- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 9 دقیقة
- بواسطة : المشرف
- 0 تعليق
إن الكاتب السيد محسن الأمين ذكر في كتابه (أعيان الشيعة) كلاما لمصطفى صادق الرافعي ـ رآه في كتابه إعجاز القرآن ـ في حق المذهب الشيعي، ثم علق على كلام الرافعي، وأن كلامه كلام باطل وغير صحيح لثلاث أدلة ذكرها، وقبل نقل كلام الرافعي في حق الشيعة، نتطرق إلى السيرة الذاتية للرافعي، لنعرف من هذه الشخصية التي تتهم طائفة من المسلمين الشيعة بتهم لا واقع لها.
من هو الرافعي
مصطفى صادق الرافعي هو أديب، وشاعر، وفقيه، يكنّى أبا سامي، اعتُبر نابغة في البيان، ومن روّاد الحياة السياسية والاجتماعية، وظهر هذا في أشعاره الحاثّة على الدفاع عن الوطن، والأرض والدين، وكان له باع في التاريخ والنقد، والأدب فخاض فيها معارك فكرية مُهمّة، كما احتلّ الرافعي مكانة مهمّة في مدارس الفكر والأدب أثناء النهضة الأدبية العربية، وذلك من خلال ترويجه لفكرة إعادة استخدام الأساليب العربية الكلاسيكية، بالإضافة إلى إثبات الوجود للهوية الإسلامية لمصر.
مولده
ولد في مصر، وتحديداً في مدينة بهتيم، من أحفاد الشيخ عبد القادر الرافعي الذي يتّصل نسبهُ بعمر بن عبد الله بن عمر بن الخطّاب رأس أسرة الرافعي.
واجه الرافعي اتّهامات كثيرة تتعلّق بوطنيّته في مِصر خاصّة مع من يختلفون معه في الأدب، إلّا أنّه كان يرى دائماً أنّ الوطن يكمن في الأرض المُسلمة العربية.
نشأته
كان للبيئة التي نشأ فيها الرافعي أثر في طريقه الأدبي؛ لأنّها كانت بيئة مليئة بالشعراء والكُتّاب من أصحاب الفكر، وممّن يدعون إلى العقيدة والسياسة، والجوانب الحياتية الاجتماعية، فما كان من نُقّاد عصرهِ إلّا أن قالوا فيه: إنّ حياته مُمثّلةٌ في أدبه.
تعليمه
بدأ تعليم الرافعي منذ صغره، وبعد أن تجاوز العاشرة من عُمُره بسنة أو سنتين دخل مدرسة دمنهور الابتدائية، ثمّ انتقل بعدها إلى مدرسة المنصورة؛ لانتقال أبيه إلى العمل في محكمة المنصورة، وكان ممّن عُني بتدرسيه هُناك الأستاذ مهدي خليل، وكان يُدرّسه اللغة العربية.
حصل الرافعي على الشهادة الابتدائية من مدرسة المنصورة حين بلغ سن السابعة عشر تقريباً، وفي هذا العام أُصيب بمرض أثّر لاحقاً في صوته وأذنيه، فجعله هذا ينقطع عن تعليمه بعد التعليم الابتدائي، ولم يستطع علاج ما أصاب أذنيه حتّى وصل سِنّ الثلاثين وهو فاقد السمع، فانتقل الرافعي للتّعلم بنفسه، وكان أبوه يمتلك مكتبة مليئة بكتب الفقه، والدين، واللّغة العربية والتي تُعدّ من النوادر، فجالسها طويلاً مُبتعداً عن الناس وأصواتهم، وكان لها من الأثر الكبير على الخلفية المعرفية له، وكان فقدانه للسمع دافعاً قويّاً للتعلّم.
