- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 11 دقیقة
- بواسطة : المشرف
- 0 تعليق
من ينظر في كتب التفسير لدى جمهور المسلمين يجد أسماء رواة الشيعة، ولسنا بصدد استيعاب تأثير رجالات الشيعة على كتب التفسير، ولكن سنأخذ بعض النماذج من مفسري الشيعة لنر مدى اعتماد الجمهور عليهم واستفادتهم منهم.
المبحث الأول: عبد الرزاق الصنعاني (ت ٢١٠ هـ)
ترجمته
من الأئمة الكبار، اتفق الكل على الاحتجاج به.
قال ابن حجر: «عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري الصنعاني، أحد الحفاظ الأثبات، صاحب التصانيف، وثقه الأئمة كلهم إلا العباس بن عبد العظيم العنبري وحده، فتكلم بكلام أفرط فيه ولم يوافقه عليه أحد… احتج به الشيخان في جملة من حديث من سمع منه قبل الاختلاط، وضابط ذلك من سمع منه قبل المائتين فأما بعدها فكان قد تغير»[1].
وقال أيضا: «عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري مولاهـم أبـو بكر الصنعاني، ثقة حافظ مصنف شهير، عُمِيَ في آخر عمره فتغير، وكان يتشيع مــن التاسعة، مات سنة إحدى عشرة وله خمس وثمانون»[2].
وقال الذهبي: «عبد الرزاق بن همام ابن نافع، الحافظ الكبير، عالم اليمن، أبو بكر الحميري، مولاهم الصنعاني الثقة الشيعي»[3].
وقال: «عبد الرزاق راوية الإسلام، وهـو صـدوق في نفسه، وحديثه محتج به في الصحاح»[4].
تشيّع عبد الرزاق
لا خلاف بين الرجاليين والمؤرخين في تشيّع عبد الرزاق، وممن نسب إليه التشيع:
ـ ابن معين حيث قال: سمعت من عبد الرزاق كلاماً استدللت به على ما ذكر عنه من المذهب».
ـ قال العجلي: «ثقة يتشيّع».
ـ البزار، قال: ثقة يتشيّع .
ـ قال ابن حبان: «وعلى تشيّع فيه».
ـ قال أبو داود: «وكان عبد الرزاق يُعرّض بمعاوية».
ـ قال ابن عدي: «إلا أنهم نسبوه إلى التشيع».
ـ قال البزار: «يتشيع».
ـ ابن حجر العسقلاني، قال: «كان يتشيع»[5].
ـ ابن حجر الهيتمي، عده من الشيعة[6].
لقد صرح أكثر من واحد بترفض عبد الرزاق أو غُلــوه وتفضيله عليا (ع) على سائر الصحابة، منهم: يحيى بن معين، أبو حاتم، ابن عساكر، السيوطي.
ترجمة الإمامية له
عده الشيخ الطوسي من أصحاب الصادق (ع)[7].
والذي يؤكد تشيع الرجل وقوله بإمامة أهل البيت (ع) ما رواه النجاشي عن: «… محمد بن أبي بكر، همام بن سهيل الكاتب الإسكافي شيخ أصحابنا ومتقدمهم، له منزلة عظيمة، كثير الحديث. قال أبـو محمد هارون بن موسى: حدثنا محمد بن همام، قال: حدثنا أحمد بن مابنداذ، قال:
أسلم أبي أول من أسلم من أهله وخرج عـن ديــن المجوسية وهداه الله إلى الحق، فكان يدعو أخاه سهيلاً إلى مذهبه فيقول له: يا أخي اعلم أنك لا تألوني نصحاً، ولكن الناس مختلفــون، فكـل يدعي أن الحق فيه، ولست أختار أن أدخل في شيء إلا على يقين.
فمضت لذلك مدة وحج سهيل. فلما صـدر مــن الحــج، قال لأخيه: الذي كنت تدعوني إليه هو الحق قال وكيف علمت ذاك؟ قال:
لقيت في حجي عبد الرزاق بن همام الصنعاني وما رأيت أحداً مثله، فقلت له على خلوة: نحن قوم من أولاد الأعاجم وعهدنا بالدخول في الإسلام قريب وأرى أهله مختلفين في مذاهبهم، وقد جعلك الله من العلم بما لا نظير لك فيه في عصرك ولا مثل، وأريد أن أجعلك حجة فيما بيني وبين الله عزّ وجلّ. فان رأيت أن تبين لي ما ترضاه لنفسك من الدين لأتبعك فيه وأقلدك. فأظهر لي محبة آل رسول الله (ص) وتعظيمهم والبراءة من عدوهم والقول بإمامتهم.
