـ عن موسى بن عمران النخعي، عن عمّه الحسين بن يزيد، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة عن أبيه عن الصادق جعفر بن محمّد عن أبيه، عن آبائه (ع)، قال: قال رسول الله (ص):
«حدثني جبرئيل، عن ربّ العزة جلّ جلاله انه قال: من علم أن لا إله إلاّ أنا وحدي، وأنّ محمّداً عبدي ورسولي، وأنّ عليّ بن أبي طالب خليفتي وأنّ الأئمة من ولده حججي أدخلته الجنة برحمتي ونجيته من النار بعفوي… ومن لم يشهد أنْ لا إله إلاّ أنا وحدي أو شهد بذلك ولم يشهد أنّ محمّداً عبدي ورسولي أو شهد بذلك ولم يشهد أن عليّ بن أبي طالب خليفتي أو شهد بذلك ولم يشهد أنّ الأئمة من ولده حججي فقد جحد نعمتي وصغر عظمتي وكفر بآياتي وكتبي، إن قصدني حجبته، وإن سألني حرمته، وإن ناداني لم أسمع نداءه، وإن دعاني لم أستجب دعاءه، وإن رجاني خيبته وذلك جزاؤه مني وما أنا بظلاّم للعبيد».
فقام جابر بن عبد الله الأنصاري فقال: يا رسول الله ومن الأئمة من ولد عليّ ابن أبي طالب؟
قال: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، ثم سيد العابدين في زمانه عليّ بن الحسين ثم الباقر محمّد بن عليّ، وستدركه يا جابر، فإذا أدركته فأقرأه مني السلام. ثم الصادق جعفر بن محمّد، ثم الكاظم موسى بن جعفر، ثم الرضا عليّ بن موسى، ثم التقي محمّد بن عليّ، ثم النقي عليّ بن محمّد ثم الزكي الحسن بن عليّ، ثم ابنه القائم بالحقّ مهدي اُمتي الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً.
هؤلاء يا جابر خلفائي وأوصيائي وأولادي وعترتي من أطاعهم فقد أطاعني ومن عصاهم فقد عصاني، ومن أنكرهم أو أنكر واحداً منهم فقد أنكرني، بهم يمسك الله عزوجل السماء أن تقع على الأرض إلاّ بإذنه، وبهم يحفظ الله الأرض أن تميد بأهلها»[2].
3ـ عن عبد الله بن العباس قال: دخلت على النبيّ (ص) والحسن على عاتقه والحسين على فخذه يلثمهما ويقبلهما ويقول:
«اللّهمّ وال من والاهما وعاد من عاداهما ثم قال: يابن عباس كأني به وقد خضبت شيبته من دمه، يدعو فلا يجاب ويستنصر فلا ينصر».
قلت: من يفعل ذلك يا رسول الله؟
قال: شرار اُمتي، ما لهم؟ لا أنالهم الله شفاعتي.
ثم قال: يابن عباس من زاره عارفاً بحقه، كتب له ثواب ألف حجّة وألف عمرة، ألا ومن زاره فكأنما زارني ومن زارني فكأنما زار الله، وحقّ الزائر على الله أن لا يعذبه بالنار، ألا وإنّ الإجابة تحت قبته والشفاء في تربته والأئمة من ولده.
قلت: يا رسول الله فكم الأئمة بعدك؟
قال: بعدد حواري عيسى وأسباط موسى ونقباء بني إسرائيل.
قلت: يا رسول الله فكم كانوا؟
قال: كانوا اثني عشر والأئمة بعدي اثنا عشر، أوّلهم عليّ بن أبي طالب وبعده سبطاي الحسن والحسين، فإذا انقضى الحسين فابنه عليّ، فإذا انقضى عليّ فابنه محمّد، فاذا انقضى محمّد فابنه جعفر، فإذا انقضى جعفر فابنه موسى، فإذا انقضى موسى فابنه عليّ، فإذا انقضى عليّ فابنه محمّد، فإذا انقضى محمّد فابنه عليّ، فإذا انقضى عليّ فابنه الحسن، فإذا انقضى الحسن فابنه الحجّة.
