ألقاب الإمام علي (ع) التي تحكي صفاته ونزعاته

ألقاب الإمام علي (ع) التي تحكي صفاته ونزعاته

2025-03-11

56 بازدید

لا شك ولا ريب أن الألقاب التي تضفى على الشخص فإنّها تحكي صفاته ونزعاته، وهناك ألقاب لقب بها الإمام علي (ع) تشير إلى بعض محاسن صفاته وسمو ذاته وعظيم شأنه ومعالي أخلاقه، وردت في الروايات عن رسول الله، نذكر منها ما يلي:

1ـ الصديق

من الألقاب الكريمة التي عرف بها علي (ع) «الصديق»، لقّبه النّبي (ص) بذلك، وإنّما لقّب به لأنّ الإمام علي (ع) صدّق رسول الله (ص) وآمن بجميع ما جاء به من عند الله تعالى، وقد أسلم قبل أن يسلم غيره، قال (ع): أنا الصّدّيق الأكبر آمنت قبل أن يؤمن أبو بكر، وأسلمت قبل أن يسلم[1]، وقد اشتهر هذا اللقب في عصره وعرف به.

يقول الصحابي الكبير مالك الأشتر مخاطبا الإمام علي (ع): «أنت الصدّيق الأكبر». أجل والله إنّه الصدّيق الأكبر الذي لا يضارعه أحد من المسلمين في ذلك.

2ـ الوصي

من الألقاب الكريمة التي عرف بها علي (ع) «الوصي» أي وصي رسول الله (ص)، وقد أضفاه عليه الرسول، فقد منحه ذلك في كوكبة من الأحاديث كان منها:

1ـ قال النبي (ص): هذا وصيّي، وموضع سرّي، وخير من أترك بعدي[2].

2ـ قال النبي (ص): إنّ وصيّي، وموضع سرّي، وخير من أترك بعدي، وينجز عدتي، ويقضي ديني، عليّ بن أبي طالب[3].

3ـ سأل سلمان الفارسي رسول الله (ص) فقال له: من وصيّك؟ فقال له: يا سلمان، من كان وصيّ موسى؟، قال: يوشع بن نون، قال: فإنّ وصيّي ووارثي، يقضي ديني، وينجز موعدي، عليّ بن أبي طالب[4].

لقد شاع هذا اللقب للإمام علي (ع) بين العامّة والخاصّة، واستمدّوا ذلك من النبيّ (ص).

الوصي في لسان الشعراء

وانتشر هذا اللقب في جميع العصور الإسلامية، ونظمه الشعراء من قدامى ومحدثين، ولنستمع إليهم:

١ـ خزيمة بن ثابت

أمّا خزيمة فهو من ألمع أصحاب الإمام علي (ع) وأكثرهم ولاء له، وكان من قادة جيشه في حرب الجمل، خاطب الإمام بقوله:

يا وصيّ النّبيّ قد أجلت ** الحرب لنا وسادت الأضغان[5]

وقد نقم على عائشة وأنكر عليها خروجها لحرب الإمام علي قائلا لها:

أعائش خلّي عن عليّ وعيبه ** بما ليس فيه إنّما أنت والده

وصيّ رسول الله من دون أهله ** وأنت على ما كان من ذاك شاهده[6]

إنّ خزيمة بن ثابت من أوثق الصحابة، ومن أكثرهم تحرّجا في دينه، وأنّه على بيّنة أنّ الإمام علي (ع) وصيّ رسول الله (ص) وخليفته من بعده على امّته.

٢ـ عبد الرحمن بن جعيل

ولمّا بويع الإمام علي (ع) بالخلافة انبرى عبد الرحمن يهنّئ المسلمين ببيعته قائلا:

لعمري لقد بايعتم ذا حفيظة ** على الدّين معروف العفاف موفّقا

عليّا وصيّ المصطفى وابن عمه ** وأوّل من صلّى أخا الدين والتّقى[7]

لقد كان لقب الوصيّ من أشهر ألقاب الإمام (ع) وأكثرها ذيوعا بين الناس.

3ـ جرير بن عبد الله البجليّ

أمّا جرير بن عبد الله البجليّ فهومن أفذاذ أصحاب الإمام علي (ع)، وقد أنكر على شرحبيل بن السمط الكنديّ انضمامه إلى معاوية ومناجزته للإمام، وقد أرسل له أبياتا من الشعر عاب فيها حربه للإمام علي كان منها هذا البيت الذي نظم فيه «الوصاية»:

وصيّ رسول الله من دون أهله ** وفارسه الحامي به يضرب المثل[8]

٤ـ سعيد بن قيس

وسعيد بن قيس من طلائع أصحاب الإمام علي (ع)، ومن أكثرهم ولاء له، وكان معه في حرب الجمل الذي قادته عائشة بنت أبي بكر لإسقاط حكومة الإمام (ع)، وقال سعيد في وصف الحرب وضراوتها، وقد نظم لفظ الوصيّ قال:

أيّة حرب أضرمت نيرانها ** وكسّرت يوم الوغى مرّانها

قل للوصيّ أقبلت قحطانها ** فادع بها تكفيكهم همدانها

هم بنوهاشم وهم إخوانها[9]

٥ـ حجر بن عدي

كان حجر بن عدي الكندي من خيار صحابة النبيّ (ص)، ومن أكثرهم ولاء لوصيّه وباب مدينة علمه الإمام علي (ع)، وقد استشهد في سبيل ولائه له، قتله معاوية بن هند، وكانت شهادته من الأحداث الجسام في ذلك العصر.

وكان حجر من قادة جيش الإمام (ع) في حرب الجمل، وهو القائل:

يا ربّنا سلّم لنا عليّا ** سلّم لنا المبارك المضيّا

المؤمن الموحّد التّقيّا ** لا خطل الرّأي ولا غويّا

بل هاديا موفّقا مهديا ** واحفظه ربّي واحفظ النّبيّا

فيه فقد كان له وليّا ** ثمّ ارتضاه بعده وصيّا[10]

٦ـ النعمان بن عجلان

كان النعمان بن عجلان مع الإمام علي (ع) في معركة صفّين، فقال محرّضا لجيش الإمام على حرب معاوية:

كيف التّفرّق والوصيّ إمامنا ** لا كيف إلاّ حيرة وتخاذلا

فذروا معاوية الغويّ وتابعوا ** دين الوصيّ لتحمدوه آجلا[11]

٧ـ أبو الأسود الدؤلي

ونظم العالم الكبير أبو الأسود الدؤلي تلميذ الإمام علي (ع) لفظة الوصيّ بهذا البيت:

احبّ محمّدا حبّا شديدا ** وعبّاسا وحمزة والوصيّا

٨ـ الفضل بن العباس

قال الفضل بن العباس في مدحه للإمام علي (ع):

إلا إنّ خير النّاس بعد محمّد ** وصيّ النّبيّ المصطفى عند ذي الذّكر

وأوّل من صلّى وصنونبيّه ** وأوّل من أردى الغواة لدى بدر[12]

٩ـ حسّان بن ثابت

نظم حسّان بن ثابت أبياتا في مدح الإمام علي (ع) ذكر فيها لفظ الوصيّ:

حفظت رسول الله فينا وعهده ** إليك ومن أولى به منك من ومن؟

ألست أخاه في الهدى ووصيّه ** وأعلم فهر بالكتاب وبالسّنن؟[13]

10ـ الكميت

أمّا الكميت الأسدي فهو من طلائع الفكر الإسلامي، وتعدّ هاشميّاته من ذخائر الأدب العربي، وقد صوّر فيها ـ بصدق ـ حقيقة أهل البيت: وما عانى شيعتهم من المحن والخطوب. قال في مدح الإمام علي (ع):

والوصيّ الّذي أمال التّجوبي ** به عرش أمّة لانهدام

كان أهل العفاف والمجد والخير ** ونقض الامور والإبرام

١١ـ المتنبّي

أمّا المتنبّي فهو شاعر الحياة على امتداد التأريخ، ولم يؤثر عنه ـ فيما نعلم ـ مدح للإمام علي (ع) سوى هذين البيتين، وقد ذكر فيهما لفظ الوصيّ:

وتركت مدحي للوصيّ تعمّدا ** إذ كان نورا مستطيلا شاملا

وإذا استطال الشّيء قام بذاته ** وصفات ضوء الشّمس تذهب باطلا

١٢ـ أبو تمام الطائي

أمّا أبو تمام الطائي فهو من ألمع شعراء العربية في العصر العبّاسي، قال في مدحه للإمام علي (ع)، وقد ذكر لفظ الوصيّ:

ومن قبله أحلفتم لوصيّه ** بداهية دهياء ليس لها قدر

فجئتم بها بكرا عوانا ولم يكن ** لها قبلها مثلا عوان ولا بكر

أخوه إذا عدّ الفخار وصهره ** فلا مثله أخ، ولا مثله صهر

وشدّ به أزر النّبيّ محمّد ** كما شدّ من موسى بهارونه الأزر

١٣ـ دعبل الخزاعي

أمّا دعبل الخزاعي فقد وهب حياته لآل النبيّ (ص) وناضل في سبيلهم كأشدّ وأقسى ما يكون النضال، لقد نشر مآثرهم في العصر العباسي الذي تنكّر للسادة العلويّين وطاردهم تحت كلّ حجر ومدر، وكان من نظمه في الإمام علي (ع) مع ذكر الوصيّ بهذه الأبيات:

سلام بالغداة وبالعشيّ ** على جدث بأكناف الغريّ

ولا زالت عزالي النّوء تزجي ** إليه صبابة المزن الرّويّ

ألا يا حبّذا ترب بنجد ** وقبر ضمّ أوصال الوصيّ

وصيّ محمّد بأبي وامّي ** وأكرم من مشى بعد النّبيّ

وقال في رثاء أبي الأحرار الإمام الحسين (ع) وقد ذكر لفظ الوصيّ:

رأس ابن بنت محمّد ووصيّه ** يا للرّجال على قناة يرفع![14]

هذه شذرات ممّا نظمه أعلام الشعر العربي في مدح الإمام علي (ع)، وقد حفلت بذكر الوصيّ الذي هو من أكثر ألقابه شيوعا وانتشارا.

3ـ الفاروق

من الألقاب الكريمة التي عرف بها علي (ع) «الفاروق»، لقّب الإمام علي (ع) بالفاروق لأنّه يفرق بين الحقّ والباطل، وقد اقتبس هذا اللقب من الأحاديث النبوية التي أضفت عليه ذلك، وهذه بعضها:

1ـ روى أبو ذرّ وسلمان أنّ النبيّ (ص) أخذ بيد عليّ (ع) وقال: إنّ هذا أوّل من آمن بي، وهذا أوّل من يصافحني يوم القيامة، وهذا الصّدّيق الأكبر، وهذا فاروق هذه الامّة يفرق بين الحقّ والباطل[15].

2ـ روى الصحابي الجليل أبو ذرّ قال: سمعت رسول الله (ص) يقول لعليّ: أنت الصّدّيق الأكبر، وأنت الفاروق الّذي تفرق بين الحقّ والباطل[16].

3ـ روى أبو ليلى الغفاري قال: سمعت رسول الله (ص) يقول: ستكون من بعدي فتنة، فإذا كان ذلك فألزموا عليّ بن أبي طالب فإنّه أوّل من آمن بي، وأوّل من يصافحني يوم القيامة، وهوالصّدّيق الأكبر، وهوفاروق هذه الامّة[17].

4ـ يعسوب الدين

من ألقابه الكريمة «يعسوب الدين»، اليعسوب في اللغة فحل النحل، ثمّ اطلق على السيّد الشريف في قومه، وهو من ألقاب الإمام علي (ع)، لقّبه النبيّ (ص) بذلك، فقد قال له: هذا ـ وأشار إلى الإمام ـ يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الظّالمين[18].

وقال النبي (ص): عليّ يعسوب المؤمنين.

