- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 10 دقیقة
- بواسطة : المشرف
- 0 تعليق
الإسلام أكد على أهمية الأسرة الصالحة وعلى الأحكام العملية في بناء الأسرة، كما اهتم بخصائص البنية الأسرية والعلاقات الأسرية والحقوق الأسرية، وللإسلام عناية خاصة بالجانب الروحي والتربوي والأخلاقي بين الزوجين، بحوث نتطرق إليها في هذا المقال.
أهمية الأسرة في الإسلام
تعتبر الأسرة كيانا مقدسا في الإسلام وهي الأساس واللبنة الأولى في المجتمع السليم، وقد أكد الإسلام على أهميتها وأهمية الصفات الواجب توفرها في الرجل والمرأة المقبلين على الزواج، وعلى إنشاء أسرة صالحة، وشجع الإسلام الزواج واعتبره إتماما للدين لأنه نصف الدين.
وقال الله تعالى في كتابه العزيز: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ[1].
يبرهن الزوج على صدق نيته بالصلاة ركعتين للتقرب من الله تعالى، وقد قال الإمام جعفر الصادق (ع): إن ركعتين يصليهما المتزوج أفضل من سبعين ركعة يصليهما غير متزوج[2]، ويدعو التوفيق مع شريكة حياته الصالحة التي سوف تشاركه في تحمل مسؤولية الأبناء والقيام ببناء الأسرة الصالحة.
ومن أهم الصفات التي يجب تواجدها في كل من الذكر والأنثى الذين ينويان الزواج وإنشاء أسرة، ما يلي:
1ـ أن يكونان سليمين من الناحية الجسدية والعقلية.
2ـ أن يكونان على اطلاع جيد على أساليب التربية الحسنة والأخلاق الحميدة، وأن يكونان أعضاء صالحين في الأسرة.
3ـ أن يلتزمان بالتعاليم الإسلامية ويطبقاها في الحياة.
4ـ أن ينسجما روحيا ونفسيا بعد الزواج.
5ـ أن يكونان قادرين على تحمل مسؤولية أحدهما الآخر.
الأحكام العملية في بناء الأسرة
إن العلاقة الزوجية الشرعية تبدأ منذ العقد الذي يعتبر تعبيرا علنيا عن الالتزام الجاد بمحتوى العقد اتجاه الطرف الثاني الذي يقيم العقد معه.
أهمية بناء الأسرة
يوجد العديد من النصوص الشرعية التي تؤكد أهمية بناء الأسرة، ومن أهم أهداف بناء الأسرة ما يلي:
1ـ العفة والطهارة
يعتبر الزواج تلبية طبيعية للغريزة البشرية التي وضعها الله تعالى في نفس الإنسان، وهي التكاثر وحفظ النسل، والزواج يعمل على إشباع هذه الغريزة ويوقي الإنسان من الانزلاق خلفها، وبالتالي فإن الزواج يحفظ العفة والطهارة، وتوجيه الدعوة للزواج يبتدأ منذ سن الشباب، لأن الإنسان ضعيف أمام رغبته وغريزته إن لم يلبها بشكل سليم وشرعي وتعقد بنيتها ووظائفها وعلاقاتها من مجتمع الأخر، ومن فترة زمنية إلى أخرى.
٢. تمتين الأخلاق
يؤدي عدم الزواج إلى العديد من الصراعات النفسية في النفس البشرية، مما يؤدي إلى العديد من التعقيدات والمشكلات وهوأمر غير أخلاقي وروي عن النبي محمد المصطفى (ص): زوجوا أياماكم فإن الله يحسن لهم في أخلاقهم ويوسع لهم في أرزاقهم ويزيدهم في مرواتهم[3].
والأخلاق هي حجر الزاوية في تماسك الأسرة وأفرادها وانسجامها، والأخلاق السيئة تزيد الخلافات والمشاكل، والابتعاد عن المنزل، وانتشار الملل بين الأسرة، ويقول أمير المؤمنين (ع): سوء الخلق يوحش القريب وينفر البعيد[4]، تركز النصوص الدينية على أربع سمات أساسية لإظهار الأخلاق واستمرارية الحب في الحياة الزوجية والعائلية، وهي:
أـ الصبر الجميل
كلا الزوجين يتسامح مع تصرفات وسلوك الآخر ولا ينشر المشاكل الشخصية للآخرين ولا يشرك الغرباء في هذه المشاكل التي تعيق حياتهم وتجعل الخلافات غير قابلة للإصلاح.