قال ابن عباس: قلت: يا رسول الله أسامي لم أسمع بهن قط!
قال لي: يابن عباس هم الأئمة بعدي وإنهم اُمناء معصومون نجباء، أخيار، يابن عباس، من أتى يوم القيامة عارفاً بحقّهم أخذت بيده فأدخلته الجنة، يابن عباس من أنكرهم أو ردّ واحداً منهم فكأنما قد أنكرني وردني، ومن أنكرني وردني فكأنما أنكر الله ورده.
يابن عباس سوف يأخذ الناس يميناً وشمالاً، فإذا كان كذلك فاتبع علياً وحزبه فإنه مع الحقّ والحقّ معه، ولا يفترقان حتى يردا عليّ الحوض.
يابن عباس، ولايتهم ولايتي وولايتي ولاية الله وحربهم حربي وحربي حرب الله وسلمهم سلمي وسلمي سلم الله.
ثم قال (ص): (يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)[3]»[4].
ب ـ نصوص الأئمة المعصومين (ع)
1ـ الإمام الحسين (ع)
عن يحيى بن يعمر، قال: «كنت عند الحسين (ع) إذ دخل عليه رجل من العرب متَلثّماً أسمر شديد السمرة، فسلّم، ورد الحسين (ع) فقال: يابن رسول الله! مسألة، قال: هات».
ثمّ إنّ الرجل سأل الإمام (ع) عدة مسائل والإمام يجيبه ثم قال: صدقت يابن رسول الله، فأخبرني عن عدد الأئمة بعد رسول الله (ص)؟
قال: إثنا عشر، عدد نقباء بني إسرائيل.
قال: فسمّهم لي.
قال: فأطرق الحسين (ع) ملياً ثم رفع رأسه.
فقال: نعم أخبرك يا أخا العرب، إنَّ الإمام والخليفة بعد رسول الله (ص) أمير المؤمنين (ع)، والحسن وأنا وتسعة من ولدي منهم عليّ ابني، وبعده محمّد ابنه، وبعده جعفر ابنه وبعده موسى ابنه، وبعده عليّ ابنه، وبعده محمّد ابنه، وبعده علي ابنه، وبعده الحسن ابنه، وبعده الخلف المهدي هو التاسع من ولدي يقوم بالدين في آخر الزمان[5].
2ـ الإمام علي بن الحسين (ع)
عن أبي خالد الكابلي قال: دخلت على مولاي عليّ بن الحسين (ع) وفي يده صحيفة كان ينظر إليها ويبكي بكاءاً شديداً.
فقلت: ما هذه الصحيفة؟
قال: «هذه نسخة اللوح الذي أهداه الله تعالى إلى رسول الله (ص) فيه اسم الله تعالى ورسول الله، وأمير المؤمنين عليّ، وعمي الحسن بن عليّ، وأبي، واسمي واسم ابني محمّد الباقر، وابنه جعفر الصادق، وابنه موسى الكاظم وابنه عليّ الرضا وابنه محمّد التقي، وابنه عليّ النقي، وابنه الحسن العسكري، وابنه الحجّة القائم بأمر الله المنتقم من أعداء الله الذي يغيب غيبة طويلة ثم يظهر فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً»[6].
3ـ الإمام محمّد الباقر (ع)
عن الكميت ابن أبي المستهل قال: دخلت على سيدي أبي جعفر الباقر (ع) فقلت: يابن رسول الله: إني قد قلت فيكم أبياتاً أفتأذن لي في إنشادها؟ ولمّا أذن له، أنشده قائلاً:
أضحكني الدهر وأبكاني ** والدهر ذو صرف وألوان
لتسعة في الطف قد غودروا ** صاروا جميعاً رهن أكفان
فبكى (ع) والكميت مستمر في قصيدته، ثم إنّ الإمام قال: «اللّهمّ اغفر للكميت ما تقدم من ذنبه وما تأخر».
