- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 3 دقیقة
- بواسطة : امین نجف
- 0 تعليق
وردني سؤال عبر هذا الموقع، نصّه: هل أصل الشيعة من المجوس واليهود، حيث إن أشكال الشيعة الإيرانيين تشبه اليهود والمجوس، أفيدونا جزاك الله ألف خير.
وقد أجبناه بما يلي: إن الشيعة ـ بحمد الله ونعمته وفضله ـ مسلمون؛ لأنهم يشهدون الشهادتين، ويقرون لله تعالى بالعبودية، وللنبي صلى الله عليه وآله بالنبوة والرسالة، ويقيمون شعائر الإسلام، فيؤدون الصلوات الخمس، ويؤتون الزكاة، ويصومون شهر رمضان، ويحجون إلى بيت الله الحرام، ولا يعبدون مع الله إلهاً آخر، وهذه كتبهم منتشرة في الآفاق، ومن شاء فليقرأها قراءة منصف متأمل، وليدع عنه كلام أعداء الشيعة وخصومهم المغرضين الذين يفترون على الشيعة ما شاؤوا من الأكاذيب المفضوحة والافتراءات المكشوفة.
والناس في إيران كانوا في زمان الدولة الأموية والعباسية وما بعدهما منتمين إلى مذاهب أهل السنة، ثم تشيعوا قبل مئات السنين، فإن كان أصلهم مجوساً قبل الإسلام، أي قبل أكثر من ألف وأربعمائة سنة فأسلافهم من أهل السنة أصولهم مجوسية أيضاً، مع أن هذا لا يضرهم في شيء؛ لأن الإسلام يجبُّ ما قبله، وكل المسلمين كانوا قبل الإسلام إما مشركين يعبدون الأصنام، أو يعبدون غيرها، أو كانوا يهوداً، أو نصارى، أو مجوساً، أو غير ذلك، فهل تعتقد أن أهل السنة كانوا قبل الإسلام موحدين من لدن آدم إلى يومنا هذا؟
وإذا رجعت إلى نفسك فإنك ستجد أنك لا تزال تعظم بعض الصحابة الذين كانوا قبل الإسلام مشركين يعبدون الأصنام، وكانوا يشربون الخمر، ويئدون البنات، ويرتكبون المنكرات، كما تعظم صحابة آخرين كانوا قبل إسلامهم على دين اليهودية أو النصرانية، ولم تر أن ذلك ضرَّهم في شيء بعد أن حسن إسلامهم، فما بالك تنظر في أصول الشيعة، وتزعم أنهم كانوا مجوساً أو يهوداً، وتتعامى عن أصول غيرهم؟
والسؤال المهم الذي ينبغي أن يطرح عليك هو: ما هي غايتك من النظر في أصول الشيعة والبحث فيها؟
هل تريد أن تعاقبهم على عبادة أسلافهم قبل أكثر من ألف وأربعمائة سنة حتى لو كانوا يتبرؤون من كل معبود من دون الله تعالى؟
أو أنك تريد أن تشكك في إسلام الشيعة المعاصرين، وتتهمهم بأنهم لا يزالون مجوساً أو يهوداً، مخالفاً بذلك قوله سبحانه: (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) [النساء: ۹۴].
ألا تعلم يا أخي أن إيران فيها شيعة وسنة؟ فهل تعتقد أن الإيرانيين الذين ينحدرون من أصول مجوسية أو يهودية هم الشيعة فقط، وأما أهل السنة في إيران فأسلافهم كانوا موحّدين من زمان كسرى ويزدجرد؟!
وهل تظن أن الشيعة متواجدون في إيران فقط؟ ألا تعلم أن الشيعة منتشرون في بلدان كثيرة كالعراق، ولبنان، والشام، ودول الخليج، وغيرها، وأن التشيع كان موجوداً في هذه البلاد قبل أن يتشيع أهل إيران بمئات السنين؟
وإذا كان عندك أي موقف سياسي من الحكومة الإيرانية، أو كان عندك عداء شخصي معها فلا بد أن تلتفت إلى أن إيران ليست هي مذهب الشيعة، وليست لها وصاية عليه، وعداؤك مع إيران لا ينبغي أن ينسحب على المذهب الشيعي، وكل ما تعتقد أنه من مساوئ إيران فهو لا يرتبط بمذهب الشيعة الإمامية، كما لا تنسحب مساوئ أي حكومة سنية على المذاهب السنية سواء بسواء.
ثم إني لا أدري ما هي مظاهر المجوسية واليهودية التي تزعم أنها موجودة في إيران؟ فإن كل من يزور إيران، أو يحلل مواقف الحكومة الإيرانية ودعمها للمقاومة في لبنان وفلسطين، وينظر إلى الشعب الإيراني، وارتباطه بالإسلام، يعلم أن هذا الكلام لا يصدر إلا عن رجل لم يقرأ ما يحدث في الساحة جيداً، وصار يردد ما يقوله الآخرون من دون تأمل وتثبت.
يا أخي الكريم
كن واعياً، ومتنبهاً، ولا تصدّق كل ما تسمعه من أكاذيب وافتراءات، فإن كل ما يقال ضد الشيعة لا يعدو كونه كذباً وافتراء لا مبرر له.
وأنصحك يا أخي ألا تثير النعرات الجاهلية التي حرمها الإسلام، وحذر المسلمين من إثارتها، فلا فرق بين عربي وفارسي إلا بالتقوى، ولا فرق بين فئات المسلمين حتى لو اختلفت لغاتهم وألوانهم وجنسياتهم، فإن الله لا ينظر إلى صوركم وإنما ينظر إلى قلوبكم وإلى أعمالكم.
كما أنصحك يا أخي مخلصاً أن تنظر إلى الأمور بإنصاف وروية، لكي لا تنطلي عليك حيل الاستعمار الغربي وألاعيبه التي دأب عليها لتفريق كلمة المسلمين، وشق صفوفهم، والحيلولة دون وحدتهم، وإذا كنت باحثاً منصفاً فلا تجعل الحكومات مقياساً لصحة المذاهب وبطلانها، وانظر إلى مذهب الشيعة الإمامية بما هو، بغض النظر عن إيران أو غير إيران، كما تنظر إلى مذاهب أهل السنة بغض النظر عن الحكومات السنية التي تروج لها وتدعو إليها.
أسأل الله تعالى أن يجمع كلمة المسلمين على رضاه، وأن يجعلهم كالبنيان المرصوص بمنه ولطفه وكرمه، إنه أكرم الأكرمين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.