نبذة مختصرة عن حياة العالم السيد محمد بحر العلوم، أحد علماء الدين في النجف، مؤلّف كتاب «بُلغة الفقيه» (4 مجلّدات)، له مكتبة ضخمة تعد من أعظم مكتبات العراق من حيث احتوائها على صنوف الكتب، وأنواع المخطوطات، ولد في محرم عام 1261ﻫ في النجف، وتُوفّي في رجب عام 1326ﻫ في النجف.

سيرته

اسمه ونسبه: السيّد محمّد ابن السيّد محمّد تقي ابن السيّد رضا ابن السيّد بحر العلوم، وينتهي نسبه إلى إبراهيم الملقّب طباطبا بن إسماعيل الديباج بن إبراهيم الغمر بن الحسن المثنّى ابن الإمام الحسن المجتبى (ع) [1].

والده: السيّد محمّد تقي، قال عنه السيّد الصدر في التكملة: «كان سيّد علماء عصره، ورئيس مصره»[2].

ولادته: ولد السيد محمد بحر العلوم في الرابع والعشرين من المحرّم 1261ه‍ في النجف الأشرف بالعراق.

دراسته وتدريسه: بدأ السيد محمد بحر العلوم دراسته للعلوم الدينية في مسقط رأسه، واستمرّ في دراسته حتّى عُدّ من العلماء الأعلام في النجف، كما قام بتدريس العلوم الدينية فيها.

من أساتذته

1ـ عمّه السيّد علي السيّد رضا بحر العلوم، 2ـ الشيخ راضي النجفي، 3ـ السيّد حسين الترك، 4ـ الميرزا عبد الرحيم النهاوندي، 5ـ الشيخ محمّد باقر الشكّي.

من تلامذته

1ـ الشيخ قاسم القسّام، 2ـ السيّد جعفر السيّد محمّد باقر بحر العلوم، 3ـ السيّد رضا الهندي، 4ـ الشيخ شكر البغدادي، 5ـ الشيخ محمّد هادي الجليلي، 6ـ الشيخ عيسى الشيخ شكر الله اللواساني.

مكتبته: كانت عند السيد محمد بحر العلوم (قده) مكتبة ضخمة من أعظم مكتبات العراق من حيث احتوائها على صنوف الكتب، وأنواع المخطوطات، ولقد أُعجب بها وكتب عنها جرجي زيدان في آداب اللغة العربية، وقال السيّد الأمين في أعيان الشيعة عن هذه المكتبة: «كانت له خزانة كتب لم يكن في العراق أجمع منها لكتب الفقه والأُصول والحديث»[9].

من مؤلّفاته

1ـ بُلغة الفقيه (4 مجلّدات)، 2ـ مناسك الحج، 3ـ الوجيزة (رسالته العملية).

ما قيل في حقّه

1ـ قال السيّد الصدر في التكملة: «أحد فضلاء الغري وفقهاء العصر، كان ـ السيد محمد بحر العلوم ـ عريقاً في الفقه، كثير الممارسة لمسائله، كان له أُنس بكلمات الفقهاء، وذوق في الفقاهة، هذا مع مهارته في أُصول الفقه، وتخرّجه فيه على تلامذة شيخنا العلّامة المرتضى، كان من أفاضل تلامذة عمّه السيّد الفقيه صاحب البرهان القاطع في شرح مختصر النافع، وقام مقامه بعده في الرئاسة والتدريس وتقسيم الوثيقة الخيرية الهندية.

كان ـ السيد محمد بحر العلوم ـ جمّاعاً للكتب خصوصاً للكتب الفقهية، كانت له خزانة كتب لم يكن في العراق أجمع منها للكتب الفقهية والأصولية والحديثية، وكان مديماً للاشتغال في العلم لا يفتر عنه حتّى أنه أضرّ في آخر عمره، ولم يفتر عن التدريس والتصنيف، ولم يكن في النجف أنفع في الفقه من مجلس تدريسه للمشتغلين… وكان هذا السيّد من أجلّاء شرفاء العلويين، ونبلاء الطباطبائيين، ذا جلالة وحشمة، ووقار وهيبة، ومكارم أخلاق جمّة»[3].

