نبذة مختصرة عن حياة العالم السيد محسن الأمين ، أحد علماء دمشق ، مؤلّف كتاب «أعيان الشيعة» .
اسمه وكنيته ونسبه(1)
السيّد محسن أبو محمّد باقر ابن السيّد عبد الكريم ابن السيّد علي الأمين الحسيني العاملي، وينتهي نسبه إلى الحسين ذي الدمعة بن زيد الشهيد ابن الإمام علي زين العابدين(عليهم السلام).
والده
السيّد عبد الكريم، قال عنه نجله السيّد الأمين في الأعيان: «فكان تقيّاً نقيّاً صالحاً صوّاماً قوّاماً، طيّب السريرة، بكّاء من خشية الله تعالى»(2).
ولادته
ولد عام 1284ﻫ في قرية شقراء ـ إحدى قرى جبل عامل ـ بلبنان.
دراسته وتدريسه
بدأ دراسته للعلوم الدينية في مسقط رأسه، ثمّ سافر إلى النجف عام 1308ﻫ لإكمال دراسته الحوزوية، ثمّ انتقل إلى دمشق عام 1319ﻫ، واستقرّ بها حتّى وافاه الأجل، مشغولاً بالتدريس والتأليف وأداء واجباته الدينية.
من أساتذته
1ـ الشيخ محمّد طه نجف، 2ـ شيخ الشريعة الإصفهاني، 3ـ الآخوند الخراساني، 4ـ الشيخ رضا الهمداني، 5و6ـ ابنا عمّه السيّد محمّد حسين والسيّد علي، 7ـ الشيخ محمّد حسن المامقاني، 8ـ الشيخ محمّد باقر النجم آبادي، 9ـ السيّد نجيب الدين فضل الله، 10ـ السيّد أحمد الكربلائي، 11ـ الشيخ موسى شرارة، 12ـ السيّد جواد مرتضى.
من تلامذته
1ـ السيّد مهدي السيّد حسن آل إبراهيم العاملي، 2ـ الشيخ علي الشيخ محمّد مروة العاملي، 3و4ـ الشيخ خليل الصوري ونجله الشيخ مصطفى، 5ـ الشيخ علي الصوري، 6ـ السيّد أمين بن علي العاملي، 7ـ الشيخ عبد اللطيف شبلي العاملي، 8ـ ابن عمّه السيّد حسن الأمين، 9ـ الأُستاذ أديب النقي الدمشقي، 10ـ الشيخ منير عسيران، 11ـ الشيخ حسين سمرو الحمصي، 12ـ الشيخ علي شميع الحمصي، 13ـ الشيخ علي الجمّال الدمشقي.
ما قيل في حقّه
1ـ قال الشيخ آقا بزرك الطهراني في الطبقات: «علّامة فقيه محدّث جليل»(3).
2ـ قال السيّد الإصفهاني الكاظمي في الوديعة: «هو اليوم من أجلّة علمائنا المعاصرين، ولدين الله من الناصرين، جيّد التحرير، كريم النقير، محبوب القلوب في بلاده، معروف بالفضل ووفور العقل عند أحبّائه وأضداده، له مؤلّفات لطيفة، ومصنّفات شريفة، أحيا بها آثار أجداده، فهو على جانب عظيم من الزهد والورع، وقامع لأهل الضلال والبدع، قد أطال أمره أهالي مصره عجماً وعرباً، وانتشر ذكره في البلاد شرقاً وغرباً»(4).
3ـ قال الشيخ الخاقاني في شعراء الغري: «من أشهر مشاهير علماء عصره… وحياة السيّد الأمين صفحة مشرقة من الأعمال الصالحة، وسفر خالد تقرأ فيه الصلابة في المبدأ، والاستقامة في السير، والصبر على استقصاء الأُمور والظفر»(5).
4ـ قال الشيخ محمّد هادي الأميني في المعجم: «عالم متتبّع فقيه جليل مجتهد مؤرّخ رجالي محدّث شاعر لغوي مؤلّف محقّق مكثر… وكان قوي الحافظة، فطناً ألمعياً… ولمّا بلغ درجة الاجتهاد والفضل الواسع غادر النجف، داعياً إلى الحقّ والفضائل والفضيلة، وأقام في دمشق، وواصل البحث والتأليف والنقاش، وطار صيته في الآفاق، ونال الرئاسة والزعامة الروحية»(6).
من نشاطاته في سوريا
سافر إلى دمشق عام 1319ﻫ؛ لإرشاد قومه إلى ما يتطلّبه الدين من تعاليم وأخلاق، وإنذارهم من عواقب ترك الدين والتهافت على الدنيا، وأصبح جامعة كبيرة لوحده، فانشأ جيلاً جديداً كان معه حرباً على ما أورثته الأجيال والسياسات المضلّلة الغاشمة من بِدَع وخرافات وأساطير، شوّهت محاسن الإسلام وقوّضت سلطان المسلمين.
لقد طالب بالتعليم وتنوير الأفكار ومحاربة البدع والانحرافات، ولا يتمّ ذلك إلّا بالتعليم، ففتح المدارس، وأسّس مدرسة للبنات في الوقت الذي كان الكثيرون يتحرّجون في تعليم الصبيان فكيف البنات، ومع ذلك كانت مدارسه تُعلّم ـ بالإضافة إلى جانب الدين والشريعة الإسلامية السمحة ـ مختلف العلوم العصرية واللغات الأجنبية؛ لحاجة أبناء عصره لها، تطبيقاً لفهمه العميق لكلمة جدّه الإمام أمير المؤمنين علي(ع): «نَشِّئوا أبناءَكُم على غَيرِ مَا نَشأتُم؛ فإِنَّهُم مَولودُون لِزَمنٍ غَير زمانِكُم».
