أوجه تشابه بين سيرة النبي نوح وغيبة الإمام المهدي (ع)

أوجه تشابه بين سيرة النبي نوح وغيبة الإمام المهدي (ع)

2025-03-01

59 بازدید

تتجلى أوجه التشابه المتعددة والمتنوعة بين الظاهرة القرآنية، التي تناولت سيرة النبي نوح (ع) وما ورد في القرآن من قصصه، وسنة الله فيه، وبين العقيدة بالإمام المهدي (ع) وغيبته، وفي هذا السياق، سنستعرض بقدر استطاعتنا بعض الجوانب التي تبرز هذه العلاقة.

تأخّر إنجاز الوعد الإلهي

فمن تلك الأوجه المماثلة هو طول الطريق للوصول إلى فترة إنجاز الوعد الإلهي في الإصلاح، أو قد يعبَّر عنه كما ورد في جملة من الروايات في بيان هذه الظاهرة القرآنية إبطاء الوعد الإلهي لإنجاز الإصلاح.

هذا الإبطاء كما يخبرنا القرآن الكريم: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ * فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ [1].

فالملفت أوّلاً في ظاهرة النبي نوح (ع) طول مدّة إنجاز الوعد الإلهي ما يقارب من عشرة قرون إلاَّ نصف قرن، هذه المدّة الممتدّة الطويلة البعيدة الأمد، إذن وجه المماثلة واضح بين ظاهرة النبي نوح القرآنية والعقيدة بحياة الإمام المهدي (ع)، وسوف يختم نجاح هذا الدين القويم على أرجاء الأرض كافّة بأهل البيت (ع) الذين بهم يختم الله هذه الخاتمة المشرفة النيّرة الشامخة العظيمة.

فكما بدأ وانتشر دين الإسلام بأهل البيت وهم النبيّ وأهل بيته (ع) فإنَّ الله عز وجل سيختم بهم العاقبة الحسنة والمضيئة المشرقة لهذا الدين، هذا لا يختلف فيه اثنان من المسلمين، وإن اختلفوا في الاعتقاد بحياة الإمام المهدي (ع) الآن وطول مدّة غيبته وحياته.

فإذن هذه عظة من القرآن لهذه الأمّة بأن سيقع في هذه الأمّة أيضاً إبطاء في إنجاز الوعد الإلهي العظيم، هذا الإنجاز وهذا الحدث الهائل الكبير الذي تستعدّ البشرية لوقوعه، برغم هذا الإبطاء إلاَّ أنَّه لا يؤدّي إلى اليأس من روح الله، إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ [2].

أوّل وجه شبه بين ظاهرة النبي نوح وظاهرة الإمام المهدي

كيف وقد استعرض وبيَّن لنا القرآن الكريم أنَّ سُنّة الله تعالى تجري في أدوار من الإصلاح أنَّه قد يمتدّ ويطول به الزمن، كي تتهيَّأ البشرية وتمرّ في حالة إعداد لوقوع هذا الإصلاح العظيم، وقد كان طوفان النبي نوح (ع) حدثاً مجلجلاً للبشرية، لذلك يعبّر القرآن عنه بالقول: وَجَعَلْنَاهَا ، يعني هذا الطوفان العظيم: وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ.

فهذا الطوفان مضرب مثل واضح، لأنَّ فيه هزَّة للبشرية والكرة الأرضية بشكل عارم شامل عامّ، وهذا ما يدلّل على أنَّ الباري تعالى في سُنّته في الإصلاح المجلجل الذي يأخذ أبعاداً في أرجاء الأرض كافّة أنَّه يبطئ وقوعه ويتمادى طولاً وامتداداً وأجلاً في الكتاب المحتوم لوقوعه.

وهذا أوّل وجه شبه بين ظاهرة النبي نوح (ع) وظاهرة الإمام المهدي المنتظر (ع)، فقد وردت في الأحاديث إشارة إلى مثل هذه الزاوية من الشبه بين ظاهرة الإصلاح الموعود به النبي نوح (ع) وظاهرة الإصلاح الموعود به في الدين الإسلامي لإنجازه على يد الإمام المهدي (ع) من ذرّية الرسول (ص) الثاني عشر من خلفاء النبيّ محمد (ص).

