نماذج من قضايا الإمام علي (ع) في إمارته

کپی کردن لینک

قضاء كقضاء داود

1 – الإمام الباقر ( عليه السلام ) : دخل أمير المؤمنين ( عليه السلام ) المسجد فاستقبله شابّ يبكي وحوله قوم يُسكتونه ، فقال عليّ ( عليه السلام ) : ما أبكاك ؟ فقال : يا أمير المؤمنين ! إنّ شريحاً قضى عليَّ بقضيّة ما أدري ما هي ؟ إنّ هؤلاء النفر خرجوا بأبي معهم في السفر ، فرجعوا ولم يرجع أبي ، فسألتهم عنه فقالوا : مات ، فسألتهم عن ماله ، فقالوا : ما ترك مالاً ، فقدّمتهم إلى شريح فاستحلفهم ، وقد علمتُ – يا أمير المؤمنين – أنّ أبي خرج ومعه مال كثير ، فقال لهم أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ارجعوا ، فرجعوا والفتى معهم إلى شريح .

عناوين المحتوی
قضاء كقضاء داودرجلان تنازعا في ثمانية دراهمرجلان ادّعى كلّ منهما أنّه مولى للآخررجلان ادّعيا بغلةأعور أُصيبت عينه الصحيحةرجل أُصيبت إحدى عينيهامرأة ظنّ إخوتها أنّها حُبلىستّة غَرِق واحد منهمرجل قال للآخر : احتلمت بأُمّكشرب الخمر في شهر رمضانمولود له رأسانإلحاق الولد بالزوج مع العزلدرء الرجم لتعذّر الوصول إلى الزوجةالعفو عن السارق لقراءته سورة البقرةالعفو عمّن أقرّ باللواط فتابإقامة الحدّ على من أقرَّ بالزنىحامل فزعت فطرحت ما في بطنها وماتتقطع يد السارق( 1 ) في المصدر : ” اخرجوا ” والصحيح ما أثبتناه كما في تهذيب الأحكام .( 2 ) الكافي : 7 / 371 / 8 ، تهذيب الأحكام : 6 / 316 / 875 كلاهما عن أبي بصير ، من لا يحضره الفقيه : 3 / 24 / 3255 ، الإرشاد : 1 / 215 نحوه من دون إسناد إلى المعصوم وراجع المناقب لابن شهر آشوب : 2 / 379 .( 3 ) في المصدر : ” إلاّ ثلث ” ، والصحيح ما أثبتناه كما في تهذيب الأحكام .( 4 ) الكافي : 7 / 427 / 10 ، تهذيب الأحكام : 6 / 290 / 805 وراجع من لا يحضره الفقيه : 3 / 37 / 3279 والإرشاد : 1 / 219 والاختصاص : 107 والمناقب لابن شهر آشوب : 2 / 52 والرياض النضرة : 3 / 168 .( 5 ) الكافي : 7 / 425 / 8 ، تهذيب الأحكام : 6 / 307 / 851 كلاهما عن عبد الله بن عثمان عن رجل وراجع خصائص الأئمّة ( عليهم السلام ) : 86 .( 6 ) الكافي : 7 / 433 / 23 عن السكوني ، تهذيب الأحكام : 6 / 237 / 583 وج 7 / 76 / 325 كلاهما عن السكوني عن الإمام الصادق عن آبائه ( عليهم السلام ) ، الجعفريّات : 145 .( 7 ) تهذيب الأحكام : 7 / 352 / 1433 عن عليّ بن جعفر .( 8 ) الكافي : 7 / 317 / 1 ، تهذيب الأحكام : 10 / 269 / 1057 كلاهما عن محمّد بن قيس .( 9 ) الكافي : 7 / 323 / 6 ، تهذيب الأحكام : 10 / 266 / 1047 .( 10 ) العَلَقة : دودة في الماء تمصّ الدم ( لسان العرب : 10 / 267 ) .( 11 ) الحمأة والحمأ : الطين الأسود المنتن ( لسان العرب : 1 / 61 ) .( 12 ) الخرائج والجرائح : 1 / 210 / 52 ، بحار الأنوار : 40 / 242 / 20 .( 13 ) الكافي : 7 / 284 / 6 ، تهذيب الأحكام : 10 / 239 / 953 كلاهما عن السكوني ، من لا يحضره الفقيه : 4 / 116 / 5233 نحوه وراجع المناقب لابن شهر آشوب : 2 / 380 .( 14 ) علل الشرائع : 544 / 1 عن سماعة ، الكافي : 7 / 263 / 19 عن سماعة من دون إسناد إلى المعصوم ، تهذيب الأحكام : 10 / 80 / 313 عن أبي العلا عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، من لا يحضره الفقيه : 4 / 72 / 5136 كلاهما نحوه وراجع المناقب لابن شهر آشوب : 2 / 356 .( 15 ) الكافي : 7 / 216 / 15 ، تهذيب الأحكام : 10 / 94 / 362 ، من لا يحضره الفقيه : 4 / 55 / 5089عن جابر يرفعه ، دعائم الإسلام : 2 / 464 / 1644 وفي آخره ” لتجرّئك على الله وإفطارك في شهر رمضان ” .( 16 ) الحَقْو : الخصْر ومَشَدّ الإزار ( الصحاح : 6 / 2317 ) .( 17 ) الكافي : 7 / 159 / 1 ، تهذيب الأحكام : 9 / 358 / 1278 ، من لا يحضره الفقيه : 4 / 329 / 5706 كلّها عن حريز بن عبد الله ، الإرشاد : 1 / 212 ، المناقب لابن شهر آشوب : 2 / 375 كلاهما نحوه من دون إسناد إلى المعصوم ، بحار الأنوار : 40 / 257 / 30 .( 18 ) شرح الأخبار : 2 / 325 / 667 ، المناقب لابن شهر آشوب : 2 / 377 .( 19 ) الكافي : 7 / 179 / 12 ، تهذيب الأحكام : 10 / 15 / 39 كلاهما عن أبي عبيدة .( 20 ) الكافي : 7 / 179 / 12 ، تهذيب الأحكام : 10 / 15 / 39 وليس فيه ” حرّة ” وكلاهما عن أبي عبيدة .( 21 ) تهذيب الأحكام : 10 / 129 / 516 عن أبي عبد الله البرقي عن بعض أصحابه ، من لا يحضره الفقيه : 4 / 62 / 5106 من دون إسناد إلى المعصوم .( 22 ) المِرّة : إحدى الطبائع الأربع من أمزجة البدن ( لسان العرب : 5 / 168 ) .( 23 ) الكافي : 7 / 201 / 1 ، تهذيب الأحكام : 10 / 53 / 198 وفيه ” إهدارك ” بدل ” إهداء ” وكلاهما عن مالك بن عطيّة .( 24 ) الجَبّان : في الأصل الصحراء ، وأهل الكوفة يُسمّون المقابر جبّانة ( معجم البلدان : 2 / 99 ) .( 25 ) الكافي : 7 / 188 / 3 ، تفسير القمّي : 2 / 96 عن أبي بصير عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) نحوه ، بحار الأنوار : 40 / 292 / 66 وراجع من لا يحضره الفقيه : 4 / 31 / 5017 .( 26 ) المُجِحُّ : الحامِلُ المُقْرِب التي دنا وِلادُها ( النهاية : 1 / 240 ) .( 27 ) الكافي : 7 / 186 / 1 ، تهذيب الأحكام : 10 / 9 / 23 ، من لا يحضره الفقيه : 4 / 32 / 5018 ، المحاسن : 2 / 21 / 1094 .( 28 ) الكافي : 7 / 138 / 1 ، تهذيب الأحكام : 9 / 376 / 1344 ، من لا يحضره الفقيه : 4 / 308 / 5662 .( 29 ) الكافي : 7 / 264 / 22 ، بحار الأنوار : 40 / 314 / 89 .( 30 ) أنساب الأشراف : 2 / 385 .( 31 ) الخرائج والجرائح : 2 / 561 / 19 وراجع الفضائل لابن شاذان : 144 والتحصين لابن طاووس : 610 / 11 وتفسير الفخر الرازي : 21 / 89 .