قال أبو علي: أخذ أبي هذا المذهب عن أبيه عن عمه، وأخذته عن أبي»[8].
والذي يؤكد صحة هذا النص أن أكثر من واحد من هذه الأسرة كان على التشيع مفرطاً شديدا فيه، ومنهم: عبد الوهاب بـن همـام الصنعاني، أخو عبد الرزاق[9].
وقد عدّ مجموعة من أعلام الإمامية، عبد الرزاق، من الشيعة القائلين بإمامة أهل البيت والمتبرئين من أعدائهم. منهم:
ـ قال السيد الخوئي في ترجمته: «وكان أحد الأعــلام مــن علماء الشيعة، كما يظهر مما ذكره النجاشي في ترجمة محمد بن أبي بكر همام بــن سهیل»[10].
ـ وقال فيه السيد عبد الحسين شرف الدين، «عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري الصنعاني، كان من أعيان الشيعة وخيرة سلفهم الصالحين…»[11].
وقال الشيخ عباس القمي: (يروي الشاذكـوني عـن أبي بكر عبـد الرزاق بن همام الصنعاني الإمامي كما روى الشيخ …)[12].
تفسير عبد الرزاق
لتفسير عبد الرزاق أهمية كبيرة، خاصة أنه من التفاسير القديمة وعنه نقل أرباب التفسير ممن جاءوا بعده، فهذا التفسير يحوي ثلاثة آلاف وأربعمائة وثلاثين حديثاً وأثراً!
وقد وقع عبد الرزاق كثيرا في أسانيد كتب التفسير.
بلغ ما ما نقله المفسرون المذكورون عن عبد الرزاق في الشأن التفسيري فقط ٥٦٨٤ ما بين حديث وأثر، ولو أضفنا تفسيره ومـا حواه لتجاوز الرقم ۹۱۰۰ حديث وأثر!
المبحث الثاني: إسماعيل بن عبد الرحمن السدي (ت ١٢٧هـ)
ترجمته
قال الذهبي: «إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة، الإمـام المفسر أبو محمد الحجازي ثم الكوفي الأعور السدي… قال النسائي: صالح الحديث»[13].
وقال أيضا: «اسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السدي الكوفي عن أنس، وعبد الله البهى، وجماعة. وعنه الثوري، وأبو بكـر بن عياش وخلق قال: ورأى أبا هريرة قال يحيى القطان: لا بأس به. وقال أحمد: ثقة.
وقال ابن معين: في حديثه ضعف. وقال أبو حاتم: لا يحتج به. وقال ابن عدي هو عندي صدوق . وروى شريك، عن سلم بن عبد الرحمن، قال: مر إبراهيم النخعي بالسدي وهـو يفسر لهـم القرآن، فقال: أما إنه يفسر تفسير القوم.
وقال عبد الله بن حبيـب بـن أبي ثابت: سمعت الشعبي. وقيل له: إن إسماعيل السدي قد أعطى حظا من علم القرآن فقال: قد أعطى حظا من جهل بالقرآن. وقال الفلاس، عن ابن مهدي ضعيف.
وقال ابن معين: سمعت أبا حفص الأبار يقول: ناولت السدي نبيذا فقلت له فيه دردي، فشربه. وقال ابن المديني: سمعت يحيى بن سعيد يقول: ما رأيت أحدا يذكر السدي إلا بخير، وما تركه أحد . روى عنه شعبة والثوري. قيل: مات سنة سبع وعشرين ومائة ورمى السدي بالتشيع.
وقال الجوزجاني: حدثت عن معتمر، عن ليث قال: كان بالكوفة كذابان، فمات أحدهما: السدي والكلبي. وقال حسين بن واقد المروزي: سمعت من السدي فما قمت حتى سمعته يشتم أبا بكر وعمر، فلم أعد إليه»[14].