ومن هذا الوجه كان على المؤمنين أن لا ييأسوا من روح الله ولا يخفق إيمانهم ولا ينقطع ولا يزول، ولا ينعدم والعياذ بالله إيمانهم عن هذه العقيدة العظيمة بالوعد الإلهي بالإصلاح في أرجاء الأرض كافّة بسبب تطاول وتأخّر هذا الإصلاح وإنجاز هذا الوعد الكبير العظيم.

بل يجب عليهم أن يزيدهم ذلك من الوثوق ومن الإيمان بوقوع هذا الإصلاح، فهو نوع من الاختبار العظيم، كي يصدق الله وعده بأن يستخلف الله في الأرض الذين أخلصوا التوحيد والإيمان واعتصموا بحبل ولاية الله ورسله وأوصيائه وحججه ويمكّن لهم ويبدّلهم من بعد خوفهم أمن، ولكي تخلص العبادة له.

إذ كيف يكون التمكين في الدين وانتشار الأمن في المؤمنين مع إثارة الفتن وإيقاع الحروب بين المخلصين من المؤمنين، وبين من أسرَّ منهم النفاق فيكاشفونهم بالعداوة والحرب.

فلن يكون هناك صفاء في البشرية إلاَّ عندما يزداد تسليط نار المحنة ونار الامتحان والفتن ،كالمعدن يفتن بالنار إلى أن يصفو، ومن الواضح أنَّ الصفاء الذي لا شوب فيه يحتاج إلى طول مدّة.

إذن هذا وجه شبه أوّل عظيم بين ظاهرة النبي نوح (ع) وظاهرة الإمام المهدي (ع) وهو إبطاء إنجاز الوعد الإلهي واتّعاظ المؤمنين، ومغزى ذلك هو نوع من الإصلاح الجذري العمقي الداخلي في الجسم والطبيعة إلى أن يبقى الخالص ليتمّ به الإصلاح التامّ، هذا أوّل وجه شبه بين الظاهرتين.

ثاني وجه شبه بين ظاهرة النبي نوح وظاهرة الإمام المهدي

وجه الشبه الثاني الذي يمكن أن نستخلصه أيضاً هو طول عمر النبي نوح (ع)، فإنَّه ليس ذلك على الله بعزيز، فقد ورد في الروايات عنهم (ع) وهذه الروايات التي وردت في الواقع معتضدة بمحكم الكتاب الذي ورد في طول فترة عهد دعوة النبي نوح (ع).

فقد ورد عن الإمام جعفر الصادق (ع) أنَّ مدّة طول عمر نوح (ع) كانت ألفي وثلاثمائة سنة، كان قد عاش ثمانمائة وخمسين سنة قبل بعثته رسولاً إلى قومه ليدعوهم إلى توحيد الله تعالى وشريعته، ثمّ مكث في قومه يدعوهم ألف سنة إلاَّ خمسين عام، يعني تسعمائة وخمسين سنة، هذه هي فترة الدعوة إلى أن أنجز الوعد الإلهي.

وبعد ذلك عاش قرابة الخمسمائة سنة بعد الدعوة، أي بعد أن اُنجز له الوعد الإلهي ليقيم مجتمع الإصلاح والصلاح، بأن مصَّر الأمصار وأسكن ولده البلدان، يعني أنَّ العمران الذي حدث في المجتمع البشري بعد الطوفان الذي اجتاح وجه الكرة الأرضية كافّة واجتاح المجتمعات البشرية وقضى عليه، فأنشأ بعد ذلك المجتمعات والبلدان هو من اليد الشريفة للنبيّ نوح (ع) في إقامة هذا العمران عمران الصلاح والإصلاح.

فإذن هذه الحقبة الطويلة من عمر النبي نوح (ع) عِظة أخرى عظيمة في المثل بين طول عمره وطول عمر الإمام المهدي (ع).

بعبارة أخرى، هذا برهان بيّن من القرآن في أنَّ من حججه من يطول عمره وتبطئ خاتمة الإصلاح على يديه في الإنجاز للوعد الإلهي، وبالتالي هذه سُنّة من الله عز وجل في إطالة عمر ذلك المصلح المعدّ للإصلاح الكبير والمدوي في الكرة الأرضية، في الإصلاح الجذري الشامل سُنّة من الله وهي إطالة عمر ذلك المصلح، وبالتالي إبطاء إنجاز الوعد؛ لأنَّه احتاج إلى نوع من الإعداد العظيم الطويل الأمد، هذا وجه شبه ثانٍ أيضاً بين النبي نوح (ع) والإمام المهدي (ع).