وروى أبو سعد قال: دخلت على عليّ (ع) وبين يديه ذهب فقال: أنا يعسوب المؤمنين، وهذا ـ أي الذهب ـ يعسوب المنافقين»، ثمّ قال: «بي يلوذ المؤمنون، وبهذا يلوذ المنافقون[19].

5ـ الولي

من الألقاب الرفيعة التي تقلّدها الإمام علي (ع) «الولي»، وقد منحته السماء هذا الوسام العظيم، قال الله تعالى: إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ[20].

نزلت الآية الكريمة في حقّ الإمام علي (ع) حينما تصدّق بخاتمه على المسكين، وقد حصرت الآية الولاية العامّة على الناس في الله تعالى ورسوله والإمام، وعبّرت عنه بصيغة الجمع، وهي: وَالَّذِينَ آمَنُوا دون المفرد؛ تعظيما لشأنه وإكبارا لسمو منزلته.

وممّا يزيد في أهمّية هذا الحصر وتأكيده اسمية الجملة وهي أبلغ في التأكيد من الجملة الفعلية، بالإضافة إلى حصرها بكلمة «إنّما» التي هي من أدوات الحصر، وقد أضفى النبيّ (ص) هذا اللقب بكوكبة من الأحاديث وهذه بعضها:

1ـ روى ابن عبّاس أنّ رسول الله (ص) قال لعليّ: أنت وليّ كلّ مؤمن بعدي[21].

2ـ روى الخطيب البغدادي بسنده عن الإمام علي (ع) أنّه قال: قال رسول الله (ص): سألت الله فيك خمسا فأعطاني أربعا ومنعني واحدة؛ سألته فأعطاني فيك أوّل من تنشق الأرض عنه يوم القيامة، وأنت معي، معك لواء الحمد وأنت تحمله، وأعطاني أنّك وليّ المؤمنين بعدي[22].

3ـ روى النسائي بسنده أنّ قوما شكوا عليّا إلى رسول الله (ص) فتألّم، والغضب يبصر في وجهه، وقال: ما تريدون من عليّ؟ إنّ عليّا منّي وأنا منه، وهووليّ كلّ مؤمن من بعدي[23].

والمتأمّل في هذه الأحاديث يتجلّى له الأمر بوضوح أنّ النبيّ (ص) أقام الإمام علي من بعده خليفة ووليّا على امّته، فإنّ معنى الوليّ هو: مالك الأمر والمتصرّف في شئون من يتولّى عليه.

6ـ أمير المؤمنين

من ألقابه الشائعة «أمير المؤمنين» حتّى أنّه إذا اطلق فلا ينصرف إلى سوى الإمام، يقول الدكتور زكي مبارك: «أمير المؤمنين هو اللقب الاصطلاحي لعليّ بن أبي طالب، فإن رأى القارئ في كتاب قديم من غير نصّ على اسم فليعرف أنّ المراد هو عليّ بن أبي طالب»، وقد أفضى النبيّ (ص) هذا اللقب عليه.

روى أبو نعيم بسنده عن أنس قال: قال رسول الله (ص): يا أنس، اسكب لي وضوءا، ثمّ قام فصلّى ركعتين، ثمّ قال: يا أنس، أوّل من يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين، وسيّد المسلمين، وقائد الغرّ المحجّلين، وخاتم الوصيّين، قال أنس: قلت: اللهمّ اجعله رجلا من الأنصار وكتمته، إذ جاء عليّ (ع)، فقال: من هذا يا أنس؟ فقلت: عليّ، فقام مستبشرا فاعتنقه ثمّ جعل عرق وجهه بوجهه ويمسح عرق عليّ بوجهه.

قال علي: يا رسول الله، لقد رأيتك صنعت شيئا ما صنعت بي من قبل، قال: وما يمنعني وأنت تؤدّي عنّي؟ وتسمعهم صوتي، وتبيّن لهم ما اختلفوا فيه بعدي[24].

حكت هذه الرواية سمو منزلة الإمام علي (ع) وعظيم شأنه عند النبيّ (ص) وأنّه لم يحظ بمثل ذلك أحد سواه.

