نبذة مختصرة عن حياة العالم الجليل الشيخ محمد شريف المازندراني الحائري المعروف بشريف العلماء، أحد علماء الدين في كربلاء، ولد في كربلاء، وتُوفّي شريف العلماء في ذي القعدة 1246ﻫ في مسقط رأسه.
اسمه ونسبه
الشيخ محمد شريف ابن الشيخ حسن علي المازندراني الحائري المعروف بشريف العلماء.
ولادته
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته، إلّا أنّ شريف العلماء ولد في أواخر القرن الثاني عشر للهجرة في كربلاء المقدّسة بالعراق.
دراسته وتدريسه
بدأ شريف العلماء دراسته للعلوم الدينية في مسقط رأسه، واستمرّ في دراسته حتّى عُدّ من العلماء في كربلاء، كما قام شريف العلماء بتدريس العلوم الدينية فيها.
أساتذة و تلامذة شريف العلماء
من أساتذته: 1ـ السيّد صدر الدين محمّد الموسوي العاملي، 2ـ السيّد علي الطباطبائي، ـ 3ـ السيّد محمّد المجاهد، ـ 4ـ الميرزا القمّي صاحب القوانين.
من تلامذته: 1ـ الشيخ مرتضى الأنصاري، 2ـ الشيخ جعفر الشيخ حسين التستري، 3ـ السيّد حسين الترك، 4ـ الميرزا علي الخليلي، 5ـ السيّد محمّد إبراهيم السيّد محمّد باقر القزويني، 6ـ الشيخ محمّد حسن آل ياسين، 7ـ السيّد محمّد شفيع البروجردي، 8ـ السیّد حسن السيّد علي المدرّس الإصفهاني، 9ـ السيّد محمّد باقر السيّد علي القزويني، 10ـ الفاضل الدربندي، 11ـ السيّد حسين السيّد رضا بحر العلوم، 12ـ الشيخ محمّد تقي بن كاظم الكرماني، 13ـ السيّد محمّد تقي بن المير مؤمن القزويني، 14ـ السيّد جعفر السيّد علي الطالقاني، 15ـ الشيخ محمّد حسين بن علي القزويني.
16ـ الشيخ رجب علي اللاريجاني، 17ـ المولى محمّد سعید المازندراني المعروف بسعيد العلماء، 18ـ الشيخ عبد الخالق بن عبد الرحيم اليزدي، 19ـ الشيخ عبد الرحيم بن علي الإصفهاني، 20ـ السيّد عبد الغفور السيّد محمّد إسماعيل اليزدي، 20ـ الشيخ محمد علي بن المولى مقصود علي المازندراني، 21ـ الفاضل الأردكاني، 22ـ السيّد محسن السيّد عبد الله البحراني، 23ـ الشيخ إسماعيل اليزدي، 24ـ الشيخ محمّد صالح بن محمّد محسن المازندراني الإصفهاني، 25ـ الميرزا رفيع بن علي الرشتي، 26ـ الميرزا عبد الكريم المراغي الكاظمي، 27ـ الشيخ عبد الوهّاب بن محمّد علي القزويني، 28ـ الشيخ محمّد بن محمّد بيك الجكني الكزازي، 29ـ الشيخ إبراهيم ابن المولى بابا البارفروشي السمناني، 30ـ الشيخ عبد العظيم بن محمّد اللواساني.
ما قيل في حقّ شريف العلماء
1ـ قال السيّد الخونساري في الروضات: «رئيس الأُصوليّين النبلاء الفحول، بل الجامع بين المعقول والمنقول مولانا شريف الدين محمّد… وهذا الشيخ هو الذي ملأ الأصقاع آثار تأسيسه، وقرع الأسماع أصوات تدريسه، وإن كان غير مسلّم في أبواب الفقهيّات، ومقتصراً في أُصوله على بوادر اللبيّات، ولم يخرج منه مصنّف مشهور ومؤلّف هو بالرشاقة مذكور؛ حتّى أن اعترى الريب ساحة فقاهته واجتهاده، بعد ما اطبق على تمام مهارته و استعداده»[1].
2ـ قال الميرزا التنكابني في قصص العلماء ما معرّبه: «الملقّب بشريف العلماء، وقدوة الفقهاء، وأُسوة الفضلاء، مؤسّس علم الأُصول، وأُستاذ الفحول، نادرة الدهر، وأُعجوبة الزمان، ووحيد العصر، شمس فلك المنقول، وبدر سماء الأُصول، الحائري مولداً ومدفناً»[2].