ثالث وجه شبه بين ظاهرة النبي نوح وظاهرة الإمام المهدي

وهناك أيضاً وجه آخر من المماثلة في الواقع تحقّق ومرَّ حدوثه في النبي نوح (ع)، وأيضاً في الإمام المهدي (ع)، وهو أنَّ النبي نوحاً بعد أن وقع هذا الزلزال المدوي في الأرض وهو الطوفان، وكان في الواقع إنجازاً للوعد الإلهي للإصلاح أوعد القوم به، بعد ذلك قام النبي نوح بتمصير الأمصار وأسكن ولده البلدان، ففي الحقيقة هي بداية حياة بشرية ذات طابع متكامل إصلاحي لما خلَّفته البشرية قبل الطوفان.

ومن ثَمَّ عُرف أنَّ الطوفان كان محطّة مهمّة بشرية تعتبر خاتمة لحقبة، وفاتحة لحقبة جديدة، فاتحة لحقبة عمرانية متمدّنة متطوّرة في مسار النهج الإلهي والنهج المعيشي في سكن الأرض، وهي محطّة تاريخية مهمّة في عمر البشرية وحياة البشر على وجه الأرض.

ما يدلّل على أنَّ هناك نقلة مدنية ونقلة تكاملية واضحة بعد إنجاز الوعد الإلهي على يد نوح (ع)، وهذا في الواقع ما تشير إليه الآيات الكريمة وبشكل خطوط عامّة عريضة من أنَّ إظهار الدين على أرجاء الأرض كافّة: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ[3].

وسوف يكون هو حقبة المتّقين: إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ [4]، وهي عاقبة الإصلاح في الأرض ليستخلف الله عز وجل الذين استضعفوا: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا، وأنَّه: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ [5].

والتعبير بالقروية هو في مقابل التمدّن في اصطلاح القرآن في الاستعمال الظاهري لا التأويلي، بل في مقابل الإيمان وفي مقابل انتهاج نهج الإيمان ونظام الإيمان ومسار الإيمان والالتزام ببرنامج الإيمان يطلق عليه القرآن القروية، فإذا آمنوا وانتهجوا رؤية الإيمان فسيرسل الله عز وجل حينئذٍ عليهم خيرات وكنوز، وهذا هو المفاد الحقيقي من الآية الكريمة، أو من الروايات التي رواها الفريقان.

قصص الأنبياء عظة وعبرة

من الواضح أنَّ قصص الأنبياء عقيدة وإيمان ومعرفة ربّانية ودينية أصيلة، كذلك هي أيضاً عِظة وعبرة، كما يحدّثنا القرآن مثلاً في سورة يوسف: لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ [6]، إذن ليست قصصهم هي مجرَّد سرد قصصي، وإنَّما هي معرفة عقدية واعتقادية بهم وإيمان بهم، وهو أيضاً عبور وعبرة لنعبر منها إلى عقيدة أخرى مماثلة؛ لأنَّ العبور من شيء إلى شيء إنَّما يكون من المماثل إلى المماثل، وإلاَّ إذا لم يكن هناك وجه صلة ولا نسبة مماثلة، فكيف يكون العبور من الشيء إلى شيء أجنبي عنه لا صلة له به، فالعبرة أخذت من العبور.

إذن ما استعرضه لنا القرآن من قصص الأنبياء وأمثالهم في الوقت الذي هو معرفة وإيمان بكتب الله ورسله وملائكته، أيضاً هو عبرة وعبور للانتقال إلى محاور وأركان اعتقادية أخرى.

فما هي الأركان الاعتقادية الأخرى؟

هي ما افترض علينا القرآن الاعتقاد بهم: إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا [7]، وهؤلاء في هذه الأمّة هم الذين باهل بهم النبي محمد المطصفى (ص) والذين خصَّهم القرآن بخصائص ومقامات، إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ ‎* لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ[8]، فالمطهَّرون هم أهل آية التطهير.

وقوله سبحانه وتعالى: هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ…، إلى أن تقول الآية الكريمة: وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ[9]، وهم أهل البيت (ع) ودورهم في إنجاز وعد الله وإصلاح البشرية.

