- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 9 دقیقة
- بواسطة : امین نجف
- 0 تعليق
الطريق نحو ديمومة الحياة الزوجية
في هذا القسم مجموعة من البحوث حول السبل الكفيلة بديمومة الحياة الزوجية واستمرارها ، منها ما يتعلق بالأمن العائلي وشعور الزوجين بحالة السكن ، حسب تعبير القرآن الكريم ، ومنها ما يتعلق بالواجبات والحقوق المتبادلة ، والتي من شأنها تعزيز العلاقات الزوجية . وأخيرا ، ما يتعلق بالإنجاب ودور الأطفال في إشاعة روح جديدة في كيان الأسرة وإرساء أواصرها المتينة .
الفصل الأول: الأمن العائلي
إن أحد أهم الأسباب التي تدفع بالرجل والمرأة إلى الزواج وتحمل مسؤولياته الجسيمة هو السعي لتحقيق حالة من الاستقرار الروحي .
يقترن الفتى والفتاة ، وتبدأ حياتهما الجديدة وفي قلبيهما عزم على بناء مستقبلهما على أسس متينة يوفر لهما شعورا بالطمأنينة والسلام .
يلوذ الرجل بزوجته إذا ما داهمته الخطوب فيشعر بالثقة تعمر قلبه ، وتلجأ المرأة إلى زوجها لدى شعورها بالخطر فتحس بالسكينة تملأ قلبها ، فالزواج بعني التضامن ، الحب ، التكافل ، الاتحاد وأخيرا يعني الملاذ الأمن الذي يوفر للزوجين شعورا بالأمن.
الأب والأم :
يشعر المرء بحاجته إلى من يقف إلى جواره وهو يشق طريقه في الحياة . إنه لا يستطيع أن يتحمل كل أعبائها بمفرده ، ولذا فإنه يطمح إلى شريك يخفف من الأعباء التي ينوء بحملها .
وتطمح المرأة أن ترى في زوجها ذلك الأب الرحيم الذي يضمها بعطفه ويغمرها بحبه ، كما أن الرجل يطمح أن يرى في زوجته تلك الأم الرؤوم التي تمسح على رأسه وتغمره بحنانها الفياض .
ومن أجل تحقيق هذه الصورة الجميلة من الحياة الزوجية فإن على الزوجين السعي المتواصل والعزم الأكيد في الابتعاد عن روح الأنانية ، والعمل بإخلاص وتفان على تثبيت عرى التضامن والحب والإيثار والوفاء بينهما .
قيادة الرجل :
الأسرة ككيان صغير يحتاج إلى قيادة وترشيد ، وهي مسؤولية يتحملها الرجل ، مع التأكيد على أنها ليست امتيازا للرجل بقدر ما هي مسؤولية جسيمة تتطلب البذل والعطاء ، والتشاور .
الرجل هو عماد الأسرة والخيمة التي يجد فيها أعضاء الأسرة ما يصبون إليه من الراحة والأمل .
وإذا كان المرء يحتاج إلى نموذج يقتدي به في حياته ، فإن الرجل هو خير مثال للمرأة تتعلم منه الكثير الكثير في حياتها ، ذلك أن المرأة لا تنتظر من زوجها أن يلبي حاجتها الجنسية فحسب ، بل تنتظر منه ما هو أكثر من ذلك وأسمى . إنها تنتظر منه أن يكون إنسانا ناضجا يشعر بالمسؤولية وملاذا آمنا تحس في داخله بالطمأنينة والأمن .
المرأة مسكن :
قال تعالى : ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ) .
يحقق الزواج ضمن ما يحققه من أهداف كبيرة شعورا بالألفة ويقضي على أحاسيس الوحدة والغربة التي تموج في أعماق الإنسان قبل إقدامه على الزواج .
يشعر الرجل بعواصف الحياة تلفح وجهه ويحس بضغوطها عليه ، فإذا دخل منزله ملأت مشاعر الراحة قلبه وهو يرى زوجته تستقبله بابتسامة مشرقة تغسل قلبه من الهموم وتملأ روحه بالثقة والاعتداد بالنفس .
لقد كان الإمام علي ( ع ) وبالرغم مما عرف عنه بتحمله للخطوب والمحن ، يسرع إلى منزله إذا ما داهمته المصائب فيشعر بالطمأنينة تغمر قلبه وروحه ، ولم يكن ذلك سوى وجوده قرب فاطمة عليها السلام .
