- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 6 دقیقة
- بواسطة : المشرف
- 0 تعليق
ذكر الکاتب الشيخ جعفر السبحاني في كتابه (بحوث في الملل والنحل) بعض مشاهير أئمة علم النحو من الشيعة الإمامية في القرون الأولى من الهجرة النبوية، منهم: ابن ابي الأسود الدؤلي، وحمران بن أعين، وابن السكيت، وأبو القاسم التنوخي، وآخرين، فقال:
دور علماء الشيعة في بناء علم النحو و إزدهاره
إنّ دراسة القرآن بين الاُمة ونشر مفاهيمه، يتوقّف على معرفة العلوم الّتي تعد مفتاحاً له إذ لولا تلك العلوم لكانت الدراسة ممتنعة، ونشرها في ربوع العالم غير ميسور، جدّاً.
بل لولا هذه العلوم ونضجها لحرم جميع المسلمين حتّى العرب منهم من الاستفادة من القرآن الكريم، لأنّ الفتوحات فرضت على المجتمع العربي الاختلاط مع بقية القوميات وسبَّب ذلك خطراً على بقاء اللغة العربية وكان العرب عند ظهور الإسلام يعربون كلامهم على النحو الّذي في القرآن إلاّ من خالطهم من الموالي والمتعرّبين، ولكن اللحن لم يكثر إلاّ بعد الفتوح وانتشار العرب في الآفاق فشارع اللحن في قراءة القرآن فمست الحاجة الشديدة إلى ضبط قواعد اللغة[1].
فقام أبو الأسود الدؤلي بوضع قواعد نحوية بأمر الامام أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ فأبو الأسود إمّا واضع علم النحو أو مدوّن علم النحو، وكان من سادات التابعين، صاحب عليّاً وشهد معه صفين. ثمّ أقام في البصرة.
يقول الشيخ أبو الحسن سلامة الشامي النحوي: إنّ علياً دخل عليه أبو الأسود يوماً. قال: فرأيته مفكّراً، فقلت له: مالي أراك مفكّراً يا أمير المؤمنين؟
قال: إنّي سمعت من بعض الناس لحناً وقد هممت أن أضع كتاباً أجمع فيه كلام العرب.
فقلت: إن فعلت ذلك أحييت أقواماً من الهلاك، فألقى إليّ صحيفة فيها:
الكلام كلّه إسم وفعل وحرف. فالإسم ما دلّ على المسمّى، والفعل ما دلّ على حركة المسمّى، والحرف ما أنبأ عن معنى وليس بإسم ولا فعل.
وجعل يزيد على ذلك زيادات قال: واستأذنته أن اصنع في النحو ما صنع فأذِن وأتيته به فزاد فيه ونقص، وفي رواية أنّه ألقى إليه الصحيفة وقال له: انح نحو هذه فلهذا سمّي النحو نحوا[2].
ومن المعلوم انّ هذه قواعد علم النحو لم تكن تسد الحاجة الملحّة، ولكن أبا الأسود قام باكمالها وضبطها وبتمييز المنصوب من المرفوع والاسم من الفعل بعلامات نسمّيها الاعراب فالروايات مجمعة على أنّ أبا الأسود (وهو شيعي المذهب توفّي سنة 69).
إمّا مدوّن علم النحو أو واضعه وأضحى ما دوَّنه مصدراً لهذا العلم في العصور الّلاحقة وهناك كلام لابن النديم دونك لفظه.
يقول: قال محمّد بن إسحاق: زعم أكثر العلماء أنّ علم النحو اُخذ عن أبي الأسود الدؤلي وأنّ أبا الأسود أخذ ذلك عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع).
ثمّ نقل عن الطبري وقال: انّما سمّي النحو نحواً لأنّ أبا الأسود الدؤلي قال لعلي(ع) وقد ألقى عليه شيئاً من اُصول علم النحو، قال أبو الأسود: واستأذنته أن أصنع نحو ما صنع، فسمّي ذلك نحواً[3].