وظيفته
بدأ الرافعي أُولى وظائفهِ في محكمة طلخا الشرعية ككاتب فيها، وذلك في عام 1899م، وكان لمنصب أسرته وأبيه في المحاكم الشرعية ونُفوذهم دور في ذلك، فبرأيه كانت وظيفة للعيش فقط، فلم ينقطع عن قراءته للكُتب والتعلّم على عكس ما كان يفعل في عمله، ثمّ انتقل بعد ذلك ليعمل في محكمة إيتاي البارود الشرعية، وبعدها إلى محكمة طنطا الشرعية، ثمّ انتقل بعد سنتين إلى محكمتها الأهلية وبقي فيها حتّى آخر حياته، وكان الرافعي مرجعاً لكُتّاب المحاكم التي يعمل فيها، فيأخذون مشورته فيما يحتارون فيه من القضايا والإشكالات المُختلفة، حتّى وصل الأمر إلى قيامه بذلك عبر دول مختلفة، وكانت وزارة العدل كذلك تستفتيه فيما يُشكَلُ عليها من الأمور.
من مؤلّفاته
تاريخ آداب العرب
يُعدّ هذا الكتاب المكوّن من ثلاثة أجزاء أكثر ما يُعرف به الرافعي من مُصنّفاته بحسب رأي أكثر الكُتّاب، وفي عام 1911م صدرت الطبعة الأولى لأول جزئين، وفي عام 1940م صدر الجزء الثالث بعد وفاته، وكانت بتحقيق من الكاتب محمّد سعيد العريان.
يتّحدث الرافعي في مُقدّمة كتابه حول الأسباب التي دعته لكتابته مُصّنفه هذا، ومنها التراخي في تأليف مؤلّفات التاريخ، والضعف الكتابي الذي يتجاهل أحداثاً ويُبرز أُخرى، فتمثّل الكتاب بكونه دراسةً علميةً ومُمَنهَجةً لتاريخ الأدب العربي، وليست دراسةً تُعنى بالطرق التقليدية القديمة في الكتابة التي غفلت عن الكثير من حوادث التاريخ الأدبي؛ كإيراد تاريخ الرجال العرب بشكل ضعيف، فشبّه الأمر بإيراد أسمائهم فوق القبور.
ويُعدّ كتاب «إعجاز القرآن والبلاغة النبوية» الجزء الثاني من كتاب الرافعي «تاريخ آداب العرب»، وفي عام 1928م تم نشر الطبعة الأولى منه.
حديث القمر
يُعدّ كتاب حديث القمر أولّ طريق الرافعي في الأدب الإنشائي، فقد كان أدب الإنشاء نهجاً دلاليّاً في الحب، وقام بتأليفه عام 1912م بعد عودته من رحلة لبنان، في الوقت الذي التقى فيه بالأديبة مي زيادة.
رسائل الأحزان
برع الرافعي في التحدّث عن فلسفة الجمال، وهو ما نجده في كتاب رسائل الأحزان الذي يحتوي على رسائل جاءت مغايرة تمامًا للمعاني التقليدية التي عهدناها عن الحُبّ وفلسفته، وذلك لأنّه صاغ رسائله وهو يحاكي صورة المتأمل للجمال، والعاشق، والفيلسوف في آن واحد.
بعد كتاب رسائل الأحزان ألّف الرافعي كتاب السّحاب الأحمر، وعُدّ الجزء الثاني لقصّة حبّ خاصّة به، ومرحلتها بعد الابتعاد والقطيعة.
أوراق الورد
يُعدّ كتاب أوراق الورد الجزء الأخير من قصّة حبّ الرافعي الذي ألّفه ليكون رسائل لفلسفة الحبّ والجمال مُصوِّراً فيها نفسه وما كان بينه وبين من أحبّ، ومنهنّ «صاحبة حديث القمر»، وهي صديقته الأولى».
فكان الرافعي يرى أنّ للحبّ مفاهيم مُتعاكسة، مثل: الضحك والبُكاء، والأفراح والهُموم، والعيوب والمحاسن، وغيرها، وكان يرى كذلك أنّ الحبّ يجعل الإنسان في شخصيتين مختلفتين، كما حقّق الرافعي ربطاً بين مفهوميّ الحبّ والجمال، فهما يتوطّنان في نفس العاشق، وأنّ الحياة والحبّ على درجةٍ متساويةٍ، فكأنّهما شيء واحد.
