- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 3 دقیقة
- بواسطة : امین نجف
- 0 تعليق
“يَا بُنَيَّ اجْعَلْ نَفْسَكَ مِيزَاناً فِيَما بَيْنَكَ وَبَيْنَ غَيْرِكَ، فَأَحْبِبْ لِغَيْرِكَ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ، وَاكْرَهْ لَهُ مَا تَكْرَهُ لَهَا، وَلاَ تَظْلمِْ كَمَا لاَ تُحِبُّ أَنْ تُظْلَمَ، وَأَحْسِنْ كَمَا تُحِبُّ أَنْ يُحْسَنَ إِلَيْكَ، وَاسْتَقْبِحْ مِنْ نَفْسِكَ مَا تَسْتَقْبِحُهُ مِنْ غَيْرِكَ، وَارْضَ مِنَ النَّاسِ بِمَا تَرْضَاهُ لَهُمْ مِنْ نَفْسِكَ، وَلاَ تَقُلْ مَا لاَ تَعْلَمُ وَإِنْ قَلَّ مَا تعْلَمُ، وَلاَ تَقُلْ مَا لاَ تُحِبُّ أَنْ يُقَالَ لَكَ. وَاعْلَمْ، أَنَّ الْإِعْجَابَ ضِدُّ الصَّوَابِ، وَآفَة ُالْأَلْبَابِ. فَاسْعَ فِي كَدْحِكَ، وَلاَ تَكُنْ خَازِناً لِغَيْرِكَ”.
القاعدة العامة في المعاملة : اجعل نفسك ميزانا فيما بينك وبين غيرك.
يبيّن الإمام علي عليه السلام الطريقة الصحيحة في التعامل مع الناس، وهي طريقة العدل والإنصاف، بأن تجعل نفسك معيارا بينك وبين الآخرين. وقد وردت العديد من الروايات في آداب التعامل مع الناس، وأفرد العلماء في كتب الحديث بابا خاصا تحت عنوان “آداب العشرة” بينوا فيه الطرق العامة لمعاشرة الناس وحسن المعاملة معهم بالنحو الذي يعكس فيه المؤمن التعاليم الصحيحة.
تطبيقات القاعدة
أ- أحبب لغيرك ما تحب لنفسك
لكل إنسان طريقة خاصة في التعامل معه، فكما تحب أن يعاملك الآخرون عليك أن تلجأ إلى التعامل معهم. وهذا يشمل الناس كافة، فأنت تحب من أخيك وصديقك أن يخلص لك في صداقته بأن يبذل لك كل ما تطلبه منه من مال أو خدمة، فعليك ان تبادله ذلك، بأن تبذل له ما يطلبه منك.
وأنت كذلك تحب من عدوك ومن قامت الخصومة بينك وبينه أن يعاملك بالعدل والإنصاف بأن لا يتجنّى عليك ولا يتهمك بهتانا مهما كانت عداوتك معه، فعليك ان تعامله بذلك، بأن تظهر عداوتك له في ظلمك به ولا تتعدى عن ذلك فتتهمه بما لم يفعله أو تتقول عليه بما لم يقله.
وأما سائر الناس فإن غاية ما تحبه منهم هو أن يقابلوك بوجه رحب وطليق، وان يبادروا إلى إلقاء التحية عليك، وإظهار الاحترام لك، فبادرهم بذلك، فرحّب بهم، وبادرهم بالتحية، وتعامل معهم باحترام. وهذا ما ورد في الرواية عن الإمام علي عليه السلام: “ابذل لأخيك دمك ومالك، ولعدوك عدلك وإنصافك، وللعامة بشرك وإحسانك”.
ب- اكره له ما تكره لها
وكما هو الحال في الحب، كذلك الحال في الكره والبغض، فكل ما تكرهه لنفسك عليك ان تكرهه للآخرين. فإذا كنت تكره أن يتحدث عنك الآخرون بالسوء فعليك أن تتجنب الحديث عنهم بالسوء. وإذا كنت تكره أن يأخذ الآخرون حقا من حقوقك فعليك أن تحذر من الأخذ بحقوق الآخرين.
ولذا ورد في الرواية عن الإمام الهادي عليه السلام: “لا تطلب الصفا ممن كدرت عليه، ولا النصح ممن صرفت سوء ظنك إليه، فإنما قلب غيرك لك كقلبك له”. فغيرك ينظر إليك ويعاملك كما تعامله، فإن كنت تكره منه أمرا فلا تعامله به.
ج- لا تظلم كما لا تحب أن تظلم
إن أكثر ما يمكن أن يقع فيه الإنسان هو ما يكون فيه ظلم للغير. فليضع الإنسان نفسه مكان المظلوم ليجد كم أن الظلم صعب وعسير. وقد ورد التحذير من الظلم لا سيما وأنه يذهب بحسنات المؤمن ففي الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “إنه ليأتي العبد يوم القيامة وقد سرته حسناته، فيجئ الرجل فيقول: يا رب ظلمني هذا، فيؤخذ من حسناته فيجعل في حسنات الذي سأله، فما يزال كذلك حتى ما يبقى له حسنة، فإذا جاء من يسأله نظر إلى سيئاته فجعلت مع سيئات الرجل، فلا يزال يستوفى منه حتى يدخل النار”۴٫
د- أحسن كما تحب أن يحسن إليك
قال تعالى: ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنْ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ﴾۵٫
إذا تذكر الإنسان أن وجوده وما بين يديه من النعم هو من فضل الله وإحسانه إليه، علم أن عليه ان يبادر إلى الإحسان إلى الناس، وهذا ما تدل عليه الآية المباركة. وعن الإمام علي عليه السلام: “أحق الناس بالإحسان من أحسن الله إليه، وبسط بالقدرة يديه”۶٫
هـ- استقبح من نفسك ما تستقبح من غيرك
كثيرا ما ينظر الإنسان إلى بعض ما يصدر عن الغير بعين السخط، ويراه قبيحا، ولكن قبل أن يصدر حكمه على ذلك الغير فليرجع إلى نفسه، وليضع نفسه مكان ذلك الشخص، وفي الظروف التي يعيشها ذلك الشخص، ولينظر هل سيقوم بفعل ذلك الذي يراه قبيحا أو لا؟ المشكلة تكمن في إننا ننظر إلى ما يقوم به الآخرون بعين أنفسنا لا بعين غيرنا.
لا تنه عــن خلق وتأتـي مثله عار عـليك إذا فعـلت عـظــيم ابدأ بنفسك فانهها عن غيها فإذا انتـهت مـنه فأنت حكيم
و ـ أرض من الناس بما ترضاه لهم من نفسك
قد يرى الإنسان جفاء في تعامل بعض الناس معه، ولا يرضى منهم ذلك، فلينظر إلى نفسه، هل يعاملهم هو أيضا بجفاء، أو أنه يبادر إلى الإحسان إليهم.
ز- لا تقل ما لا تعلم وإن قل ما تعلم
﴿وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً﴾ ۷٫
وورد التحذير في الروايات عن قول كل ما يعلم فكيف بقول ما لا يعلم؟ ففي الرواية: “لا تقل ما لا تعلم، بل لا تقل كل ما تعلم، فإن الله فرض على جوارحك كلها فرائض يحتج بها عليك يوم القيامة”.
وإنما أوصى الإمام بهذه الوصية لأن الإنسان إذا قال ما لا يعلم فإنه سوف يوقع غيره فيما يكره ولا يحب. وذلك لأن غيره قد يعتمد على قوله عندما يقدم على أمر من الأمور، فإذا أخبره بما لا يعلم أوقعه في الضرر.