فلما بلغ إلى قوله:
متى يقوم الحقّ فيكم متى ** يقوم مهديكم الثاني
قال: «سريعاً إن شاء الله سريعاً، ثم قال: يا أبا المستهل إن قائمنا هو التاسع من ولد الحسين، لأنّ الأئمة بعد رسول الله (ص) اثنا عشر، الثاني عشر، هو القائم.
قلت: يا سيدي، فمن هؤلاء الاثنا عشر؟
قال: أوّلهم عليّ بن أبي طالب، وبعده الحسن والحسين، وبعد الحسين عليّ بن الحسين وأنا ثم بعدي هذا ووضع يده على كتف جعفر.
قلت: فمن بعد هذا؟
قال: ابنه موسى، وبعد موسى ابنه عليّ وبعد عليّ ابنه محمّد وبعد محمّد ابنه عليّ وبعد عليّ ابنه الحسن وهو أبو القائم، الذي يخرج فيملأ الدنيا قسطاً وعدلاً ويشفي صدور شيعتنا»[7].
4ـ الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع)
عن علقمة بن محمّد الحضرمي عن الإمام جعفر الصادق (ع) قال: «الأئمة اثنا عشر.
قلت: يابن رسول الله فسمهم لي؟
قال: من الماضين: عليّ بن أبي طالب والحسن والحسين، وعليّ بن الحسين، ومحمّد بن عليّ ثم أنا.
قلت: فمن بعدك يابن رسول الله؟
قال: إني قد أوصيت إلى ولدي موسى وهو الإمام بعدي.
قلت: فمن بعد موسى؟
قال: عليّ ابنه يدعى بالرضا يدفن في أرض الغربة من خراسان، ثم بعد عليّ ابنه محمّد وبعد محمّد ابنه عليّ وبعد عليّ الحسن ابنه، والمهدي من ولد الحسن…»[8].
5ـ الإمام موسى الكاظم (ع)
روى الصدوق بسنده عن عبد الله بن جندب، عن موسى بن جعفر أنه قال:
«تقول في سجدة الشكر: اللّهمّ إنّي اُشهدك واُشهد ملائكتك ورُسلك وجميع خلقك أنك أنت الله ربي، والإسلام ديني، ومحمّداً نبيي، وعلياً والحسن والحسين، وعليّ بن الحسين، ومحمّد بن عليّ وجعفر بن محمّد وموسى بن جعفر وعليّ بن موسى، ومحمّد بن عليّ، وعليّ بن محمّد، والحسن بن عليّ، والحجّة بن الحسن بن عليّ، أئمتي بهم أتولى ومن أعدائهم أتبرأ»[9].
6ـ الإمام علي الرضا (ع)
عن عبد السلام ابن صالح الهروي قال: سمعت دعبل بن عليّ الخزاعي يقول:
أنشدت مولاي الرضا بن موسى (ع) قصيدتي التي أوّلها:
مدارس آيات خلت من تلاوة ** ومنزل وحي مقفر العرصات
فلما انتهيت إلى قولي:
خروج إمام لا محالة خارج ** يقوم على اسم الله والبركات
يميز فينا كل حقّ وباطل ** ويجزي على النعماء والنقمات
بكى الرضا (ع) بكاءاً شديداً ثم رفع رأسه إلي فقال لي:
«يا خزاعي نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين، فهل تدري من هذا الإمام ومتى يقوم؟.
فقلت: لا يا مولاي إلاّ أنّي سمعت بخروج إمام منكم يُطهّر الأرض من الفساد ويملأها عدلاً كما ملئت جوراً.
فقال: يا دعبل، الإمام بعدي محمّد ابني، وبعد محمّد ابنه عليّ، وبعد عليّ ابنه الحسن وبعد الحسن ابنه الحجّة القائم المنتظر في غيبته، المطاع في ظهوره لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطول الله عزوجل ذلك اليوم حتى يخرج فيملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً»[10].