وحي القلم
يُعدّ كتاب وحي القلم من كُتب الرافعي الثمينة من الناحية الفكرية، والفنية، ويتكوّن من ثلاثة أجزاء، وهو عبارة عن مجموعة من المقالات والقصص، كُتِب مُعظمها لمجلة الرسالة القاهرية عام 1937م، وطُبع منه في حياته جزآن، وبعد موته طُبعا مع الجزء الثالث أكثر من مرّة، ومن الجدير بالذكر أنّه يحتوي على تداخلات لمُختلف أنواع الأجناس الأدبية، التي تُشير إلى ثقافة الرافعي الواسعة، وعلمه، فنرى الكتاب مملوءًا بأساليب علم البلاغة وعلم البيان بشكلٍ راقٍ.
تحت راية القرآن
هو عبارة عن مجموعةٍ من المقالات في الأدب العربي بالجامعة، والتي تحتوي كذلك ردّاً على كتاب طه حسين في الشِعر الجاهلي.
على السفود
عُدّ هذا المُصنّف ردّاً على الأديب عبّاس محمود العقّاد، وكانت قد نشرته مجلّة العصور، لصاحبها الأستاذ إسماعيل مظهر ولم تُشِر إلى من قام بتأليفه، فأوردت اسم المؤلف تحت اسم إمام من أئمّة الأدب العربي.
المساكين
صدر كتاب المساكين بطبعته الأولى عام 1917م، وكان عبارة عن كلمات تُعنى في المفردات والمعاني الإنسانية، ويعرض الرافعي في هذا الكتاب فلسفة الفقر بصياغة تفاصيلها بواسطة أدوات من البلاغة الأدبية.
كلمة وكُليمة
كتاب كلمة وكُليمة هو عبارة عن مجموعة من المقالات غير المنشورة في كتاب خاص، والتي نُشِرت في مجلّة الرّسالة، وتتناول موضوعات مختلفة في كلّ من: الأدب، والاجتماع، والدين، والأخلاق، وقد نُشرت الطبعة الأولى لهذا الكتاب الذي جمع تلك المقالات في عام 2002م.
ديوان النظرات
هو أحد دواوين الرافعي الذي يحتوي على مجموعةٍ من نماذج أدبيةٍ من تأليفه، وقد صدرت أولى طبعاته عام 1908م.
كان للرافعي كتاب مدرسي يحتوي على هذه النماذج جميعها، وذلك تحت اسم: «ملكة الإنشاء»، وعَمَد إلى نشره عام 1907م، فحصل ونُشِر بعضها في ديوان النظرات، وشاءت صُروف الدهر بعد ذلك أن تشغله عن إنهاء ذلك الكتاب، فضاع ما فيه، ولم يبقَ إلّا ما نُشر منه ضمن ديوان النظرات.
ديوان الرافعي
يتضمّنُ هذا الديوان ثلاثة أجزاء، وقد وضع الرافعي مُقدّمة لكُلِّ جزء تُعنَى في معاني الشِّعر، مع شرح لأسلوبه وطريقته، وقد صدرت أولى طبعاته بين عاميّ 1903-1906م، وهُناك طبعة تعود لأخيه محمّد كامل الرافعي فيها شرحٌ للديوان مُورَد معها.
الأسلوب الأدبي في أعمال الرافعي
يظهر الأسلوب الأدبي في كتابات الرافعي، التي لا تخلو من عنايته بالتراكيب بشكل أكبر من الألفاظ، مع العمل على الاتّزان في تناسبها، وقال طه حسين عن كتاب الرافعي «رسائل الأحزان»: «إنّ كلّ جملة من جُمل الكتاب تبعث في نفسك شعوراً قوياً أنّ الكاتب يلدها ولادة، وهو في هذه الولادة يقاسي ما تقاسيه الأمّ من آلام الوضع».