قال ابن حجر عنه: «إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمـة السدي بضم المهملة وتشديد الدال أبو محمد الكوفي صدوق يهم ورمي بالتشيع من الرابعة مات سنة سبع وعشرين»[15].
روى مسلم عن السدي فهو من رجاله، وهذا توثيق من مسلم لـه ووثقه أيضا كل من: القطان وأحمد والنسائي والعجلي وابـن عـدي والحاكم إذ أخرج عدة أحاديث له وصححها، وهذا توثيق له[16].
ووثقه شعبة بروايته عنه وهو لا يروي إلا عن ثقة[17].
واحتج الترمذي بالسدي في سننه، وقال بعد تخريجه لحديث وقـع فيه: «هذا حديث حسن غريب»[18].
وقد احتج به ابن أبي حاتم كثيرا في تفسيره وهو لا يخرج إلا عن الثقات عنده.
تشيّع السدي
إن تشيع السدي ظاهر لمن راجع سيرته، جاء في المغني للذهبي: «ورمي بالتشيّع… وقال حسين بن واقد المروزي: سمعت منه، فما قمت حتى سمعته يشتم أبا بكر وعمر فلم أعد إليه»[19].
وقال العقيلي: «وكان يتناول الشيخين»[20].
ومن يشتم الشيخين فليس هو شيعي فحسب وإنما رافضي غال! وقد عدّه الشيخ الطوسي من أصحاب الأئمة زين العابدين والباقر والصادق (ع)[21].
وهذا يدل على ملازمته لأئمة أهل البيت (ع).
ترجم له الإمامية في كتبهم، ومنهم الشيخ آغا بزرك الطهراني وعدوه من الشيعة[22].
قال السدي: أتيت كربلاء أبيع البز بها، فعمل لنا شيخ من طيء طعاماً فتعشينا عنده فذكرنا قتل الحسين، فقلت: ما شرك في قتله أحــد إلا مات بأسوأ ميتةً فقال: ما أكذبكم يا أهل العراق، فأنا ممن شرك في ذلك.
فلم نبرح حتى دنا من المصباح ليصلحه وهو يتقد فـذهب يخرج الفتيلة بإصبعه فأخذت النار فيها فأخذ يطفئها بريقه فأخذت النار لحيته فعدا فألقى نفسه في الماء فرأيته كأنّه حممة[23].
من أحاديثه ما أخرجه أحمد عن السدي عن أبي صالح، قال: «لمـا حضرت عبد الله بن عباس الوفاة قال: اللهم إني أتقرب إليك بولاية علي بن أبي طالب»[24].
قال السدي: «لما قتل الحسين بن علي (ع) بكت عليه السماء، وبكاؤها حمرتها»[25].
تفسير السدي
مدح السيوطي تفسير السدي فقال: «وروى عن السدي الأئمة مثل الثوري وشعبة لكن التفسير الذي جمعه رواه أسباط بـن نـصر، وأسباط لم يتفقوا عليه غير أن أمثل التفاسير تفسير السدي»[26].
وقد اعتمد عليه قدماء المفسرين ومن جاء بعدهم، قال السيوطي: «وتفسير السدي الذي أشار إليه يورد منه ابن جرير كثيرا من طريق السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وناس من الصحابة»[27].
فيكون مجموع ورود ذكر السدي الكبير وما قاله من تفسير ٩١٣٤ مرة.
المبحث الثالث: سعيد بن جبير
قال الذهبي: «سعيد بن جبير الوالبي، مولاهم الكوفي المقرئ الفقيه، أحد الأعلام… وعن أشعث بن إسحاق، قال: كان يقال لسعيد بن جبير جهبذ العلماء، كان قتل الحجاج له لكونه قاتله مع ابن الأشعث…»[28].
لا خلاف بين العلماء في توثيق سعيد بن جبير، وقد احتج به الشيخان البخاري ومسلم قال ابن حجر في التقريب: «سعيد بـن جبير الأسدي، مولاهم الكوفي، ثقة ثبت فقيه»[29].