فقال له أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : يا شريح ! كيف قضيت بين هؤلاء ؟ فقال : يا أمير المؤمنين ، ادّعى هذا الفتى على هؤلاء النفر أنّهم خرجوا في سفر وأبوه معهم ، فرجعوا ولم يرجع أبوه ، فسألتهم عنه ، فقالوا : مات ، فسألتهم عن ماله ، فقالوا : ما خلّف مالاً ، فقلت للفتى : هل لك بيّنة على ما تدّعي ؟ فقال : لا ، فاستحلفتهم فحلفوا .

فقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : هيهات يا شريح ! هكذا تحكم في مثل هذا ؟ ! فقال : يا أمير المؤمنين ، فكيف ؟

فقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : والله لأحكمنّ فيهم بحكم ما حكم به خلق قبلي إلاّ داود النبيّ ( عليه السلام ) . يا قنبر ! ادعُ لي شَرَطة الخميس ، فدعاهم ، فوكّل بكلّ رجل منهم رجلاً من الشرطة ، ثمّ نظر إلى وجوههم فقال : ماذا تقولون ؟ أتقولون : إنّي لا أعلم ما صنعتم بأبي هذا الفتى ؟ إنّي إذاً لجاهل !

ثمّ قال : فرِّقوهم وغطُّوا رؤوسهم ، ففُرّق بينهم وأُقيم كلّ رجل منهم إلى أُسطوانة من أساطين المسجد ورؤوسهم مغطّاة بثيابهم ، ثمّ دعا بعبيد الله بن أبي رافع كاتبه فقال : هاتِ صحيفة ودواة ، وجلس أمير المؤمنين صلوات الله عليه في مجلس القضاء وجلس الناس إليه ، فقال لهم : إذا أنا كبّرت فكبّروا ، ثمّ قال للناس : أفرجوا ( 1 ) ، ثمّ دعا بواحد منهم فأجلسه بين يديه وكشف عن وجهه .

ثمّ قال لعبيد الله بن أبي رافع : اكتب إقراره وما يقول ، ثمّ أقبل عليه بالسؤال ، فقال له أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : في أيّ يوم خرجتم من منازلكم وأبو هذا الفتى معكم ؟

فقال الرجل : في يوم كذا وكذا . قال : وفي أيّ شهر ؟ قال : في شهر كذا وكذا . قال : في أيّ سنة ؟ قال : في سنة كذا وكذا . قال : وإلى أين بلغتم في سفركم حتى مات أبو هذا الفتى ؟ قال : إلى موضع كذا وكذا ، قال : وفي منزل مَن مات ؟ قال : في منزل فلان بن فلان ، قال : وما كان مرضه ؟ قال : كذا وكذا ، قال : وكم يوماً مرض ؟ قال : كذا وكذا ، قال : ففي أيّ يوم مات ؟ ومن غسّله ؟ ومن كفّنه ؟ وبما كفّنتموه ؟ ومن صلّى عليه ؟ ومن نزل قبره ؟

فلمّا سأله عن جميع ما يريد كبّر أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وكبّر الناس جميعاً ، فارتاب أُولئك الباقون ، ولم يشكّوا أنّ صاحبهم قد أقرّ عليهم وعلى نفسه ، فأمر أن يُغطّى رأسه ويُنطلق به إلى السجن ، ثمّ دعا بآخر فأجلسه بين يديه وكشف عن وجهه ثمّ قال : كلاّ ، زعمتم أنّي لا أعلم بما صنعتم ؟ فقال : يا أمير المؤمنين ، ما أنا إلاّ واحد من القوم ، ولقد كنت كارهاً لقتله ، فأقرّ .

ثمّ دعا بواحد بعد واحد كلّهم يقرّ بالقتل وأخْذ المال ، ثمّ ردّ الذي كان أمر به إلى السجن فأقرّ أيضاً ، فألزمهم المال والدم .

فقال شريح : يا أمير المؤمنين ، وكيف حكم داود النبيّ ( عليه السلام ) ؟

فقال : إنّ داود النبيّ ( عليه السلام ) مرّ بغلمة يلعبون وينادون بعضهم : ب‍ ” يا مات الدِّين ” ، فيُجيب منهم غلام ، فدعاهم داود ( عليه السلام ) فقال : يا غلام ، ما اسمك ؟ قال : مات الدين ، فقال له داود ( عليه السلام ) : من سمّاك بهذا الاسم ؟ فقال أُمّي .