وإذا كان أبو الأسود الدؤلي واضعاً للنحو فالخليل بن أحمد الفراهيدي هو المنقّح له والباسط له.
قال أبو بكر محمّد بن الحسن الزبيدي: والخليل بن أحمد، أوحد العصر، وفريد الدهر، وجهبذ الاُمة واُستاذ أهل الفطنة الّذي لم ير نظيره ولا عرف في الدنيا عديلة، وهو الّذي بسط علم النحو ومدّ اطنابه وسبب علله وفتق معانيه وأوضح الحجاج في علم النحو، حتّى بلغ أقصى حدوده وانتهى إلى ابعد غايته…
وسيوافيك انّ الخليل من أصحاب الامام الصادق(ع) ومن شيعته.
ثمّ إنّ علماء الفريقين شاركوا في نضج هذا العلم ـ علم النحو ـ وايصاله إلى القمة.
وليس للمصنف بخس حق طائفة لمصالح اُخرى، ولكن لمّا كان الهدف هو بيان دور الشيعة في تطوير العلوم وتتبّعها نذكر من خدم علم النحو من قدماء الشيعة فقط، منهم:
1ـ عطاء بن أبي الأسود
قال الشيخ الطوسي في باب أصحاب الحسين بن علي: ومنهم ابن أبي الأسود الدؤلي.
وقال الحافظ السيوطي في الطبقات: عطاء، استاذ الأصمعي وأبو عبيدة[4].
2ـ أبو جعفر محمّد بن الحسن بن أبي سارة الرواسي الكوفي
قال السيوطي: هو أوّل من وضع من الكوفيين كتاباً في النحو وسمّاه الفيصل وهو اُستاذ الكسائي والفرّاء[5].
قال النجاشي: روى هو وأبوه عن أبي جعفر وأبي عبداللّه ـ عليهما السلام ـ وله كتاب الوقف والابتداء، وكتاب الهمز، وكتاب اعراب القرآن[6].
3ـ حمران بن أعين أخو زرارة بن أعين
كان نحوياً إماماً فيه، عالماً بالحديث واللغة والقرآن، أخذ علم النحو والقراءة عن ابن أبي الأسود، وأخذ عنه الفراء وحمزة أحد السبعة وأخذ الحديث عن الامام السجاد والباقر والصادق عليهم السلام.
وآل أعين بيت كبير بالكوفة من أجلّ بيوت الشيعة ولأبي غالب الزراري رسالة في ترجمة آل أعين قال: كان حمران من أكابر مشايخ الشيعة وكان عالماً بالنحو واللغة[7].
4ـ أبو عثمان المازني: بكر بن محمّد
قال النجاشي: كان سيد أهل العلم بالنحو والعربية واللغة ومقدمته بذلك مشهورة، وكان من علماء الإمامية، قد تأدّب على يد إسماعيل بن ميثم[8] له في الأدب كتاب التصريف، كتاب ما يلحن فيه العامة، التعليق. مات سنة 248 [9].
5ـ ابن السكيت: يعقوب بن إسحاق السكيت
كان مقدّماً عند أبي جعفر (الجواد) وأبي الحسن (الهادي) ـ عليهما السلام ـ وكانا يختصّانه.
وله عن أبي جعفر ـ عليه السلام ـ رواية ومسائل، وقتله المتوكّل لأجل تشيّعه، وأمره مشهور، وكان وجيهاً في علم العربية واللغة، ثقة، مصدّقاً، لا يطعن عليه. وله كتب: إصلاح المنطق، كتاب الألفاظ، كتاب ما اتّفق لفظه واختلف معناه، كتاب الأضداد، كتاب المذكّر والمؤنّث، كتاب المقصور والممدود، و…[10].