تشيع سعيد بن جبير
روى الذهبي أنه حين أخذ الحجاج سعيداً ليقتله قال له: «… فــما قولك في محمد (ص)؟ قال: نبي الرحمة، إمام الهدى. قال: فما قولك في علي، في الجنة هو أم في النار؟ قال: لو دخلتها، فرأيت أهلها عرفت. قال: فما قولك في الخلفاء؟ قال: لست عـلـيـهـم بـوكـيـل.
قال: فأيهم أعجب إليك؟ قال: أرضاهم لخالقي. قال: فأيهم أرضى للخالق؟
قال: علم ذلك عنده. قال: أبيت أن تصدقني»[30].
نلاحظ في هذا الحوار بين الحجاج وسعيد أموراً عدة، منها سؤال الحجاج إياه عن علي (ع): «فما قولك في علي…» وهـو يـريـد بـذلك معرفة تشيعه والتأكد من ذلك، ثم يسأله عن الخلفاء ويعنـي بهـم أبـا بكر وعمر وعثمان، ليعلم باطن سعيد، ولم يجبه سعيد كـمـا هـو معتقـد السلف وأهل الحديث من أنّهم مبشرون بالجنة وأنهم أفضل الناس بعد رسول الله (ص)، ولم يذكر تفضيلهم بالترتيب المعهود، فحين سأله: فأيهم أعجب إليك؟ قال: أرضاهم لخالقي.
ولم يكن هناك ضير عليه من الحجاج لو ذكر تفضيلهم وبدأ بأبي بكر ثم عمر ثم عثمان، ولكنه لم يفعل بالرغم من أنّ هذا الفعل قد يرضي الحجاج عنه ويكون في ذلك إنقاذاً له من الموت، فمشكلة الحجاج كانت مع علي (ع) لهذا لم يجبه سعيد صراحةً حوله.
ولم يقتنع الحجاج بأقواله كلها فقال له: «أبيت أن تصدقني» فهناك شيء يضمره سعيد ولم يظهره، ولعلّ الحجاج كما هـو شـأن أي حـاكـم كانت له عيون تنقل له أخبار العلماء وكبار الناس، وعلاقة سعيد بالإمام السجاد (ع) وقربه منه ما كانت لتخفى على الحجاج.
لقد ترجم الإمامية لسعيد بن جبير وذهب أكثر محققيهم وعلمائهم إلى أنّ سعيد كان من الشيعة الخلّص لأهل البيت (ع) وهم لا شكّ أعرف برجالهم، وهذا وحده كافٍ في إثبات تشيّع الرجل.
عد الـشيخ الطوسي سعيداً مــــن أصحاب الإمام علي زيـــن العابدين (ع)[31].
وقال في موضع آخر: «قال الفضل بن شاذان: ولم يكن في زمـــن علي بن الحسين (ع) في أول أمره إلا خمسة أنفس: سعيد بن جبير، سعيد بن المسيب، محمد بن جبير بن مطعم، يحيى بن أم الطويل، أبــو خالد الكابلي واسمه وردان ولقبه،کنکر، سعيد بن المسيب ربـاه أمـير المؤمنين (ع)[32].
وروى أيـضـاً بـســنـد صــحـيـح: «عـــن هـــشـام بـن ســالم عـــن أبي عبد الله (ع) أن سعيد بن جبير كان يأتم بعلي بن الحسين (ع) وكــان علي (ع) يثني عليه، وما كان سبب قتل الحجاج له إلا على هذا الأمر، وكان مستقيماً»[33].
وهذه شهادة كافية في موضوع بحثنا فصلاته خلف الإمام علي بن الحسين عالية وثناء الإمام عليه ووصفه بالاستقامة كل هذه الأمور تدلّ على أن سعيداً كان مقرباً من الأئمة (ع) مقتدياً بهم.
ومن عبارات السيد محسن الأمين فيه: «وقتل الحجاج سعيد بــن جبير على التشيّع وقال: ولكنّ الصواب أن قتله كان لولائه أهـل البيت، والعفو عن الشعبي كان لولائه بني أمية وانحرافـه عـن أهـل البيت»[34].