ومن الجدير بالذكر أنّ جُمل الرافعي أصبحت تُميّز أسلوبه فصنع بذلك طابعاً خاصّاً له، وقد تطرّق كذلك للتّعابير المجازية، والتنقيحات، فكان لا يقبل الطرائق السهلة في الكتابة إنّما يكّد ويجتهد، فكما يقول في رسائله: «لا قيمة لكاتب لا يضع في اللغة أوضاعاً جديدة».
الأسلوب القصصي في أعمال الرافعي
يعد السرد على لسان الحيوان أحد الأمثلة على الأسلوب القصصي للرافعي، قريباً من أسلوب كتاب كليلة ودمنة، فكان الرافعي يَعمَدُ على الرد على أعدائه أو من يشكو منه خصومةً بالرموز، والدلالات، والحوارات، كما استخدم المُفردات العامية أحياناً لغاية الاستهزاء، وكانت بداية مقالات الرافعي هذه مع طه حسين حينما ردّ على كتابه الشعر الجاهلي.
أسلوب التناص القرآني في أعمال الرافعي
يُقصَد بالتناص القُرآني أن تتمّ كتابة النص الأدبي بتضمينٍ، أو اقتباسٍ، أو تلميحٍ من القرآن الكريم، ويظهرُ هذا جليّاً في رسائل الرافعي، والتناص في الأدب يكون في وجهين: الأول المُباشر، أي يتمّ إيراد الآيات القرآنية باللفظ والمعنى، أمّا الثاني فهو التناص غير المُباشر، وهو استنباط ما تحويه النصوص واستنتاج ما فيها، ويُفهم هذا النوع من خلال التلميحات والرموز الواردة في النص، وقد يكون هذا النوع من التناص جملة أو عبارة ما تدلّ على النص الذي أُخذ منه.
رأي الرافعي في دراسة الأدب العربي
كان يرى الرافعي أنّ من يُرِد السبيل الأقرب لأن يكون أديباً عليه أن يحرص على أن يكون صاحب نقدٍ وفِكرٍ، كذلك عليه القراءة في الكُتب التي تُعنى بالمعاني قبل التي تُعنى بالألفاظ، كما نصح بقراءة كُتب الفلسفة الأدبية ممّا تُرجم منها، أو ممّا كانت بلغة أوروبية، وكُتب الاجتماع، وكُتب الأدب العربي، ونصح في البدء بهذه الكُتب: كتاب كليلة ودمنة، ورسائل الجاحظ، وكتابه الحيوان والبيان، وأشار إلى أهمية العِلم في أمور البلاغة، ونصح فيها بكتاب المثل السائر.
حرص الرافعي على ضرورة حفظ المُفردات والتراكيب
وأشار إلى حفظ المُفردات في كتابي: نجعة الرائد لليازجي، وكتاب الألفاظ الكتابية للهمذاني، والقراءة في كتاب يتيمة الدهر للثعالبي، والعقد الفريد لابن عبد ربّه، وكتاب زهر الآداب، ولم يقتصر نُصح الرافعي على الكُتب، فقد نصح بالمُطالعة من المجلّات، والصحف اليومية والأسبوعية، كما تطرّق لأهميّة الحفظ الكثير من كتابي: شرح ديوان الحماسة، وكتاب نهج البلاغة.
وفاته
توفّي الرافعي يوم الإثنين في العاشر من أيّار عام 1937م عن عُمرٍ يُناهز السابعة والخمسين، ودُفن بجانب أبويه في مقبرة الرافعي في طنطا.
قال السيد الأمين رحمه الله حول كلام الرافعي:
كلام الرافعي في حق الشيعة
(ورأينا كتابا ألف في هذا العصر اسمه إعجاز القرآن لمصطفى صادق الرافعي طبع في مصر مرتين أكثر فيه مؤلفه من التحامل على الشيعة والسب والشتم وتعرض الرافعي لهم في عدة مواضع من كتابه بمناسبة وبغير مناسبة وافترى عليهم افتراءات كثيرة، ونقل الرافعي عنهم سخافات هم بريئون منها تقليدا منه وقلة تمحيص للحقائق، وعدم مبالاة بما يقول ، والكتاب ليس فيه شئ من علم ما فيه إلا ألفاظ مزوقة وعبارات منمقة.
فمن ذلك ما ذكره الرافعي بقوله[1]:
القرآن أصل هذا الدين وما اختلفوا فيه إلا من بعد اتساع الفتن وحين رجع بعض الناس من النفاق إلى أشد من الاعرابية الأولى وضربتهم الفتن والشبهات مقبلا بمدبر ومدبرا بمقبل فصار كل من نزع إلى الخلاف يريد أن يجد من القرآن ما يختلف معه أو يختلف به وهيهات ذلك إلا أن يتدسس في الرواية بمكروه يكون معه التأويل والأباطيل إلى آخر ما سطره من هذا القبيل وتحذلق وتفيهق فيه.
ثم قال الرافعي: ونحسب أن أكثر ذلك مما افترته الملحدة وتزيدت به الفئة الغالية وهم فرق كثيرة يختلفون فيه بغيا بينهم وكلهم يرجع إلى القرآن بزعمه.
وقال الرافعي في الحاشية: نجمت في الأمة من غير أهل السنة فرق كثيرة يكفر بعضها بعضا، ومن رؤوس الفرق المعروفة المعتزلة، وهم عشرون فرقة، والشيعة اثنتان وعشرون، والخوارج سبع فرق الخ.
ثم قال الرافعي: ولولا حفظ الله لكتابه وأنه المعجزة الخالدة، لما بقي منه بعد هؤلاء حرف واحد، فضلا عن أن يبقى بجملته على الحرف الواحد.
الرد على كلام الرافعي
ولا يخفي ما في كلام الرافعي:
أولا
قول الرافعي: وما اختلفوا فيه إلا من بعد اتساع الفتن الخ، ينافيه أن الخلاف بين الصحابة في عهد الخلفاء الراشدين في عدة من المسائل كان معروفا مشهورا وكلهم يرجعون إلى القرآن وهو بين أيديهم.
ثانيا
قول الرافعي: نجمت في الأمة من غير أهل السنة الخ، فيه أنه كيف أخرج فرق المعتزلة عن أهل السنة، وأدخل فرق الغلاة في بعض كلامه في الشيعة، فإن كان بجامع الانتساب إلى علي (ع) فهذا موجود في المعتزلة بجامع الانتساب إلى غيره والموافقة في الفروع كلها، وإن كان لمخالفة المعتزلة لأهل السنة في أمور يخطئهم أهل السنة فيها فهذا موجود بين الشيعة وباقي الفرق الغالية.
ثالثا
سوق كلام الرافعي يدل على أنه جعل الشيعة ممن وصفهم ووصمهم بتلك القبائح التي في كلامه، وهو ظالم لهم في ذلك مفتر عليهم، وانى يوسم بالنفاق وبالرجوع إلى أشد من الاعرابية الأولى، من يشهد لله بالوحدانية ولنبيه محمد (ص) بالرسالة، ويقيم شرائع الاسلام كلها، ويعظم القرآن ويأخذ بنصوصه وظواهره، ويكل علم متشابهه إلى ربه، ويعظم أهل بيت نبيه ويواليهم، ويقدمهم على من سواهم.
وأولى بالنفاق والرجوع إلى أشد من الاعرابية الأولى من يجترئ على اعراض المسلمين ويرميهم بالعظائم بغير حجة ولا برهان تقليدا للمتعصبين، ويقرنهم بالمارقين من الدين، وقد قال (ص): من كفر مسلما فقد باء به أحدهما.
