- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 3 دقیقة
- بواسطة : امین نجف
- 0 تعليق
منذ وقت بعيد.. مبكّر، مبكرا جدا.. دق الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) جرس الانذار في بيوتنا كلّها: (بادروا أحداثكم (صبيانكم) بالحديث قبل ان تستبقكم اليهم المرجئة).
وإذا أريد لنا أن نضع هذا الحديث في مصطلحات معاصرة، فأمامنا العناوين الأربعة التالية:
1- المبادرة.
2- المسؤولية إزاء الابناء.
3- التربية والتعليم.
4- التنافس التربوي أو (الصراع التربوي) مع التيارات الضالّة والمنحرفة.
وإذا أريد لنا أيضاً أن نعرّف كل عنوان، نقول:
1- المبادرة:
هي أية فعاليّة تنطوي على التحرّك الذاتي (الدافع الذاتي) وعلى (الإحساس بالمسؤولية وعلى (السرعة) الممكنة و(التبكير) والا فان هناك من (يتربّص) لـ(يقتنص) أو (يفترس)!
2- الأحداث:
هم الفتيان والفتيات الذين تفتحت مداركهم لاستيعاب ما حولهم، أو ما يصطلح عليهم بالشريعة بـ(الصبيان المميزين) وربما اريد بهم الصبيان في سن السابعة، فما بعدها. وقد يراد بهم من هم في سنّ المراهقة.
3- الحديث:
هو التربية على ما هو نافع وصحيح واجتناب ما هو فاسد وسيئ.
4- قبل ان يسبقكم اليهم المرجئة:
وهو ما يكن الاصطلاح عليه بنظرية (نفي الفراغ) فما لم يملأ ـ أي فراغ تربوي ـ بالصحيح الصالح، يملأ بالسقيم الطالح، أمّا رأيت لو أنّك تركت حديقة المنزل دون عناية ومتابعة لاحتلّت الأعشابُ والحشائش الضارّة والطفيليات أرضَ الحديقة في غزوٍ يوحي بالابتلاع والاستحواذ؟!
وقفات قصيرة عند كلّ عنوان:
1- المبادرة:
يقول امير المؤمنين علي (عليه السلام) في وصية لابنه الحسن (عليه السلام):
(أَيْ بُنَيَّ إِنِّي لَمَّا رَأَيْتُنِي قَدْ بَلَغْتُ سِنّاً وَ رَأَيْتُنِي أَزْدَادُ وَهْناً بَادَرْتُ بِوَصِيَّتِي إِلَيْكَ وَ أَوْرَدْتُ خِصَالاً مِنْهَا قَبْلَ أَنْ يَعْجَلَ بِي أَجَلِي دُونَ أَنْ أُفْضِيَ إِلَيْكَ بِمَا فِي نَفْسِي أَوْ أَنْ أُنْقَصَ فِي رَأْيِي كَمَا نُقِصْتُ فِي جِسْمِي أَوْ يَسْبِقَنِي إِلَيْكَ بَعْضُ غَلَبَاتِ اَلْهَوَى وَ فِتَنِ اَلدُّنْيَا فَتَكُونَ كَالصَّعْبِ اَلنَّفُورِ وَ إِنَّمَا قَلْبُ اَلْحَدَثِ كَالْأَرْضِ اَلْخَالِيَةِ مَا أُلْقِيَ فِيهَا مِنْ شَيْءٍ قَبِلَتْهُ فَبَادَرْتُكَ بِالْأَدَبِ قَبْلَ أَنْ يَقْسُوَ قَلْبُكَ وَ يَشْتَغِلَ لُبُّكَ لِتَسْتَقْبِلَ بِجِدِّ رَأْيِكَ مِنَ اَلْأَمْرِ مَا قَدْ كَفَاكَ أَهْلُ اَلتَّجَارِبِ بُغْيَتَهُ وَ تَجْرِبَتَهُ فَتَكُونَ قَدْ كُفِيتَ مَئُونَةَ اَلطَّلَبِ وَ عُوفِيتَ مِنْ عِلاَجِ اَلتَّجْرِبَةِ فَأَتَاكَ مِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ كُنَّا نَأْتِيهِ وَ اِسْتَبَانَ لَكَ مَا رُبَّمَا أَظْلَمَ عَلَيْنَا مِنْهُ).
ما يهمنا في المبادرة هنا نقطتان:
أ. العمل من قبل المربيّ قبل أن يدركه الموت (أداؤه لواجبه ومسؤوليته في أوانها).
ب. الاسراع بتربية الصبي قبل ان يقسو قلبه وتتكلّس مشاعره، ويشتغل عقله بغير ما ينبغي.
انظر إلى تشبيه (قلب الصبي) بـ(الأرض الخالية) الجاهزة لأن تغرس فيها ما تشاء، والا ينبري لها غيرك ممن قد لا يسرك زرعه، أو ممن يُرسل على زرعك ناراً فيحرقه.
2- التربية عند الصغر:
قديما قال أهل الحكمة: (العلم في الصغر كالنقش في الحجر) وهل تمحى نقوش الفراعنة والبابليين والآشوريين والكنائس القديمة والمساجد العتيقة.. تشيخ الايام وهي باقية..
وقديما قالت العرب: (من ادّب ولده صغيرا سُرّ به كبيرا).
قال رسول الله (صلي الله عيله و اله و سلم): (ما نحل (اعطى هدية) والدٌ من نُحلٍ (هدايا) أفضل من أدب حسن).
وينسب لعلي (عليه السلام) قوله: حرّض بنيك على الأداب في الصغر كيما تقرّ بهم عيناك في الكبر.
3- الحديث:
كل ما تُحدّتُ به أبناءك وبناتك من (خير القول) و(صالح العمل) هو حديث.. ولا يخفى انطواء (الحديث) على (الحداثة) ايضا.. هناك تلازم بين الاثنين فالأحاديث الرتيبة والجامدة والتي لا تعتمد الايضاح والتمثيل والشاهد والرقم والقدوة المتحرّكة مملّة ومنفّرة أحيانا.
4-(المُرجئة) اليوم:
كلّ تيار منحرف .. أو فئة ضالّة، أو مدرسة أخلاقية هابطة، أو توجّه افسادي فاضح، أو قناة فضائية مسمومة، أو موقع اباحي.. هو (مرجئة) أي فرقة، أو فريق مارق لا يلتزم النهج الإسلامي الصحيح.. فما لم يملؤه (الرحمن) بالطيب الصالح يملؤه (الشيطان) بالخبيث الفاسد.. فلنبادر قبل فوات الأوان..
قصة واقعية:
أحد الآباء يعمل وقتاً كاملاً ويعمل خارج اوقات الدوام بل وفي العطل ايضا.. حين يعود الى بيته يكون منهكا تماما.. يخرج احيانا وابنه نائم.. ويعود وابنه نائم.. ذات يوم بقي الطفل ساهرا ينتظر عودة ابيه.. فلما اراد الأب الذهاب للنوم.. استدعاه ابنه الى غرفته.. وقال: ابتِ هل لك ان تاتي الى غرفتي .. لي معك حديث..
دخل الاب مستغربا من طلب ابنه.. هنا سأله الابن: ابتاه.. كم تأخذ أجرا على الساعة؟!
قال الاب: عشرة دولارات.
مدّ الابن يده الى تحت وسادته واخرج عشرة دولارات مما كان قد ادخره من مصروفه .. قدمها لابيه والاب مندهش.. قال له: ما هذا؟
قال الابن: خذ هذه العشرة دولارات واعطني ساعة من وقتك!!
مقترحات:
1- اغتنم وقت ما بين الصلاتين للحديث مع ابنك .. انه انسب الاوقات.
2- اغتنم فرصة الذهاب الى المدرسة والعودة منها في السيارة او في الرحلات العائلية حتى القصير منها.. لتقديم ولو مفهوم تربوي واحد.
3- استدعه الى غرفتك.. أو اذهب اليه الى غرفته عند الضرورة.
4- لا اجد ان اوقات مشاهدة التلفاز او تناول الطعام أو الدراسة مناسبة لحديث تربوي، لا تقل كلمتك والبال مشغول بغيرها، ربما بعد الفراغ من الطعام وانتم جلوس على المائدة.. أو للتعليق السريع على مشهد أو موقف تلفازي سلبي أو حتى ايجابي.
5- الدعوة إلى جلسة طارئة اذا استدعى الأمر التنبية على أو مناقشة مسألة عامة تهم الجميع.
6-اصطحاب الأولاد إلى مجالس الوعظ والذكر، فرّب وعظ يأتي من غريب يكون له يكون وقع أكبر من وعظ القريب، وقد يعزّزه ويرسخه.
التجربة تقول: اذا اتسعت مساحة التعليم والتربية والمتابعة تقلصت مساحة اللوم وعض الاصابع والندم وجلد الذات وتأنيب الضمير.