وقال السيد حسن الصدر فيه: «وكـان ابـن جـبـيـر مــن خلـص الشيعة، نص على ذلك علماؤنا في كتب الرجال كالعلامة جمال الدين بن المطهر في الخلاصة وأبي عمرو الشكي في كتابه في الرجال، وروى روايات عن الأئمة في مدحه وتشيّعه واستقامته، قال: وما كان سبب قتل الحجاج له إلا على هذا الأمر ـ يعني التشيع[35].
وقد كان علم الشيعة والناطق باسمهم الشيخ المفيد (ت ٤١٣ هـ) من ذرية سعيد بن جبير، حيث قال الشيخ النجاشي فيه: «محمـد بـن محمد بن النعمان بن عبد السلام بن جابر بن النعمان بـن سـعـيـد بـن جبير»[36].
وقع سعيد بن جبير في أسانيد كثير من الروايات في كتب الإمامية تتجاوز ـ مكرراً ـ مائة وثمانين رواية.
قال الدكتور بشار عوّاد محقق كتاب تهذيب الكمال أثناء ترجمته لأحد الرواة: قد أخرج له الشيعة في كتبهم وعــدوه مــن أصحاب الصادق… وكل هذا يدلّ على تشيّعه، فيُنظر في أمر توثيقه، والأحسن التوقف في توثيقه مطلقاً[37].
تفسير سعيد بن جبير
لابن جبير تفسير للقرآن، ذكره الشيخ الطهراني في الذريعة، وقد عد ابن تيمية سعيد بن جبير ضمن مجموعة من أعلم الناس بالتفسير[38].
ومجموع الأحاديث والآثار في التفسير التي نقلها المفسرون عن ابن جبير هي ۷۳۹۲ ما بين حديث وأثر!
خلاصة الدراسة
طالما تفاخر السلفيون ومن سار على منوالهم بأنهم رواة للقــرآن وأنهم قراؤه، وقد أثبتنا أن قراءتهم الحالية تنتهي إلى حفص بن سليمان وهو راو اتهموه بالكذب ووضع الحديث، فكيف يحق لهم بعد هذا التفاخر ومطالبة الشيعة بسند للقرآن؟!
إن قراءة حفص عن عاصم التي قرأت بها الأمة طوال قرون عديدة ولا زالت القراءة الأشهر في العالم الإسلامي هي قراءة كـوفيــة شيعية خالصة رواتها من الشيعة وتنتهي إلى إمامهم علي بن أبي طالب (ع).
يعد حمزة الزيات والكسائي من القراء السبعة المشهورين، وهما من رجال الشيعة كما بينا، فيكون هناك ثلاثة قراء من القراء السبعة هم شيعة بلا جدال.
إن عمرو أبا العلاء أحد القراء السبعة قد أخذ عن شيوخ الشيعة، فلهم الفضل عليه.
أثبتنا اهتمام الشيعة بقراءة عاصم وأن لهم أسانيد خاصة بهم إلى تلك القراءة، بالإضافة إلى كتابة المؤلفات العديدة حولها.
كان هناك العديد من القراء الشيعة المشهورين كأبان بن تغلب والأعمش وحمران بن أعين ولا زالت كتب التفسير تمتلئ بالإشـارة لقراءاتهم، وهذا يدل على تفوق الشيعة وتقدمهم في مجال القراءات القرآنية.
إن علوم اللغة العربية من نحو وصرف هي من تأسيس الدولي والفراهيدي وعنهما أخذ الآخرون وفرعوا. إن الفضل للشيعة في تأسيس علم النحو، والذي لولاه لما فهم الإنسان المعاصر دينه، فالنحو من علوم الآلة التي لا يستغني عنها طالب العلم من أجل فهم النص الديني.
إن تنقيط القرآن وتشكيله تم على يد رجالات من الشيعة وهم أبو الأسود الدؤلي ويحيى بن يعمر والخليل الفراهيدي، وهم بذلك أدوا خدمة عظيمة للأمة الإسلامية، وبدونها لا يستطيع المسلم المعاصر قراءة القرآن الكريم أو فهمه.
هذا بحث مختصر يثبت أسبقية الشيعة في قراءة القرآن وروايته، وتأسيس علومه وتشكيله وتنقيطه ويبين فضلهم على الأمة الإسلامية التي لا تجرأ على الاعتراف بهذا الأمر، لكنها حقيقـة تـصـدح ونــور يتوهج وإن غطى المعاند رأسه بالغربال.