3ـ قال تلميذه السيّد محمّد شفيع البروجردي في الروضة البهية: «السالك في مسالك التحقيق، والعارج في مدارج التدقيق، مقنّن القوانين الأُصولية، مشيّد المباني الفرعية، مفتاح العلوم الشرعية، مربّي العلماء الإمامية، مدرّس الطالبين جميعاً في جوار ثالث الأئمّة (ع)، شيخنا وأُستأذنا ومربّينا ووالدنا الروحاني، والعالم الربّاني محمد شريف… فصار محسوداً بين الحاسدين، ومستغنياً عن الاشتغال، وقابلاً للإفتاء، ومجتهداً بصيراً، وجامعاً لجميع الشرائط المعتبرة…
فاشتغل هو بالمطالعة والمباحثة، وجدّ كمال الجدّ حتّى صار مدرّساً ماهراً لم تسمح بمثله الأيّام في سابقها ولاحقها، وصار مجلسه حافلاً بالعلماء العظام، وببركة أنفاسه الشريفة، ترقّى في مدّة يسيرة جمع كثير من حضيض التقليد إلى أوج الاجتهاد، وكنت أوّل مَن أجازه، وكان برّاً بي كمال البرّ والتلطّف والمرحمة، وخصّني من بين أقراني بالتوصيف والتعريف وإظهار المرحمة، جزاه الله عنّي وعن سائر تلامذته أفضل جزاء المحسنين، وفضيلة كلّ مَن تأخّر عنه في القواعد الأُصولية مأخوذة عنه، وصرف عمره الشريف في تربية الطالبين… وكان هذا الشيخ أُعجوبة في الحفظ والضبط ودقّة النظر، وسرعة الانتقال في المناظرات، وطلاقة اللسان، لم أر مثله قطّ، ولم يباحث مع أحد إلّا غلب عليه، وكانت له يد طولى في علم الجدل»[3].
4ـ قال تلميذه الشيخ محمّد حسن آل يس: «كان يُدرّسنا في علم الأُصول في المدرسة المعروفة بمدرسة حسن خان، وكان يحضر تحت منبره ألف من المشتغلين، وفيهم المئات من العلماء الفاضلين، ومن تلامذته شيخنا العلّامة المرتضى الأنصاري، وهو منقّح تلك التحقيقات الأنيقة، وكفى بذلك فخراً وفضلاً»[4].
5ـ قال السيّد الصدر في التكملة: «شيخ الشيوخ، العالم المحقّق المؤسّس المتقن المتبحّر، صاحب التحقيقات التي لم يسبقه إليها سابق… فصار محسوداً بين الحاسدين، ومستغنياً عن الاشتغال، وقابلاً للإفتاء، ومجتهداً بصيراً، وجامعاً لجميع الشرائط المعتبرة»[5].
6ـ قال الشيخ القمّي في الكنى والألقاب: «شيخ الفقهاء العظام، ومربّي الفضلاء الفخام، أُستاذ العلماء الفحول، جامع المعقول والمنقول… ورُزق السعادة في التدريس والإفادة، وكثرة التلاميذ من الفقهاء والعلماء»[6].
7ـ قال الشيخ حرز الدين في المعارف: «العالم المحقّق والأُصولي القدير المدقّق، المدرّس الأوّل في كربلاء، وكان متكلّماً فيلسوفاً بارعاً بأُصول المتأخّرين، وحدّثنا بعض المعاصرين الأعلام أنّه كان يحضر مجلس درسه ألف رجل أو يزيد بين عالم وفاضل، وكلّهم من أهل التحقيق، وجلّهم صاروا مراجع تقليد»[7].
8ـ قال السيّد الأمين في الأعيان: «شيخ العلماء، ومرّبي الفقهاء، مؤسّس علم الأُصول، جامع المعقول والمنقول، نادرة الدهر، وأُعجوبة الزمان… وقلّما رُئي مثله في تأسيس قواعد الأُصول، وقد صرف عمره على تربية العلماء، فلهذا كان قليل التصنيف، ومصنّفاته على قلّتها لم تخرج إلى البياض، وكان أُعجوبة في الحفظ والضبط ودقّة النظر، وسرعة الانتقال في المناظرات، وطلاقة اللسان، له يد طولى في علم الجدل، وكان له ولد توفّي سنة وفاته وانقطع نسله»[8].
9ـ قال الشيخ آقا بزرك الطهراني في الطبقات: «من أعاظم العلماء في عصره، كان من رؤساء الدين، وسدنة المذهب، وأبطال العلم، وعمد الشريعة، ومن الحجج الأثبات، وشيوخ الاجتهاد الأفاضل… وعاد إلى العراق في أواخر أيّام صاحب الرياض، فأشاد أُستاذه بذكره، واتّجهت أنظار الطلّاب والمشتغلين إليه؛ وتقاطروا عليه من كلّ حدب وصوب، وتهافتوا عليه مثل تهافت الفراش على النور، فاشتغل بالتدريس والتربية.
واتّجه إلى المشتغلين بكلّه، ورأف بهم كما يرأف الوالد البارّ بأولاده، وكان شديد العناية بهم، كثير الاهتمام لهم، حرص على تفهيمهم بأساليب راقية حتّى تخرّج من منبر درسه عشرات المجتهدين بل المآت، وكان يرفع طلّابه إلى أوج الاجتهاد بمدّة قصيرة؛ لغزارة علمه وحُسن تفهيمه، والمشهور أنّه كان لا يفتر عن التدريس والمذاكرة ليلاً ونهاراً حتّى في شهر رمضان، الذي جرت العادة على التعطيل فيه، ولذلك قلّ نتاجه العلمي، ولم يكن له في عالم التأليف ما يتناسب وعظيم مكانته، كما أنّه لم يخرج ما كتبه إلى البياض»[9].
10ـ قالت اللجنة العلمية لموسوعة طبقات الفقهاء: «كان فقيهاً إماميّاً مجتهداً، من كبار الأُصوليّين، ومشاهير المدرّسين، له يد طولى في علم الجدل… وبرع في أُصول الفقه، وتصدّر للتدريس، فمهر فيه، واتّجهت إليه الأنظار، وتهافت عليه أهل العلم لغزارة علمه وحسن تقريره، حتّى بلغ عدد مَن يحضر درسه ألف شخص أو أكثر، وكان لا يفتر عن التدريس والمذاكرة، ولذا قلّ نتاجه العلمي، ومصنّفاته على قلَّتها لم تخرج إلى البياض، تتلمذ عليه وتخرّج به الجمّ الغفير…»[10].
مدرسة شريف العلماء
شُيّدت مدرسة شريف العلماء للعلوم الدينية، بأمر من المرجع الديني السيّد محسن الطباطبائي الحكيم، وقفاً على طلبة العلوم الدينية في كربلاء المقدّسة عام 1383ه، وسمّيت المدرسة باسم مدرسة شريف العلماء لوقوعها قرب مرقد شريف العلماء (قده).
وتبلغ مساحة المدرسة 209م، وصمّمت على شكل طراز عمراني إسلامي، تتكوّن من طابقين، في مقدّمتها مدخل يؤدّي إلى ساحة المدرسة، في وسطها نافورة، وسقفها مفتوح للسماء، ممّا يساعد على دخول الضوء والهواء إلى باحتها، وتحيط بها مجموعة من الغرف، فضلاً عن السرداب، ومكتبة وقاعة الصلاة، إلى جانبهما يقع مرقد العلّامة الشيخ محمد شريف المازندراني.
في عقدي الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين الميلادي طالتها يد الإهمال والتخريب، ثمّ شملها قرار ما يسمّى مجلس قيادة الثورة (المنحل) الصادر عام 1994م، وتمّ تسجيلها باسم الأوقاف والشؤون الدينية، ومن ثمّ نُقلت ملكيّتها إلى وزارة المالية في عام 1997م، فأصبحت تحت التصرّف الصدّامي حتّى سقوطه عام 2003م، بعدها تمّ استعادة المدرسة، وتجدّد الاهتمام بها من قبل المرجع الديني السيّد محمّد سعيد الحكيم، فأعاد إحيائها من جديد؛ لتخدم طلبة العلوم الدينية، وهي ما زالت قائمة إلى وقتنا الحاضر.
من مؤلّفاته
1ـ رسالة في مقدّمة الواجب[11]، 2ـ رسالة في بيان جواز النسخ[12].
من تقريرات درسه
1ـ تقريرات الشيخ محمّد علي ابن الآقا نجفي الدزفولي (3 مجلّدات)، 2ـ القواعد الشريفية في مهمّات المسائل الأُصولية للسيّد محمّد شفيع البروجردي (مجلّدان)، 3ـ مناهج الأُصول للشيخ جعفر بن آقا بزرك التستري، 4ـ نفائس الأُصول لأرباب التحصيل والحصول للمولى محمّد سعيد المازندراني المعروف بسعيد العلماء، 5ـ تقريرات الشيخ رجب على اللاريجاني، 6ـ تقريرات السيّد محمّد الجزائري التستري، 7ـ تقريرات للسيّد صادق سبط السيّد محمّد المجاهد الطباطبائي، 8ـ الحقائق الثلاثة للشيخ عبد العظيم بن محمّد اللواساني، 9ـ روض المحصّلين في أُصول الفقه للشيخ عبد العظيم بن محمّد اللواساني، 10ـ تقریرات محمّد بن قوج علي الحاجي آبادي الأسترآبادي.
وفاته
توفّي شريف العلماء (قده) في الرابع والعشرين من ذي القعدة 1246 ه في مسقط رأسه بمرض الطاعون، ودُفن شريف العلماء في داره قرب باب القبلة بكربلاء.
الاستنتاج
أن الشيخ محمد شريف المازندراني الحائري المعروف بشريف العلماء، أحد علماء الدين في كربلاء، ولد في كربلاء في أواخر القرن الثاني عشر للهجرة، برع في العلوم الدينية، حيث درس وتدَرّس في كربلاء، وأصبح من أبرز علماء عصره، تخرّج على يديه العديد من الفقهاء المعروفين، مثل الشيخ مرتضى الأنصاري، عُرف بمكانته العلمية العالية، وحظي بتقدير كبير من معاصريه، حيث وصفه العديد من العلماء بأنه أعجوبة الزمان، وتُوفّي شريف العلماء في ذي القعدة 1246ﻫ بسبب الطاعون، ودفن في كربلاء.
الهوامش
[1] روضات الجنّات، ج1، ص38، ضمن رقم 7.
[2] قصص العلماء، ص137.
[3] تكملة أمل الآمل، ج3، ص157، رقم 851، نقلاً عن الروضة البهية في الإجازة الشفيعية، ص32.
[4] تكملة أمل الآمل، ج3، ص159، رقم 851.
[5] تكملة أمل الآمل، ج3، ص157، رقم 851.
[6] الكنى والألقاب، ج2، ص361.
[7] معارف الرجال، ج2، ص298، رقم 358.
[8] أعيان الشيعة، ج9، ص364.
[9] طبقات أعلام الشيعة، ج١١، ص619، رقم 1114.
[10] موسوعة طبقات الفقهاء، ج2، ص445.
[11] حقّقها الفاضل الشيخ محمّد رضا الأنصاري القمّي.
[12] حقّقها وعلّق عليها وقدّم لها، الفاضل الشيخ حسين حلبيّان الإصفهاني.
مصادر البحث
1ـ آقا بزرك الطهراني، محمّد محسن، طبقات أعلام الشيعة، بيروت، دار إحياء التراث العربي، الطبعة الأُولى 1430ه.
2ـ الأمين، محسن، أعيان الشيعة، تحقيق حسن الأمين، بيروت، دار التعارف، بلا تاريخ.
3ـ التنكابني، محمّد، قصص العلماء، طهران، المكتبة العلمية الإسلامية، بلا تاريخ.
4ـ حرز الدين، محمّد، معارف الرجال في تراجم العلماء والأُدباء، قم، منشورات مكتبة السيّد المرعشي النجفي، طبعة 1405ه.
5ـ الخونساري، محمّد باقر، روضات الجنّات في أحوال العلماء والسادات، قم، مكتبة إسماعيليان، بلا تاريخ.
6ـ السبحاني، جعفر، موسوعة طبقات الفقهاء، قم، مؤسّسة الإمام الصادق (ع)، الطبعة الأُولى، 1418ه.
7ـ الصدر، حسن، تكملة أمل الآمل، تحقيق د حسين علي محفوظ، بيروت، دار المؤرّخ العربي، الطبعة الأُولى، بلا تاريخ.
8ـ القمّي، عبّاس، الكنى والألقاب، طهران، مكتبة الصدر، بلا تاريخ.
بقلم: محمد أمين نجف