ب ـ العفة وعدم الخيانة
إن خلع حزام العفة من قبل الزوجين أوكليهما يقتضي الكفر، مما يقوض أساس الأسرة، ويضر بسمعتها، ويسبب الذنب والعار بين أفرادها، وذلك وفق قاعدة كما تدين تدان، وقد روى الإمام الصادق (ع) أنه قد أوحى الله تعالى إلى موسى (ع): لا تزنوا فتزني نساؤكم، ومن وطئ فرش امرئ مسلم وطئ فراشه، كما تدين تدان[5].
ت ـ تجنب القذف
أي انتهاك شرف الزوجة لأي سبب من الأسباب، فهذه الطريقة طريقة سيئة وخطيئة عظيمة، وقد وضع الله تعالى عقابا في الدنيا وعقابا قاسيا في الدنيا لمن يفعل ذلك. الآخرة، والإسلام يشدد على الشرف، كما يشدد على مسألة الدم، وعن الإمام الصادق (ع): قذف المحصنات من الكبائر[6].
3ـ التكامل بين الزوجين ورفع الحاجات
تتكون شخصية الرجل والمرأة من ثغرات لا يمكن سدها إلا بوجود شريك الحياة، وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك في قوله تعالى: هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ[7].
4ـ ملء الأوقات بالطاعة
يعتبر الزواج مسؤولية مباشرة لتوفير الاحتياجات الأسرية والحفاظ على بنيان الأسرة، وما يترتب على هذه المسؤولية من أعمال ومهام يومية، مما يعطي للإنسان برامج وأهداف يومية، بشكل لا يسمح له بالانسياق خلف المفاسد الاجتماعية الناتجة عن الفراغ وعدم وجود الأهداف والمسؤوليات.
5ـ الحفاظ على النسل المؤمن واستمرارية الحياة
إن في بناء الأسرة المؤمنة السليمة واستمرارها ضمان لاستمرار المجتمع المسلم الصالح وحفظ النسل، وتوجه النصوص الشرعية الزوجين إلى تحقيق الغرض الأساسي من تكوين الأسرة هوتوسيع المجتمع الإسلامي والنهوض بالأمة الإسلامية بحيث يتحقق بقائها واستمرارها، كما ورد في سيرة الرسول الكريم (ص): ما استفاد امرؤ فائدة بعد الإسلام أفضل من زوجة مسلمة، تسره إذا نظر إليها، وتطيعه إذا أمرها وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله[8].
خصائص البنية الأسرية
وذلك كما ورد في القرآن الكريم (الميثاق الغليظ) و(من أنفسكم أزواجا):
1ـ الميثاق الغليظ
اعتبر الإسلام أن الزواج هوالطريق الشرعي لإنشاء الأسرة وتحصين النفس والتكاثر وإنجاب الأطفال، ولا يعتبر الزواج عقد اجتماعي فقط بل هوعلاقة شرعية تتحقق بها أهداف الفرد الروحية والدينية وأهداف المجتمع العمرانية، وهوالطريق إلى الحفاظ على الأخلاق والتمسك بالقيم وخلوالمجتمع من الرذيلة.
وجاء وصف الزواج في القرآن الكريم بقوله تعالى: وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلَا تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً * وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا[9]، وكلمة ميثاق هنا أتت بمعنى العهد والرباط المؤكد، وهوعقد يتبناه الطرفين برضاهما وإرادتهما، والحنث به يؤدي إلى نتائج سلبية من الممكن أن تدمر الأسرة وتخدمها، والغليظ في اللغة العربية تأتي بمعنى المؤكد والمشدد.
