- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 4 دقیقة
- بواسطة : امین نجف
- 0 تعليق
لا يمكن لأي مسلم أو غير مسلم في مغارب الأرض ومشارقها ينكر شخصية الأمام علي بن أبي طالب رابع الخلفاء الراشدين ومن الذين تربو في حجر الرسول الأكرم محمد (( ص )) واشرف خلق الله ونبيه المختار.
وقد استطاع الأمام من أن يجعل فترة حكمه التي شابها الكثير من المعارضة والفتن الداخلية من قبل من كانوا متنفذين ومساهمين في عرقلة المسيرة العادلة لفترة حكم الإمام, وهو الذي لم يجبر احد على مبايعته لا من العامة ولا من السادة. وقد وضح علي الوردي في ذلك ((ولعلنا لا نغالي إذا قلنا أن ديمقراطية هذا الرجل وصلت إلى درجة يعجز عن الوصول إليها كثير من حكام القرن العشرين))(( الديمقراطية في الإسلام)).
وبذلك استطاع أن يصحح الكثير من الأخطاء التي ترتبت على سياسات عقيمة مورست قبله لذلك استشاط هؤلاء المتنفذين غضبا وأكالو كل التهم لهذا الأمام وشرعو في جعل المؤامرات تأخذ كل حيز تفكير الأمام في أدارته للدولة ولولا هذه المؤامرات لوصل الأمر إلى أن يصنع دولة تتمتع من حقوق الإنسان جانبا مهما وكبيرا. فقد كان سلام الله عليه لا يفرق بين من هو من صلبه وعامة الشعب كما جاء في أحدى رسالاته إلى احد ولاته ويقول فيها((فَوَالله لو أن الحسن والحسين فعلا مثل الذي فعلتَ ما كانت لهما عندي هوادة، ولما تركتهما حتى آخذ الحق منهما )).
وهذا الدليل الأكبر على أن الأمام كان ينظر إلى الناس سواسية كأسنان المشط وقد كان حديثة مع ابن عباس قمة في الارتقاء نحو دولة الحرية والديمقراطية واحترام الإنسان قبل كل شئ ((دخل عليه تلميذه عبد الله بن عباس يوماً فوجده يخصف نعله ، فعجب ابن عباس من أن يخصف أمير المؤمنين ( عليه السلام ) نعله بنفسه, وهو يحكم مناطق شاسعة من العالم القديم ، فقال ( عليه السلام ) لابن عباس : ما قيمة هذه – مشيراً إلى نعله – ؟ قال ابن عباس: لا قيمة لها.
فقال ( عليه السلام ): والله لَهِيَ أحبُّ إلي من إمرتكم، إلا أن أقيم حقاً أو أدفع باطلاً.فالحكم عند الأمام هو الفرق بين الحق والباطل وبين ما تعتمر به قلوب العامة هو نفسه الذي يجب أن يعتمر في قلب كل حاكم ووالي لذلك كان لايتواني في أرشاد وتوجيه ومعاقبة من يخطئ من ولان ولاياته ولا يجامل احد منهم على حساب العامة من الشعب واستعمل منهم في كل البقاع الاسلاميه من خيار المسلمين الثقاة حفاظا على حقوق العامة ((أمثال مالك الأشتر، ومحمد بن أبي بكر، وسهل بن حنيف، وحبر الأمة عبد الله بن عباس، ونظرائهم من الذين توفّرت فيهم الخبرة التامة في شؤون الحكم والإدارة )).
وقد كان الأمام عليه السلام يزودهم قبل توليهم برسالة يحدد لهم مسار الحكم ورؤيته حول العدل بين الرعية وهو العدل في وقته وزمانه وكان دائم التفكير في حقوق الناس وكان غزير الدمعة إزاء أحوال المسلمين وكثير الخوف من الله سبحانه وتعالى وكان يحمل من الأخلاق الحميدة ما تزود منه من المدرسة المحمدية التي قال فيها الله سبحانه وتعالى في محكم كتابة ( انك لعلى خلق عظيم)
وكان في المجتمع الإسلامي في الكوفة من الذين استفادوا في العهود السابقة كالأشعث، وعمرو بن حريث، وشبت بن ربعي مما كانوا يحاولون أن يدسوا الدسائس والمكائد مع اللعين معاوية فلذلك كان الأمام علية السلام يحاول أن يصلح الناس بالطرق السلمية فكان يحاول أن يصلحهم بالحوار والجدال متخذا من مبداء حرية ألرأي وكان بامكانه أن يطيح برؤؤسهم وان يزجهم في السجن وهو الحاكم المطلق لأربع قارات بدون منازع ولكن كانت أخلاقه ومبدئيته تمنع من أن يتخذ هذا القرار الصعب على الصالحين فيقول ( عليه السلام ): (( لولا أن المكر والخداع في النار لكنتُ أمكر الناس)).