7ـ الإمام محمّد الجواد (ع)
عن الصقر بن أبي دلف قال: سمعت أبا جعفر محمّد بن عليّ الرضا (ع) يقول:
«إنَّ الإمام بعدي ابني عليّ، أمره أمري، وقوله قولي وطاعته طاعتي، والإمام بعده ابنه الحسن أمره أمر أبيه وقوله قول أبيه وطاعته طاعة أبيه. ثم سكت.
فقلت له: يابن رسول الله فمن الإمام بعد الحسن؟
فبكى (ع) بكاءاً شديداً ثم قال: إنّ من بعد الحسن ابنه القائم بالحقّ المنتظر»[11].
ج ـ نصوص الإمام الهادي على إمامة الحسن العسكري (ع)
النصوص التي صدرت من الإمام الهادي (ع) وأشارت أو صرّحت بإمامة الحسن العسكري (ع) بعد وفاة أخيه محمّد فهي النصّ الرابع والخامس والثامن والتاسع مما جاء في الكافي في كتاب الحجّة، في باب الإشارة والنصّ على أبي محمّد (ع)، وهي كما يلي:
نظراً لاتحاد مضمون النصين الرابع والخامس ننقل النصّ الخامس الذي ينتهي سنده الى أحمد بن محمّد بن عبد الله بن مروان الأنباري إذ يقول: كنت حاضراً عند مضيّ أبي جعفر محمّد بن عليّ (ع) فجاء أبو الحسن (ع) فوضع له كرسي فجلس عليه وحوله أهل بيته وأبو محمّد قائم في ناحية، فلمّا فرغ من أمر أبي جعفر التفت الى أبي محمّد (ع) فقال: «يابني أحدِث لله تبارك وتعالى شُكراً فقد أحدث فيك أمراً»[12].
والذين سمعوا هذا النصّ قد فهموا منه أنّه يشير إليه بأمر الإمامة وكانت هذه الإشارة في جمع من بني هاشم وآل أبي طالب وقريش طبعاً كما جاء في النصّ الثامن ويتضمن النصّ الثامن أيضاً موقف أبي محمّد العسكري تجاه كلمة الإمام الهادي (ع) التي وجّهها إليه، وهو:.. أنّ الحسن قد بكى وحمد الله واسترجع وقال: «الحمد لله ربّ العالمين وأنا أسأل الله تمام نعمه لنا فيكَ وإنّا لله وإنّا إليه راجعون»، فسُئل عنه فقيل: هذا الحسن ابنه، وقدّر له في ذلك الوقت عشرون سنة أو أرجح، قال الراوي: فيومئذ عرفناه وعلمنا أنّه قد أشار إليه بالإمامة وأقامه مقامه[13].
وجاء في النصّ التاسع المرويّ عن محمّد بن يحيى بن درياب قال: دخلتُ على أبي الحسن (ع) بعد مضيّ أبي جعفر فعزّيته عنه وأبو محمّد العسكري (ع) جالس فبكى أبو محمّد فأقبل عليه أبو الحسن فقال له: «إنّ الله تبارك وتعالى قد جعل فيك خلفَاً منه فاحمد الله»[14].
وصرّح النصّان العاشر والحادي عشر بإمامة الحسن العسكري وذلك بعد مضيّ أخيه أبي جعفر (محمّد بن عليّ) أمّا النصّ العاشر فيرويه أبو هاشم الجعفري حيث يقول: كنت عند أبي الحسن (ع) بعد ما مضى ابنه أبو جعفر وإنّي لأُفكّر في نفسي اُريد أن أقول كأنّهما ـ أعني أبا جعفر وأبا محمّد ـ في هذا الوقت كأبي الحسن موسى وإسماعيل ابني جعفر بن محمّد (ع)، وإن قصّتهما كقصّتهما، إذ كان أبو محمّد المُرجى بعد أبي جعفر، فأقبل عليّ أبو الحسن (ع) قبل أن أنطِق فقال:
«نعم ياأبا هاشم بدا لله في أبي محمّد (ع) بعد أبي جعفر (ع) ما لم يكن يُعرَفُ له، كما بدا له في موسى (ع) بعد مضيّ إسماعيل ما كشف به عن حاله، وهو كما حدّثتك نفسك وإن كره المُبطِلون. وأبو محمّد ابني الخلف مِن بعدي، عنده علم ما يحتاج إليه ومعه آلة الإمامة»[15].