الاستنتاج
لقد اعتمد مفسرو وجمهور الأمة على مفسري الشيعة الأوائل كثيرا، وقد غصت كتبهم بأقوالهم وبالأحاديث والآثار التي رووها، وقد ضربنا أمثلة ثلاثة فقط، وهم: عبد الرزاق الصنعاني والسدي الكبير وسعيد بن جبير ولم نقصد استقصاء كل الأسماء في هذا المجال، ومما قدمناه يظهر عظمة الخدمة التي قدموها للمفسرين، ويظهر كذلك مدی اعتماد مفسري الجمهور على تفاسير الشيعة ورواتهم.
الهوامش
[1] ابن حجر العسقلاني، مقدّمة فتح الباري، ص ٤١٨.
[2] ابن حجر العسقلاني، تقريب التهذيب، ج۱، ص٥٩٩.
[3] الذهبي، سیر أعلام النبلاء، ج9، ص563.
[4] الذهبي، تاريخ الإسلام، ج١٥، ص٢٦٢.
[5] راجع الأقوال السابقة في: ابن حجر العسقلاني، تهذيب التهذيب، ج6، ص۲۷۸، الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج٩، ص٥٦٣.
[6] ابن حجر الهيتمي، الصواعق المحرقة، ص٦٢.
[7] الطوسي، رجال الطوسي، ص٢٦٥.
[8] الطوسي، فهرست أسماء مصنفي الشيعة، ص۳۷۹.
[9] راجع ترجمته في لسان الميزان لابن حجر العسقلاني، ج4، ص٩٣.
[10] الخوئي، معجم رجال الحديث، ج١١، ص١٥.
[11] شرف الدين، المراجعات، ص١٤٦.
[12] القمّي، الكنى والألقاب، ج٢، ص٣٤٥.
[13] الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج٥، ص٢٦٤.
[14] الذهبي، میزان الاعتدال، ج١، ص٢٣٦، وراجع: ابن حجر العسقلاني، تهذيب التهذيب، ج١، ص٢٧٣.
[15] ابن حجر العسقلاني، تقريب التهذيب، ج١، ص۹۷.
[16] الحاكم النيسابوري، مستدرك الحاكم، ج٢، ص٢٥٨، وص٢٦٠، وص٣١٥.
[17] ابن حجر العسقلاني، تهذيب التهذيب، ج١، ص٤.
[18] الترمذي، سنن الترمذي، ج٤، ص٣٦٥.
[19] الذهبي، المغني في الضعفاء، ج١، ص١٢٦.
[20] ابن حجر العسقلاني، تهذيب التهذيب، ج١، ص٢٧٣.
[21] الطوسي، رجال الطوسي، ص١٠٩، وص١٢٤، وص١٦٠.
[22] آقا بزرك الطهراني، الذريعة إلى تصانيف الشيعة، ج٤، ص٢٧٦.
[23] الذهبي، تذكرة الحفاظ، ج۳، ص۹۰۹.
[24] النسائي، فضائل الصحابة، ج٢، ص٦٦٢.
[25] الثعلبي، تفسير الثعلبي، ج٨، ص٣٥٣.
[26] السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، ج٢، ص٤٩٧.
[27] السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، ج٢، ص٤٩٧.
[28] الذهبي، تذكرة الحفاظ، ج١، ص٧٦.
[29] ابن حجر العسقلاني، تقريب التهذيب، ج١، ص٣٤٩.
[30] الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج٤، ص٣٣١.
[31] الطوسي، رجال الطوسي، ص١١٤.
[32] الطوسي، اختيار معرفة الرجال، ج۱، ص۳۳۲.
[33] الطوسي، اختيار معرفة الرجال، ج١، ص٣٣٥.
[34] الأمين، أعيان الشيعة، ج١، ص٢٨، وج۷، ص٢٣٦.
[35] الشيعة وفنون الإسلام، ص٢٥.
[36] فهرست أسماء مصنفي الشيعة، ص ٣٩٩.
[37] المزّي، تهذيب الكمال، ۱۹ – ۱۷۰
[38] ابن حجر العسقلاني، مقدمة فتح الباري، ص٤١٨.