المرأة خير معين للرجل تقوي قلبه وتملأ روحه ثقة في أحلك الظروف وأشدها قسوة ، ذلك أن المرأة مخزون هائل من العاطفة والحب الذي يمكنه أن يسع العالم بأسره .
إظهار المودة :
لا شك بأن المودة والحب يولدان مع الزواج ، فهناك اندماج وتفاعل ينشأ لدى الزوجين ويترعرع بمرور الأيام ، غير أن الإسلام يطلب من الرجل والمرأة إظهار حبهما المتبادل لتأكيده أولا ولتجذيره ثانيا . فقد يرتكب الرجل أو المرأة خطأ ما فيفسر على غير حقيقته ، وعندها يولد الشك ، ولذا ومن أجل محو تلك الشكوك فإن إعلان الحب وإظهار المودة يعتبر عاملا مهما لتبديد ضباب الظنون .
كما أن الحياة المشتركة تتطلب تفاهما مستمرا من أجل تكامل الزوجين وبناء حياتهما المشتركة على أسس متينة وقوية .
تعزيز المعنويات :
الحياة بحر متلاطم الأمواج ، زاخرة بألوان المحن التي تزلزل القلوب ، ولذا فإن على الزوجين الوقوف معا في مواجهة ما يعترضهما من أمواج .
الرجل يناضل ويكافح من أجل لقمة العيش ويتحمل في سبيل ذلك ألوانا من المتاعب والضغوط التي قد تزلزل إيمانه بالحياة ، وهنا يبرز دور المرأة في بحث روح الثقة بنفسه وتشجيعه على مقاومة ما يعترضه من مشكلات .
إن المرأة ومن خلال وقوفها إلى جانب زوجها في معترك الحياة سوف تصنع بطلا قادرا على تحدي كل ألوان المحن .
التعاون :
من المسائل المهمة في توفير الأمن العائلي هو التعاون بين الرجل والمرأة ، إذ ليس من اللياقة أبدا أن تقف المرأة مكتوفة اليدين وهي ترى زوجها يكافح ويكدح ويتصبب عرقا وينزف جهدا في سبيل توفير لقمة العيش الكريم .
وليس من المنطق مطلقا أن يجلس الرجل في زاوية من البيت دون اكتراث بزوجته التي تدور في البيت هنا وهناك . . تغسل الثياب وتطهو الطعام وترتب أثاث البيت .
إن التعاون بين الزوجين يشيع أجواء المحبة والدفء في فضاء الأسرة ويزيدها مهابة
وجلالا .
عدم التنكيل :
التنكيل معول هدام يضعف أساس البناء العائلي ويبث روح الفتور في العلاقات الزوجية .
قد تخطئ المرأة ، فلا ينبغي للرجل أن ينكل بها لأن ذلك يجرح كرامتها ، وقد يخطئ الرجل فلا يجوز للمرأة أن تلوم زوجها لأن ذلك يضعف من ثقته بنفسه .
النشاط البشري حافل بالأخطاء . والقاعدة أن من لا يخطئ لا يمكن أن يصيب ، فالخطأ مدرسة تعلم الإنسان أن يسلك الطريق الصائب .
إشاعة الدفء :
يتحمل الزوجان مسؤولية بث الدفء في أجواء الأسرة ، غير أن المرأة بما وهبها الله من العاطفة تتحمل القسط الأكبر في ذلك . فالمرأة مخزن للعواطف الإنسانية وينبوع الحب الصافي .
إنها بروحها الوثابة ودقتها يمكنها أن تشيع النشاط والحيوية في البيت ، وبابتسامها الحنون تتبدد السحب ويتلاشى الضباب فتشرق شمس الحب وتغمر المنزل بالدفء والنور .
المرأة سيد البيت والمسؤول الأول في إدارة مملكتها الصغيرة . إنها ومن خلال مهارتها وفنها يمكنها أن تجعل جميع الأشياء فيه تنبض بالحياة .
ينبغي على المرأة أن تحول بيتها إلى واحدة صغيرة وارفة الظلال ، فإذا عاد زوجها بعد عناء يوم حافل بالنشاط والجهد وجد جميع الأشياء وكأنها تستقبله ، فيشعر بالراحة تغسل كل تعبه وهمومه . وقد جاء في الأحاديث الشريفة : جهاد المرأة حسن التبعل .
قدر من الراحة :
عندما يعود الرجل إلى البيت يكون همه الأول أن يلتقط أنفاسه في مكان مريح ، ولذا فإن على المرأة أن تدرك هذه المسألة فتهيئ لشريك حياتها ما يناسب ذلك ، لكي ينعم زوجها بقسط وافر من الراحة والهدوء .
