- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 5 دقیقة
- بواسطة : امین نجف
- 0 تعليق
كانت الكعبة رمز التوحيد على طول التاريخ . وعند ما بُعث النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) لهداية الأُمّة ، كان الجاهليّون قد ملؤوا بيت التوحيد هذا بأصنام وأوثان شتّى من وحي جهلهم وزيغهم الفكري ، فلوّثوه بالشرك عبر هذا العمل السفيه ، ولذا اهتمّ النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) بإزالة كلّ هذا القبح والشذوذ ، وأخذ عليّاً ( عليه السلام ) معه لتطهير مركز التوحيد من مظاهر الشرك .
فصعد ( عليه السلام ) على منكبي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وألقى صنم قريش الكبير – وقيل : هو صنم خزاعة – من على سطح الكعبة إلى الأرض . وهذه الفضيلة العظيمة المتمثّلة بتحطيم الأصنام صعوداً على منكبي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) تفرّد بها عليّ ( عليه السلام ) دون غيره على امتداد التاريخ .
وهي فضيلة لا نظير لها ، وموهبة لا يشاركه فيها أحد .
1 – الإمام عليّ ( عليه السلام ) : لمّا كان الليلة التي أمرني رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أن أبيت على فراشه وخرج من مكّة مهاجراً ، انطلق بي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى الأصنام فقال : اجلس ، فجلست إلى جنب الكعبة ، ثمّ صعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) على منكبي ثمّ قال :
انهض ، فنهضت به فلمّا رأى ضعفي تحته قال : اجلس ، فجلست فأنزلته عنّي وجلس لي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ثمّ قال لي : يا عليّ ، اصعد على منكبي فصعدت على منكبيه ، ثمّ نهض بي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وخيّل إليّ أنّي لو شئت نلت السماء ، وصعدت إلى الكعبة وتنحّى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فألقيت صنمهم الأكبر ، وكان من نحاس موتداً بأوتاد من حديد إلى الأرض ، فقال لي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : عالجْه فعالجت فما زلت أُعالجه ويقول رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إيه إيه ، فلم أزل أُعالجه حتى استمكنت منه فقال : دقّه ، فدققته فكسّرته ونزلت ( 1 ) .
2 – المستدرك على الصحيحين عن أبي مريم عن الإمام عليّ ( عليه السلام ) : انطلق بي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حتى أتى بي الكعبة ، فقال لي : اجلس ، فجلست إلى جنب الكعبة فصعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بمنكبي ، ثمّ قال لي : انهض ، فنهضت ، فلمّا رأى ضعفي تحته قال لي : اجلس ، فنزلت وجلست ، ثمّ قال لي : يا عليّ اصعد على منكبي ، فصعدت على منكبيه ثمّ نهض بي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فلمّا نهض بي خيّل إليّ لو شئت نلت أُفق السماء ، فصعدت فوق الكعبة وتنحّى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال لي : ألق صنمهم الأكبر – صنم قريش – وكان من نحاس موتداً بأوتاد من حديد إلى الأرض ، فقال لي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : عالجْه ورسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول لي : إيه إيه ( جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَطِلُ إِنَّ الْبَطِلَ كَانَ زَهُوقًا ) ( 2 ) فلم أزل أُعالجه حتى استمكنت منه ، فقال :
اقذفه ، فقذفته فتكسّر ، وتردّيت من فوق الكعبة ، فانطلقت أنا والنبيّ ( صلى الله عليه وآله ) نسعى وخشينا أن يرانا أحد من قريش وغيرهم . قال عليّ : فما صعد به حتى الساعة ( 3 ) .
3 – الإمام عليّ ( عليه السلام ) – لأبي بكر : أنشدك بالله ، أنت الذي حملك رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) على كتفيه في طرح صنم الكعبة وكسره حتى لو شاء أن ينال أُفق السماء لنالها أم أنا ؟ قال : بل أنت ( 4 ) .
تحقيق وتمحيص
إنّ الأخبار المنقولة حول هذه الحادثة بالغة الكثرة ؛ فقد نقلها أئمّة الحديث ، والتاريخ ، والحفّاظ – على حدّ تعبير العلاّمة الجليل الشيخ الأميني ( 5 ) – بدون أن يطعنوا في أسانيدها ويشكّوا في نقلها . وما يتطلّب قليلاً من البحث ، ويحتاج إلى التحقيق والتمحيص والتوضيح هو زمن الحادثة ؛ فإنّ تبويب الأخبار الكثيرة المنقولة في هذا المجال يدلّ على أنّها تنقسم إلى أربعة أقسام :
1 – بعض الأخبار – وهي كثيرة جدّاً – لم تصرّح بزمن وقوع الحادثة ، وجاء في آخرها أنّ الإمام قال : ” . . . فقذفت به [ أحد الأصنام ] فتكسّر كما تتكسّر القوارير ، ثمّ نزلتُ ، فانطلقت أنا ورسول الله ( صلى الله عليه وآله ) نستبق حتى توارينا بالبيوت خشية أن يلقانا أحد من الناس ” ( 6 ) .
