- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 10 دقیقة
- بواسطة : المشرف
- 0 تعليق
ما هي أنواع الزواج في الإسلام؟ وما هي وجوه الاشتراك بين زواج المؤقت والدائم؟ وهل ورد زواج المتعة في الكتاب والسنة؟ وهل نسخ حكم الزواج المؤقت؟ وما هو موقف الصحابة والتابعين من الزواج المؤقت؟ ومَن من الصحابة والتابعين القائلين بحليته؟ وهل المتعة هي الزنا؟ أمور نتطرق إليها في هذا المقال.
أنواع الزواج في الإسلام
يقوم تشريع الزواج في الإسلام على خطّين:
الأول: الزواج الدائم ويعتبر أفضل ما بناه الإسلام، وهذا هو الخط التشريعي الأوّل في باب الزواج.
والثاني: الزواج المؤقّت وهو صمّام الأمان الذي يحول دون وقوع المجتمع في رذيلة الزنا، عندما لا يتيسر الزواج الدائم للفرد، أو يتيسر ولكنّ أغراضاً عقلائية ومشروعة تدعو الى ذلك.
وجوه اشتراك زواج المؤقت والدائم
إنّ الزواج المؤقت يشترك مع جوهر الزواج الدائم من جهة صرف الشهوة في طريق الحلال، وحفظ الأنساب والحيلولة دون اختلاطها، ورعاية مظاهر العفّة والاحتشام في المجتمع، ويتسامح من جهة ثانية في اُمور جانبية لا تمس جوهر الزواج، ففي الزواج المؤقّت عقد ومهر وعِدّة وأجل محدود، وينتفي فيه الميراث والنفقة.
وهذا النوع من الزواج ثابت من الناحية الشرعية بنصّ الكتاب العزيز والسنة الشريفة، ولم يخالف أحد من المسلمين في تشريعه في عصر الرسول (ص).
وكلّ ما حصل بشأنه أنّ الخليفة الثاني عمر ابن الخطاب قد منعه وعاقب عليه، فتبعته مدرسة الخلفاء اعتماداً منها على مبدئها القائل بحجية عمل الصحابي، ومنهم من نزّل ذلك منزلة النسخ له.
ومن أجل تصحيح موقفه من المتعة ظهرت ادعاءات شتى منها: أن التحريم والمنع بدأ من عصر النبي (ص) نفسه، وأنّ القرآن قد نسخ آية المتعة.
ولأجل إجلاء الحقيقة في هذه القضية التشريعية المهمة لابد لنا من المرور بنقاط ثلاث:
النقطة الاُولى: الزواج المؤقت في الكتاب والسنّة.
النقطة الثانية: هل نسخ حكم الزواج المؤقت؟
النقطة الثالثة: موقف الصحابة والتابعين من الزواج المؤقت.
النقطة الاُولى: الزواج المؤقت في الكتاب والسنة
لقد أجمع أهل القبلة كافة على أنّ الله تعالى قد شرّع هذا النكاح في دين الإسلام، ولا يرتاب في هذا أحد من علماء المذاهب الإسلامية على اختلافها، بل لعل أصل مشروعيته يُلحق بالضروريات. والكتاب العزيز يدلّ على مشروعيته، كما أنّ الأخبار في مشروعيته متواترة حتى عند من يدّعي نسخه.
مشروعية زواج المتعة في الكتاب العزيز
فقد قال الله تعالى (فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً)[1] وكان اُبي بن كعب وابن عباس وسعيد بن جبير وابن مسعود والسدي يقرأونها «فما استمعتم به منهن إلى أجل مسمى» أخرج ذلك عنهم الطبري في تفسير الآية من تفسيره الكبير، وأرسل الزمخشري في الكشاف هذه القراءة، ارسال المسلّمات، وكذلك الرازي في تفسيره، وشرح صحيح مسلم للنووي في أول باب نكاح المتعة.