وواضح أن البداء لله هنا هو فيما يرتبط بتصوّر السائل حيث إنّه كان يرجو أن يكون الإمام بعد الهادي هو ابنه محمّد، بينما كان في علم الله غير ذلك فأظهره له بموت محمّد فانكشف له أنّه ليس هو الإمام الذي كان يرجوه.
وليس في هذا النصّ أو غيره ما يشير الى أنّ الإمام الهادي أو غيره من الأئمة قالوا بإمامة شخص غير الحسن العسكري (ع) من ولد الهادي (ع) .
والنصّ الحادي عشر ينتهي الى أبي بكر الفهفكي حيث يقول: كتبَ إليَّ أبو الحسن (ع): أبو محمّد ابني أنصح آل محمّد غريزةً وأوثقهم حجّة وهو الأكبر من ولدي وهو الخلف وإليه ينتهي عُرى الامامة وأحكامها، فما كنت سائلي فَسَلْهُ عنه فعنده ما يحتاج إليه[16].
وهذا النصّ صريح في إمامة الحسن العسكري، وقد فضّله وشهد بفضله على من سواه من آل محمّد ولا يبعد أن يكون قد صدر بعد وفاة أخيه محمّد ابن عليّ كما لاحظنا في النصّ السابق الذي صرّح فيه الجعفري بأن التصريح من الإمام علي الهادي بإمامة الحسن العسكري كان بعد وفاة أخيه محمّد.
والنصّان متقاربان في المضمون حيث يؤكّدان أنّه عنده علم ما يحتاج إليه في أمر الإمامة.
وإذا كان بعد وفاة محمّد فلا مانع من أن يكون الحسن العسكري أكبر ولد الإمام الهادي حينئذ وإن كان محمّد أكبر حينما كان على قيد الحياة.
وصرّح النصّ الثاني عشر أيضاً بمضمون النصّين العاشر والحادي عشر من جهات عديدة حيث جاء فيه أنّ شاهَوْيه بن عبد الله الجلاّب قال: كتب إليَّ أبو الحسن في كتاب: «أردت أن تسأل عن الخلف بعد أبي جعفر، وقلِقْتَ لذلك فلا تغتمّ فإن الله عزّوجلّ لا يضلّ قوماً بعد إذ هداهم حتّى يبيّن لهم ما يتّقون. و صاحبك بعدي أبو محمّد ابني، وعنده ما تحتاجون إليه، يقدّم ما يشاء الله ويؤخّر ما يشاء الله (مَا نَنَسَخْ مِنْ آيَة أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْر مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا )[17]، قد كتبتُ بما فيه بيان وقناع لذي عقل يقظان»[18].
ويُشهد الإمام جماعةً من الموالي على إمامة ابنه الحسن العسكري قبل مضيّه واستشهاده هو بأربعة أشهر كما جاء في النصّ الأوّل من هذا الباب من كتاب الحجّة حيث يقول يحيى بن يسار القنبري: أوصى أبو الحسن الى ابنه الحسن قبل مضيّه بأربعة أشهر وأشهدني على ذلك وجماعة من الموالي[19].
وجاء في النصّ الثالث ما يتضمن دليلاً وعلامةً على إمامة الإمام الحسن بعد وفاة أبيه حيث يقول عبد الله بن محمّد الإصفهاني: قال أبو الحسن (ع): «صاحبكم بعدي الّذي يصلّي عليَّ». قال: ولم نعرف أبا محمّد (ع) قبل ذلك. قال: فخرج أبو محمّد فصلّى عليه[20].
وباعتبار أنّ الراوي لم يكن يعرف الحسن العسكري بشخصه، فالإمام يكون قد أعطاه علامة مميّزة لا لبس فيها ولا ريب يعتريها بالنسبة إليه.
