- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 4 دقیقة
- بواسطة : امین نجف
- 0 تعليق
سؤال غبي؟
هناك من يسأل هذا السؤال النابع من جهل السائل والذي ينمّ عن سطحيّة عقله ووهن رأيه، فيقول: ( لماذا هذا الإصرار على معرفة أهل البيت سيّما في عصرنا الحاضر عصر العلم والتطوّر التكنولوجي؟! حيث إنّ العالم أصبح قرية واحدة في عصر الكومبيوتر وأنتم لا زلتم تبحثون عن أمير المؤمنين علي النقطة التي تحت الباء، أين نحن وأين العالم ولِ هذا الصراع على هذه الاُمور التي لسنا بحاجة إليها ).
الجواب:
يأتي الجواب من الإمام زين العابدين (ع)، ولكن قبل أن نسمع جواب الإمام، اُريد أن أقول إنّ من العدل الإلهي أنه إذا تقدّم الإنسان في العلوم البشرية كما تقولون، لا بدّ أن يتقدّم ويتعمّق في العلوم الإلهية )التعمّق في العلوم الإلهية أهمّ من التعمّق في العلوم البشرية، لأنّ الإنسان ذو بعدين، البعد المادّي والبعد الروحي، فالعلوم البشرية هي التي تهتمّ بالبعد المادّي للإنسان وهو البدن، وأمّا العلوم الإلهيّة تهتمّ بالبعد الروحي والإنسان كما هو واضح بروحه وعقله لا ببدنه، فلو كانت المقا ييس على الأبدان لسبقنا كثير من الحيوانات في ذلك كالفيل والجمل وكلّ من هو أكبر منّا جسما، ولكنّ المقا ييس على العقول والأرواح، فلذلك صار كلّ شيء مسخّر لنا «سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِ السَّمَوَاتِ وَمَا فِ الأرْضِ » ) لقمان: 20 .
وعلى هذا لا ينبغي للإنسان أن يدع الرتبة الكريمة «وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ » ( الإسراء: 70 )، وينزل إلى رتبة البهيمة «اُوْلَئِكَ كَالأنْعَامِ »( الأعراف: 79 )، ثمّ قد يتسافل فينزل إلى أخسّ من الأنعام لقوله: «بَلْ هُمْ أضَلُّ سَبِيلاً » ( الفرقان: 44 )، والفرق الآخر بين العلوم البشرية والإلهية الذي هو السبب في دفعنا إلى التعمّق بالعلوم الإلهية هو موضوع العلوم، فتلك لا تتجاوز المادّة وهذه موضوعها خالق المادّة وهو الله تعالى، فصارت أشرف وأعلى تبعا لموضوعها ؛ لأنّ العلوم تشرّف بموضوعاتها، كما أنّ الإنسان الحاضر يبحث في المعاش، فلنا أن نبحث في المعاد، وكما أنّ العالم الغربي يبحث في العلوم البشرية ويتعمّق، لا بدّ لنا أن نبحث في العلوم الإلهية السماوية، وهذا من صميم حضارتنا الإسلامية، فنقول إنّ العلوم البشرية يتعلّمها المسلم والكافر ولكنّ العلوم الإلهية لا يتعلّمها ولا يتقدّم فيها إلاّ العالم الإلهي الربّاني، لأنّه علم شريف يحتاج إلى محلّ طاهر، فعلى هذا لو كان القلب طاهراً، لَعَلم وفَهم ما في القرآن الكريم وبواطنه وما فيه من المعارف، ولكن عندما كيون القلب نجساً أو شهوانياً أو حيوانياً أ نّى له ذلك، فتراه يرى الحقّ باطلاً، والعلم بالعدل الثاني للقرآن وهم العترة الطاهرة ضياعاً، ومعرفتهم ترفاً فكرياً، وهذا عين الظلم للقرآن ولعدله الثاني وللعلماء بهما.
والآن نأتي إلى جواب الإمام زين العابدين (ع) الذي أصبح بعد كلامنا هذا شاهد صدقٍ على قولنا، فإنّه يقول « :(ع) إنّ الله علم أنّه سكيون في آخر الزمان أقوام يتعمّقون فأنزل سورة التوحيد وآيات من سورة الحديد » حيث المعرفة الحقّة وحيث المعرفة الإلهية ولكن لا يعلم تأويله إلاّ الله والراسخون في العلم، ولا يقف على هذه الحقائق إلاّ من كان طاهراً معنوياً لأنّ القرآن لا يمسّه إلاّ المطهّرون، وأمّا غير المطهّر لو أراد أن يمسّ أي يعلم القرآن في بواطنه وأسراره، فإنّه لا يستطيع، بل لا ينال إلاّ اللعن من القرآن وهذا ما أكّده الحديث الشريف «كم من قارئ للقرآن والقرآن يلعنه .»
فالمعرفة التي يريدها لنا الله تعالى ورسوله| وأهل بيته(عليهم السلام) هي التي تقودنا إلى كمالنا الحقيقي، وإلى سعادتنا الدنيوية والاُخروية، فلا بدّ من التعمّق لكي نقف على الحقائق، ولا بدّ من التعمّق لكي نكون فقهاء لأنّ الحديث الشريف يقول: «لا كيون الفقيه فقيهاً حتّى يعرف معاريض كلامنا، فإنّ لكلّ منها سبعون وجه، ولكلّ وجه لنا مخرج »، فبمعرفة هذه الوجوه تكون الفقاهة.
وأذكر لكم شاهداً على ذلك ما ذکره الشيخ حسن زاده الآملي فأنّه ذكر واحداً وتسعين معنى لقوله « :(ع) من عرف نفسه فقد عرف ربّه ». كما ذكرت للحديث النبوي الشريف «المؤمن مرآة المؤمن »تسعة وتسعين معنىً، فبهذا يتّضح أنّ حديثا ندريه خير من ألف حديث نرويه، فنحن شيعة أهل البيت(عليهم السلام) لا بدّ لنا من التعمّق بمعرفة أهل البيت(عليهم السلام) وندع الدنيا لأهلها، فنقول إذا جاؤوا لنا بجديد في علومهم البشرية عليناأن نأتي بجديد وعميق في العلم الإلهي والنبوي والولوي، فإنّ زيادة المعرفة والعلم تعطي الإنسان الأدب والخضوع والخشوع والمودّة والإطاعة، ومن ثمّ ينال الإنسان القرب من الله، ويفوز بسعادة الدارين.
إذن لا بدّ أن نتكلّم عن زينب الكبرى وأمثالها من آل النبي المصطفی| ولا بدّ أن نتعمّق في شخصية زينب وأن نعرفها معرفة جمالية، لأنّ الأئمة(عليهم السلام) هم الذين حثّونا على ذلك وقالوا: «نزّلونا عن الربوبية، وقولوا فينا ما شئتم ولن تبلغوا، وكلّ ما تقولوا فينا إنّما هو معشار عشر »، نعم إنّنا لا نبلغ كنههم يكف نصفهم ونحن في وصف الجنّة التي هي مكان لهم ولشيعتهم في حيرة؟ هذا ما أكّده الحديث الشريف: «إنّ في الجنّة ما لا عينٌ رأت ولا اُذن سمعت ولا خطر على قلب بشر »، ف يكف نعرف سادات الجنّة؟! لا نعرفهم إلاّ من خلال أقوالهم، فهذا أمیرالمؤمنین علي (ع) قال عن نفسه: «أنا النقطة التي تحت الباء »، فبالنقطة تبدأ الحروف والأعداد، والخطّ المستقيم الذي هو أقصر خطّ ما بين نقطتين يبدأ بنقطة وينتهي بها، وهكذا عليّ (ع) هو البداية والنهاية، فكلّ ما تقول فيه أو في إبنته زينب الكبرى هو معشار العشر من فضله وفضلها، فهي صاحبة الفضل علينا كما أنّ الأرض تثبت بوجود الحجّة وبيمنه يُرزق الورى، فلذلك نقول: «اللهمّ عرّفني نفسك، فإنّك إن لم تعرّفني نفسك لم أعرف رسولك، اللهمّ عرّفني رسولك فإنّك إن لم تعرّفني رسولك لم أعرف حجّتك، اللهمّ عرّفني حجّتك فإنّك إن لم تعرّفني حجّتك ضللت عن ديني، اللهمّ لا تمتني ميتة الجاهلية ».
فلنلتجئ إلى الله تعالى ليعرّفنا نفسه ورسوله وحجّته في زمن كثرت فيه الشبهات والإشكالات والضلالات وعدم الإلتفاف حول الحقائق، أللهمّ لا تمتني ميتة الجاهلية، وهذه زينب الكبرى لنقف على أعتابها ونستلهم من روحها العلم والمعرفة فهي التي تعرّفنا الله تعالى وأنه ما رأت إلا جمیلا وأنها تروي لنا واقعة کربلاء وفلسفتها بمواقفها البطولیة في کربلاء والکوفة والشام والمدینة… والحمد لله ربّ العالمين