2ـ قال الشيخ حرز الدين في المعارف: «كان ـ السيد محمد بحر العلوم ـ عالماً محقّقاً، باعه في الفقه طويل، ونظره في أُصول الفقه صائب جليل، وتحقيقاته في علم المعقول والكلام مشهورة، نال في أواسط أيّامه حفاوة وسعادة وكرامة، وكان شهماً جواداً غيوراً»[4].

3ـ قال السيّد الأمين في الأعيان: «الفقيه العلّامة، كان ـ السيد محمد بحر العلوم ـ محقّقاً مدقّقاً عريقاً عريفاً في الفقه، كثير الممارسة لمسائله، له أُنس بكلمات الفقهاء، وذوق في الفقاهة، مع مهارته في أُصول الفقه، وكان من أجلّاء شرفاء العلويّين ونبلائهم، ذا جلال وحشمة ووقار وهيبة ومكارم أخلاق جمّة، وكان مرجع العامّة والخاصّة في النجف، رئيساً فيها مطاعاً، أكبر رؤسائها من أهل البيوت العلمية، عيّنه المشير رجب باشا رئيس المدرّسين لمدارس النجف، لمّا عيّن فيها المدارس الرسمية لاعفاء طلبتها من الخدمة العسكرية.

وكان ـ السيد محمد بحر العلوم ـ معروفاً بالفضل والفقاهة، حسن الأخلاق، لطيف العشرة، ينحو في أحواله وأطواره مناحي الفرس كجل عشيرته، وكانت بيده حصّة النجف من دراهم الهند ـ المعروفة بفلوس الهند ـ وربما أثّرت هذه في مقامه عند الناس بحسب رتبته العلمية السامية، وبقيت في يده مدّة طويلة، ثمّ وزّعت من قبل الإنكليز بأيدي مجتهدي النجف فقبلها قوم، ورفضها آخرون، فبقي بيده مثل ما بيد أحدهم… كان ـ السيد محمد بحر العلوم ـ جماعة للكتب خصوصاً الفقهية، كانت له خزانة كتب لم يكن في العراق أجمع منها لكتب الفقه والأُصول والحديث. وكان مواظباً على الاشتغال بالعلم لا يفتر عنه. أضر في آخر عمره ولم يفتر عن التدريس والتصنيف»[5].

4ـ قال الشيخ آقا بزرك الطهراني في الطبقات: «ـ السيد محمد بحر العلوم ـ علّامة جليل، فقيه متبحّر ماهر كامل، من أعاظم الفقهاء والمجتهدين، تتلمذ على عمّه السيّد علي صاحب البرهان، وقام مقامه في التدريس، وتقسيم الوثيقة الهندية، والرئاسة الشرعية والعرفية، وابتلي بموت ولديه الجليلين الفاضلين الكاملين: السيّد مير علي والسيّد مهدي، وذهب نور عينيه بذهابهما، وزيدت بصيرته وكمالات نفسه في التسليم والرضا بفقدهما»[6].

5ـ قال السيّد الإصفهاني الكاظمي في الوديعة: «كان ـ السيد محمد بحر العلوم ـ رحمه الله من أكابر العلماء والمجتهدين، وأعاظم الفضلاء والمحقّقين، ماهراً في العلوم العربية، كاملاً في الفروع الفقهية، جامعاً للقواعد الأُصولية، بارعاً في المسائل العقلية، اشتهر في البلاد والأمصار اشتهار الشمس في رابعة النهار»[7].