7ـ الأمين

من ألقاب الإمام علي (ع) «الأمين» لقّب بذلك لأنّه كان أمينا على امور الدين وأسرار خاتم المرسلين، وقد منحه هذا اللقب الرسول (ص) فقد قال له: يا عليّ، أنت صفيّي وأميني[25].

8ـ الهادي

من ألقاب الإمام علي (ع) «الهادي»، فقد كان هاديا للمسلمين ومرشدا للمتّقين ووليّا للمؤمنين، وقد اقتبس هذا اللقب من قول النبيّ (ص): أنا المنذر وعليّ الهادي، وبك يهتدي المهتدون[26].

9ـ الاذن الواعية

من ألقابه «الاذن الواعية»، فقد كان (ع) اذنا واعية لجميع ما انزل على النبيّ (ص)، وقد قال له النبيّ حينما نزلت عليه الآية وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ[27]: سألت ربّي أن يجعلها اذنك يا عليّ، فقال علي (ع): فما نسيت شيئا بعد، وما كان لي أن أنسى[28].

10ـ المرتضى

من ألقابه الكريمة «المرتضى» لقّب بذلك لأنّ الله ارتضاه وصيّا للنبيّ وخليفة له من بعده، أو لأنّ الله تعالى ارتضاه لسيّدة النساء زهراء الرسول زوجا[29].

11ـ الأنزع البطين

لقّب (ع) بذلك لأنّه كان ذا صلعة ليس في رأسه شعر إلاّ من خلفه، وكان عظيم البطن ولكن بلا بطنة. يقول الجواهري في جوهرته التي رثى بها أبا الأحرار الإمام الحسين (ع):

فيا بن البطين بلا بطنة ** ويا ابن الفتى الحاسر الأنزع

سأل رجل عبد الله بن عباس حبر الامّة، فقال له: اخبرني عن الأنزع البطين فقد اختلف الناس فيه؟ فأجابه ابن عبّاس: أيّها الرجل، والله لقد سألت عن رجل ما وطئ الحصى بعد رسول الله (ص) أفضل منه، وإنّه لأخو رسول الله، وابن عمّه ووصيّه وخليفته على امّته، وانّه الأنزع من الشرك، بطين من العلم، ولقد سمعت رسول الله يقول: من أراد النّجاة غدا فليأخذ بحجزة هذا الأنزع ـ يعني الإمام ـ[30].

12ـ الشريف

أمّا الإمام علي (ع) فهو من أشرف الناس بحسبه ومثله وورعه وتقواه، وقد آمن بذلك أعداؤه وخصومه، فقد روى المؤرّخون أنّ الجيش العباسي لمّا أحاط بمروان آخر ملوك الأمويّين قال لبعض وزرائه: إنّ هذا الجيش ـ أي الجيش العباسي ـ بحاجة لعليّ، فأنكر عليه ذلك، وقال له:

إنّ عليّا جيش بذاته، فقال له مروان: لقد عزب عنك ما أردته، إنّ هذا الجيش بحاجة لعليّ في شرفه ونبله، فإنّه إذا استولى علينا يستأصل نساءنا وأطفالنا وشيوخنا، ولا يتركون منّا نافخ رماد، وإذا كان عليّ قائدا للجيش فإنّه لا يعمل ذلك معنا يصدّه شرفه ونبله عن اقتراف ذلك.

وصدق مروان في تفرّسه فإنّ العبّاسيّين حينما استولوا على الحكم استأصلوا شأفة الأمويّين، ومثّلوا حتّى بأمواتهم.

13ـ بيضة البلد

من ألقابه الكريمة «بيضة البلد» كما كان أبوه بيضة مكّة ومصدر عزّها وشرفها.

فقد قالت أخت عمرو بن عبد ود حين بلغها مقتل أخيها:

لو كان قاتل عمرو غير قاتله ** لكنت أبكي عليه آخر الأبد

لكن قاتل عمرو لا يعاب به ** من كان يدعى قديما ببيض البلد[31]

14ـ خير البشر

لقّبه النبيّ (ص) «خير البشر»، وقد ورد ذلك في كوكبة من الأحاديث هذه بعضها:

1ـ روى الخطيب البغدادي بسنده عن جابر، قال: قال رسول الله (ص): عليّ خير البشر فمن امترى[32] فقد كفر[33].

2ـ روى الخطيب البغدادي عن عليّ (ع) أنّ رسول الله (ص) قال: من لم يقل عليّ خير البشر فقد كفر[34].

وأثرت عن رسول الله (ص) بهذا المضمون كوكبة اخرى من الأحاديث.

15ـ سيّد العرب

من ألقابه الكريمة «سيّد العرب» أضفاه عليه النبيّ محمد (ص)، قال: أنا سيّد ولد آدم وعليّ سيّد العرب[35].

وروت عائشة أنّ رسول الله (ص) قال: ادعوا لي سيّد العرب، فقلت: يا رسول الله، ألست سيّد العرب؟ قال: أنا سيّد ولد آدم وعليّ سيّد العرب[36].

وروى سلمة بن كهيل قال: مرّ عليّ بن أبي طالب على النبيّ (ص) وعنده عائشة فقال لها: إذا سرّك أن تنظري إلى سيّد العرب فانظري إلى عليّ بن أبي طالب، فقالت: يا نبيّ الله، ألست سيّد العرب؟ فقال: أنا إمام المسلمين، وسيّد المتّقين، وإذا سرّك أن تنظري إلى سيّد العرب فانظري إلى عليّ بن أبي طالب[37].

16ـ حجّة الله

من ألقابه الكريمة «حجّة الله» فقد كان (ع) حجّة من الله على عباده يهديهم للتي هي أقوم وينير لهم طرق الهداية، منحه هذا اللقب النبيّ (ص) قال: أنا وعليّ حجّة الله على عباده[38].

وروى أنس بن مالك قال: كنت عند النبيّ (ص) فرأى عليّا مقبلا فقال: يا أنس، قلت: لبّيك، قال: هذا المقبل حجّتي على أمّتي يوم القيامة[39].

الاستنتاج

أن هناك ألقاب للإمام علي (ع) تشير إلى بعض محاسن صفاته، منها: الصديق والوصي والفاروق ويعسوب الدين والولي وأمير المؤمنين، والأمين والهادي والاذن الواعية والمرتضى، والأنزع البطين والشريف وبيضة البلد، وخير البشر، وسيّد العرب وحجّة الله.

الهوامش

[1] ابن قتيبة، المعارف: 196.
[2] ابن حجر العسقلاني، تهذيب التهذيب، ج3، ص106.
[3] الطبراني، المعجم الكبير، ج6، ص221.
[4] المحب الطبري، الرياض النضرة، ج2، ص178.
[5] ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج1، ص145.
[6] ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج1، ص146.
[7] ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج1، ص49.
[8] ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج1، ص143.
[9] ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج1، ص144.
[10] ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج1، ص145.
[11] ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج1، ص149.
[12] المجلسي، بحار الأنوار، ج38، ص275.
[13] اليعقوبي، تأريخ اليعقوبي، ج2، ص128.
[14] ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب، ج3، ص99.
[15] المنّاوي، فيض القدير، ج4، ص358.
[16] المحب الطبري، الرياض النضرة، ج2، ص655.
[17] ابن عساكر،  تاريخ مدينة دمشق، ج42، ص450.
[18] ابن عساكر،  تاريخ مدينة دمشق، ج42، ص41.
[19] المتّقي الهندي، كنز العمال، ج13، ص119، ح36382.
[20] المائدة، 55.
[21] السجستاني، سنن أبي داود، ج1، ص360.
[22] الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ج4، ص339.
[23] المحب الطبري، الرياض النضرة، ج2، ص171.
[24] الإصفهاني، حلية الأولياء، ج1، ص63.
[25] الطبري، ذخائر العقبى، ص57.
[26] ابن عساكر،  تاريخ مدينة دمشق، ج42، ص359.
[27] الحاقة، 12.
[28] الطبري، تفسير الطبري، ج29، ص35.
[29] المتّقي الهندي، كنز العمال، ج6، ص152.
[30] الصدوق، معاني الأخبار، ص63.
[31] المفيد، الإرشاد، ج1، ص108.
[32] امترى، أي شك.
[33] الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ج7، ص108.
[34] الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ج3، ص409.
[35] الحاكم النيسابوري، المستدرك، ج3، ص124.
[36] الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ج11، ص89.
[37] الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ج11، ص89.
[38] ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، ج42، ص309.
[39] المحب الطبري، الرياض النضرة، ج2، ص193.