مصادر البحث
1ـ ابن حجر العسقلاني، أحمد، تقريب التهذيب، تحقيق مصطفى عبد القادر عطا، بيروت، دار المكتبة العلمية، الطبعة الثانية، 1415 هـ.
2ـ ابن حجر العسقلاني، أحمد، تهذيب التهذيب، بيروت، دار الفكر، الطبعة الأولى، 1404 هـ.
3ـ ابن حجر العسقلاني، أحمد، فتح الباري شرح صحيح البخاري، بيروت، دار المعرفة، الطبعة الثانية، بلا تاريخ.
4ـ ابن حجر العسقلاني، أحمد، لسان الميزان، بيروت، مؤسّسة الأعلمي، الطبعة الأولى، 1406 هـ.
5ـ ابن حجر الهيثمي، أحمد، الصواعق المحرقة في الرد على أهل البدع والزندقة، بيروت، دار الكتب العلمية، طبعة 1414 ه.
6ـ آقا بزرك الطهراني، محمّد محسن، الذريعة إلى تصانيف الشيعة، بيروت، دار الأضواء، الطبعة الثالثة، 1403 هـ.
7ـ الأمين، محسن، أعيان الشيعة، تحقيق حسن الأمين، بيروت، دار التعارف، بلا تاريخ.
8ـ الترمذي، محمد، سنن الترمذي، بيروت، دار الفكر، الطبعة الثانية، طبعة 1403 هـ.
9ـ الثعلبي، أحمد، تفسير الثعلبي، تحقيق أبو محمّد بن عاشور، بيروت، دار إحياء التراث العربي، الطبعة الأولى، 1422 هـ.
10ـ الحاكم النيسابوري، محمد، المستدرك على الصحيحين، بيروت، دار التأصيل، طبعة 1435 هـ.
11ـ الخوئي، أبو القاسم، معجم رجال الحديث، الطبعة الخامسة، 1413 هـ.
12ـ الذهبي، محمّد، المغني في الضعفاء، تحقيق حازم القاضي، بيروت، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1418 هـ.
13ـ الذهبي، محمّد، تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، تحقيق عمر عبد السلام تدمري، بيروت، دار الكتاب العربي، الطبعة الثانية، 1409 هـ.
14ـ الذهبي، محمّد، تذكرة الحفاظ، بيروت، دار إحياء التراث العربي، بلا تاريخ.
15ـ الذهبي، محمّد، سیر أعلام النبلاء، بيروت، مؤسّسة الرسالة، الطبعة التاسعة، 1413 هـ.
16ـ الذهبي، محمّد، میزان الاعتدال في نقد الرجال، تحقيق علي محمد البجاوي، بيروت، دار المعرفة، الطبعة الأولى، 1382 هـ.
17ـ السيوطي، عبد الرحمن، الإتقان في علوم القرآن، تحقيق سعيد المندوب، بيروت، دار الفكر، الطبعة الأولى، 1416 هـ.
18ـ شرف الدين، عبد الحسين، المراجعات، تحقيق حسين الراضي، بيروت، الطبعة الثانية، 1402 هـ.
19ـ الصدر، حسن، الشيعة وفنون الإسلام، قم، مؤسّسة السبطين العالمية، الطبعة الأولى، 1427 هـ.
20ـ الطوسي، محمّد، اختيار معرفة الرجال، تحقيق مهدي الرجائي، قم، مؤسّسة آل البيت لإحياء التراث، طبعة 1404 هـ.
21ـ الطوسي، محمّد، فهرست أسماء مصنفي الشيعة، تحقيق جواد القيومي، مؤسّسة نشر الفقاهة، الطبعة الأولى، 1417 هـ.
22ـ القمّي، عباس، الكنى والألقاب، طهران، مكتبة الصدر.
23ـ المزّي، يوسف، تهذيب الكمال في أسماء الرجال، بيروت، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1400 هـ.
24ـ النسائي، أحمد، فضائل الصحابة، بيروت، دار الكتب العلمية.
مصدر المقالة
خليفات، مروان، فضل الشيعة على الأمة في حفظ القرآن والعناية به، قم، انتشارات محلّاتي، الطبعة الأولى، 1399 هـ.
مع تصرف بسيط