فانطلق داود ( عليه السلام ) إلى أُمّه ، فقال لها : يا أيّتها المرأة ! ما اسم ابنك هذا ؟ قالت : مات الدين ، فقال لها : ومن سمّاه بهذا ؟ قالت : أبوه ، قال : وكيف كان ذاك ؟ قالت : إنّ أباه خرج في سفر له ومعه قوم ، وهذا الصبيّ حملٌ في بطني ، فانصرف القوم ولم ينصرف زوجي ، فسألتهم عنه ، فقالوا : مات ، فقلت لهم : فأين ما ترك ؟

قالوا : لم يخلّف شيئاً ، فقلت : هل أوصاكم بوصيّة ؟ قالوا : نعم ، زعم أنّكِ حبلى ، فما ولدتِ من ولد جارية أو غلام فسمّيه ” مات الدِّين ” فسمّيتُه .

قال داود ( عليه السلام ) : وتعرفين القوم الذين كانوا خرجوا مع زوجك ؟ قالت : نعم ، قال : فأحياءٌ هم أم أموات ؟ قالت : بل أحياء ، قال : فانطلقي بنا إليهم ، ثمّ مضى معها فاستخرجهم من منازلهم ، فحكم بينهم بهذا الحكم بعينه وأثبت عليهم المال والدم وقال للمرأة : سمّي ابنك هذا ” عاش الدِّين ” ( 2 ) .

رجلان تنازعا في ثمانية دراهم

2 – الكافي عن ابن أبي ليلى : قضى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بين رجلين اصطحبا في سفر ، فلمّا أرادا الغداء أخرج أحدهما من زاده خمسة أرغفة ، وأخرج الآخر ثلاثة أرغفة ، فمرّ بهما عابر سبيل ، فدعواه إلى طعامهما ، فأكل الرجل معهما حتى لم يبقَ شيء ، فلمّا فرغوا أعطاهما العابر بهما ثمانية دراهم ثواب ما أكله من طعامهما ، فقال صاحب الثلاثة أرغفة لصاحب الخمسة أرغفة : أقسمها نصفين بيني وبينك ، وقال صاحب الخمسة : لا بل يأخذ كلّ واحد منّا من الدراهم على عدد ما أخرج من الزاد .

قال : فأتيا أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في ذلك ، فلمّا سمع مقالتهما قال لهما : اصطلحا ؛ فإنّ قضيّتكما دنيّة ، فقالا : اقضِ بيننا بالحقّ ، قال : فأعطى صاحب الخمسة أرغفة سبعة دراهم ، وأعطى صاحب الثلاثة أرغفة درهماً ، وقال : أليس أخرج أحدكما من زاده خمسة أرغفة ، وأخرج الآخر ثلاثة أرغفة ؟

قالا : نعم . قال : أليس أكل معكما ضيفكما مثل ما أكلتما ؟ قالا : نعم . قال : أليس أكل كلّ واحد منكما ثلاثة أرغفة غير ثلثها ؟ قالا : نعم .

قال : أليس أكلت أنت يا صاحب الثلاثة ثلاثةَ أرغفة غير ( 3 ) ثلث ، وأكلت أنت يا صاحب الخمسة ثلاثة أرغفة غير ثلث ، وأكل الضيف ثلاثة أرغفة غير ثلث ؟ أليس بقي لك يا صاحب الثلاثة ثلث رغيف من زادك ، وبقي لك يا صاحب الخمسة رغيفان وثلث ، وأكلت ثلاثة أرغفة غير ثلث ؟ فأعطاهما لكلّ ثلث رغيف درهماً ؛ فأعطى صاحب الرغيفين وثلث سبعة دراهم ، وأعطى صاحب ثلث رغيف درهماً ( 4 ) .

رجلان ادّعى كلّ منهما أنّه مولى للآخر

3 – الإمام الصادق ( عليه السلام ) : إنّ رجلاً أقبل على عهد عليّ ( عليه السلام ) من الجبل حاجّاً ومعه غلام له فأذنب ، فضربه مولاه ، فقال : ما أنت مولاي ، بل أنا مولاك ! فما زال ذا يتوعّد ذا ، وذا يتوعّد ذا ويقول : كما أنت حتى نأتي الكوفة يا عدوّ الله ، فأذهب بك إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) .

فلمّا أتيا الكوفة أتيا أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، فقال الذي ضرب الغلام : أصلحك الله !

هذا غلام لي وإنّه أذنب فضربته فوثب عليَّ . وقال الآخر : هو والله غلام لي ؛ إنّ أبي أرسلني معه ليعلّمني ، وأنّه وثب عليَّ يدّعيني ليذهب بمالي .

فأخذ هذا يحلف وهذا يحلف ، وهذا يكذّب هذا وهذا يكذّب هذا ، فقال : انطلقا فتصادقا في ليلتكما هذه ولا تجيئاني إلاّ بحقّ ، فلمّا أصبح أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال لقنبر : أثقب في الحائط ثقبين ، وكان إذا أصبح عقّب – حتى تصير الشمس على رمح – يُسبّح ، فجاء الرجلان واجتمع الناس ، فقالوا : لقد وردت عليه قضيّة ما ورد عليه مثلها لا يخرج منها ! فقال لهما : ما تقولان ؟

فحلف هذا أنّ هذا عبده ، وحلف هذا أنّ هذا عبده ، فقال لهما : قوما ؛ فإنّي لست أراكما تصدقان ، ثمّ قال لأحدهما : أدخِل رأسَك في هذا الثقب ، ثمّ قال للآخر : أدخِل رأسك في هذا الثقب ، ثمّ قال : يا قنبر ! عليَّ بسيف رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، عجّل اضرب رقبة العبد منهما .

فأخرج الغلام رأسه مبادراً ، فقال عليّ ( عليه السلام ) للغلام : ألست تزعم أنّك لست بعبد ؟ ومكث الآخر في الثقب . فقال : بلى ولكنّه ضربني وتعدّى عليَّ ، فتوثّق له أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ودفعه إليه ( 5 ) .

رجلان ادّعيا بغلة

4 – الإمام الصادق ( عليه السلام ) : قضى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في رجلين ادّعيا بغلة ، فأقام أحدهما على صاحبه شاهدين ، والآخر خمسة ، فقضى لصاحب الشهود الخمسة خمسة أسهم ، ولصاحب الشاهدين سهمين ( 6 ) .

رجل ادّعى أنّ عبده تزوّج بغير إذنه

5 – الإمام الكاظم عن آبائه عن الإمام عليّ ( عليهم السلام ) : أنّه أتاه رجل بعبده فقال : إنّ عبدي تزوّج بغير إذني ، فقال عليّ ( عليه السلام ) لسيّده : فرِّقْ بينهما ، فقال السيّد لعبده : يا عدوّ الله ! طلِّق ، فقال عليّ ( عليه السلام ) : كيف قلت له ؟ قال : قلت له : طلّق ، فقال عليّ ( عليه السلام ) للعبد : أمّا الآن فإن شئت فطلّق ، وإن شئت فأمسك ، فقال السيّد : يا أمير المؤمنين ! أمر كان بيدي فجعلتَه بيد غيري ؟ ! قال : ذلك لأنّك حيث قلت له : طلِّق ، أقررت له بالنكاح ( 7 ) .

أعور أُصيبت عينه الصحيحة

6 – الإمام الباقر ( عليه السلام ) : قضى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في رجل أعور أُصيبت عينه الصحيحة ففُقئت – أن تفقأ إحدى عيني صاحبه ويعقل له نصف الدية ، وإن شاء أخذ دية كاملة ويعفى عن عين صاحبه ( 8 ) .

رجل أُصيبت إحدى عينيه

7 – الكافي عن الحسن بن كثير عن أبيه : أُصيبت عين رجل وهي قائمة فأمر أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فرُبطت عينه الصحيحة ، وأقام رجل بحذاه بيده بيضة ، يقول : هل تراها ؟ قال : فجعل إذا قال : نعم ، تأخّر قليلاً حتى إذا خفيت عليه علّم ذلك المكان ، قال : وعصبت عينه المصابة ، وجعل الرجل يتباعد وهو ينظر بعينه الصحيحة حتى إذا خفيت عليه ، ثمّ قِيس ما بينهما فأُعطي الأرش على ذلك ( 9 ) .

امرأة ظنّ إخوتها أنّها حُبلى

8 – الخرائج والجرائح : إنّ سبعة إخوة أو عشرة في حيّ من أحياء العرب كانت لهم أُخت واحدة ، فقالوا لها : كلّ ما يرزقنا الله من عرض الدنيا وحطامها فإنّا نطرحه بين يديك ونُحكّمك فيه ؛ فلا ترغبي في التزويج ؛ فحميّتنا لا تحتمل ذلك ، فوافقتهم في ذلك ورضيت به وقعدت في خدمتهم وهم يُكرِمونها .

فحاضت يوماً ، فلمّا طهرت أرادت الاغتسال وخرجت إلى عين ماء كانت بقرب حيّهم ، فخرجت من الماء عَلَقة ( 10 ) فدخلت في جوفها وقد جلست في الماء ، فمضت عليها أيّام والعَلَقة تكبر حتى علا بطنها ، وظنّ الإخوة أنّها حبلى وقد خانت ، فأرادوا قتلها .

قال بعضهم : نرفع خبرها إلى أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) ؛ فإنّه يتولّى ذلك .

فأخرجوها إلى حضرته وقالوا فيها ما ظنّوا بها ، فاستحضر طشتاً مملوءاً بالحَمْأَة ( 11 ) وأمرها أن تقعد عليه ، فلمّا أحسّت العلقة برائحة الحمأة نزلت من جوفها . فقالوا : يا عليّ ، أنت ربّنا ! أنت ربّنا العليّ ! فإنّك تعلم الغيب ! فزبرهم وقال : إنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أخبرنا بذلك عن الله بأنّ هذه الحادثة تقع في هذا اليوم ، في هذا الشهر ، في هذه الساعة ( 12 ) .

ستّة غَرِق واحد منهم

9 – الإمام الصادق ( عليه السلام ) : رُفع إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ستّة غلمان كانوا في الفرات ، فغرق واحد منهم ، فشهد ثلاثة منهم على اثنين أنّهما غرّقاه ، وشهد اثنان على الثلاثة أنّهم غرّقوه ، فقضى ( عليه السلام ) بالدية أخماساً ؛ ثلاثة أخماس على الاثنين ، وخُمسين على الثلاثة ( 13 ) .

رجل قال للآخر : احتلمت بأُمّك

10 – الإمام الصادق ( عليه السلام ) : إنّ رجلاً لقي رجلاً على عهد أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فقال له : إنّي احتلمت بأُمّك ، فرُفِع إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فقال : إنّ هذا افترى عليَّ ، فقال : وما قال لك ؟ قال : زعم أنّه احتلم بأُمّي ! فقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : في العدل إن شئتَ أقمته لك في الشمس وجلدت ظلّه ؛ فإنّ الحلم مثل الظلّ ، ولكنّا سنضربه إذا آذاك حتى لا يعود يؤذي المسلمين ( 14 ) .

شرب الخمر في شهر رمضان

11 – الكافي عن أبي مريم : أُتي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بالنجاشي الشاعر قد شرب الخمر في شهر رمضان ، فضربه ثمانين ثمّ حبسه ليلة ، ثمّ دعى به من الغد فضربه عشرين سوطاً ، فقال له : يا أمير المؤمنين ! فقد ضربتني في شرب الخمر ، وهذه العشرين ما هي ؟ فقال : هذا لتجرّيك على شرب الخمر في شهر رمضان ( 15 ) .

مولود له رأسان

12 – الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ولد على عهد أمير المؤمنين ( عليه السلام ) مولودٌ له رأسان وصدران في حَقْو ( 16 ) واحد ، فسئل أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : يُورَّث ميراث اثنين أو واحد ؟ فقال : يُترك حتى ينام ثمّ يُصاح به ؛ فإن انتبها جميعاً معاً كان له ميراث واحد ، وإن انتبه واحد وبقي الآخر نائماً يُورَّث ميراث اثنين ( 17 ) .