وسبب قتله: انّ المتوكل سأله يوماً وهو يعلّم ابنيه وقال: يا يعقوب أيّهما أحبّ إليك، ابناي هذان، أم الحسن والحسين؟ فأجابه: «انّ قنبراً خادم علي خير منك ومن ابنيك»، فأمر المتوكّل فسلّوا لسانه من قفاه فمات، وقد خلّف بضعة وعشرين أثراً في النحو واللغة والشعر[11]واستشهد سنة 244.
6ـ ابن حمدون: أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن داود بن حمدون
قال النجاشي: الكاتب النديم، شيخ أهل اللغة ووجههم. اُستاذ أبي العباس[12] وكان خصيصاً بسيدنا أبي محمّد العسكري وأبي الحسن قبله. له كتب ثمّ ذكر كتبه[13].
7ـ أبو إسحاق النحوي: ثعلبة بن ميمون
قال النجاشي: كان وجهاً في أصحابنا، قارئاً، فقيهاً، نحويّاً، لغويّاً، راوية، وكان حسن العمل، كثير العبادة والزهد، روى عن الصادق والكاظم[14]، وبما أنّ الامام الكاظم توفّي عام مائة وثلاث وثمانين، فهو من أهل المائة الثانية .
8ـ قتيبة النحوي الجعفي الكوفي
قال النجاشي: المؤدب المقري، ثقة، عين، روى عن الصادق[15]، وذكره السيوطي في بغية الوعاة ووصفه في تأسيس الشيعة بأنّه إمام أهل النحو واللغة[16].
9ـ إبراهيم بن أبي البلاد
قال النجاشي: كان ثقة، قارئاً، أديباً، روى عن الصادق والكاظم ـ عليهما السلام ـ[17].
10ـ محمّد بن سلمة اليشكري
قال النجاشي: جليل من أصحابنا الكوفيين، عظيم القدر، فقيه، قارئ، لغوي، راوية، خرج إلى البادية، ولقى العرب وأخذ عنهم، وأخذ عنه: يعقوب بن السكيت، ثمّ ذكر كتبه[18]، وبما أنّه شيخ ابن السكيت فهو أهل المائة الثانية وأوائل الثالثة .
11ـ أبو عبد الله النحوي: الحسين بن أحمد بن خالويه
سكن حلب ومات بها، وكان عارفاً بمذهبنا، مع علمه بعلوم العربية، واللغة، والشعر، وله كتب ومن كتبه: مستحسن القراءات والشواذ، كتاب في اللغة[19].
ووصفه السيوطي في الطبقات إنّه إمام اللغة والعربية، وغيرهما من العلوم الأدبية، وله باع في علم النحو دفن ببغداد سنة 314 هـ .
12ـ أبو القاسم التنوخي
قال الشيخ رشيد الدين ابن شهر آشوب: انّه من جملة الشعراء المجاهرين بالشعر في مدح أهل البيت، وقال ياقوت: كان في علم النحو وحفظ الأحكام وعلم الهيئة والعروض قدوة، وكان يحفظ من اللغة والنحو شيئاً عظيما[20].
ما ذكرناه نماذج من أئمّة اللغة من الشيعة الامامية في القرون الاُولى، وأمّا من وليهم من الأئمّة فحدّث عنهم ولا حرج، فإنّ ذكر أسمائهم ونبذ من حياتهم يدفعنا إلى تأليف مفرد.
وقد كفانا في ذلك ما كتبه السيد الصدر في هذا المجال، فقد بلغ النهاية، وقد ذكر الأئمّة في علم النحو من الشيعة إلى القرن السابع[21] بلغ 140 إماماً واُستاذاً ومؤلّفاً في الأدب العربي ولا سيما علم النحو وبينهم شخصيات بارزة كالشريف المرتضى (ت 436 هـ) والشريف الرضي وابن الشجرىّ الّذي يقول في حقه السيوطي: كان أوحد زمانه، وفرد أوانه في علم العربية ومعرفة اللغة وأشعار العرب، توفّي 542 هـ.