2ـ من أنفسكم أزواجا
من ابتداء خلق البشر خلق معه الألفة والسلام والانس والسكينة وكل هذه المعاني جائت في القرآن الكريم، حيث قال تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ[10]، الرحمة والمودة هي الأساس بين الزوجين لأنهما يتشاركان حياة واحدة ومسؤوليات مشتركة.
العلاقات الأسرية في الإسلام
يتضمن القرآن الكريم العديد من الصور التي تعتبر نموذجا ومثالا يقتدى به في إنشاء الأسرة وطبيعة العلاقات داخل هذه الأسرة، والقرآن لم يعرض صورا مثاليا للأسرة بل عرض صورا واقعيا، مثل أبناء آدم المتحاسدون، والإخوة المتحابون كهارون وموسى (ع)، أو من كان متحاسد وأصبح متحابا كأولاد يعقوب (ع)، مما يدل على واقعية الخطاب القرآني، والعلاقات الأسرية التي وردت في القرآن تضمنت ما يلي:
1ـ العلاقة الوالدية
يحذر القرآن الكريم في آياته من نصح الوالدين بالخير وعدم إلقاء اللوم عليهم وإحسانهم، حيث قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُواْ إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا[11]، أي أن الإحسان هو قضاء من الله عز وجل، وهو أمر مؤكد بعد عبادة الله، كما جاء في القرآن الكريم قوله تعالى: وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا[12]، فالوالدين لهما شأن عظيم في الإسلام وقد تولى الله تعالى أمر الوصية بهما، ومن صور البر والإحسان بالوالدين عدم الإساءة لهما في الكلمات من سب وشتم وإيذاء في أي طريقة والنهي عن التأفف، ويعتبر ذلك من الكبائر.
2ـ العلاقة الأخوية
أشار القرآن إلى ضرورة تواجد الألفة والرأفة والمحبة والتعاون والشفقة والتساند وقبول وجهات النظر بين الإخوة، وعدم الحسد والحقد والابتعاد عن كل ما يؤذي الإخوة ويضعف بناء الأسرة، حيث كان هذا واضحا في الطلب الذي ناجي به سيدنا موسى (ع) عندما طلب أن يعينه أحد من أهله (هارون أخيه)، حيث قال تعالى على لسانه: وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي * كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا[13].
3ـ العلاقة الزوجية
اهتم القرآن الكريم بتوضيح الأحكام الأسرية منذ بداية تكوين الأسرة، ووزع أموال الأسرة في الحياة في نظام النفقات وبعد الممات بالوصايا والميراث، وأوضح الحقوق الزوجية، واجبات وحقوق جميع أطراف الأسرة، وتم وضع دستور كامل للأسرة في الإسلام، واعتنى بحماية الأسرة من الهلاك والتفكك عبر تقديم نماذج مسلمة تقوم على القرآن الكريم، من أجل بناء الأسرة السليمة وزوجين متفقين يعملان على نجاح هذه الأسرة وصلاحها.
الحقوق الأسرية
قام المنهج الإسلامي بوضع حقوق وواجبات على كافة الأفراد في الأسرة، وأمر بإتباعها من أجل ضمان استقرار وطمأنينة الأسرة، وتعميق العلاقات وتمتينها، والتخلص من الخلافات والمشاحنات التي من شأنها أن تؤدي لانهيار بنيان الأسرة، وبالتالي الخيار المجتمع يتكون من مجموعة من العائلات.
أولا: حقوق الزوج
إن حق القيمومة من أهم حقوق الزوج قولة تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ[14]، والمراد من فضل الله بعضهم على بعض أي فضل الرجال بحسب طبيعتهم على النساء منها زيادة قوة التعقل والطاقة المتواجدة في الرجال للاعمال التي ذا صعوبة ونحوها واما المرأة فبنيت على الرقة واللطاقة وحياتها حياة عاطفية واحساسية والمراد من بما انفقوا من أموالهم اي المال الذي ينفقه الرجال للمهر والنفقة.