كما أن على الرجل أن يدرك أن زوجته لم تكن تقضي وقتها في استراحة طويلة . إنها هي الأخرى تعمل وتدور في المنزل من أجل إنجاز أعماله ومستلزماته العديدة ، ولذا فعليه إذا ما استمتع باستراحته أن يبادر إلى مساعدة زوجته في شؤونها المنزلية ، ذلك أن هذا الإحساس سوف يصب في مصلحة الأسرة ويشيع فيها جوا من التفاهم والانسجام .
الحياة الزوجية تعاون وتضامن وخيركم خيركم لأهله كما ورد في الحديث الشريف .
ولا ينبغي أن ننسى هنا الجانب العبادي في هذه المسائل ، فالله سبحانه يثيب المحسن ويعاقب المسئ .
الثناء :
من العوامل المشجعة والتي تساعد على إشاعة الانسجام في الأسرة ، الثناء والمديح في وقته وظرفه المناسب . إنه دفقة من الحياة يضخها الرجل في روح امرأته عندما يثني على عمل ما قامت به ، كما أنه وسام شريف تمنحه المرأة لزوجها عندما تمتدح موقفه من مسألة ما .
الإنسان يحتاج إلى ثناء الآخرين لكي يتقدم في عمله ويبدع ، فالتشجيع له دوره البناء في التكامل والتقدم نحو الأمام .
إن على الزوجين ، ومن أجل إشاعة الانسجام في الأسرة ، البحث عن النقاط الإيجابية في كل منهما وتنميتها ، والغض عن العيوب – قدر الإمكان – ومعالجتها بطريقة هادئة بعيدا عن أسلوب التنكيل والتقريع والإهانة .
إن امتداح الرجل لزوجته سوف يجعل له مكانا أثيرا في قلبها ، كما أن ثناء المرأة على زوجها سوف يوفر لها منزلة سامية في قلبه .
التحمل :
وأخيرا فإن التحمل والصبر من العوامل المهمة في توفير الأمن الأسري .
إن على الرجل أن يتحمل سلوك زوجته ولا يثور في وجهها لدى كل هفوة تصدر عنها ، كما أن المرأة عليها أن تصبر ، فلا تتصرف بردود فعل متشنجة إزاء موقف مغيظ يصدر عن زوجها .
إن من علامات العقل ، ضبط النفس وعدم الانقياد وراء الأهواء النفسية ، ينبغي على المرء أن يبدي أكبر قدر من الحكمة في سلوكه ومواقفه .
الزوجان شريكا حياة وليسا غريمين ينتظران تسوية الحساب بينهما في كل لحظة ، بل أحدهما يكمل الآخر ، وكلاهما يتعاونان على تحمل أعباء الحياة . وأول خطوة في هذا الطريق هو أن يتحمل أحدهما الآخر منتظرا الفرصة المناسبة لتقويم اعوجاجه وتصحيح انحرافه .
الفصل الثاني: الحقوق الزوجية
الزواج عقد يوقعه الرجل والمرأة من أجل حياة مشتركة تحت سقف واحد ، عقد يتضمن مجموعة من البنود والضوابط التي تنظم علاقاتهما المتشابكة ، من أجل إرساء دعائم بناء متين يحفظ حقوقهما ويحدد واجباتهما .
أن مسألة الزواج كعقد مشترك أمر تجمع عليه كل القوانين في جميع الدول والمجتمعات .
وأصولا ، فإن شقاء وسعادة الأسرة التي تعتبر حجر الأساس في بناء المجتمع أمر يتوقف على سعي الرجل والمرأة في خلق أجواء صحية ومناخ مناسب . وتوفير الظروف المناسبة لنمو شجرة السعادة وامتداد جذورها بعيدا في أرض معطاء .
وما أكثر أولئك الذين أخطأوا طريق السعادة بسبب جهلهم وعدم رعايتهم للحقوق والواجبات الزوجية ، فقضوا أعمارهم في نزاع وخلاف وشجار لا نهاية له وثمرة من ورائه سوى المرارة والألم والعذاب .
مسألة الحقوق :
ان جميع الأديان السماوية والمذاهب الوضعية تؤكد على أهمية الحقوق والواجبات الاجتماعية وضرورة رعايتها من قبل الطرفين من أجل إرساء دعائم الحياة المشتركة بينهما في جو مفعم بالسلام .