فقد كان الأمام يتمتع بالأخلاق المحمدية الشريفة فقد كان مصداقا بارزا للآية الكريمة التي تقول (( كونو قوامين بالقسط)) وقد كان اقسط الناس بعد الرسول الكريم وكان إذا يساوي نفسة مع عامة الناس وكان يخيط ملابسة بنفسه ويخصف نعله وكان اصبر الناس على الظيم والظلم وقد كان ( عليه السلام ) يسد جوعته بكسرة خبز يابسة، ويأتدم الملح ليكون مستوى معيشته كأضعف الناس ، ويقول : ( إن الله فرض على أئمة العدل أن يقدروا أنفسهم بضعفه الناس كيلا يتبيغ بالفقير فقره , فقد كان الأمام يصور لنا نظرته إلى العمق التاريخي للبشرية ويحتكم إلى الإنسان في كل الأمور ولم يكن يطرح في كلامه وحياته البعد الإسلامي فقط بل كان إنسانيا بكل معنى الكلمة فقد كان يقول سلام الله علية(( أما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق )) مما يدلل بصورة جلية على أن هذا الأمام كانت كلماته وعظاته وحياته التي كان فيها خارج الخلافة وفي الخلافة (( لان إمامته على امتداد حياته الشريفة موجودة ومن بعده ابناءه المعصومين )).
تمثل البعد التاريخي للإنسانية اليوم وغدا وحتى قيام الساعة وقد كانت نظرته البعيدة سلام الله عليه من قوله ((نَظَرْتُ فِي أَعْمَالِهِمْ، وَفَكَّرْتُ فِي أَخْبَارِهِمْ وَسِرْتُ فِي آثَارِهِمْ )) وقد استقى هذا من اشرف ما موجود على وجة الخليقة الأول من كلام الله سبحانه وتعالى ومن المدرسة المحمدية الشريفة المستقاة علومها من الله سبحانه وتعالى كما قال الإمام عليه السلام : عَلَّمَني رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) ألْفَ بَابِ مِنَ العِلِم ، كُلُّ بابِ يَفتَحُ ألفَ بابٍ .
كان الأمام علية السلام ثائرا من الطراز الأول ضد الترف والانحراف الذي يضر الإنسان بغض النظر عن دينه وجنسه لذلك كان مريديه قلة لان الأفكار التي كان ينادي بها تسابق العصر الذي كان يعيش به وقد كان سلام الله عليه مثالا للتجديد الديمقراطي في حكم الدولة الإسلامية الناشئة ولم يكن ألا رجلا استطاع أن ياسر قلوب المؤمنين ويعيش في دولة أرادها الله سبحانه وتعالى ضوء ونبراس لكل الأحرار وليثبت للعالم اجمع أن الإسلام هو الأب الشرعي للديمقراطية وحرية ألرأي حيث يقول علي الوردي ((وهو في الواقع آخر حاكم في تاريخ الإسلام انثالت العامة على بيعته طوعا واختياراً.
وقد أشار هو إلى ذلك حيث قال: “أن العامة لم تبايعني لسلطان غالب ولا لعرض حاضر”. أما الخاصة فقد بايعه معظمهم. وحين رفض بعضهم بيعته تركهم أحرارا، فلم يجبر أحد منهم عليها، وإنما خلى بينهم وبين ما أرادوا من الاعتزال، وقبل منهم ما قدموا من عذر، وقام دونهم يمنع الثائرين من أن يصلوا أليهم))((الإسلام والديمقراطية)) وهذا إذا دل فإنما يدل على عمق الحرية والديمقراطية التي كان يتمتع بها الإمام والتي غابت على الإسلام والمسلمين منذ استشهاده ولحد ألان التي غابت ونسيها المسلمين وما كانت فلسفته في الحرية والديمقراطية لا يمكن ان تصاغ في الوقت الحاضر وممارستها حتى إلى اقرب الناس إلية ألا وهم أبناءه ومنهم الإمامين المفترضين الطاعة الحسن المجتبى وأبا عبد الله الحسين سلام الله عليهم أجمعين.
وقد قيل الكثير في الإمام من الأعداء قبل الأصدقاء ويدلل ذلك على تأثيره في الرسالة المحمدية العظيمة وسنتذكر منها أكراما له باستذكارنا له في يوم استشهاده.
قال الدكتور طه حسين: ( كان الفرق بين علي ( عليه السلام ) ومعاوية عظيماً في السيرة والسياسة، فقد كان علي مؤمناً بالخلافة ويرى أن من الحق عليه أن يقيم العدل بأوسع معانيه بين الناس، أما معاوية فإنه لا يجد في ذلك بأساً ولا جناحاً، فكان الطامعون يجدون عنده ما يريدون، وكان الزاهدون يجدون عند علي ما يحبون ) علي وبنوه: ص۵۹٫