ولا يرجع الرافعي في دقائق العقائد التي يسميها بالشبهات، والتي هي من أدق مسائل علم الكلام إلا إلى التقليد، ويزعم الرافعي أنه متمسك بالقرآن وغيره مخالف له، وهو لا يعلم من استدلال غيره ولا من كلامه شيئا سوى انقال اجمالية وافتراءات وأكاذيب رآها في بعض الأساطير بدون أن يعلم صدقها وكذبها.
ويكتفي الرافعي في أنه على الحق وغيره على الباطل بجعل نفسه من أهل السنة، وتسميته بهذا الاسم، وغيره من الفئة الغالية على اطلاقه، ويزعم الرافعي أنه لولا حفظ كتاب الله لما بقي بعد هؤلاء حرف واحد، ولماذا؟
أفأنت أيها الرافعي أشد محافظة على كتاب الله تعالى وتعظيما له من الشيعة؟ فانظر إذا شئت إلى ما أجملناه عنهم في علوم القرآن، تجد أنهم سبقوا الناس إلى ذلك، وأنهم أشد الخلق محافظة عليه واعظاما له قديما وحديثا، وإن كلامك هذا قد كتب عليك في صحيفة السيئات، وإنك مسؤول عنه يوم لا تجد إلا ما قدّمت يداك، وما ربك بظلام للعبيد.
قول آخر لمصطفى الرافعي
وقال الرافعي أيضا في كتابه المذكور[2]:
أما الرافضة أخزاهم الله، فكانوا يزعمون أن القرآن بُدّل وغُيّر وزيد فيه ونقص منه وحُرّف عن مواضعه، وإن الأمة فعلت ذلك بالسنن أيضا، وكل هذا من مزاعم شيخهم وعالمهم هشام بن الحكم لأسباب لا محل لشرحها هنا، وتابعوه عليها جهلا وحماقة.
ونقول: أما مسارعة الرافعي إلى الشتم والسباب، فكل إناء بالذي فيه ينضح.
وقديما ما سب الذين كفروا رب العزة وسبت الأنبياء والمرسلون وسب سلفه بنو أمية الذين يشيد بذكرهم سلف الشيعة وإمامهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أخا الرسول (ص) وصنوه فما ضرّهم ذلك شيئا.
وأما قول الرافعي: أنهم يزعمون أن القرآن الخ فهو كذب وافتراء، تبع فيه ابن حزم فيما مر من كلامه في هذا البحث.
ونص كبراء علماء الشيعة ومحدثيهم على خلافه، وقد بينا هناك اتفاق الشيعة عموما على عدم الزيادة، واتفاق المحققين ومن يعتد بقوله منهم على عدم النقص، وأشرنا إلى أن القول بالنقص وقع من شاذ من أهل السنة والشيعة، ولا يختص بالشيعة، وأنه مسبوق وملحوق بالاجماع من الفريقين على عدم النقص فلا يعتد به، فأين موضع العيب والنقد علينا أيها المنصفون)[3].
الاستنتاج
إن الكاتب السيد محسن الأمين في كتابه أعيان الشيعة رد على الكاتب مصطفى صادق الرافعي في كتابه إعجاز القرآن، وأن كلام الرافعي مجرد افتراءات على المذهب الشيعي، وكلامه كلام باطل لا صحة له، وأن علماء الشيعة متفقون على عدم الزيادة في القرآن الكريم وعدم نقيصته.
الهوامش
[1] الرافعي، إعجاز القرآن، ص47.
[2] الرافعي، إعجاز القرآن، ص185.
[3] الأمين، أعيان الشيعة، ج1، ص44.
مصادر البحث
1ـ الأمين، محسن، أعيان الشيعة، تحقيق حسن الأمين، بيروت، دار التعارف للمطبوعات، الطبعة الأولى، 1403 هـ.
2ـ الرافعي، مصطفى، إعجاز القرآن والبلاغة النبوية، بيروت، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1421 هـ.
مصدر المقالة
الأمين، محسن، أعيان الشيعة، تحقيق حسن الأمين، بيروت، دار التعارف للمطبوعات، الطبعة الأولى، 1403 هـ.
مع تصرف بسيط