الحق في الطاعة يأتي من الحق في القيمومية، قال رسول الله (ص): أن تطيعه ولا تعصيه، ولا تصدق من بيتها شيئا إلا بإذنه، ولا تصوم تطوعا إلا بإذنه، ولا تمنعه نفسها، وإن كانت على ظهر قتب، ولا تخرج من بيتها إلا بادنه[15].
ثانيا: حقوق الزوجة
حدد الإسلام حقوق المرأة وأمر الزوج يفعلها وتنفيذها، وهو أمر مهم لنشر المحبة والقوة في جو الأسرة، يلخص الإمام زين العابدين (ع) حقوق الزوجة فيقول: وأما حق الزوجة فأن تعلم أن الله عز وجل جعلها لك سكناً وأنساً فتعلم أن ذلك نعمة من الله عليك فتكرمها وترفق بها، وإن كان حقك عليها أوجب فإن لها عليك أن ترحمها[16].
وإنهاء المشاجرات والاختلافات، وحق النفقة هو من أهم حقوق المرأة على زوجها، حيث جعله الله تعالى حق القيمومة للرجل يتوقف على حق النفقة، وبالتالي يجب أن ينفق الزوج على زوجته، كما قد شدد رسول الله (ص) على هذا الواجب، واعتبر أن من يقصر في أدائه ملعونا، حيث قال: ملعون ملعون من يضيع من يعول[17]، والنفقة مثل الكسوة والإطعام والزينة حسب ما يستطيع الزوج تأمينه، بالإضافة إلى السكن والمواد التي تحتاج إليها في المنزل.
وقد قال رسول الله (ص): حق المرأة على زوجها أن يسد جوعتها، وأن يستر عورتها، ولا يقبح لها وجها، فإذا فعل ذلك أدى والله حقها[18]، والنفقة من أملاك الزوجة الشخصية، ولها الحق في أن تنفقها متى شاءت، ومن أجل تأدية هذا الواجب من قبل الزوج أعطى الإسلام للحاكم الشرعي وهو الفقيه العادل، وإذا امتنع الرجل عن النفقة كان للحاكم حق التفريق بينهما، كما لها حق الإكرام والمؤانسة والرحمة وقد أوصى الرسول خيرا بالنساء حيث قال (ص): خيركم خيركم لنسائه، وأنا خيركم لنسائي[19].
ثالثا: حقوق الوالدين
إن الوالدين يقومان بالدور الأساسي في تكوين وبناء الأسرة وإنشاءها والحفاظ عليها، كما أنهما مسؤولان عن تربية الجيل على المنهج الإسلامي وقواعده ومقاييسه، وقد حدد الإسلام جوانب التواصل الصحيح بين الأبناء والآباء، وربط تكريم الوالدين والعطف بهم بعبادتهم وقد نهى عن أي نوع من الإساءة إليهم، فقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُواْ إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا[20].
رابعا: حقوق الأبناء
الابناء لهم حقوق على ابائهم، وقد أوجزها الإمام زين العابدين (ع) في قوله: وأما حق ولدك فإنك تعلم أنه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره، وأنك مسؤول عما وليته به من حسن الأدب والدلالة على ربه عز وجل والمعونة له على طاعته، فاعمل في أمره من يعلم أنه مثاب على الإحسان إليه، معاقب على الإساءة إليه[21]، للوالدين مجموعة من الحقوق التي يجب احترامها من أجل إعداد أطفالهم سلوكياً وعقلياً وعاطفياً بمنهج إسلامي.
1ـ على الرجل أن يختار زوجة من عائلة لا تخدش نسبه وشرفه، فعن النبي (ص) قال: أيها الناس إياكم وخضراء الدمن، قيل: يا رسول الله وما خضراء الدمن؟ قال: المرأة الحسناء في منبت السوء[22].
2ـ يجب أن تعتني الأم بصحتها الجسدية والعقلية أثناء الحمل حتى يخرج أطفالها من الصحة العقلية والبدنية.
3ـ تسمية الأبناء بأسماء طيبة وجميلة، ورعاية الأم وتوفير احتياجاتها الأساسية لتكريس نفسها لرعاية أطفالها، ويجب على الأب توفير الاحتياجات الأساسية للطفل من الرضاعة، اعتمادا على حليب الأم أو اختيار المرضعة المناسبة، وإشباع الحاجات المادية والمعنوية في مرحلة الحضانة.
عن سليمان الجعفري، قال: سمعت أبا الحسن (ع) يقول: لا يدخل الفقر بيتاً فيه اسم محمد أو أحمد أو علي أو الحسن أو الحسين أو جعفر أو طالب أو عبد الله أو فاطمة من النساء[23].
4ـ على الوالدين تعليم أبنائهم معرفة الله تعالى، وتعميق الإيمان بقلوبهم وأرواحهم، وتعليمهم أصول الدين، حتى ينشأ أولادهم في بيئة تقوم على الإيمان بالله ورسوله والأئمة الطاهرين (ع) وبيوم القيامة ليساعدهم الإيمان في تربيتهم في المستقبل والآن بقدر ما ينبغي ويعلمهم طاعة والديهم.
5ـ في هذه المرحلة يجب على الآباء أن يحبوا أطفالهم ويكرموهم حتى تعمق أواصر المحبة بينهم وبين والديهم، وهذا ضروري لكمالهم العقلي واللغوي والعاطفي والاجتماعي، والأطفال يقلدون من يحبونهم، ويقبلون النصيحة، كما أكدت تعليماتهم وأوامرهم في تربية الأطفال على العدل بينهم في التسامح والامتنان والمحبة من أجل خلق تربية صحية قائمة على التعاون والتسامح.
6ـ رعاية الأطفال وتلبية احتياجاتهم وحمايتهم من الانحرافات السلوكية والجنسية وتنشئة العواطف لفعل الخير وتوجيه هذه المشاعر في الاتجاه الصحيح وفق المنهج الإسلامي.
عناية الإسلام بالجانب الروحي بين الزوجين
لقد بذل الإسلام جهودًا لتقوية العلاقة الروحية بين الزوجين من أولويات تكوين الأسرة الصالحة، فمن الضروري لكل من الزوجين تشجيع بعضهما البعض على أداء الصلوات التي تقريهم من الله تعالى وتحفظهم وتجنبهم الفسق والشر، خصوصاً أن هذا التشجيع المتبادل يتطلب الثواب، لذا اكد الإسلام على ما يلي:
1ـ المواظبة على الطاعات
تتحقق الطاعة بتنفيذ النهج الإلهي السابق، بحيث يرتقي المسلم في روحه، وتكون الصلاة على رأس هذه الطاعة؛ لأن الإنسان يتصل بخالفه بصلاته تتكرر أوقات الصلاة أكثر فأكثر، ومن الصلاة يحصل على شحنة روحية قوية تنعكس في أفعاله وسلوكه، وتؤدي إلى جانب الأسرة والصلاة دورا أساسيا في منع الناس من الشر.
ومن ناحية أخرى فإن الصوم من الطاعات التي تمنح الإنسان الصدقة والتقوى الاجتماعية والروحية، والإخلاص للخالق هو السعي الصدق في التعامل مع الخليقة والأسرة والزوج، والصوم ليس كاملاً ما لم يكن لدى الشخص موقف عالي تجاه الآخرين، وعن فاطمة الزهراء (س) قالت: ما يصنع الصائم بصيامه إذا لم يغض لسانه وسمعه وبصره وجوارحه[24].
2ـ اجتناب المعاصي والآثام
كثرة المعصية والذنوب تسبب قساوة القلب وقلة العواطف وانهيار الروابط العاطفية بين أفراد الأسرة، كما تسبب الذنوب في قلة الرزق والبؤس، وكثرة العصيان والعصيان الذنوب التي لها أثر سلبي وشديد على الأسرة، مثل شرب الخمر، وقطع صلة القرابة، والزنا، وعصيان الوالدين، قال الإمام الصادق (ع): الذنوب التي تغير النعم البغي، والتي تهتك الستر شرب الخمر والتي تحبس الرزق الزنا، والتي تعجل الفناء قطيعة الرحم، والتي ترد الدعاء وتظلم الهواء عقوق الوالدين[25].
عناية الإسلام بالجانب التربوي والأخلاقي بين الزوجين
كما اهتم الإسلام بالجانب الأخلاقي للرجل والمرأة، لأن الأخلاق هي أساس التنشئة الاجتماعية الجيدة، ومن أهم جوانب الاهتمام، جانب التربية، لقد أولى الإسلام اهتماماً كبيراً بالجانب التربوي للأسرة وهذا واضح من مجموعة التعاليم التربوية التي أمر الزوجات باتباعها، ومن أهمها:
أ ـ الحب المتبادل
حيث أن الحب المتبادل هو جدار عاطفي يحمي الأسرة ويحيط بأفرادها، وينشر المودة وجو الحميمية والمودة بين أفراد الأسرة، وقد أكدت الدراسات الاجتماعية الحديثة أهميته ووصفته بوظيفة عاطفية وفي هذا المجال، الإسلام متقدم على الحداثة.
وأشار إلى العوامل التي تزيد من المودة واستمرارها، ومنها الأخلاق الحميدة، والرحمة، والذكاء العاطفي وعنه (ص): اتقوا الله واعدلوا في أولادكم[26].
ب ـ المعاشرة بالمعروف
تشجع تعاليم الإسلام الزوجين على العيش معا، لأنه من أهم الركائز التي تقوي أواصر المحبة والعلاقة الحميمة بينهما، فقد قال أمير المؤمنين (ع): بحسن العشرة تدوم المودة[27] وبهذه الطريقة ينصح الزوج بأنه حامي زوجته وأهله، فيقول الله تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ[28]. كما أمر الإسلام المرأة بأن تكون طيبة ومتسامحة ومتسامحة، متسامح. كن لطيفا واعتبره مساويا للجهاد.
ت ـ الشعور بالمسؤولية
وقد أكد القرآن الكريم على مسؤولية الزوجين، كما أكد في سيرة الرسول (ص) أن هذه المسؤولية هي حجر الزاوية في تكوين أسرة صحية لتربية أبنائهم بالشريعة الإسلامية الصحيحة، وقد قال رسول الله (ص): كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته[29].
ج ـ الإنصاف والعدل
العدل والإنصاف من أهم العوامل التي تتطلب العلاقة الحميمة والمحبة بين الزوجين في الجانب التربوي، وكذلك لمن يتزوج بأكثر من امرأة، ويدعو إلى العدل بين الزوجين ويأمرهما بعدم القسوة على أحدهما، وقد قال أمير المؤمنين (ع): الإنصاف يرفع الخلاف ويوجب الائتلاف[30].
ح ـ تقسيم العمل وبيان الأدوار
يعتمد الحاح الأسرة إلى حد كبير على تقسيم العمل بين أفراد الأسرة وتوضيح دور كل فرد، لأن الرجل يجب أن يعمل خارج المنزل والمرأة مسؤولة عن إدارة ورعاية الأطفال دورها في دعم اقتصاد الأسرة ومشاركة الرجل في مسؤولية تكوين الأسرة.
خ. عدم إلحاق الضرر
يحذر الإسلام بشدة من مضايقة الزوجات لبعضهن البعض، كما نصح أسلوب حياة الرسول الرجال بعمل الخير لزوجاتهم بعد مضايقتهم فقد قال الرسول (ص): أوصيكم بالضعيفين النساء وما ملكت أيمانكم[31]، كما نصح بأن تكون المرأة لطيفة مع زوجها ولا تثقل كاهلها بما يفوق طاقتها، فقد قال الرسول (ص): ألا وأنها امرأة لم ترفق بزوجها، وحملته على ما لا يقدر عليه وما لا يطيق، لم يقبل منها حسنة، وتلقى الله وهو عليها غضبان[32].
د. الخدمة المتبادلة
لقد دعا الإسلام جميع الناس إلى مساعدة بعضهم البعض وخدمة بعضهم البعض ومد يد العون للمحتاجين وكذلك الأزواج، لأن الخدمة مهما كانت بسيطة لها أجر كبير، وقد قال (ص): ما من امرأة تسقي زوجها شربة من ماء إلا كان خيرا لها من عبادة سنة[33]، شجع الإسلام في تعاليمه الرجال على خدمة زوجاتهم وأولادهم.
الاستنتاج
أن الأسرة تعتبر كيانا مقدسا في الإسلام، وأن النصوص الشرعية أكدت على أهمية بناء الأسرة، وأن الزواج هو الطريق الشرعي لإنشاء الأسرة وتحصين النفس والتكاثر وإنجاب الأطفال، وأن العلاقات الأسرية التي وردت في القرآن تضمنت: العلاقة الوالدية، والعلاقة الأخوية، والعلاقة الزوجية، وأن المنهج الإسلامي قام بوضع حقوق وواجبات على كافة الأفراد في الأسرة.
الهوامش
[1] الروم، 21.
[2] الريشهري، ميزان الحكمة، ج2، ص1179.
[3] المجلسي، بحار الأنوار، ج103، ص222، ح38.
[4] الريشهري، ميزان الحكمة، ج١، ص٨٠٦.
[5] المجلسي، بحار الأنوار، ج۲، ص۲۷.
[6] الريشهري، ميزان الحكمة، ج٣، ص٢٥١٢.
[7] البقرة، ۱۸۷.
[8] السيوري، كنز العرفان، ج۳، ص٤.
[9] النساء، ٢٠ـ 21.
[10] الروم، ٢١.
[11] الإسراء، ٢٣.
[12] الأحقاف، 15.
[13] طه، 29ـ 34.
[14] النساء، ٣٤.
[15] الكليني، الكافي، ج5، ص٥٠٦.
[16] الريشهري، ميزان الحكمة، ج۲، ص١١٥٨.
[17] الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج٢١، ص٥٤٣.
[18] الكليني، الكافي، ج5، ص٥١١.
[19] الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج۲۰، ص۱۷۱.
[20] الإسراء، ٢٣.
[21] الطبرسي، مكارم الأخلاق، ص۱۹۷۲.
[22] الكليني، الكافي، ج5، ص٣٣٢.
[23] الكليني، الكافي، ج1، ص١٩.
[24] المجلسي، بحار الأنوار، ج٩٣، ص٢٩٥.
[25] المجلسي، بحار الأنوار، ج٧٠، ص٣٧٤.
[26] الريشهري، ميزان الحكمة، ج9، ص٥٦٥.
[27] الريشهري، ميزان الحكمة، ج۳، ص۱۹۸۰.
[28] النساء، ١٩.
[29] الريشهري، ميزان الحكمة، ج۲، ص۱۲۱۲.
[30] الريشهري، ميزان الحكمة، ج٤، ص٣٢٨٤.
[31] الكليني، الكافي، ج۷، ص٥٢.
[32] المجلسي، بحار الأنوار، ج١٠٠، ص٢٤٤.
[33] الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج۲۰، ص۱۷۲.
مصادر البحث
1ـ الحر العاملي، محمّد، وسائل الشيعة، تصحيح وتعليق الشيخ عبد الرحيم الرباني الشيرازي، بيروت، دار إحياء التراث العربي، الطبعة الخامسة، 1403 ه.
2ـ الريشهري، محمّد، ميزان الحكمة، قم، تحقيق ونشر دار الحديث، الطبعة الأُولى، 1416 ه.
3ـ السيوري، المقداد، كنز العرفان في فقه القرآن، طهران، المكتبة المرتضوية، طبعة 1384 ه.
4ـ الطبرسي، الحسن، مكارم الأخلاق، قم، منشورات الشريف الرضي، الطبعة السادسة، 1392 ه.
5ـ الكليني، الكافي، طهران، دار الكتب الإسلامية، الطبعة الثالثة، 1388 ش.
6ـ المجلسي، محمّد باقر، بحار الأنوار، بيروت، مؤسّسة الوفاء، الطبعة الثانية، 1403 ه.
مصدر المقالة (مع تصرف)
الياسري، مها، الأسس القرآنية لبناء الأسرة وأثرها في تنشئة الطفل، قم، جامعة الأديان والمذاهب، طبعة 2023، ص25 ـ ص32.