2 – أخبار أُخرى تُشير إلى أنّها كانت في ليلة خروج النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) من مكّة ( 7 ) .
3 – أخبار أُخرى تنصّ على أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) خرج مع الإمام ( عليه السلام ) من بيت خديجة ، ثمّ عادا إلى البيت بعد كسر الأصنام ( 8 ) .
4 – خبر آخر نصّ على أنّها تزامنت مع فتح مكّة ( 9 ) .
وتدلّ الطوائف الثلاثة الأُولى من هذه الأخبار على أنّ الحادثة كانت قبل الهجرة وفي ذروة الإرهاب الذي مارسه المشركون ضدّ المسلمين ، والظنّ القوىّ يدعم هذا الرأي ، مع أنّه لا يستبعد وقوعها مرّتين ؛ أي قام رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بهذه الحركة العظيمة المضادّة للشرك ومعه الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في ذلك الجوّ الإرهابي الخانق المظلم قبل الهجرة .
ومن الجليّ أنّ المشركين الذين كانت مكّة ، المسجد الحرام ، والكعبة تحت تصرّفهم قد أعادوا الأصنام إلى مكانها ، ودنّسوا بها الكعبة ، ثمّ وبعد فتح مكّة تكرّرت تلك الحركة التطهيرية العظيمة للمرّة الأخيرة .
واحتمل بعض المحدّثين والعلماء هذا التعدّد ؛ فالعلاّمة المجلسي الذي تحدّث في موضع من كتابه ” بحار الأنوار ” عن فتح مكّة ، أشار في موضع آخر إلى أخبار أُخرى ، وقال :
” أمّا كون كسر الأصنام في فتح مكّة فلا يظهر من هذا الخبر ، ولا من أكثر الأخبار الواردة فيه ، بل صريح بعض الأخبار وظاهر بعضها كون ذلك قبل الهجرة ، فيمكن الجمع بينهما بالقول بتعدّد وقوع ذلك ” ( 10 ) .
ونقل أحمد بن محمّد بن علىّ بن أحمد العاصمي ( م 378 ) أحد أُدباء القرن الرابع وعلمائه بخراسان أيضاً هذا الاحتمال ( 11 ) .
ـــــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) المستدرك على الصحيحين : 3 / 6 / 4265 ، تاريخ بغداد : 13 / 302 / 7282 كلاهما عن أبي مريم وفيه من ” انطلق بي…”.
( 2 ) الإسراء : 81 .
( 3 ) المستدرك على الصحيحين : 2 / 398 / 3387 ، مسند ابن حنبل : 1 / 183 / 644 ، خصائص أمير المؤمنين للنسائي : 225 / 122 ، تهذيب الآثار ( مسند عليّ بن أبي طالب ) : 237 / 32 و ح 33 ، مسند أبي يعلى : 1 / 180 / 287 وزاد في آخرهما ” فلم يرفع عليها بعد ” ، المناقب للخوارزمي : 123 / 139 ، المناقب لابن المغازلي : 429 / 5 ؛ المناقب للكوفي : 2 / 606 / 1105 .
( 4 ) الخصال : 552 / 30 عن أبي سعيد الورّاق ، الاحتجاج : 1 / 311 / 53 كلاهما عن الإمام الصادق عن أبيه عن جدّه ( عليهم السلام ) .
( 5 ) الغدير : 7 / 10 .
( 6 ) مسند ابن حنبل : 1 / 183 / 644 ، المستدرك على الصحيحين : 2 / 398 / 3387 ، خصائص أمير المؤمنين للنسائي : 225 / 122 ، تهذيب الآثار ( مسند عليّ بن أبي طالب ) : 237 / 32 و 33 ، مسند أبي يعلى : 1 / 180 / 287 ، المناقب لابن المغازلي : 429 / 5 ، المناقب للخوارزمي : 123 / 139 ؛ المناقب للكوفي : 2 / 606 / 1105 وراجع تاريخ بغداد : 13 / 302 / 7282 ومجمع الزوائد : 6 / 21 / 9836 والخصال : 552 / 30 والاحتجاج : 1 / 311 / 53 .
( 7 ) المستدرك على الصحيحين : 3 / 6 / 4265 .
( 8 ) الفضائل لابن شاذان : 83 ، بحار الأنوار : 38 / 84 / 4 .
( 9 ) المناقب لابن المغازلي : 202 / 2400 ؛ العمدة : 364 / 710 .
( 10 ) بحار الأنوار : 59 / 138 .
( 11 ) زين الفتى : 1 / 159 .
المصدر: موسوعة الإمام علي (ع) في الكتاب والسنة والتاريخ / الشيخ محمد الريشهري