وجاء في النصّ الثالث عشر من هذا الباب أنّ داود بن القاسم قال: سمعت أبا الحسن (ع) يقول: «الخلف من بعدي الحسن، فكيف لكم بالخَلَف من بَعد الخلف؟ فقلت: ولِمَ جعلني الله فداك؟ فقال: إنّكم لا ترون شخصه ولا يحلّ لكم ذكره باسمه. فقلتُ: فكيف نذكره؟ فقال: قولوا: الحجّة من آل محمّد» (ص)[21].
ويشير هذا النصّ إلى مجموعة اُمور ترتبط بكيفية التعامل مع الإمام في ظروف حرجة تقتضي بشدّة التكتّم في إبلاغ الأمر الى الموالين والشيعة وهو يشير الى أنّ الظروف تتأزم وتشتد فيما بعد حتى يصل الأمر الى أن الشيعة لا يقدرون على رؤية الإمام الحجّة ولا يحل لهم ذكره باسمه بل بالإشارة والكناية العامة وفي هذا النصّ إعداد وتهيئة للنفوس لتقبّل الوضع الجديد الذي لا بد للشيعة أن يكونوا بانتظاره ولا بد لهم من التهيؤ التام لاستقباله.
الاستنتاج
أن هناك نصوص وردت عن الرسول الأعظم (ص) رواها الصحابة والأئمة (ع) تذكر أسماء الأئمة الاثني عشر ومن بينهم الإمام الحسن العسكري (ع)، كما وردت نصوص عن الأئمة المعصومين (ع) تذكر إمامة العسكري(ع)، وهكذا وردت خاصة عن أبيه الإمام الهادي تدل على إمامته (ع).
الهوامش
[1] الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة، ص252.
[2] الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة، ص258.
[3] التوبة، 32.
[4] الخزّاز، علي، كفاية الأثر، ص16.
[5] الخزّاز، علي، كفاية الأثر، ص232.
[6] الحر العاملي، محمّد، إثبات الهداة، ج1، ص651.
[7] الخزّاز، علي، كفاية الأثر، ص248.
[8] الخزّاز، علي، كفاية الأثر، ص 266.
[9] الصدوق، من لا يحضره الفقيه، ج1، ص329.
[10] الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة، ص372.
[11] الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة، ص378.
[12] الكليني، الكافي، ج1، ص326.
[13] الكليني، الكافي، ج1، ص327.
[14] الكليني، الكافي، ج1، ص327.
[15] الكليني، الكافي، ج1، ص327.
[16] الكليني، الكافي، ج1، ص327.
[17] البقرة، 106.
[18] الكليني، الكافي، ج1، ص328.
[19] الكليني، الكافي، ج1، ص325.
[20] الكليني، الكافي، ج1، ص326.
[21] الكليني، الكافي، ج1، ص326.
مصادر البحث
1ـ الحر العاملي، محمّد، إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات، بيروت، مؤسّسة الأعلمي، الطبعة الأُولى، 1425 ه.
2ـ الخزّاز، علي، كفاية الأثر في النص على الأئمّة الاثني عشر، تحقيق عبد اللطيف الحسيني، قم، انتشارات بيدار، طبعة 1401 ه.
3ـ الصدوق، محمّد، كمال الدين وتمام النعمة في إثبات الغيبة وكشف الحيرة، قم، مؤسّسة النشر الإسلامي، الطبعة الثالثة، 1416ه.
4ـ الصدوق، محمّد، من لا يحضره الفقيه، تصحيح وتعليق علي أكبر الغفاري، قم، منشورات جامعة المدرّسين، الطبعة الثانية، بلا تاريخ.
5ـ الكليني، الكافي، طهران، دار الكتب الإسلامية، الطبعة الثالثة، 1388 ش.
مصدر المقالة (مع تصرف بسيط)
المجمع العالمي لأهل البيت، أعلام الهداية الإمام الحسن بن علي العسکریّ، قم، المجمع العالمي لأهل البيت، الطبعة الأُولى، 1422 ه. ج13، ص74-96.