وأيد الإمام أحمد بن حنبل في مسنده، وأبو بكر الجصاص في أحكام القرآن، وأبو بكر البيهقي في السنن الكبرى، والقاضي البيضاوي في تفسيره، وابن كثير في تفسيره، وجلال الدين السيوطي في الدر المنثور، والقاضي الشوكاني في تفسيره، وشهاب الدين الآلوسي في تفسيره نزول هذه الآية في موضوع المتعة، بأسناد تنتهي الى أمثال ابن عباس، واُبي بن كعب، وعبد الله بن مسعود، وعمران بن حصين، وحبيب بن أبي ثابت من الصحابة، وسعيد بن جبير، وقتادة، ومجاهد من التابعين عن ابن عباس.
آية الاستمتاع لا تدل على الزواج الدائم
وليس بالإمكان تفسير الآية بالنكاح الدائم كما أصرّ عليه صاحب تفسير المنار، وذلك للأسباب التالية:
1ـ ما مرّ من أن عدداً من الصحابة كانوا يقرأون الآية (فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً) بإضافة جملة شارحة في الوسط هي «الى اجل مسمى»، وغرضهم منها بيان المعنى والمورد والتفسير، وهذه الجملة الشارحة لا تنسجم إلاّ مع النكاح المؤقت.
2ـ إنّ لفظ المتعة، وإن كان صالحاً للاستخدام في الزواج الدائم إلاّ أنه في الزواج المنقطع أظهر، كما أن لفظ النكاح وإن كان صالحاً للاستخدام في الزواج المنقطع، إلاّ أنه في الزواج الدائم أظهر، وورود لفظ المتعة في الآية يساعد على تفسيرها بالزواج المنقطع لا الدائم، وإن لم يكن فيه أظهر، فلا أقل من قبول دلالته على الزواج المنقطع، ويكون حينئذ من الألفاظ المشتركة المستعملة في أكثر من معنى واحد.
3ـ إن آية المتعة واردة في سورة النساء التي ابتدأت بذكر النكاح والزواج الدائم، وأحكامه خلال الآيات 3 و4 و20 ـ 23، فإن كان المراد من المتعة هوالنكاح الدائم أيضاً تكون هذه الآية تكراراً لمطلب مذكور في ما سبق من السورة.
4ـ لو كانت المتعة بمعنى الزواج الدائم فما هو المقصود بدعوى النسخ حينئذ؟ هل المقصود نسخ حكم الزواج الدائم؟! فلهذا تكون دعوى النسخ مؤيّدة لكون آية المتعة بمعنى الزواج المنقطع لا الدائم.
مشروعية زواج المتعة في النصوص والأخبار
أما النصوص والأخبار: فهي متواترة وكثيرة جداً ونشير الى بعضها:
1ـ عن جابر، قال كنّا نستمتع… على عهد رسول الله (ص) وأبي بكر.. ثم نهى عنه عمر[2].
2ـ عن ابن عباس: إن آية المتعة محكمة ليست بمنسوخة[3].
3ـ تمتعنا على عهد رسول الله وأبي بكر ونصفاً من خلافة عمر ثم نهى عمر الناس[4].
4ـ عن الحكيم، وابن جريح وغيرهما، قالوا: قال علي (ع): لولا أن عمر نهى عن المتعة ما زنى إلاّ شقي[5].
5ـ عن عمران بن حصين، قال: نزلت آية المتعة في كتاب الله تعالى، لم تنزل آية بعدها تنسخها، فأمرنا بها رسول الله (ص)، وتمتّعنا مع رسول الله (ص) ومات ولم ينهنا عنها، ثم قال رجل برأيه ما شاء[6].
6ـ وأخيراً فقد روى ابن جريح وحده ثمانية عشر حديثاً في حلّية المتعة[7] فضلاً عمّا رواه غيره.
فالأخبار والنصوص تؤكّد ما دلّت عليه الآية الكريمة من حلّية الزواج المؤقت (أي زواج المتعة) ودوام مشروعيتها، وأنّ التحريم إنّما كان من عمر ـ لا من النبي محمد المصطفى (ص) ـ وأن طائفة من الصحابة والتابعين وحتى ابن عمر نفسه، قد استمروا على القول بحلّيتها رغم تحريم عمر.