أن بحث مسألة حقوق فرد ما يعني بحث مسألة واجبات الفرد المقابل ، فعندما نطرح – مثلا مسألة حقوق الطفل على الوالدين فهذا يعني أننا نبحث مسألة واجبات الوالدين تجاه الطفل . وإذن فهناك معادلة بين الحق والواجب . فلكل فرد حق معين . وعلى كل فرد واجب محدد وأي إخلال بهذه المعادلة يعني بروز قضية العقاب والجزاء لإقرار المعادلة بشكل متوازن .
الأسرة والحقوق :
تحتل مسألة الحقوق في الإسلام مساحة واسعة وتحظى بأهمية فائقة ، وقد سئل الإمام الرضا – عليه السلام – عن حق المؤمن على المؤمن ، فقال : إن من حق المؤمن على المؤمن المودة في صدره والمواساة في ماله . . . ولا يقول له : أف ، فإذا قال له أف فليس بينهما ولاية ، وإذا قال له أنت عدوي فقد كفر أحدهما صاحبه ، وإذا اتهمه إنماث الإيمان في قلبه كما ينماث الملح في الماء ( 1 ) .
وإذا كان لمسألة الحقوق كل هذه الأهمية فإن أهميتها الكبرى تتجلى في الحياة الزوجية ، حيث يتعين على إنسانين العيش معا تحت سقف واحد والسير سوية في طريق واحد . ولذا يتعين على الرجل والمرأة الإحاطة بشكل عام بالواجبات والحقوق المتبادلة بينهما من أجل إرساء حياة هادئة مفعمة بالحب والسلام .
احترام الحقوق :
تقوم الحياة الزوجية على أساس احترام الحقوق . وبالرغم من الدور الفاعل للحب والمودة في تعزيز العلاقات الزوجية ، إلا أن مسألة احترام الحقوق تحظى بأهمية فائقة في مضمار العلاقات بين الزوجين .
فقد يواجه الزوجان – مثلا – تنوعا واختلافا واسعا في الأذواق والمشارب والأهواء . ومن أجل تلافي الاصطدام بينهما فإن تحكيم الحق والواجب هنا هو الأساس في الفصل وحل المشكلة قبل أن تتطور إلى نزاع أو شجار .
ولهذا شرع الإسلام لكل فرد من أفراد الأسرة حقوقا معينة ينبغي احترامها وعدم تجاوزها . وهنا ينبغي الإشارة إلى أن عدم رعاية الزوجين لحقوق كل منهما يعني مخالفة صريحة للتعاليم الإلهية ، وهو أمر يعرض الانسان للحساب والعقاب .
أن احترام ورعاية الحقوق الزوجية هو واجب شرعي يتوجب الالتزام به ، إضافة إلى آثاره الإيجابية في إشاعة الدفء والحب في أجواء الأسرة . أن ما يدعو إلى الأسف حقا أن يتجاهل الرجل والمرأة تلك الحقوق الإلهية وإهمال واجباتهما تجاه بعضهما البعض .
إن مسألة زعامة الأسرة ليست امتيازا في نظر الإسلام بقدر ما هي مسؤولية تعني إدارة الأسرة وقيادتها في الطريق الصائب حيث يتبلور دور العقل والكياسة والتجربة في شؤون الحياة ، إضافة إلى عناصر التضحية والإيثار والصبر .
كما أن توزيع الواجبات في الأسرة مسألة يشير إليها الإسلام ويؤكد عليها ، بعد أن يأخذ بنظر الاعتبار قابليات كل من الزوجين واستعداداتهما الفطرية . وهنا نرى رسول الله ( ص ) يسند شؤون المنزل وإدارته إلى فاطمة الزهراء ( ع ) بينما يوكل الأعمال خارج المنزل إلى زوجها علي بن أبي طالب ( ع ) .
إن الإحساس المتقابل بمسؤولية الزوجين تجاه بعضهما البعض له أثره الكبير في رسم صورة واقعية للحياة تساعدهما على السير بثبات واستقامة نحو الهدف المنشود .
مسؤولية الرجل :
يتحمل الرجل في الإسلام مسؤولية إدارة الأسرة وتوفير ما تحتاج من غذاء وكساء ، كما أنه في الخط الأول في مواجهة الأخطار التي تهدد كيانها ومصيرها .
وإضافة إلى ذلك يتحمل الرجل مسؤولية بناء الأسرة على أسس صحيحة ليكون البناء سليما . وعلى الرجل أن يكون بعيدا في تفكيره وأن لا يحصر همه في الحصول على متعه الشخصية وأن لا يجعل همه الأول في الحياة الدنيا ولذائذها لأن ذلك يقود في النهاية إلى انحطاط الأسرة وتفككها .