إلحاق الولد بالزوج مع العزل

13 – شرح الأخبار عن جابر بن عبد الله بن يحيى : جاء رجل إلى عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) فقال : يا أمير المؤمنين ! إنّي كنت أعزل عن امرأتي ، وإنّها جاءت بولد . فقال عليّ ( عليه السلام ) : أُناشدك الله ، هل وطئتها ثمّ عاودتها قبل أن تبول ؟ قال : نعم ، قال : فالولد لك ( 18 ) .

درء الرجم لتعذّر الوصول إلى الزوجة

14 – الإمام الباقر ( عليه السلام ) : قضى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في الرجل الذي له امرأة بالبصرة ، ففجر بالكوفة أن يُدرأ عنه الرجم ، ويُضرب حدّ الزاني ( 19 ) .

15 – عنه ( عليه السلام ) : قضى [ عليّ ] ( عليه السلام ) في رجل محبوس في السجن وله امرأة حرّة في بيته في المصر وهو لا يصل إليها ، فزنى في السجن ، قال : عليه الجلد ، ويُدرأ عنه الرجم ( 20 ) .

العفو عن السارق لقراءته سورة البقرة

16 – بعض الصادقين ( عليهم السلام ) : جاء رجل إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فأقرّ بالسرقة ، فقال له أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : أتقرأ شيئاً من كتاب الله ؟ قال : نعم سورة البقرة ، قال : قد وهبت يدك لسورة البقرة . فقال الأشعث : أتُعطّل حدّاً من حدود الله ؟ !

فقال : وما يدريك ما هذا ؟ إذا قامت البيّنة فليس للإمام أن يعفو ، وإذا أقرّ الرجل على نفسه فذلك إلى الإمام ؛ إن شاء عفا ، وإن شاء قطع ( 21 ) .

العفو عمّن أقرّ باللواط فتاب

17 – الإمام الصادق ( عليه السلام ) : بينا أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في ملأ من أصحابه إذ أتاه رجل فقال : يا أمير المؤمنين ، إنّي قد أوقبت على غلام فطهّرني ، فقال له : يا هذا ، امضِ إلى منزلك ، لعلّ مراراً ( 22 ) هاجَ بك ، فلمّا كان من غد عاد إليه فقال له : يا أمير المؤمنين ، إنّي أوقبت على غلام فطهّرني ، فقال له : يا هذا ، امضِ إلى منزلك ؛ لعلّ مراراً هاجَ بك ، حتى فعل ذلك ثلاثاً بعد مرّته الأُولى ، فلمّا كان في الرابعة قال له : يا هذا ، إنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حكم في مثلك بثلاثة أحكام ، فاختر أيّهنّ شئت ، قال : وما هنّ يا أمير المؤمنين ؟ قال : ضربة بالسيف في عنقك بالغة ما بلغت ، أو إهداءٌ من جبل مشدود اليدين والرجلين ، أو إحراق بالنار .

فقال : يا أمير المؤمنين ، أيّهنّ أشدّ عليَّ ؟ قال : الإحراق بالنار ، قال : فإنّي قد اخترتها يا أمير المؤمنين .

قال : خذ لذلك أُهبتك ، فقال : نعم ، فقام فصلّى ركعتين ، ثمّ جلس في تشهّده فقال : اللهمّ إنّي قد أتيت من الذنب ما قد علمتَه ، وإنّي تخوّفت من ذلك ، فجئت إلى وصيّ رسولك ، وابن عمّ نبيّك فسألته أن يطهّرني ، فخيّرني بين ثلاثة أصناف من العذاب ، اللهمّ فإنّي قد اخترت أشدّها ، اللهمّ فإنّي أسألك أن تجعل ذلك كفّارة لذنوبي ، وأن لا تُحرقني بنارك في آخرتي .

ثمّ قام وهو باك حتى جلس في الحفرة التي حفرها له أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وهو يرى النار تتأجّج حوله ، فبكى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وبكى أصحابه جميعاً ، فقال له أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : قم يا هذا ! فقد أبكيت ملائكة السماء وملائكة الأرض ؛ فإنّ الله قد تاب عليك ، فقم ولا تعاودنّ شيئاً ممّا قد فعلت ( 23 ) .

إقامة الحدّ على من أقرَّ بالزنى

18 – الكافي عن أحمد بن محمّد بن خالد رفعه إلى الإمام عليّ ( عليه السلام ) : أتاه رجل بالكوفة فقال : يا أمير المؤمنين ، إنّي زنيت فطهّرني ، قال : ممّن أنت ؟ قال : من مُزَينة ، قال : أتقرأ من القرآن شيئاً ؟ قال : بلى ، قال : فاقرأ ، فقرأ فأجاد ، فقال : أبِكَ جِنّة ؟ قال : لا ، قال : فاذهب حتى نسأل عنك .

فذهب الرجل ثمّ رجع إليه بعدُ فقال : يا أمير المؤمنين ، إنّي زنيت فطهّرني ، فقال : ألك زوجة ؟ قال : بلى . قال : فمُقيمة معك في البلد ؟ قال : نعم ، قال : فأمره أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فذهب ، وقال : حتى نسأل عنك ، فبعث إلى قومه فسأل عن خبره ، فقالوا : يا أمير المؤمنين ، صحيح العقل .

فرجع إليه الثالثة فقال له مثل مقالته ، فقال له : اذهب حتى نسأل عنك ، فرجع إليه الرابعة ، فلمّا أقرّ قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) لقنبر : احتفظ به ، ثمّ غضب ثمّ قال : ما أقبح بالرجل منكم أن يأتي بعض هذه الفواحش ، فيفضح نفسه على رؤوس الملأ ! أفلا تاب في بيته ؟ ! فوالله لتوبته فيما بينه وبين الله أفضل من إقامتي عليه الحدّ .

ثمّ أخرجه ونادى في الناس : يا معشر المسلمين اخرجوا ليُقام على هذا الرجل الحدّ ، ولا يعرفنّ أحدكم صاحبه ، فأخرجه إلى الجبّان ( 24 ) ، فقال : يا أمير المؤمنين ، أنظرني أُصلّي ركعتين .

ثمّ وضعه في حفرته واستقبل الناس بوجهه فقال :

يا معاشر المسلمين . إنّ هذا حقّ من حقوق الله عزّوجلّ ؛ فمن كان لله في عنقه حقّ فلينصرف ولا يُقيم حدود الله من في عنقه لله حدّ ، فانصرف الناس وبقي هو والحسن والحسين ( عليهما السلام ) ، فأخذ حَجَراً ، فكبّر ثلاث تكبيرات ، ثمّ رماه بثلاثة أحجار في كلّ حَجَر ثلاث تكبيرات ، ثمّ رماه الحسن ( عليه السلام ) مثل ما رماه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، ثمّ رماه الحسين ( عليه السلام ) ، فمات الرجل .

فأخرجه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فأمر فحُفِر له وصلّى عليه ودفنه ، فقيل : يا أمير المؤمنين ، ألا تُغسّله ؟ فقال : قد اغتسل بما هو طاهر إلى يوم القيامة ، لقد صبر على أمر عظيم ( 25 ) .

19 – الكافي عن ميثم : أتت امرأة مُجِحٌّ ( 26 ) أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فقالت : يا أمير المؤمنين ، إنّي زنيت فطهّرني طهّرك الله ؛ فإنّ عذاب الدنيا أيسر من عذاب الآخرة الذي لا ينقطع ، فقال لها : ممّا أُطهّرك ؟ فقالت : إنّي زنيت ، فقال لها : أوَ ذات بعل أنتِ أم غير ذلك ؟ فقالت : بل ذات بعل ، فقال لها : أفحاضراً كان بعلكِ إذ فعلتِ ما فعلتِ أم غائباً كان عنك ؟ فقالت : بل حاضراً ، فقال لها : انطلقي ، فضعي ما في بطنك ، ثمّ ائتني أُطهّرْك ، فلمّا ولّت عنه المرأة فصارت حيث لا تسمع كلامه قال : اللهمّ إنّها شهادة .

فلم يلبث أن أتته ، فقالت : قد وضعت فطهّرني ، فتجاهل عليها ، فقال : أُطهّرك يا أمة الله ممّاذا ؟ فقالت : إنّي زنيت فطهّرني ، فقال : وذات بعل إذ فعلتِ ما فعلتِ ؟

قالت : نعم ، قال : وكان زوجك حاضراً أم غائباً ؟ قالت : بل حاضراً ، قال : فانطلقي وارضعيه حولين كاملين كما أمرك الله ، فانصرفت المرأة ، فلمّا صارت من حيث لا تسمع كلامه قال : اللهمّ إنّهما شهادتان .

فلمّا مضى حولان أتت المرأة فقالت : قد أرضعته حولين ، فطهّرني يا أمير المؤمنين ، فتجاهل عليها وقال : أُطهّرك ممّاذا ؟ فقالت : إنّي زنيت فطهّرني ، قال : وذات بعل أنت إذ فعلت ما فعلت ؟ فقالت : نعم ، قال : وبعلك غائب عنك إذ فعلت ما فعلت أو حاضر ؟ قالت : بل حاضر ، قال : فانطلقي فاكفليه حتى يعقل أن يأكل ويشرب ولا يتردّى من سطح ولا يتهوّر في بئر .

فانصرفت وهي تبكي ، فلمّا ولّت فصارت حيث لا تسمع كلامه قال : اللهمّ إنّها ثلاث شهادات ، فاستقبلها عمرو بن حريث المخزومي فقال لها : ما يُبكيك يا أمة الله وقد رأيتك تختلفين إلى عليّ تسألينه أن يطهّرك ؟ فقالت : إنّي أتيت أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فسألته أن يطهّرني فقال : اكفلي ولدك حتى يعقل أن يأكل ويشرب ولا يتردّى من سطح ولا يتهوّر في بئر ، وقد خفت أن يأتي عليَّ الموت ولم يطهّرني .

فقال لها عمرو بن حريث : ارجعي إليه فأنا أكفله .

فرجعت فأخبرت أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بقول عمرو ، فقال لها أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وهو متجاهل عليها : ولِمَ يكفل عمرو ولدك ؟ فقالت : يا أمير المؤمنين إنّي زنيت فطهّرني ، فقال : وذات بعل أنت إذ فعلت ما فعلت ؟ قالت : نعم ، قال : أفغائباً كان بعلك إذ فعلت ما فعلت أم حاضراً ؟ فقالت : بل حاضراً ، قال : فرفع رأسه إلى السماء وقال : اللهمّ إنّه قد ثبت لك عليها أربع شهادات ، وإنّك قد قلت لنبيّك ( صلى الله عليه وآله ) فيما أخبرته به من دينك : يا محمّد من عطّل حدّاً من حدودي فقد عاندني وطلب بذلك مضادّتي ، اللهمّ فإنّي غير معطّل حدودك ، ولا طالب مضادّتك ، ولا مضيّع لأحكامك ، بل مطيع لك ، ومتّبع سنّة نبيّك ( صلى الله عليه وآله ) .

فنظر إليه عمرو بن حريث وكأنّما الرمّان يفقأ في وجهه ، فلمّا رأى ذلك عمرو قال : يا أمير المؤمنين ، إنّني إنّما أردت أكفله إذ ظننت أنّك تحبّ ذلك ، فأمّا إذا كرهته فإنّي لست أفعل .

فقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : أبعدَ أربع شهادات بالله ؟ ! لتكفلنّه وأنت صاغر . فصعد أمير المؤمنين ( عليه السلام ) المنبر فقال : يا قنبر ! نادِ في الناس الصلاة جامعة ، فنادى قنبر في الناس ، فاجتمعوا حتى غصّ المسجد بأهله ، وقام أمير المؤمنين صلوات الله عليه ، فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال :

 أيّها الناس إنّ إمامكم خارج بهذه المرأة إلى هذا الظَّهْر ليُقيم عليها الحدّ إن شاء الله ، فعزم عليكم أمير المؤمنين لمّا خرجتم وأنتم متنكّرون ومعكم أحجاركم لا يتعرّف أحد منكم إلى أحد حتى تنصرفوا إلى منازلكم إن شاء الله ثمّ نزل .