ومن ثَمَّ يستعرض لنا القرآن الكريم ظواهر الأنبياء السابقين يقول: وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا [10]، فما يستعرضه لنا القرآن في النبيّ عيسى في الوقت الذي هو عقيدة هو مثل كذلك، والمثل لمماثل، والعبرة لعبور إلى مماثل.

وكذلك في نفس ما استعرضه لنا القرآن أيضاً في ظاهرة النبي نوح يقول الله تعالى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ * فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ[11].

والآية يستدلُّ بها على ذي الآية، والآية يعبر منها إلى ذي الآية، والآية بمعنى العلامة، فالعلامة يعبر منها إلى ذي العلامة، والآيات القرآنية كلّها طافحة على أنَّ ما قصَّه لنا القرآن واستعرضه من ظواهر في النبي نوح (ع) هي في الواقع حكمة وعظة وعبرة وعبور ومثل وتمثّل لما يجري في هذه الأمّة من فرائض اعتقادية في حجج الله في هذه الأمّة.

أوَلم يخبرنا القرآن الكريم في سورة الحجّ في آخر آية منها: هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ[12]، فمن اجتبى؟ هل كلّ الأمّة الإسلاميّة؟ أم ثلّة منها؟ لننظر الآية الكريمة ماذا تقصُّ علينا وماذا تستعرض لنا وماذا تسمعنا: هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ.

إذن هناك ثلّة خاصّة من هذه الأمّة التي هي من نسل إبراهيم وإسماعيل (ع)، هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ، إبراهيم سمّى الذرّية هو وإسماعيل في دعائه:  رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ[13].

ثمّ تقول الآية المباركة التي بعدها: رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [14]، إذن هم ذوو صلة بسيّد الأنبياء وخاتم الأنبياء (ص).

وأنَّ أهل البيت (ع) مجتبون بلفظة سورة الحجّ، وهذا مقام اجتباء من الله عز وجل لثُلّة من هذه الأمّة اصطفاهم على البشرية، فالعبور من هذه الظاهرة وما تقدَّم في الواقع من ظواهر عديدة، العبور من تلك الظواهر القرآنية بتوصية وبتعليم من القرآن الكريم: لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ.

اعبروا أيّها المؤمنون الكرام إلى ما هو راهن من محاور اعتقادية عقدية قد ذكرها وتلاها عليكم القرآن في نبيّه وأهل بيته المطهّرين (ع)، لتعتقدوا بذلك، ولنكون نحن وإيّاكم قد نجونا وانتفعنا ببصائر القرآن، كآيات ومثل للاعتقاد بما هو معاش وراهن من العقيدة في أهل البيت (ع)، وما يعده الله عز وجل لهم من دور إلهي عظيم.

الاستنتاج

من أوجه الشبه بين ظاهرة النبي نوح (ع) وظاهرة الإمام المهدي (ع) أن فترة تحقيق الوعد الإلهي في الإصلاح تمتاز بالامتداد الزمني، كما هو الحال مع طول عمر النبي نوح (ع)، هذه سنة من سنن الله عز وجل، حيث يطيل في عمر المصلح ليتمكن من أداء رسالته، وبعد وقوع الطوفان، قام النبي نوح (ع) بتمصير الأمصار وإسكان أبنائه في البلدان، مما يعكس عاقبة الإصلاح في الأرض، حيث يستخلف الله عز وجل الذين استضعفوا.

الهوامش

[1] العنكبوت، 14 و15.
[2] يوسف، 87.
[3] التوبة، 33.
[4] الأعراف، 128.
[5] الأعراف، 96.
[6] يوسف، 111.
[7] الأحزاب، 33.
[8]  الواقعة، 77 ـ 79.
[9] آل عمران، 7.
[10] الزخرف، 57.
[11] العنكبوت، 14 و15.
[12] الحج، 78.
[13] البقرة، 128.
[14] البقرة، 129.

مصدر المقالة (مع تصرف)

السند، محمّد، الإمام المهدي (ع) والظواهر القرآنية، تحقيق مركز الدراسات التخصّصية في الإمام المهدي (ع)،  النجف، بقية العترة، الطبعة الثالثة، 1444 ه‍، ص325 ـ ص329.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *