- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 3 دقیقة
- بواسطة : امین نجف
- 0 تعليق
التشريعات في الإسلام بمختلف موضوعاتها قائمة على قاعدة (المصالح والمفاسد) فما من شيء أحلَّه الله تعالى إلا وفيه مصلحة وفائدة للإنسان، وما من شيء حرمه الله تعالى إلا وفيه مفسدة ومضرة، وقد أثبت العلم الحديث صحة ذلك في الكثير من التشريعات الإسلامية التي توصل إليها من خلال التجربة والحس والوجدان.
والحجاب للمرأة من التشريعات الإسلامية الثابتة، وهي فريضة من الفرائض التي يجب على المرأة المسلمة الالتزام بها، مهما تغير الزمان والمكان، بنص القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ﴾(۱) أي يسترن رؤوسهن وأعناقهن وصدورهن، وهو الأمر الذي كانت النساء في الجاهلية قبل الإسلام، يظهرهن أمام الملأ العام، فنزل قوله تعالى: ﴿وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ﴾(۲) .
وقد أصبحت المرأة المعاصرة في بعض المجتمعات أكثر تبرجاً مما كانت عليه النساء في عهد الجاهلية، حيث يتسابقن على إظهار ما يجب إخفاؤه، وهو الأمر الذي يجلب البلاء والنقمة والغضب الإلهي، كما أشارت لذلك الكثير من الروايات والأحاديث الشريفة.
والواجب الشرعي على كل امرأة أن تستر تمام بدنها ماعدا الوجه والكفين، كما لا يجوز للمرأة أن تكشف عن زينتها الخفية وإن كان لا يظهر الجسم، بمعنى آخر لا يجوز للمرأة الكشف عن اللباس الذي تتزين به تحت لباسها العادي بنص القرآن الكريم ﴿ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ﴾ الخفية ﴿ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ﴾ وهو الوجه والكفان فقط.
ولسنا بحاجة لإطالة الحديث حول وجوب الحجاب، فهو من ضروريات الدين، ومن الفرائض الواضحة لكل مسلم، فالواجب على كل امرأة هو ستر جسدها كاملاً ما عدا الوجه والكفين وإن كان ذلك بالعباءة فهو أفضل وأحوط كما أفتى الفقهاء بذلك، لكن ما يجعل الحديث يتكرر حول حجاب المرأة هو الدعوات المتكررة من أصحاب (تحرير المرأة) من حجابها وعفتها وحشمتها، بدعوى أن الزمن قد تغير، وأن العصر الآن عصر انفتاح وتقدم وتحضر، وأن الحجاب عائق أمام تقدم المرأة وتطورها!! وفي هذا القول من المغالطة ما لا يخفى، فالحجاب لم يكن في يوم من الأيام عائقاً أمام قيام المرأة بكل واجباتها، بل ومشاركتها في بناء المجتمع وتقدمه، والإسلام الذي لا يمانع في أن تعمل المرأة في الأعمال المناسبة لها، وأن تشارك الرجل في مختلف الأنشطة والمناشط الدينية والاجتماعية والثقافية، يطلب منها أن تحافظ على حجابها وحشمتها وعفتها.
والمرأة المسلمة المعاصرة عليها أن تعتز بحجابها وتفخر بهويتها الإسلامية، وأن ذلك عنوان طهارتها والتزامها بقيم وتعاليم دينها وثقافتها الإسلامية، ولأن الحجاب رمز الالتزام الديني؛ لذلك نجد كيف يحارب في بعض الدول، وتمنع الفتاة المتحجبة من العمل والدراسة من أجل القضاء عليه، والانخراط في منظومة الثقافة الغربية المادية، وهذا يعني أن الحجاب ليس مجرد قماشة تضعها المرأة على جسدها ورأسها، وإنما هو رمز لهوية المرأة المسلمة ودلالة على التزامها الديني.
وفي الوقت الذي نشيد فيه بمختلف الأنشطة الثقافية والاجتماعية التي تقوم بها اللجان والمؤسسات والجمعيات النسوية في مجتمعنا، والحراك النسوي الفاعل في مختلف الأبعاد، مما يدلل على تنامي الحركة النسوية في المجتمع، نلفت النظر إلى وجوب الاهتمام بتنمية المرأة عقائدياً وثقافياً واجتماعيا وأخلاقياً، وتوظيف طاقات المرأة المسلمة في ما يخدم الدين والمجتمع، مع الحفاظ على قيم المرأة المسلمة وأخلاقياتها، وأهمها الحجاب الذي هو هوية المرأة المسلمة.
وإذ نرى في تغرب بعض بنات مجتمعنا للدراسة وتحصيل أرفع المستويات، ونيل أرقى التخصصات العلمية دليل وعي وطموح، فإننا نذكر بأهمية التمسك بالتعليمات والتوصيات الدينية التي تحث على المحافظة على الحجاب، والالتزام بآداب وأخلاق الإسلام في تلك المجتمعات المنفتحة، وهنا يظهر مدى تمسك المرأة بدينها وأخلاقها وهويتها.
والمرأة الواعية لا تنخدع بالشعارات البراقة والتي تظهر المتبرجة وكأنها أكثر تحضراً ووعياً من المتحجبة، فالعبرة بتنمية العقل والفكر، واكتساب العلوم والمعارف، وليس بالتسابق في إظهار ما يجب إخفاؤه، أو التفاخر بالظهور بلباس مثير للفتنة والفساد، فالمسلم كما يجب أن يعمل لدنياه، عليه أن يفكر أكثر في آخرته، وأن المستقبل الحقيقي هو لمن يحضى برضا الله سبحانه وتعالى عنه، والفوز بدخول الجنة، وذلك هو الفلاح الكبير﴿وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾(۳) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
۱ – سورة النور، الآية: ۳۱٫
۲ – سورة الأحزاب، الآية: ۳۳٫
۳ – سورة آل عمران، الآية:۱۳۳٫
الكاتب: الشيخ عبد الله اليوسف