فلمّا أصبح الناس بكرة خرج بالمرأة وخرج الناس متنكّرين متلثّمين بعمائمهم وبأرديتهم والحجارة في أرديتهم وفي أكمامهم حتى انتهى بها والناس معه إلى الظَّهْر بالكوفة ، فأمر أن يُحفر لها حفيرة ثمّ دفنها فيها ، ثمّ ركب بغلته وأثبت رجليه في غرز الركاب ، ثمّ وضع إصبعيه السبّابتين في أُذنيه ، ثمّ نادى بأعلى صوته :

يا أيّها الناس ! إنّ الله تبارك وتعالى عهد إلى نبيّه ( صلى الله عليه وآله ) عهداً عهده محمّد ( صلى الله عليه وآله ) إليَّ بأنّه لا يُقيم الحدّ من لله عليه حدٌّ ؛ فمن كان عليه حدّ مثل ما عليها فلا يُقيم عليها الحدّ .

فانصرف الناس يومئذ كلّهم ما خلا أمير المؤمنين ( عليه السلام ) والحسن والحسين ( عليهما السلام ) ، فأقام هؤلاء الثلاثة عليها الحدّ يومئذ وما معهم غيرهم ( 27 ) .

حامل فزعت فطرحت ما في بطنها وماتت

20 – الكافي عن الحسن : إنّ عليّاً ( عليه السلام ) لمّا هزم طلحة والزبير أقبل الناس منهزمين ، فمرّوا بامرأة حامل على الطريق ، ففزعت منهم ، فطرحت ما في بطنها حيّاً ، فاضطرب حتى مات ، ثمّ ماتت أُمّه من بعده ، فمرّ بها عليّ ( عليه السلام ) وأصحابه وهي مطروحة وولدها على الطريق ، فسألهم عن أمرها ، فقالوا له : إنّها كانت حبلى ففزعت حين رأت القتال والهزيمة .

قال : فسألهم أيّهما مات قبل صاحبه ؟ فقيل : إنّ ابنها مات قبلها . قال : فدعا بزوجها أبي الغلام الميّت ، فورّثه من ابنه ثلثي الدية ، وورّث أُمّه ثلث الدية ، ثمّ ورّث الزوج من امرأته الميّتة نصف ثلث الدية الذي ورثته من ابنها ، وورّث قرابة المرأة الميّتة الباقي ، ثمّ ورّث الزوج أيضاً من دية امرأته الميّتة نصف الدية وهو ألفان وخمسمائة درهم ، وورّث قرابة المرأة الميّتة نصف الدية وهو ألفان وخمسمائة درهم ، وذلك أنّه لم يكن لها ولد غير الذي رمت به حين فزعت ، قال : وأدّى ذلك كلّه من بيت مال البصرة ( 28 ) .

قطع يد السارق

21 – الكافي عن الحارث بن حصيرة : مررت بحبشي وهو يستسقي بالمدينة ، وإذا هو أقطع ، فقلت له : مَن قطعك ؟ فقال : قطعني خير الناس ! إنّا أُخذنا في سرقة ونحن ثمانية نفر ، فذُهب بنا إلى عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، فأقررنا بالسرقة فقال لنا : تعرفون أنّها حرام ؟ قلنا : نعم ، فأمر بنا فقُطعت أصابعنا من الراحة وخلّيت الإبهام ، ثمّ أمر بنا فحبسنا في بيت يُطعمنا فيه السمن والعسل حتى برئت أيدينا ، ثمّ أمر بنا فأُخرجنا ، وكسانا فأحسن كسوتنا ، ثمّ قال لنا : إن تتوبوا وتُصلحوا فهو خير لكم يُلحقكم الله بأيديكم في الجنّة ، وإن لا تفعلوا يُلحقكم الله بأيديكم في النار ( 29 ) .

22 – أنساب الأشراف عن المقدام : شهدتُ عند المغيرة بن عبد الله بن أبي عقيل رجلاً أقطع فلقيته فقلت : مَن قطعك ؟ فقال : من رحمه الله وغفر له عليّ بن أبي طالب ! فقلت : أظَلمكَ ؟ قال : لا والله ما ظلمني ( 30 ) .

23 – الخرائج والجرائح : إنّ أسوداً دخل على عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) فقال :

يا أمير المؤمنين ، إنّي سرقت فطهّرني .

فقال : لعلّك سرقت من غير حرز – ونحّى رأسه عنه – .

فقال : يا أمير المؤمنين ، سرقت من الحرز ، فطهّرني .

فقال ( عليه السلام ) : لعلّك سرقت غير نصاب – ونحّى رأسه عنه – .

فقال : يا أمير المؤمنين ، سرقت نصاباً .

فلمّا أقرّ ثلاث مرّات قطعه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فأخذ المقطوع وذهب ، وجعل يقول في الطريق : قطعني أمير المؤمنين ، وإمام المتّقين ، وقائد الغرّ المحجّلين ، ويعسوب الدين وسيّد الوصيّين ، وجعل يمدحه ، فسمع ذلك منه الحسن والحسين ( عليهما السلام ) وقد استقبلاه ، فدخلا على أبيهما ( عليه السلام ) وقالا : رأينا أسوداً يمدحك في الطريق .

فبعث أمير المؤمنين ( عليه السلام ) من أعاده إلى حضرته ، فقال ( عليه السلام ) له : قطعت يمينك وأنت تمدحني ؟ ! فقال : يا أمير المؤمنين ، إنّك طهّرتني ، وإنّ حبّك قد خالط لحمي ودمي وعظمي ، فلو قطّعتني إرباً إرباً لما ذهب حبّك من قلبي .

فدعا ( عليه السلام ) له ، ووضع المقطوع إلى موضعه ، فصحّ وصلح كما كان ( 31 ) .

ـــــــــــــــــــــــــ

( 1 ) في المصدر : ” اخرجوا ” والصحيح ما أثبتناه كما في تهذيب الأحكام .

( 2 ) الكافي : 7 / 371 / 8 ، تهذيب الأحكام : 6 / 316 / 875 كلاهما عن أبي بصير ، من لا يحضره الفقيه : 3 / 24 / 3255 ، الإرشاد : 1 / 215 نحوه من دون إسناد إلى المعصوم وراجع المناقب لابن شهر آشوب : 2 / 379 .

( 3 ) في المصدر : ” إلاّ ثلث ” ، والصحيح ما أثبتناه كما في تهذيب الأحكام .

( 4 ) الكافي : 7 / 427 / 10 ، تهذيب الأحكام : 6 / 290 / 805 وراجع من لا يحضره الفقيه : 3 / 37 / 3279 والإرشاد : 1 / 219 والاختصاص : 107 والمناقب لابن شهر آشوب : 2 / 52 والرياض النضرة : 3 / 168 .

( 5 ) الكافي : 7 / 425 / 8 ، تهذيب الأحكام : 6 / 307 / 851 كلاهما عن عبد الله بن عثمان عن رجل وراجع خصائص الأئمّة ( عليهم السلام ) : 86 .

( 6 ) الكافي : 7 / 433 / 23 عن السكوني ، تهذيب الأحكام : 6 / 237 / 583 وج 7 / 76 / 325 كلاهما عن السكوني عن الإمام الصادق عن آبائه ( عليهم السلام ) ، الجعفريّات : 145 .

( 7 ) تهذيب الأحكام : 7 / 352 / 1433 عن عليّ بن جعفر .

( 8 ) الكافي : 7 / 317 / 1 ، تهذيب الأحكام : 10 / 269 / 1057 كلاهما عن محمّد بن قيس .

( 9 ) الكافي : 7 / 323 / 6 ، تهذيب الأحكام : 10 / 266 / 1047 .

( 10 ) العَلَقة : دودة في الماء تمصّ الدم ( لسان العرب : 10 / 267 ) .

( 11 ) الحمأة والحمأ : الطين الأسود المنتن ( لسان العرب : 1 / 61 ) .

( 12 ) الخرائج والجرائح : 1 / 210 / 52 ، بحار الأنوار : 40 / 242 / 20 .

( 13 ) الكافي : 7 / 284 / 6 ، تهذيب الأحكام : 10 / 239 / 953 كلاهما عن السكوني ، من لا يحضره الفقيه : 4 / 116 / 5233 نحوه وراجع المناقب لابن شهر آشوب : 2 / 380 .

( 14 ) علل الشرائع : 544 / 1 عن سماعة ، الكافي : 7 / 263 / 19 عن سماعة من دون إسناد إلى المعصوم ، تهذيب الأحكام : 10 / 80 / 313 عن أبي العلا عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، من لا يحضره الفقيه : 4 / 72 / 5136 كلاهما نحوه وراجع المناقب لابن شهر آشوب : 2 / 356 .

( 15 ) الكافي : 7 / 216 / 15 ، تهذيب الأحكام : 10 / 94 / 362 ، من لا يحضره الفقيه : 4 / 55 / 5089

عن جابر يرفعه ، دعائم الإسلام : 2 / 464 / 1644 وفي آخره ” لتجرّئك على الله وإفطارك في شهر رمضان ” .

( 16 ) الحَقْو : الخصْر ومَشَدّ الإزار ( الصحاح : 6 / 2317 ) .

( 17 ) الكافي : 7 / 159 / 1 ، تهذيب الأحكام : 9 / 358 / 1278 ، من لا يحضره الفقيه : 4 / 329 / 5706 كلّها عن حريز بن عبد الله ، الإرشاد : 1 / 212 ، المناقب لابن شهر آشوب : 2 / 375 كلاهما نحوه من دون إسناد إلى المعصوم ، بحار الأنوار : 40 / 257 / 30 .

( 18 ) شرح الأخبار : 2 / 325 / 667 ، المناقب لابن شهر آشوب : 2 / 377 .

( 19 ) الكافي : 7 / 179 / 12 ، تهذيب الأحكام : 10 / 15 / 39 كلاهما عن أبي عبيدة .

( 20 ) الكافي : 7 / 179 / 12 ، تهذيب الأحكام : 10 / 15 / 39 وليس فيه ” حرّة ” وكلاهما عن أبي عبيدة .

( 21 ) تهذيب الأحكام : 10 / 129 / 516 عن أبي عبد الله البرقي عن بعض أصحابه ، من لا يحضره الفقيه : 4 / 62 / 5106 من دون إسناد إلى المعصوم .

( 22 ) المِرّة : إحدى الطبائع الأربع من أمزجة البدن ( لسان العرب : 5 / 168 ) .

( 23 ) الكافي : 7 / 201 / 1 ، تهذيب الأحكام : 10 / 53 / 198 وفيه ” إهدارك ” بدل ” إهداء ” وكلاهما عن مالك بن عطيّة .

( 24 ) الجَبّان : في الأصل الصحراء ، وأهل الكوفة يُسمّون المقابر جبّانة ( معجم البلدان : 2 / 99 ) .

( 25 ) الكافي : 7 / 188 / 3 ، تفسير القمّي : 2 / 96 عن أبي بصير عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) نحوه ، بحار الأنوار : 40 / 292 / 66 وراجع من لا يحضره الفقيه : 4 / 31 / 5017 .

( 26 ) المُجِحُّ : الحامِلُ المُقْرِب التي دنا وِلادُها ( النهاية : 1 / 240 ) .

( 27 ) الكافي : 7 / 186 / 1 ، تهذيب الأحكام : 10 / 9 / 23 ، من لا يحضره الفقيه : 4 / 32 / 5018 ، المحاسن : 2 / 21 / 1094 .

( 28 ) الكافي : 7 / 138 / 1 ، تهذيب الأحكام : 9 / 376 / 1344 ، من لا يحضره الفقيه : 4 / 308 / 5662 .

( 29 ) الكافي : 7 / 264 / 22 ، بحار الأنوار : 40 / 314 / 89 .

( 30 ) أنساب الأشراف : 2 / 385 .

( 31 ) الخرائج والجرائح : 2 / 561 / 19 وراجع الفضائل لابن شاذان : 144 والتحصين لابن طاووس : 610 / 11 وتفسير الفخر الرازي : 21 / 89 .

المصدر: موسوعة الإمام علي (ع) في الكتاب والسنة والتاريخ / الشيخ محمد الريشهري