6ـ قال الشيخ محمّد هادي الأميني في المعجم: «من أعلام الدين، وعمداء الفضيلة والعلم، كانت له الرئاسة المطلقة في الفقه والأُصول، واستقلّ بالزعامة المطلقة والمرجعية، وكان ـ السيد محمد بحر العلوم ـ آية في العلم، ومفخرة في الذكاء، وملاكاً في القدسية، وروعة في الأخلاق والفضائل، واختصّ في العلوم العقلية والفلسفية والفقهية»[8].

قرابته

جدّه: السيّد رضا، قال عنه السيّد الصدر في التكملة: «كان سيّداً سنداً كهفاً عضداً رئيساً مطاعاً في الأمر والنهي، نافذ الحكم، جليل القدر عند الشريف والوضيع، مقرّباً عند أرباب الدول الخارجة والداخلة، مهاباً عند الكلّ، ما علا يده في زمانه يد»[10].

من أعمامه

1ـ السيّد حسين، قال عنه السيّد الصدر في التكملة: «كان من أكبر فقهاء عصره وأعلمهم، وأحد أركان الطائفة»[11].

2ـ السيّد علي، قال عنه السيّد الصدر في التكملة: «كان عالماً فاضلاً فقيهاً ماهراً، طويل الباع في الفقه، متبحّراً في كلمات الفقهاء، مداوماً على الدرس والكتابة في الفقه»[12].

جدّه لأُمّه: السيّد… السيّد علي الطباطبائي (صاحب الرياض).

 إخوته

1ـ السيّد حسن، قال عنه الشيخ آقا بزرك الطهراني في الطبقات: «عالم فاضل، كان من أجلّاء هذا البيت وأفاضله المصنّفين»[13].

2ـ السيّد حسين، قال عنه الشيخ آقا بزرك الطهراني في الطبقات: «عالم فاضل»[14].‏

3ـ السيّد علي نقي، أديب قُتل غيلة في كربلاء عام 1294ه‍[15].

والد زوجته: عمّه السيّد علي، مرّت ترجمته في أعمامه.

من أولاده

1ـ السيّد مهدي، قال عنه السيّد الأمين في الأعيان: «كان عالماً فاضلاً، ذا همّة عالية»[16].

2ـ السيّد جعفر، قال عنه السيّد الأمين في الأعيان: «كان عالما فاضلاً»[17].

3ـ السيّد مير علي، قال عنه الشيخ محمّد هادي الأميني في المعجم: «فاضل أديب بارع جليل… وكان آية في الذكاء، وإعجوبة في هضم المسائل العلمية والعويصات من المشاكل»[18].

4ـ السيّد عباس، فاضل، من طلبة العلوم الدينية في حوزة النجف.

من أحفاده: السيّد موسى السيّد جعفر، قال عنه الشيخ محمّد هادي الأميني في المعجم: «من العلماء المجتهدين النابهين، والفقهاء النابغين، وأساتذة الفقه والأُصول الذين يُعتمد عليهم في الفقه والبحث والتحقيق، كما أنّه من أساطين أدب التاريخ، وله التبحّر في التاريخ، وقد أرّخ حوادث وقضايا هامّة شعراً، وفي السنين الأخيرة من القرن الرابع عشر الهجري، كان يُقيم الجماعة في مسجد الكوفة، وبعد انقضاء الصلاة يجلس للوعظ والإرشاد والتهذيب، ويتمتّع بصفات نفسية كريمة، وقيم أخلاقية معنوية»[19].

وفاته

تُوفّي السيد محمد بحر العلوم (قده) في الثاني والعشرين من رجب 1326ﻫ في مسقط رأسه، ودُفن في مقبرة السيّد بحر العلوم بجنب جامع الطوسي.