النقطة الثانية: هل نسخ حكم الزواج المؤقت؟
لجأ جمعٌ من علماء مدرسة الخلفاء الى القول بنسخها لتصحيح موقف الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، فقال بعضهم: إنّها منسوخة بالقرآن، وقال آخرون: بأنها منسوخة بالسنّة، ثم اختلف الفريقان على أقوال شتى:
دعوى النّسخ بالقرآن
أمّا دعوى النّسخ بالقرآن: فهناك قول بأن الناسخ هو قوله تعالى: (إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ العَادُونَ)[8].
لكن هاتين الآيتين مكيتان، وآية المتعة مدنية، والمتقدم لا ينسخ المتأخر.
ثم إنّ المتعة زواج، والمتمتع بها زوجة، فلا تعارض بين هاتين الآيتين وبين آية المتعة حتى يصح القول بالنسخ.
وهناك قول بأن الناسخ هو آية العدة قوله تعالى: (فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ)[9] فإن الأمر بالعدّة في هذه الآية ينسخ حكم المتعة التي لا طلاق فيها ولا عدّة.
والجواب: إن المتعة ليست مستثناة من العدّة، نعم استثني الطلاق فيها، ونحن إذا أثبتنا أنّ الزواج في الإسلام على قسمين: دائم ومنقطع، تكون آية الطلاق خاصة بالدائم دون المنقطع لأن العلاقة الدائمة هي التي تحتاج إلى إعلان عن إنهاء العلاقة عند حصول سبب طارئ معين، أمّا العلاقة المؤقتة فلا تحتاج الى هذا الإعلان، وهي تنتهي بانتهاء أمدها المحدد بشكل تلقائي، وحينئذ تكون آية الطلاق منصرفة الى الدائم، ولا نظر فيها الى المتعة حتى تكون ناسخة لها.
وهناك قول ثالث بأنها منسوخة بآية الميراث، حيث لا ميراث في المتعة.
ويرد على هذا القول الجواب السابق، كما يرد عليه أيضاً أنّ انتفاء بعض الآثار لا يدل على انتفاء الموضوع، فالزوجة الناشزة لا نفقة لها، ومع أنّ النفقة قد انتفت عنها إلاّ أنها مع ذلك تبقى زوجة وتجري عليها سائر الأحكام والآثار المختصّة بالزوجات، والكتابية إذا تزوجت من مسلم، فهي لا ترثه ومع ذلك تبقى زوجة في باقي الآثار والأحكام.
على أنّ تعدد مزاعم النسخ بنفسه دليل آخر على عدم ثبوته، ويشهد لذلك أيضاً: اختلافهم في زمن النسخ.
فقيل: إنّها نسخت ونهى النبيّ (ص) عنها في عام خيبر.
وقيل: إن النهي جاء في عام الفتح.
وقيل: كانت مباحة ونهي عنها في غزوة تبوك.
وقيل: اُبيحت في حجة الوداع ثم نهي عنها.
وقيل: اُبيحت ثم نسخت ثم اُبيحت ثم نسخت ثم اُبيحت ثم نسخت.
وقيل: غير ذلك[10].
والقرائن القطعية تفيد عدم النسخ، وأهمّ هذه القرائن اضطراب وتعدد ادعاءات النسخ، حتى جعل مسلم في صحيحه عنوان باب المتعة هكذا «باب نكاح المتعة وبيان أنه اُبيح ثم نسخ ثم اُبيح ثم نسخ واستقر تحريمه الى يوم القيامة»[11].
وقد أورد القرطبي في تفسيره ما قاله ابن العربي من أن النسخ تناول هذا الحكم مرتين، ثم علّق عليه بقوله: «وقال غيره ممن جمع طرق الأحاديث فيها، إنها تقتضي التحليل والتحريم سبع مرات» ثم عدد ادعاءات النسخ وقال: «هذه سبعة مواطن اُحلّت فيها المتعة ثم حرّمت»[12].
وقال ابن قيم الجوزية: «وهذا النسخ لا عهد بمثله في الشريعة البتة ولا يقع مثلها فيها»[13].
ثم ما بال هذه الادعاءات تظهر بعد انقراض عصر الصحابة؟ ولِمَ لم يستشهد بواحدة منها عمر بن الخطّاب نفسه في تحريمه للمتعة؟ فإنه من الواضح لو كان بيده شيء منها لاستشهد به، وقد اُثر عنه أنه عارض أبا بكر في محاربته مانعي الزكاة بالأحاديث النبوية المانعة من قتال أهل الشهادتين، فلماذا لم يتمسك هنا بالسيرة النبوية الناسخة إن كان يوجد منها شيء كما يقال؟ أم أن أصحاب هذه الادعاءات أعلم بسيرة النبي (ص) من الصحابة ومن عمر بن الخطاب نفسه؟
ولم يكن الخليفة الثاني مستغنياً عن ذلك، بل كان في أمسّ الحاجة إليه، لأن المسلمين وعلى رأسهم الصحابة لم يتلقوا موقف الخليفة بالقبول وإنّما ردّوا عليه، بأنهم قد عملوا ذلك في عهد الرسول (ص) وعهد أبي بكر، فلو كان هناك نسخ لظهر.
ثم إنّ هذه الادعاءات معارضة لكلام الخليفة الثاني نفسه فإنه قال: «متعتان كانتا على عهد رسول الله (ص) أنهى عنهما واُعاقب عليهما متعة النساء ومتعة الحج»[14] فلو كان هناك شيء من النسخ لذكره ولما نسب ذلك الى نفسه.
وعليه، تكون ادعاءات النسخ معارضة لكلام الخليفة نفسه.
وحادثة اُخرى تفضح حكاية النسخ هذه، فقد روى الطبري في تاريخه في حوادث سنة (23 ه) أن عمران بن سوادة دخل على عمر ابن الخطّاب وذكر له ما يتحدث به الناس من الاُمور التي أحدثها فيهم ولم يرضوها منه، منها تحريمه المتعة، قال: «ذكروا أنك حرّمت متعة النساء وقد كانت رخصة من الله نستمتع بقبضة ونفارق عن ثلاث! قال ـ أي عمر بن الخطاب في جوابه ـ: إنّ رسول الله «ص» أحلّها في زمان ضرورة، ثم رجع الناس الى سعة، ثم لم أعلم أحداً من المسلمين عمل بها ولا عاد إليها، فالآن من شاء نكح بقبضة وفارق عن ثلاث بطلاق وقد أصبت»[15].
وفي هذا الحوار يؤكد الخليفة الثاني مرّة اُخرى على أن الموقف من المتعة موقف شخصي خاص به، ورأي ارتآه، وليس هناك أثر نبوي فيه.
ثم إن الاجتهاد الذي بيّنه في تحريمها في هذه المحاورة غير تام، وواضح البطلان فهو يدّعي أنّ الرسول (ص) قد أحلّها في زمان ضرورة، وهذا يعني أنّها مباحة عند الضرورات، فلماذا أطلق تحريمها ومنعها وتوعّد العقوبة عليها ولم يقيد ذلك بالضرورة؟ على أنّ الرسول (ص) قد أباحها في أسفاره، والسفر شيء والضرورة شيء آخر.
النقطة الثالثة: موقف الصحابة والتابعين من الزواج المؤقت
ودليل آخر على عدم النسخ هو اشتهارها لدى الصحابة والتابعين والفقهاء الى حين ظهور المذاهب الأربعة في القرنين الثالث والرابع.
ومن شواهد ذلك ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما من روايات عن سلمة بن الأكوع، وجابر بن عبد الله الأنصاري وعبد الله ابن مسعود، وابن عباس، وسبرة بن معبد، وأبي ذر الغفاري، وعمران ابن حصين، والأكوع بن عبدالله الأسلمي[16].