مسؤولية المرأة :
تتحمل المرأة مسؤولية كبرى في الحياة الأسرية ، بل أنها تشكل محور الأسرة ، فعليها تقع مسؤولية إدارة المنزل وتربية الجيل تربية صحيحة .
ومع كل هذه الأهمية في دور المرأة فإننا نؤكد على خطأ زعامة المرأة للأسرة . أنها بمثابة القلب النابض الذي يمد الأسرة بالحياة والنشاط والأمل ، في حين يمثل الرجل دور العقل المدبر في قيادة الأسرة . ولهذا فإن كلا الدورين يكمل أحدهما الآخر في تناغم وانسجام .
حقوق الأبناء :
لا تنحصر مسؤولية الزوجين تجاه بعضهما البعض فقط بل أنها تشمل دائرة أوسع من ذلك بكثير . ذلك أنهما مسؤولان عن أبنائهما ، فالطفولة لها حق كبير ، وتربيتهما تربية صالحة هي مسؤولية كبرى تقع على عاتق الوالدين .
الأطفال في حاجة إلى محيط أسري هادئ يشعرهم بالطمأنينة والأمن ، أما النزاع والاختلافات فهي بمثابة عاصفة عاتية تدمر مشاعر الطفل وتقذف في قلبه الخوف والقلق .
وإذا كانت هناك هموم تعكر صفو الحياة فينبغي على الوالدين معالجتها بعيدا عن الأطفال ، فالابتسامة والحنان والمحبة والرعاية هي حق الطفولة ، وهي من واجبات الوالدين .
اجتناب الأنانية :
الحياة الأسرية تقوم على الأخلاق الرفيعة والصفات الإنسانية السامية . إنها تتناقض مع الأنا والأنانية ولا تنسجم مع النرجسية .
وإذا تذكرنا أن لدينا حقوقا فيجب أن لا نتناسى حقوق الآخرين ، فإذا كان لنا حق في الحياة الأسرية الهادئة ، فإن لأزواجنا نفس هذا الحق المفترض .
إنها نظرة ضيقة للحياة عندما لا نرى سوى أنفسنا ومصالحنا فقط . إن أكثر الخلافات التي تحتدم في فضاء الأسرة . إنما تنشأ من الأنانية وعدم أخذ الطرف الآخر بنظر الاعتبار .
يجب أن نعتمد على أنفسنا ، هذا صحيح ، لكنه لا يعني مصادرة آراء الآخرين . وهناك مع الأسف أفراد لا يرون سوى مصالحهم الشخصية فقط ، بل لا يرون سوى أنفسهم حتى أنهم لا يتحدثون مع أحد انطلاقا من إعجابهم الشديد بأنفسهم ، ومثل هؤلاء الأفراد يعيشون عزلة مريرة .
مراعاة الأدب :
يصبح للحياة العائلية طعمها الحلو إذا ما روعي فيها الأدب ، على أن يبقى ذلك ضمن الحد المعقول بعيدا عن الرسميات الفارغة ، فالاحترام المتبادل مطلوب بين الزوجين اللذين يمثل أحدهما في نظر الآخر أبا وأما لأبنائه ، فمن حق كل منهما أن يكون له رأيه في شؤون الأسرة وهمومها .
والإسلام هنا يوصي الزوجين بالاحترام ورعاية الأدب في علاقاتهما المشتركة وينهى عن الجرأة في علاقاتهما الجنسية ، إذ لا بد أن يكون هناك قدر من الحياء يحفظ لهما كرامتهما الإنسانية .
وأخيرا :
ونؤكد في ختام هذا الفصل على أن الزواج يأخذ في حسابه المصلحة العليا للأسرة ، فليس هناك مصالح شخصية أو زعامة دكتاتورية أو محاولة للسيطرة على الآخرين ، فكل هذا يعتبر خطرا على الأسرة وكيانها .
ولا ينبغي هنا تقليد الآخرين فيما يعملون ، فلكل ظروفه وأساليبه في الحياة . وهنا ينبغي التحرك ضمن معطيات الظروف . . . ينبغي أن نعرف حدودنا فلا نتجاوز على حقوق الآخرين ممن يشاركوننا حياتنا ، فقد ينجح فلان من الناس في حياته الأسرية باعتماده أسلوبا ما ، ولكن هذا الأسلوب قد يدمر حياتنا العائلية ، فلكل طريقة في الحياة .