مصادر البحث

1ـ القرآن الكريم.
2ـ ابن أبي الحديد، عبد الحميد، شرح نهج البلاغة، تحقيق محمّد أبو الفضل إبراهيم، دار إحياء الكتب العربية، الطبعة الأُولى، 1378 ه‍.
3ـ ابن حجر العسقلاني، أحمد، تهذيب التهذيب، بيروت، دار الفكر، الطبعة الأُولى، 1404 ه‍.
4ـ ابن شهرآشوب، محمّد، مناقب آل أبي طالب، النجف، المكتبة الحيدرية، طبعة 1376 ه‍.
5ـ ابن عساكر، علي، تاریخ مدينة دمشق، تحقيق علي شيري، بيروت، دار الفكر، طبعة 1415 ه‍.
6ـ ابن قتيبة، عبد الله، المعارف، تحقيق ثروت عكاشة، القاهرة، دار المعارف، الطبعة الثانية، بلا تاريخ.
7ـ الإصفهاني، أبو نعيم، حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، القاهرة، دار أُمّ القرى، الطبعة الأُولى.
8ـ الحاكم النيسابوري، محمّد، المستدرك على الصحيحين، بيروت، دار التأصيل، طبعة 1435 ه‍.
9ـ الخطيب البغدادي، أحمد، تاريخ بغداد، بيروت، دار الكتب العلمية، الطبعة الأُولى، 1417 ه‍.
10ـ السجستاني، سليمان، سنن أبي داود، تحقيق سعيد محمّد اللحّام، دار الفكر، الطبعة الأُولى، 1410 ه‍.
11ـ الصدوق، محمّد، معاني الأخبار، قم، مؤسّسة النشر الإسلامي، طبعة 1379 ش.
12ـ الطبراني، سليمان، المعجم الكبير، بيروت، دار إحياء التراث العربي، طبعة 1405 ه‍.
13ـ الطبري، أحمد، ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى، القاهرة، مكتبة القدسي، طبعة 1356 ه‍.
14ـ الطبري، محمّد، جامع البيان عن تأويل آي القرآن (تفسير الطبري)، بيروت، دار الفكر، طبعة 1415 ه‍.
15ـ المتّقي الهندي، علي، كنز العمّال، بيروت، مؤسّسة الرسالة، طبعة 1409 ه‍.
16ـ المجلسي، محمّد باقر، بحار الأنوار، بيروت، مؤسّسة الوفاء، الطبعة الثانية، 1403 ه‍.
17ـ المحب الطبري، أحمد، الرياض النضرة في مناقب العشرة، بيروت، دار الكتب العلمية، بلا تاريخ.
18ـ المفيد، محمّد، الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد، قم، المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد، الطبعة الأُولى، 1413 ه‍.
19ـ المنّاوي، محمّد، فيض القدير شرح الجامع الصغير، بيروت، دار الكتب العلمية، الطبعة الأُولى، 1415 ه‍.
20ـ اليعقوبي، أحمد، تأريخ اليعقوبي، بيروت، دار صادر، بلا تاريخ.

مصدر المقالة (مع تصرف)

القرشي، باقر، موسوعة سيرة أهل البيت (ع)، تحقيق مهدي باقر القرشي، النجف، دار المعروف، الطبعة الثانية، 1433 ه‍، ج3، ص47 ـ ص62.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *