- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 3 دقیقة
- بواسطة : امین نجف
- 0 تعليق
أهمّية المؤاخاة
كان رسول الله(صلى الله عليه وآله) بصدد بناء مجتمع جديد، يكون المثل الأعلى للصلاح والفلاح، قادراً على القيام بأعباء الدعوة إلى الله تعالى، ونصرة دينه، في أيّ ظرف من الظروف والأحوال.
كان ولابدّ من إيجاد روابط وثيقة تشدّ هذا المجتمع الجديد بعضه ببعض، وبناء عواطف راسخة، قائمة على أساس عقيدي، تمنع من الإهمال ومن الحيف على أيّ فرد من أفراد هذا المجتمع، بحيث يكون الكلّ مشمولين للرعاية التامّة، التي تجعلهم يعيشون الحبّ والحنان بأسمى وأجلّ معانيه.
وكانت تلك الرابطة الوثيقة هي: المؤاخاة، فآخى مرّة بين المهاجرين قبل الهجرة على الحقّ والمواساة حينما كان في مكّة المكرّمة، وأُخرى آخى بين المهاجرين والأنصار على الحقّ والمواساة بعد هجرته إلى المدينة المنوّرة.
المؤاخاة بين المسلمين قبل الهجرة
قد آخى رسول الله(صلى الله عليه وآله) بين أبي بكر وعمر، وبين حمزة وزيد بن حارثة، وبين عثمان وعبد الرحمن بن عوف، وبين طلحة والزبير، وبين سلمان وأبي ذرّ الغفاري، وبين عبادة بن الحارثة وبلال، وبين مصعب بن عمير وسعد بن أبي وقّاص، وبين أبي عبيدة ابن الجرّاح وسالم مولى أبي حذيفة… .
مؤاخاة النبي(صلى الله عليه وآله) للإمام علي(عليه السلام)
قال الإمام علي(عليه السلام): «آخى رسول الله(صلى الله عليه وآله) بين أصحابه، فقلت: يا رسول الله آخيت بين أصحابك وتركتني فرداً لا أخ لي! فقال: إنّما اخترتك لنفسي، أنت أخي في الدنيا والآخرة، وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى. فقمت وأنا أبكي من الجدل والسرور»(۱).
قال الشاعر أبو تمام الطائي في هذا المعنى:
أخوه إذا عدَّ الفخَار وصِهْرُه ***** فَمَا مثلُهُ أخٌ ولا مِثلُه صِهْرُ
وشدّ به أزر النبيّ محمّد ***** كما شدّ من موسى بهارونه الأزرُ(۲).
الحديث متواتر ورواه الكثير من أهل السنّة
لاشكّ أنّ حديث المؤاخاة تواتر نقله، ولا يمكن إنكاره، ولا التشكيك فيه، ولاسيّما مؤاخاة النبيّ لعليٍّ(عليهما السلام)، سواء في المؤاخاة الأُولى في مكّة، أم في الثانية في المدينة، فقد رواه أصحاب السنن والسير والتواريخ من أعلام أهل السنّة في كتبهم، فضلاً عن علماء الشيعة، وعليه فهو حديث صحيح، ولا يعبأ بقول ابن كثير وابن حزم ـ المعروفان بالنصب والتعصّب ضدّ فضائل علي(عليه السلام) ـ بأنّه حديث غير صحيح، خصوصاً وأنّ بعض علماء أهل السنّة قد صحّحه وقوّاه.
وفي هذا المجال نذكر بعض نصوص هذا الحديث وبعض مصادره من أهل السنّة:
۱ـ روي عن زيد بن أبي أوفى قال: لمّا آخى النبي(صلى الله عليه وآله) بين أصحابه، وآخى بين عمر وأبي بكر… فقال علي: «يا رسول الله، ذهب روحي وانقطع ظهري حين رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت غيري، فإن كان من سخطة عليّ؟ فلك العتبى والكرامة».
فقال(صلى الله عليه وآله): «والذي بعثني بالحقّ، ما أخّرتك إلّا لنفسي، فأنت عندي بمنزلة هارون من موسى ووارثي».
قال: «يا رسول الله ما أرث منك»؟! قال: «ما أورثت الأنبياء»، قال: «ما أورثت الأنبياء قبلك»؟! قال: «كتاب الله وسنّة نبيّهم، وأنت معي في قصري في الجنّة مع فاطمة ابنتي، وأنت أخي ورفيقي»(۴).
۲ـ روي أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) آخى بين أصحابه، فبقي رسول الله وأبو بكر وعمر وعلي، فآخى بين أبي بكر وعمر، وقال لعليٍّ: «إنّما تركتك لنفسي، أنت أخي وأنا أخوك، فإنّ ذكرك أحد فقل: أنا عبد الله وأخو رسول الله، لا يدّعيها بعدك إلّا كذّاب»(۵).
المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار
آخى رسول الله(صلى الله عليه وآله) بين المهاجرين والأنصار بعد هجرته إلى المدينة المنوّرة، فآخى بين أبي بكر وخارجة بن زهير الخزرجي، وبين عمر بن الخطّاب وعتبان بن مالك الخزرجي، وبين معاذ بن جبل وأبي ذر الغفّاري، وبين حذيفة بن اليمان وعمّار بن ياسر، وبين مصعب بن عمير وأبي أيوب الأنصاري… .
مجموع من آخاهم النبي(صلى الله عليه وآله) في المدينة
قيل: كانوا تسعين رجلاً، خمسة وأربعون من المهاجرين، وخمسة وأربعون من الأنصار، وقيل: كانوا مئة رجل، خمسون من المهاجرين، وخمسون من الأنصار.
————————————
۱ـ بحار الأنوار ۳۸ /۳۳۸٫
۲ـ مناقب آل أبي طالب ۲/ ۳۰۷٫
۳ـ الأنفال: ۷۵٫
۴ـ المعجم الكبير ۵ /۲۲۱، الدرّ المنثور ۴/ ۳۷۱٫
۵ـ ذخائر العقبى: ۶۶، نظم درر السمطين: ۹۵، كنز العمّال ۱۱/ ۶۰۸ و۱۳/ ۱۴۰، تاريخ مدينة دمشق ۴۲/ ۵۲ و۶۱٫
بقلم: محمد أمين نجف