ونجم الأئمّة الرضي الاستر آبادي، إلى غير ذلك من الشخصيات البارزة.
الاستنتاج
إن الكاتب الشيخ جعفر السبحاني ذكر في كتابه (بحوث في الملل والنحل) الهدف من ذكر بعض مشاهير أئمة علم النحو من الشيعة الإمامية في القرون الأولى من الهجرة النبوية، هو لبيان دور الشيعة في تطوير العلوم وتتبّعها، ثم ذكر من خدم علم النحو من قدماء الشيعة فقط، منهم: ابن أبي الأسود الدؤلي، وحمران بن أعين، وأبو القاسم التنوخي.
الهوامش
[1] جرجي زيدان، تاريخ آداب اللغة العربية 1/ 219.
[2] الصدر، تأسيس الشيعة، ص51، ولقد بلغ الغاية في ذلك المجال فنقل كلمات المؤرّخين في ما قام به الإمام وتلميذه في تأسيس علم النحو.
[3] ابن النديم، الفهرست، ص66، وللكلام صلة من أراد فليرجع إلى المصدر.
[4] الصدر، تأسيس الشيعة، ص65 .
[5] الصدر، تأسيس الشيعة، ص67 .
[6] النجاشي، الرجال 2/ 200 برقم 884 .
[7] أبو غالب، رسالة في آل أعين 2 ـ 3 بتلخيص.
[8] وهو من أئمّة المتكلّمين في الشيعة.
[9] النجاشي، الرجال 1/ 272 برقم 277 وذكره الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ج7 برقم 3529.
[10] النجاشي، الرجال 2/ 425 برقم 1215.
[11] جرجي زيدان، تاريخ آداب اللغة العربية 1/ 424 وترجمه ابن خلكان في وفياته، وياقوت في معجم الادباء وغيرهما.
[12] يريد ثعلب (200 ـ 291 م).
[13] النجاشي، الرجال 1/ 237 برقم 228.
[14] النجاشي، الرجال 1/ 294 برقم 300 وذكره ابن حجر في لسان الميزان ج2 برقم 332.
[15] النجاشي، الرجال 2/ 185 برقم 867.
[16] الصدر، تأسيس الشيعة، ص76.
[17] النجاشي، الرجال 1/ 102 برقم 31.
[18] النجاشي، الرجال 2/ 218 برقم 897.
[19] النجاشي، الرجال 1/ 188 برقم 159.
[20] الصدر، تأسيس الشيعة، ص91.
[21] لاحظ تأسيس الشيعة، ص39 ـ 137.
مصادر البحث
1ـ ابن حجر، لسان الميزان، بيروت، مؤسسة الأعلمي، الطبعة الأولى، 1406 هـ.
2ـ ابن خلكان، وفيات الأعيان، بيروت، دار الفكر، الطبعة الأولى.
3ـ ابن النديم، الفهرست، بيروت، دار المعرفة، الطبعة الأولى.
4ـ أبو غالب، رسالة في آل أعين، طبع 1399 هـ.
5ـ جرجي زيدان، تاريخ آداب اللغة العربية، بيروت، دار مكتبة الحياة، الطبعة الأولى، 1992 م.
6ـ الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، بيروت، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1417 هـ.
7ـ الصدر، حسن، تأسيس الشيعة، انتشارات الأعلمي، 1375 ش.
8ـ النجاشي، الرجال، قم، مؤسسة النشر الاسلامي، 1416 هـ.
9ـ ياقوت، معجم الادباء، بيروت، دار الغرب الإسلامي، الطبعة الأولى، 1993م.
مصدر المقالة
السبحاني، جعفر، بحوث في الملل والنحل، قم، مؤسّسة النشر الإسلامي، الطبعة الثانية، 1415 هـ.
مع تصرف بسيط