الاستنتاج

تتناول المقالة سيرة السيد محمد بحر العلوم، أحد العلماء البارزين في النجف الأشرف، وُلد عام 1261ه‍ في النجف، وتعلّم على يد العديد من الأساتذة، ثم أصبح من أبرز الفقهاء والمجتهدين، حيث عُرف بعمقه في الفقه وأصوله، وترك بصمة واضحة في مجال التدريس، وكان له عدد كبير من التلاميذ، وصاحب مكتبة ضخمة تضم مجموعة متنوعة من المخطوطات، وكتب العديد من المؤلفات المهمة، وُصف بأنه كان ذا جلالة ووقار، وقد توفي السيد محمد بحر العلوم عام 1326ه‍، وأنجب أولاداً علماء وفضلاء.

الهوامش

[1] اُنظر: أـ الجلالي، فهرس التراث، ج2، ص251، ب ـ بحر العلوم، بلغة الفقيه، ج1، ص5.

[2] الصدر، تكملة أمل الآمل، ج5، ص284، رقم 2235.

[3] الصدر، تكملة أمل الآمل، ج5، ص150، رقم 2118.

[4] حرز الدين، معارف الرجال، ج2، ص391، رقم 401.

[5] الأمين، أعيان الشيعة، ج9، ص408، رقم 947.

[6] آقا بزرك الطهراني، طبقات أعلام الشيعة، ج17، ص178، رقم 246.

[7] الإصفهاني الكاظمي، أحسن الوديعة، ج2، ص230، رقم 73.

[8] الأميني، معجم رجال الفكر والأدب في النجف، ج1، ص212.

[9] الأمين، أعيان الشيعة، ج9، ص408، رقم 947.

[10] الصدر، تكملة أمل الآمل، ج3، ص64، رقم 733.

[11] الصدر، تكملة أمل الآمل، ج2، ص469، رقم 548.

[12] الصدر، تكملة أمل الآمل، ج4، ص6، رقم 1427.

[13] آقا بزرك الطهراني، طبقات أعلام الشيعة، ج10، ص315، رقم 635.

[14] آقا بزرك الطهراني، طبقات أعلام الشيعة، ج14، ص542، رقم 972.

[15] اُنظر: آقا بزرك الطهراني، طبقات أعلام الشيعة، ج12، ص199، رقم 292.

[16] الأمين، أعيان الشيعة، ج10، ص166.

[17] الأمين، أعيان الشيعة، ج4، ص183.

[18] الأميني، معجم رجال الفكر والأدب في النجف، ج1، ص213.

[19] الأميني، معجم رجال الفكر والأدب في النجف، ج1، ص219.

مصادر البحث

1ـ آقا بزرك الطهراني، محمّد محسن، طبقات أعلام الشيعة، بيروت، دار إحياء التراث العربي، الطبعة الأُولى 1430ه‍.

2ـ الإصفهاني الكاظمي، محمّد مهدي، أحسن الوديعة في تراجم مشاهير مجتهدي الشيعة، قم، تحقيق ونشر مؤسّسة تراث الشيعة، الطبعة الأُولى، 1437ه‍.

3ـ الأمين، محسن، أعيان الشيعة، تحقيق حسن الأمين، بيروت، دار التعارف، بلا تاريخ.

4ـ الأميني، محمّد هادي، معجم رجال الفكر والأدب في النجف، الطبعة الثانية 1413ه‍.

5ـ بحر العلوم، محمّد، بلغة الفقيه، طهران، منشورات مكتبة الصادق، الطبعة الرابعة، 1403.

6ـ الجلالي، محمّد حسين، فهرس التراث، تحقيق محمّد جواد الجلالي، قم، دليل ما، الطبعة الأُولى، 1422ه‍.

7ـ حرز الدين، محمّد، معارف الرجال في تراجم العلماء والأُدباء، قم، منشورات مكتبة السيّد المرعشي النجفي، طبعة 1405ه‍.

8ـ الصدر، حسن، تكملة أمل الآمل، تحقيق د حسين علي محفوظ، بيروت، دار المؤرّخ العربي، الطبعة الأُولى، بلا تاريخ.

بقلم: محمد أمين نجف