وقد أخرج مسلم في باب نكاح المتعة عدّة روايات عن جابر بن عبد الله، وابن الزبير، أنهما عملا بالمتعة على عهد الرسول (ص)، وأبي بكر، حتى نهى عنها عمر بن الخطاب.
وفي صحيح البخاري[17] قال: نزلت آية المتعة في كتاب الله ففعلناها مع رسول الله ولم ينزل قرآن يحرمها ولم ينه عنها حتى مات، قال رجل برأيه ما شاء.
بل عارض تحريمها جمع من كبار الصحابة كالإمام علي ابن أبي طالب (ع) وعبد الله بن عباس، وجابر بن عبد الله الانصاري، وعبد الله بن عمر وعبد الله بن مسعود.
وهناك من علماء السنة في القرن الهجري الأول والثاني من أفتى بها، بل وعمل بها وهو عبد الملك بن جريج المتوفى سنة (149ه).
قال ابن حزم في المحلّى: «وقد ثبت على تحليلها بعد رسول الله جماعة من السلف منهم من الصحابة، أسماء بنت أبي بكر، وجابر ابن عبد الله، وابن مسعود وابن عباس، ومعاوية بن أبي سفيان، وعمرو بن حريث، وأبو سعيد الخدري، وسلمة ومعبد ابنا اُمية بن خلف، ورواه جابر بن عبد الله عن جميع الصحابة مدّة رسول الله (ص)ومدّة أبي بكر الى قرب آخر خلافة عمر…».
أسماء الصحابة والتابعين القائلين بحلية زواج المتعة
وإليك فهرس جمع من الصحابة والتابعين لهم باحسان من الذين قالوا بحلّيتها وعدم نسخها، وهم:
1ـ عمران بن الحصين، 2ـ عبد الله بن عمر، 3ـ سلمة بن اُمية، 4ـ معبد بن اُمية، 5ـ الزبير بن العوام، 6ـ خالد بن مهاجر، 7ـ اُبي بن كعب، 8ـ ربيعة بن اُمية، 9ـ سمير ـ في الإصابة ـ لعله سمرة ابن جندب، 10ـ السدي، 11ـ مجاهد، 12ـ ابن أوس المدني، 13ـ أنس بن مالك، 14ـ معاوية بن أبي سفيان، 15ـ ابن جريح، 16ـ نافع، 17ـ صبيب بن أبي ثابت، 18ـ الحكم بن عتيبة، 19ـ جابر بن يزيد، 20ـ البراء بن عازب، 21ـ سهل بن سعد، 22ـ المغيرة بن شعبة، 23ـ سلمة بن الأكوع، 24ـ زيد بن ثابت، 25ـ خالد بن عبد الله الأنصاري، 26ـ يعلى بن اُمية، 27ـ صفوان بن اُمية، 28ـ عمروبن حوشب، 29ـ عمرو بن دينار، 30ـ ابن جرير، 31ـ سعيد بن حبيب، 32ـ إبراهيم النخعي، 33ـ الحسن البصري، 34ـ ابن المسيب، 35ـ الأعمش، 36ـ الربيع بن ميسرة، 37ـ أبي الزهري مطرف، 38ـ مالك بن أنس، 39ـ أحمد بن حنبل في بعض الحالات، 40ـ أبو حنيفة على بعض الوجوه[18].
هذا مضافاً الى ما قاله أمثال أبي عمرو: إن أصحاب ابن عباس من أهل مكة واليمن كلّهم يرون المتعة حلالاً…
وقال القرطبي في تفسيره[19]: أهل مكّة كانوا يستعملونها كثيراً.
وقال الرازي في تفسيره[20]:… وقال السوّاد منهم: أنها بقيت مباحة كما كانت.
وقال أبو حيان في تفسيره بعد نقل حديث إباحتها: وعلى هذا جماعة من أهل البيت والتابعين[21].
ولمن أراد المزيد من التفصيل في هذا المجال فقهياً وتأريخياً وحديثياً مراجعة كتاب المعالم[22] للعلاّمة السيد مرتضى العسكري (ره).
وإذا صدقت دعوى تحريم النبي (ص) لها فالتحريم يكون من قبيل الحكم الحكومي الولائي المؤقت، وليس من قبيل التشريع الدائم، ولهذا السلوك نظائر في سيرة الرسول الأعظم (ص)، كتحريمه أكل لحوم الحمر الأهلية في عام خيبر، فإنه كان منعاً حكومياً وليس تحريماً شرعياً ثابتاً.
ولو أننا سايرنا مزاعم النسخ والتحريم وافترضنا أنّ زوجين اتفقا على الزواج وتباينا على الطلاق بعد مدّة، فما هو حكم هذه العلاقة؟
فهل يحكم بحرمتها وأنّها زنا؟ أم يحكم بجوازها؟ فإنّ القول بحرمتها زعم بلا دليل، والمصير الى جوازها هو الموافق للصواب الذي عليه مذهب أهل البيت (ع).
هل المتعة هي الزنا؟
وأما القول بأنها تشبه الزنا أو أن المتعة هي الزنا فهو مجازفة خطيرة حتى لو كانت منسوخة، لأن ذلك يعني أنّ الشارع المقدس قد أباح الزنا ثمّ حرّمه، فهل يقبل بذلك مسلم؟!
وقد تقدم أن الزواج المؤقت نكاح كالنكاح الدائم، له شروط وقيود، وهي العقد والمهر والأجل، ومثل العقل والبلوغ، وعدم مانع شرعي من نسب أو سبب أو رضاع وغير ذلك. وأما الزنا فلا عقد فيه ولا يلحق الولد بأبيه ولا يرثه ولا علاقة زوجية ولا عدة عليها، فتشبيه المتعة بالزنا قول باطل وقائله مكابر ومجادل.
نعم، يمكن القول بأن الزواج المؤقت تشريع قابل للاستغلال من قبل النفوس الهابطة والمريضة.
والجواب حينئذ: أن الدنيا مليئة بالظواهر الإيجابية التي تقع عرضة لاستغلال سيئ من أفراد سيئين، والحل في مثل هذه الحالة ليس في تحريم هذه الظواهر، وإنّما في إيجاد سبل من شأنها الحيلولة بين هذه الظواهر الإيجابية وبين الاستغلال السيئ لها، فبإمكان الحاكم الإسلامي أن يشترط في تنفيذ حكم الزواج المؤقت الشروط الزمانية اللازمة لانقاذ هذا التشريع من مخالب الاستغلال والمستغلين.
النتيجة
وهكذا يتّضح لدينا أنّ ما عليه نصوص القرآن الكريم والسنّة النبوية الشريفة ونصوص الصحابة والتابعين هو تشريع الزواج المؤقت بالإجماع وعدم ثبوت النسخ له عند كثير من الصحابة والتابعين، ولا سيّما عند أهل البيت الطاهرين وهم علي سيد الوصيين وأبناؤه الأئمة المعصومون (ع) وعلماء مدرستهم الفقهية جيلا بعد جيل.
فالزواج المؤقت زواج مشروع بنصّ الكتاب والسنة كالزواج الدائم في الشريعة الإسلامية، ويختلف عنه في بعض الأحكام التي أشرنا إليها.
وما نقل عن عمر بن الخطاب غير صالح لإثبات دعوى النسخ كما اعترف بذلك غير واحد من الصحابة والتابعين.
الاستنتاج
ان زواج المتعة أحد أنواع الزواج في الإسلام وأنه يشترك مع الزواج الدائم في بعض الأمور وقد ورد ذكره في الكتاب والسنة وأن حكمه ليس منسوخا وكان مشهور لدى الصحابة والتابعين والفقهاء الى حين ظهور المذاهب الأربعة في القرنين الثالث والرابع، وهناك مجموعة من الصحابة والتابعين قالوا بحليته، وأنه ليس بزنا.
الهوامش
[1] النساء، 24.
[2] مسلم، صحيح مسلم، ج4، ص131.
[3] الزمخشري، الكشاف، ج1، ص498.
[4] القرطبي، بداية المجتهد، ج2، ص58.
[5] الطبري، تفسير الطبري، ج5، ص19.
[6] البخاري، صحيح البخاري، ج2، ص168.
[7] ابن حجر العسقلاني، فتح الباري، ج9، ص150.
[8] المؤمنون، 6ـ 7.
[9] الطلاق، 1.
[10] الجصّاص، أحكام القرآن، ج2، ص184.
[11] مسلم، صحيح مسلم، ج2، ص130.
[12] القرطبي، تفسير القرطبي، ج5، ص130.
[13] ابن القيم الجوزية، زاد المعاد، ج2، ص204.
[14] الطحاوي، شرح معاني الآثار، ج2، ص146.
[15] الطبري، تاريخ الطبري، ج5، ص32.
[16] انظر: مسلم، صحيح مسلم بشرح النووي، ج9، ص179، والبخاري، صحيح البخاري، كتاب التفسير، باب 33، ح4156.
[17] البخاري، صحيح البخاري، ج5، ص185.
[18] راجع: الأميني، الغدير، ج6، ص220.
[19] القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، ج5، ص132.
[20] فخر الرازي، التفسير الكبير، ج3، ص200.
[21] الأميني، الغدير، ج6، ص222، نقلاً عن الاستيعاب وغيره.
[22] العسكري، معالم المدرستين، ج2، ص242.
مصادر البحث
1ـ ابن القيم الجوزية، محمّد، زاد المعاد في هدى خير العباد، القاهرة، دار الآفاق العربية، الطبعة الأُولى، 1428 ه.
2ـ ابن حجر العسقلاني، أحمد، فتح الباري شرح صحيح البخاري، بيروت، دار المعرفة، الطبعة الثانية، بلا تاريخ.
3ـ الأميني، عبد الحسين، الغدير، بيروت، دار الكتاب العربي، الطبعة الرابعة، 1397 ه.
4ـ البخاري، محمّد، صحيح البخاري، دار الفكر، طبعة 1401 ه.
5ـ الجصّاص، أبو بكر، أحكام القرآن، بيروت، دار الكتب العلمية، الطبعة الأُولى، 1415 ه.
6ـ الزمخشري، محمود، الكشّاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، مصر، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي، طبعة 1385 ه.
7ـ صحيح مسلم، مسلم، القاهرة، دار الحديث، الطبعة الأُولى، 1412 ه.
8ـ الطبري، محمّد، تاريخ الأُمم والملوك، (تاريخ الطبري)، بيروت، مؤسّسة الأعلمي، الطبعة الرابعة، 1403 ه.
9ـ الطبري، محمّد، جامع البيان عن تأويل آي القرآن (تفسير الطبري)، بيروت، دار الفكر، طبعة 1415 ه.
10ـ الطحاوي، أحمد، شرح معاني الآثار، تحقيق محمّد زهري النجّار، دار الكتب العلمية، الطبعة الثالثة، 1416 ه.
11ـ العسكري، مرتضى، معالم المدرستين، بيروت، مؤسّسة النعمان، طبعة 1410 ه.
12ـ فخر الرازي، محمّد، تفسير الرازي، الطبعة الثالثة، 1420 ه.
13ـ القرطبي، محمّد، الجامع لأحكام القرآن (تفسير القرطبي)، بيروت، دار إحياء التراث العربي، الطبعة الثانية، 1405 ه.
14ـ القرطبي، محمّد، بداية المجتهد ونهاية المقتصد، بيروت، دار الفكر، طبعة 1415 ه.
مصدر المقالة (مع تصرف بسيط)
البهبهاني، عبد الكريم، زواج المتعة في الشريعة الإسلامية، المجمع العالمي لأهل البيت (ع)، الطبعة الأُولى، 1422 ه.