موقفه من الاستعمار الفرنسي
ما أن وضعت الحرب العالمية الأُولى أوزارها وأصبحت دمشق تحت الاحتلال الفرنسي حتّى بدأت معركته الأُولى، وجهاده الأكبر مع حكومة الاحتلال الفرنسي، التي كانت تدعوه إلى قبول مبدأ الطائفية في سوريا، وشقّ عصا المسلمين إلى شطرين، مهدّدة تارة وملوّحة بالمال والمناصب الرفيعة تارة أُخرى.
فلم تلن له قناة، ولن يُغري المال تلك النفس الكبيرة التي عرفت أنّ سرّ العظمة في العطاء لا في الأخذ، وكيف يستطيع المنصب الديني الكبير الذي لوّح به المفوّض السامي الفرنسي أن يُثنيه عن هدفه الذي نشأ وترعرع عليه، فكانت كلمته في جميع مواقفه: «إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ».
إضافة إلى الاستنكار والرفض؛ لأنّه يُؤمن بأنّه موظّف عند ربّه، يُؤدّي رسالته كما أُمر بها لوجهه تعالى، فلا يقبل أن يكون موظّفاً عند المفوّض الفرنسي يأتمر بأمره ويتحرّك بإشارته.
من شعره
كان(قدس سره) شاعراً أديباً، وله أشعار في مدح ورثاء أهل البيت(عليهم السلام)، ومن شعره قوله في رثاء الإمام الصادق(ع):
«تَبكِي العُيونُ بِدمعِها المتورِّدِ ** حُزناً لِثَاوٍ في بَقيعِ الغَرقدِ
تَبكي العُيونُ دَماً لِفقدِ مُبرَّزٍ ** مِن آلِ أحمدَ مِثلُه لم يُفقدِ
أيُّ النَّواظِرِ لا تَفيضُ دُمُوعُها ** حُزناً لمأتمِ جَعفرِ بنِ مُحمَّدِ
الصَّادقُ الصِّدقُ بَحرُ العِلمِ مِصـ ** باحُ الهُدى والعَالِمُ المتهجّدِ
رُزءٌ لهُ أركانُ دِينِ مُحمَّدٍ ** هُدَّتْ ونابَ الحُزنُ قَلبَ مُحمَّدِ
رُزءٌ لهُ تَبكِي شَريعةُ أحمدٍ ** وتَنوحُ مُعوِلَةً بِقلبٍ مُكمدِ»(7).
جدّه
السيّد علي، قال عنه حفيده السيّد الأمين في الأعيان: «فكان فقيهاً رئيساً ذا شهرة واسعة»(8).
من أولاده
السيّد حسن، فاضل مؤلّف، صاحب كتاب «مستدركات أعيان الشيعة» (7 مجلّدات).
من مؤلّفاته
1ـ أعيان الشيعة (10 مجلّدات)، 2ـ المجالس السنية في مناقب ومصائب العترة النبوية(عليهم السلام) (5 مجلّدات)، 3ـ البحر الزخّار في شرح أحاديث الأئمّة الأطهار(عليهم السلام) (3 مجلّدات)، 4ـ كشف الغامض في أحكام الفرائض (مجلّدان)، 5ـ نقض الوشيعة في الرد على كتاب الوشيعة لموسى جار الله، 6ـ الدرّة البهية في تطبيق الموازين الشرعية على العرفية، 7ـ كشف الارتياب في أتباع محمّد بن عبد الوهّاب، 8ـ الدرّ النضيد في مراثي السبط الشهيد(ع)، 9ـ أصدق الأخبار في قصّة الأخذ بالثأر، 10ـ الحصون المنيعة في ردّ ما أورده صاحب المنار في حقّ الشيعة، 11ـ حقّ اليقين في التأليف بين المسلمين، 12ـ الدرّ المنظّم في مسألة تقليد الأعلم، 13ـ لواعج الأشجان في مقتل الحسين(ع)، 14ـ المولد النبوي الشريف، 15ـ القول السديد في الاجتهاد والتقليد، 16ـ حذف الفضول عن علم الأُصول، 17ـ عجائب أحكام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع)، 18ـ إقناع اللّائم على إقامة المآتم، 19ـ المنيف في علم التصريف، 20ـ تاريخ جبل عامل، 21ـ مناسك الحج.
وفاته
تُوفّي(قدس سره) في الرابع من رجب 1371ﻫ في بيروت، ثمّ نُقل إلى دمشق، ودُفن بجوار مرقد السيّدة زينب(عليها السلام) في منطقة الزينبية.
رثاؤه
أرّخ السيّد محمّد حسن الطالقاني عام وفاته بقوله:
«فالأمينُ الروحُ ينعى أرّخوا ** قد مضى مَن كانَ للدينِ أمينُ»(9).
الهوامش
1ـ اُنظر: معارف الرجال 2 /184 رقم301، أعيان الشيعة 10 /333، فهرس التراث 2 /398.
2ـ أعيان الشيعة 10 /334.
3ـ طبقات أعلام الشيعة 17 /122 رقم145.
4ـ أحسن الوديعة 2 /273 رقم103.
5ـ شعراء الغري 7 /255.
6ـ معجم رجال الفكر والأدب في النجف 1 /173.
7ـ موسوعة شهادة المعصومين: 144 رقم210.
8ـ أعيان الشيعة 10 /335.
9ـ طبقات أعلام الشيعة 17 /124 رقم145.
بقلم: محمد أمين نجف
الخلاصة
المترجم له العالم السيد محسن الأمين ، أحد علماء دمشق ، ولد في جبل عامل ، توفي في بيروت ، دفن في دمشق ، مؤلّف كتاب «أعيان الشيعة» (10 مجلّدات).