- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 13 دقیقة
- بواسطة : امین نجف
- 0 تعليق
المولد والنشأة
ولد عام ۱۹۷۴م في اليمن بقرية المبنى مديرية الزاهر محافظة الجوف، نشأ في أجواء غذته العقيدة الزيدية، درس الابتدائية والاعدادية والثانوية في قريته، وكان معروفاً بالذكاء والنباهة.
وضع الخطى على طريق الايمان:
لم يكن الأخ أحمد في بداية أمره مهتماً بالأمور الدينية، حتّى حظى برعاية السيد يحيى بن أحمد سيف مؤسس وباني مسجد المبنى والخطيب وإمام الجمعة والجماعة فيه، فدعاه ذات يوم ليرشده إلى سواء السبيل وليدعوه إلى الحضور في الأجواء الدينية والاهتمام بأمر الآخرة وعدم الاغترار بزينة الحياة الدنيا، فتركت نصيحة السيد يحيى اثرها البالغ في قلب الأخ أحمد، فقرر بعدها أن يسلك سبيل الايمان وأن يتوجه إلى تطهير قلبه وتزكية نفسه وتنقية سريرته.
ومن ذلك الحين تعلّق قلب الأخ أحمد بالدين والمتدينين فتوجه بعدها إلى تلقّي العلوم الدينية، فذهب إلى معهد الجوف الديني وتلقى هناك على أيدي الاساتذة الأفاضل دورة في العلوم الدينية والقضايا الشرعية، ثمّ عاد إلى قريته شخصاً فاضلا وعالماً وشرع بعمل التبليغ، فذاع صيته بين الناس واصبح له مؤيدين.
مواجهة التيار الوهابي:
لم يسكت أتباع التيار الوهابي إزاء تحركات الأخ أحمد، وأرادوا في البدء أن يستغلّوا موقعه الاجتماعي في سبيل التمهيد لهيمنتهم على المنطقة، فطلبوا منه تأييد مرشحهم في الانتخابات، ولكنه رفض ذلك، وكان الأخ أحمد آنذاك مسؤولا في التربية والتعليم وكان مدير المخازن فيها في تلك المنطقة، فهدّده الوهابيون بتنحيته عن وظيفته إذا لم يؤيد مرشحهم ولكنه لم يلبّي طلباتهم، فبدأ نشاط الوهابية لسلب وظيفته منه، ولم تمض فتره حتى تمكّنوا من ذلك، ثم حاولوا جهد إمكانهم أن يضيّقوا عليه الأمر، لكنه لم يعبأ بهم وسار صامداً على المنهج الديني الذي كان قد ارتسمه لنفسه، ولم يفتر قط عن موعظة الناس وتوجيههم إلى الجانب الديني السليم من الشوائب.
المفاجأة باستبصار أصدقائه:
كان للأخ أحمد مجموعة أصدقاء لهم مكانة خاصة في قلبه، وكان الأخ أحمد يسأل عنهم بين الحين والآخر، وكان من هؤلاء السيد يحيى طالب والأخ ميخوت كرشان، إذ كانا من أصدقائه القدماء، فصادف أن زاراه ذات يوم وكان ذلك بعد استبصارهما وبعد اعتناقهما عن يقين لمذهب أهل البيت (عليهم السلام) .
فقال له السيد يحيى: لقد أتيناك بخير الدنيا والآخرة إن شاء الله تعالى.
فاستغرب الأخ أحمد من قول السيد يحيى وقال له: ما هو هذا الخير ياترى؟!
فقال له السيد يحيى: أوجّه لك في البدء سؤالا، أودّ أن تجيب عنه بصراحة، والسؤال هو: من هو الذي يختار الإمام الله أم البشر؟
يقول الأخ أحمد: عرفت ماذا يقصد السيد يحيى، وتبيّن لي أنه يشير إلى مسألة الإمامة والخلافة التي لم أصل فيها حين مواصلتي للدراسة الدينية إلى اليقين، ومن هذا المنطلق تحفّزت للبحث مرة أخرى حول هذا الموضوع.
ويضيف الأخ أحمد: كان ظنّي أنّ سؤال السيد يحيى هو مجرّد إثارة بحث علمي، ولكنني حينا ربطت السؤال بقوله في البداية: لقد أتيناك بخير الدنيا والآخرة، عرفت أنّهما قد غيرا انتماءهما المذهبي وقد اعتنقا المذهب الجعفري الامامي الاثني عشري، فاستغربت من ذلك كثيراً، وكان ذلك المحفز الكبير للتوجه الجاد إلى البحث حول هذا الموضوع.
حالة عدم الاستقرار النفسي:
يقول الأخ أحمد: لم يثمر لي البحث سوى سلب استقراري النفسي، لأنني كنت كلّما أتقدّم في البحث، أواجه عشرات الأدلة المخالفة لما أنا عليه، ووجدت نفسي مقلّداً حتى في أصول الدين وبقيت أيام وشهور وأنا أعيش حالة القلق والاضطراب، وكم تألّمت بعدما وجدت نفسي أوالي من اختاره البشر سواء ما حدث بالشورى في السقيفة أو ما حدث من اختيار البشر بشروط محدّدة ما أنزل الله بها من سلطان.
الوصول إلى القناعة التامة:
يضيف الأخ أحمد: واصلت بحثي لكي يطمئن قلبي، حتى وصلت في نهاية مطاف البحث إلى قناعة تامة بأن الاختيار في الخلافة خاص بالله عزوجل وليس بالبشر.
ويقول الأخ أحمد حول المفارقات التي واجهها بعد اعتناقه المذهب الجعفري: من المؤسف أنني وجدت بعض علمائنا الأفاضل ومعلّمينا الكرام كانوا يعلّموننا ويقولون لنا أنّ نهجنا أعظم نهج وليس فيه تعصّب، وابحثوا أينما وجدتم الحق فاتبعوه مع من كان وأين ما كان، فقلت: فعلا هذا الكلام هو المجدي والمعقول، ولكننا ما إن طالعنا بعض الكتب، فإذا بهم يحذّروننا من قراءتها، وما إن بادرت بمناقشة بعض مبادئهم العقائدية وطلبت الدليل على ما يذهبون إليه، إلاّ وواجهوني بعنف واتهموني بالارتداد!!
ويقول الأخ أحمد مخاطباً لمن يسمع كلامه: أخي العزيز هل تعرف ما هو ذنبي؟ وما هي مخالفتي التي جعلت البعض أن يجعلوها مبرراً لمحاربتي والاطاحة بكياني واتهامي بالارتداد؟!
هي لأنني بحثت وتركت التعصّب، ووجدت الطريق المؤدّي إلى سفينة النجاة التي ذكرها الرسول(صلى الله عليه وآله) هي الطريق الصحيح وهي الطريق الأولى بالاتباع، فكان ذلك سبباً في اتهامي بالارتداد.
كلمته للقراء الأعزاء:
يقول الأخ أحمد: أدعو كافة إخواننا القرّاء والباحثين وخاصة الشباب ذوي العقول النيرة والقلوب الطاهرة والأرواح الزكية، التوسّع والتعمّق في بحث الولاية وخاصة الامامة، لأنّها محطة النجاة العظمى، حتى لا تزلّ أقدامهم في يوم تزل فيه الأقدام.
ويضيف الأخ أحمد: وأهم ركن من أركان البحث أن لا ينظر الباحث إلى جوانب البحث من خلال مذهبه أو تراث أسلافه أو تراثه الركامي الخليط بغثه وسمينه، لأنّ المذهبية أشبه ما تكون بالحزبية وكل حزب بما لديهم فرحون. فالملاحظ أن الشخص المنتمي ينطلق في أي موقف من موقع مصلحة انتمائه ورؤية انتمائه، سواء كان الموقف مبدئي أو يتعارض مع المبدأ، وسواء كان الموقف صادقاً أو كاذباً، المهم أن تسير الأمور في صالح انتمائه بأي أسلوب من الأساليب الشرعية أو غير الشرعية بغض النظر عن المبادىء السماوية ومصلحة الشعوب، والشريعة تحكم بأنّ الله سبحانه وتعالى لم يتعبد الناس بالمذهبية أو الحزبية إلاّ بخط واحد هو الخط الإلهي المحمدي “كتاب الله والعترة الطاهرة” وما بعد الحق إلاّ الضلال وأن النظام الأكمل والأفضل هو الاختيار السماوي الإلهي، لأنّ الله سبحانه وتعالى هو العليم الأزلي بمصالح عباده، ومن أخطر المصائب في عالم التعصّب أنّا نلاحظ بعض المثقفين وادعياء العلم حينما تدعوهم إلى بحث مسألة عقائدية، يتمسكون بذرائع أوهن من بيت العنكبوت فيقولون لا يمكن أن نترك تراث السلف، أو لا يمكن أن نترك هويتنا فهؤلاء يعبدون الهوى من حيث لا يشعرون ومن اضل من اتبع هواه، فانا لله وإنا إليه راجعون وإلى الله المصير.
مؤلفاته:
(۱) “الامامة في الميزان، اختيار الله أم اختيار البشر؟” مخطوط.
سيصدر عن مركز الأبحاث العقائدية ضمن سلسلة الرحلة إلى الثقلين.
يجيب المؤلف على هذا السؤال الهام في كتابه هذا بعد التدبّر والدراسة المتأنية والمركّزة من خلال استقراء أحوال الأمم السالفة والبحث عن موضع الابتلاء لكل أمة خلت منذ بداية الخلق وحتى أمة محمّد، حيث تركّزت كافة الابتلاءات في الولاية لله عبر الولي المختار من الله سبحانه وتعالى سواء كان هذا الولي نبياً أو وصياً، ومن خلال البحث في كتب أهل السنة.
ويتضمن هذا الكتاب مجموعة أبحاث منها: كيف يتم تعيين الخليفة؟ الخلافة وآية الشورى، القيادة ضرورة اجتماعية، خليفة رسول الله(صلى الله عليه وآله) الشرعي، مصادر واقعة الغدير، عدد خلفاء الرسول(صلى الله عليه وآله) والأمراء اثنى عشر، ابتلاءات الأمم، أهل البيت ابتلاء واختبار أمة محمد، الائمة الاثنى عشر (عليهم السلام) من القرآن الكريم، الأحاديث الدالة على الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) باسمائهم من كتب العامة، حول المهدي المنتظر (عج).
(۲) “الجواب المبين في الردّ على المروجين”، مخطوط.
سيصدر عن مركز الأبحاث العقائدية ضمن سلسلة الرحلة إلى الثقلين.
ذكر المؤلف في المقدمة: تشهد الساحة الاسلامية هذه الأيام محاولات كثيرة لإثارة الفتن وايجاد الشقاق بين الطوائف الاسلامية وتشهد حملة مركّزة على الشيعة بتناول عقائدهم الاسلامية المحمدية والهجوم عليها، وقد اغرقت الساحة الاسلامية بكثير من الكتب التي تطعن في معتقدات هذه الطائفة التي لا يخفى على أحد أن أكثرها تؤلف بايعاز من الوهابية وتمول منهم، متسترين بثياب الدفاع عن أهل السنة والجماعة.
وقد تعرّض المؤلف لدرء بعض هذه الشبهات والاجابة عليها، ومن هذه الشبهات ما يرتبط بمسح الأرجل والجمع بين الصلاتين ومصحف فاطمة(عليها السلام)، السجود على التربة الحسينية، المتعة، التقية، الرجعة، البداء، تحريف القرآن، زيارة القبور، التوسل و…
وقفة مع كتابه: “الجواب المبين في الردّ على المروجين”
من أهم الدواعي التي دفعت الأخ أحمد حسن العنثري لتأليف هذا الكتاب هو أنه رأى بعد استبصاره أن الساحة الاسلامية تشهد حملة مكثفة على الشيعة تتناول عقائدهم الاسلامية المحمدية، وشاهد أن الساحة قد أغرقت بكثير من الكتب التي تطعن في معتقدات هذه الطائفة وتتناول دراستها بصورة مشوهة ومزيفة ومن منطلق غير علمي ومن دوافع غير نزيهة تحكمها عقد الماضي وأحابيل السياسة المناهضة لآل الرسول(صلى الله عليه وآله) والتي لا تقوم على أساس سليم.
فدفعه هذا الأمر إلى كتابة هذا البحث ليقوم بدرء الشبهات التي يثيرها البعض ويطرحونها على العوام بمفاهيم خاطئة وأساليب غير موضوعية.
وتناول المؤلّف عدة أبحاث، ثم بادر إلى تبيين معتقد المذهب الشيعي والأدلة التي يعتمدون عليها في إثبات ما ذهبوا إليه، ثم حاول أن يجيب على أهم الشبهات المطروحة في هذا الباب.
وإليك في هذا المجال مقتطفات من الأمور التي بيّنها المؤلّف خلال أبحاثه:
الشيعة والتشيع:
ذكر المؤلّف: أن كثيراً ما نقرأه في كتب المعاندين لأهل البيت (عليهم السلام) ونسمع منهم بأنهم يعتبرون التشيع ابتداعاً وأنه نشأ في العصور المتأخرة.
أولا: عليناً أن نعرف ماذا تعني كلمة شيعة.. ومن الذي أطلقها وعلى من؟ حتى لا تكون هناك مصداقية للمغررين الذين يقولون بأن الشيعة هم أهل البدعة.
فكلمة شيعة: بمعنى الأتباع والأنصار، قال ابن خلدون في مقدمته ص۱۳۸ (إعلم أن الشيعة لغة هم الصحب والأتباع ويطلق في عرف الفقهاء والمتكلمين من الخلف والسلف على أتباع علي وبنيه).
وقال ابن الأثير في كتابه نهاية اللغة (وقد غلب هذا الاسم على كل من يزعم أنه يتولى عليّ رضي الله عنه وأهل بيته).
وقال الفيروزآبادي في القاموس في كلمة (شاع وشيعة الرجل أتباعه وأنصاره.. إلى أن قال وقد غلب هذا الاسم على كل من يتولى علياً وأهل بيته، حتى صار اسماً لهم خاصاً، جَمْعَهُ. أشياع وشيع).
فهذا هو معنى كلمة (الشيعة).
وقد نزلت آيات بشأن هذا الموضوع وأحاديث نبوية تؤكّد ذلك.
وروى الحافظ أبو نعيم وهو من علماء السنة يقول ابن خلكان في كتابه وفيات الأعيان بأن أبي نعيم من أكبر الحفاظ الثقات وأعلام المحدثين فماذا يقول أبو نعيم الحافظ؟
قال: لمّا نزلت الآية الشريفة (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) (البينة: ۷).
خاطب رسول الله(صلى الله عليه وآله) علي بن أبي طالب وقال: يا علي هو أنت وشيعتك تأتي أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين، ورواه الموفق بن أحمد الخوارزمي في الفصل ۱۷ من كتاب المناقب، ورواه على هذا المعنى الحاكم عبدالله الحسكاني، وجلال الدين السيوطي، وابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة.
وروى المير سيد علي الهمداني الشافعي في (مودة القربى) عن أم سلمة أم المؤمنين وزوجة النبي(صلى الله عليه وآله) أنها قالت قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): يا علي أنت وأصحابك في الجنة، أنت وشيعتك في الجنة، رواه عنها ابن حجر في الصواعق المحرقة أيضاً.
وروى الحافظ ابن المغازلي الشافعي في كتابه (مناقب علي بن أبي طالب (عليه السلام) ) بسنده عن جابر بن عبدالله قال: لما قدم علي بن أبي طالب بفتح خيبر قال له النبي(صلى الله عليه وآله): (يا علي لولا أن تقول عنك طائفة من أمتي ما قالت النصارى في عيسى ابن مريم لقلت فيك مقالا لا تمر بملاء من المسلمين إلاّ أخذوا التراب من تحت رجليك تبركاً، إلى أن قال.. وإن شيعتك على منابر من نور مبيّضة وجوههم حولي أشفع لهم ويكونون في الجنة جيراني وإن حربك حربي وسلمك سلمي).
قد روى هذا الحديث الكنجي الشافعي في كفاية الطالب الباب ۶۲٫
وفي تاريخ بغداد ج۱۲، ص۲۸۹، قال النبي(صلى الله عليه وآله) لعلي: أنت وشيعتك في الجنة.
والكتب المصرّحة بهذا المعنى كثيرة جداً.
ومما تقدم يتضح: إن اسم الشيعة أول من أطلقه وبدأ به هو نبي الإسلام محمد(صلى الله عليه وآله) هادي الأنام، وقد صرح به مراراً وتكرار بين أصحابه حتى صار علماً لموالي علي (عليه السلام) وأنصاره، وقد اشتهر أربعة من الصحابة بهذا الاسم في حياة النبي(صلى الله عليه وآله) وهم ۱ ـ أبو ذر الغفاري. ۲ ـ سلمان الفارسي. ۳ ـ المقداد ابن الأسود. ۴ ـ عمار بن ياسر.
فقد روى الحافظ أبو نعيم في المجلد الأول من حلية الأولياء ص۱۷۲، وابن حجر المكي في كتابه الصواعق المحرقة في الحديث الخامس من الأحاديث الأربعين التي نقلها في فضائل الإمام علي (عليه السلام) قالا عن الترمذي، والحاكم عن بريده أن رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال: إن الله أمرني بحب أربعة وأخبرني أنه يحبهم فقيل من هم؟ قال(صلى الله عليه وآله): (علي وأبو ذر والمقداد وسلمان).
وقد نقل ابن حجر أيضاً في الحديث ۳۹ عن الترمذي والحاكم عن أنس بن مالك أن النبي(صلى الله عليه وآله) قال: (الجنة تشتاق إلى ثلاثة علي وعمار وسلمان)
المذهب الجعفري:
هو نسبة للإمام جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي السجاد بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
فالإمام الصادق عندما انتقل الحكم إلى بني العباس اغتنم الفرص التي أُتيحت له بانشغال الدولتين العباسية والأموية بالصراع بينهما ففتح باب بيته على مصراعيه ليستقبل رواد العلم وطلابه، فوفد نحوه العلماء من كل صوب ومن كل مكان ليرتووا من منهله وليستقوا من منبعه الصافي، وقد عد بعض المحققين والمؤرخين تلاميذه فجاوزوا الأربعة آلاف طالب، فالتف حوله طلاب الحق، فكشف لهم الحقائق العلمية، وأوضح لهم المسائل العقائدية، وبين لهم المسائل الدينية، مستنداً فيها على الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة التي وصلت عن طريق آبائه الطيبين الأئمة المعصومين من أهل البيت (عليهم السلام) ، فعمد على ترسيخ منهاج أهل البيت (عليهم السلام) عقيدةً وسلوكاً، ولذلك اشتهر هذا المذهب باسمه وانتسب إليه.
الجمع بين الصلاتين:
ذكر المؤلف في هذا المجال: إن الأدلة على ذلك كثيرة ومتواترة من القرآن الكريم وعند الفريقين.
قال تعالى (أَقِمِ الصَّلَوةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ الَّيْلِ وَ قُرْءَانَ الْفَجْرِ) (الاسراء: ۷۸).
الدلوك: معناه الزوال.
الغسق: فيه قولان: أ ـ أول ظلمة الليل. ب ـ شدة الظلمة في نصف الليل.
قرآن الفجر: صلاة الفجر.
وبناءً على تفسير الغسق بأول الليل يكون النص قد حدد ثلاث أوقات للصلاة.
الوقت الأول: الزوال وهو بداية الوقت للظهر والعصر معاً.
الوقت الثاني: أول الليل وهو بداية الوقت للمغرب والعشاء معاً.
الوقت الثالث: الفجر وهو الوقت الخاص بالصبح.
وبناءً على تفسير الغسق بنصف الليل يكون النص دالا على جواز الجمع، فالظهر والعصر يشتركان في الوقت من الزوال إلى الغروب إلاّ أن الظهر قبل العصر، ويشترك المغرب والعشاء في الوقت من الغروب إلى نصف الليل غير أن المغرب قبل العشاء، أما فريضة الصبح فقد اختصها الله بوقتها المنوّه بها في قوله تعالى: (وقرآن الفجر) راجع كتاب التشيع، للسيد عبدالله الغريفي.
يقول الفخر الرازي في تفسيره لهذه الآية: يكون المذكور في الآية ثلاثة أوقات: وقت الزوال ووقت أول المغرب ووقت الفجر، وهذا يقتضي أن يكون الزوال وقتاً للظهر والعصر فيكون هذا الوقت مشتركاً بين هاتين الصلاتين، وأن يكون المغرب وقتاً للمغرب والعشاء فيكون هذا الوقت مشتركاً أيضاً بين هاتين الصلاتين على الترتيب، فهذا يقتضي جواز الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء مطلقاً. راجع تفسير الفخر الرازي ج۲۱، ۲۷٫
وهذا مسلم بن الحجاج يروي في صحيحه في باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، بسنده عن ابن عباس أنه قال: صلّى رسول الله(صلى الله عليه وآله) الظهر والعصر جمعاً، والمغرب والعشاء في غير خوف ولا سفر. وروى أيضاً بسنده عن ابن عباس أنه قال: صلّيت مع النبي ثمانياً جمعاً وسبعاً جمعاً، يقصد بذلك الثمان الظهر والعصر والسبع المغرب والعشاء.
وروى هذا الخبر بعينه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده ج۲، ص۲۲۱، وأضاف إليه حديث آخر عن ابن عباس أيضاً: انه صلّى رسول الله(صلى الله عليه وآله) في المدينة مقيماً غير مسافر سبعاً وثمانياً.
وقد روى مسلم في صحيحه، ومالك في الموطأ، وأحمد بن حنبل في المسند، والترمذي في صحيحه في باب الجمع بين الصلاتين، بإسنادهم عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: جمع رسول الله(صلى الله عليه وآله) بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة، في غير خوف ولا مطر فقيل لابن عباس ما أراد بذلك؟ قال أراد أن لا يحرج على أمته. والظاهر أن الأصل في الشريعة هو الجمع بين صلاتي العصرين والعشائين وفقاً لنصوص القرآن الكريم كما سبق ذكره، وليس هناك دلالة نقلية قوية تعارض النص القرآني أو تبينه.
كما أن النووي في شرح صحيح مسلم، والعسقلاني، والقسطلاني، وزكريا الأنصاري، في شروحهم لصحيح البخاري، وكذلك الزرقاني في شرح موطأ مالك، وغير هؤلاء من كبار علماء السنة ذكروا هذه الروايات والأخبار ثم وثقوها وصححوها، وصرحوا بأنّها تدل على الجواز والرخصة في الجمع بين الصلاتين في الحضر من غير عذر ولا مطر، وخاصة بعد رواية ابن عباس وتقرير صحتها فإنهما علقوا عليها بأنها صريحة في جواز الجمع مطلقاً حتى لا يكون أحد من الأمة في حرج ومشقة.
التقية:
ذكر المؤلف: أن التقية هي من القضايا التي يُشَنَّع بها على شيعة أهل بيته (عليهم السلام) ، ولو تَثَبَّت في الأمر كل من شنَّع على شيعة أهل البيت (عليهم السلام) لعرف أن التقية التي تقول بها الشيعة لا تختص بهم ولم ينفردوا بها إطلاقاً، وكل إنسان مجبول على الدفاع عن نفسه والمحافظة على حياته فطرياً، وهي أعز الأشياء عليه وأحبها إليه، فهم قد لا يهمون بذلها في سبيل الشرف وحفظ الكرامة وصيانة الحق، أما من غير هذه المقاصد الشريفة والغايات المقدسة فالتفريط بها وإلقائها في مواطن الخطر سفه وحماقه لا يرتضيها عقل ولا شرع، وقد أجاز الإسلام للمسلم في مواطن الخوف إخفاء الحق والعمل به سراً وبينما تنتصر دولة الحق على دولة الباطل مصداقاً لقوله تعالى (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَـفِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَ لِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِى شَىْء إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ…) (آل عمران: ۲۸).
وقوله تعالى: (مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنُّ بِالاِْيمَـنِ وَ لَـكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّهِ وَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) (النحل: ۱۰۶).
ولقد محى رسول الله(صلى الله عليه وآله) اسمه عام الحديبية حينما طالبت قريش منه ذلك وكان معه من الشجعان العدد الكثير وفيهم علي (عليه السلام) على ما مر تسجيله في صحيح البخاري ج۲ ص۹۶۰ ح۲۵۵۱ باب كيف يكتب هذا ما صالح فلان ابن فلان.. الخ ولم يقل هذا ما صالح رسول الله(صلى الله عليه وآله) بل أن الله تعالى قد شرع التقية في محكم كتابه العزيز بشأن المؤلفة قلوبهم وجعل لهم سهماً من الزكاة ضمن مصارف الزكاة الثمانية في قوله تعالى (إِنَّمَا الصَّدَقَـتُ لِلْفُقَرَآءِ وَالْمَسَـكِينِ…) (التوبة: ۶۰).
ومن سيرة الرسول(صلى الله عليه وآله) في موقفه من عمار بن ياسر عندما جازه أن يقول كلمة الكفر أو الشرك، كيف لا وقد قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان، ومع هذا الوضوح والبيان فإن هذا المصطلح العقائدي قد أسيء فهمه، وحاول بعض المغرضين والمسخرين لتفريق الصف الإسلامي أن يثيره للشبهات ويحاول أن يصوّره نفاقاً فكرياً.
الأئمة وعلم الغيب:
وأيضاً من ضمن الإشاعات الكاذبة التي يروّج بها العامة أنهم يقولون أن شيعة أهل البيت (عليهم السلام) يقولون بأن أئمتهم يعلمون الغيب من ذات أنفسهم، وهذا لا يوافق العقل إطلاقاً، فليس فيهم من يقول بأن الأئمة يعلمون الغيب من عند أنفسهم ومن ينسب ذلك عليهم فهو مفترى عليهم، لأن علم الغيب المحض مخصوص بالله وحده، وإنما يقولون بأنهم ينبئون عن بعض المغيبات بتعليم الله لهم من طريق الإلهام وعلوماً خاصة توارثوها عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) إماماً بعد إمام قال تعالى (فَإِن تَنَـزَعْتُمْ فِى شَىْء فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ…) (النساء: ۶۰) فعرفنا كيفية الرد في حياة الرسول(صلى الله عليه وآله)فكيف الرد بعد وفاته؟ فإن قلتم بالرجوع إلى سنته فقد تم إيقاف تدوين الحديث “الرواية” في عصر أبي بكر وأحرقت مدونات السنة التي دونت أيام النبي(صلى الله عليه وآله).
إذاً فأين المرجع في مقام الرسول(صلى الله عليه وآله) هل أن الله عزوجل عدل في الناس الذين وجدوا في عهد الرسول(صلى الله عليه وآله) ولم يعدل في غيرهم، حاشاً وكلا أن يقترف الله سبحانه شيئاً من الظلم، بل عدله أوسع مما تحيطه العقول والنقول.
فمن هنا يتضح للباحث المنصف أنه لابدّ من مَن يقوم بمهام الرسول(صلى الله عليه وآله) من بعده وخاصة في المرجعية بعد الله سبحانه وتعالى وإن لم يكن نبياً أو مكلف بالدعوة، فيظهر لنا من ذلك أن الإمامة هي الحل الأجلي لإزالة كافة الإشكالات والمعضلات التي تقع فيها الأمة كالاختلاف والتنازع فيما بينها.
فما بالك أن يكون الاختلاف ما بين أغلب الامة والإمام نفسه وقد عينه الله ورسوله(صلى الله عليه وآله) بأدلة قطعية جلية ليست خفية بل واضحة في الكتاب والسنة، فما بعد الحق إلاّ الضلال.
زيارة القبور:
ومن ضمن الإشاعات التي يروج بها على العامة قول المروجين بأن شيعة أهل البيت (عليهم السلام) يعبدون الأصنام وذلك من خلال زيارتهم القبور، ويقولوا بأن شيعة أهل البيت (عليهم السلام) ، يعكفوا على القبور كما يعكف المشركين على الأصنام.
فنقول على كلامهم إن العكوف على القبر هو الذي جعل الزيارة شركاً، فعلى هذا المنوال إذا كان المعكوف على القبر شركاً فالمسلمين مشركين، لماذا..؟
لأن المسلمين في وقت الصلاة يحوطون حول الكعبة للصلاة، فالواقف في طرف المغرب يجعل ظهره على المغرب ويتوجه إلى الكعبة، والواقف طرف الجنوب يجعل ظهره على الجنوب ويتوجه إلى الكعبة، وكل في أية جهة كان يجعل ظهره على تلك الجهة ويتوجه إلى الكعبة بالصلاة والركوع والسجود.
إذاً المسلمون على المفهوم الأول مشركون لأنهم يتوجهوا إلى الكعبة حال العبادة، كما يتوجه عبدة الأصنام إلى أصنامهم حال عبادتهم، وهذا خطاء لأن عبدة الأصنام يتوجهون ـ حال العبادة ـ إلى أصنامهم التي صنعوها بأيديهم، والمسلمون يتوجهون حال الصلاة إلى بيت مرتفع متخذ من حجر أمر ببنائه الباري جل وعلا.
وتلك نظرة المروجون وهي نظرة خاطئة، وليس زيارة القبور لها صلة بعبادة الأصنام، فالمسلمون عندما يتوجهوا إلى الكعبة في الصلاة لا يعتبرونها إلهاً يعبدونها من دون الله بل يتوجهون إليها لأن الله أمرهم بذلك.
أما عبدة الأصنام فإنهم يتوجهون إلى أصنامهم ـ في عبادتهم ـ متخذين من الأصنام آلهه، يعبدونها من دون الله سبحانه وتعالى فهم يتوجهون حال العبادة بقلوبهم إلى أصنامهم، أما المسلمون فيتوجهوا حال الصلاة بقلوبهم إلى الله عزّوجل.
فالتشبه ليس سبب الشرك، وإلاّ كان عملنا شركاً لتشابهه مع عمل عبدة الأصنام (لكل أمر ما نوى)، والسبب الذي جعل عمل عبدة الأصنام شركاً هو قصدهم عبادة الأصنام، والسبب الذي أخرجنا من الشرك هو أننا عندما نتوجه نحو الكعبة لا نقصد بهذا التوجه عبادة الكعبة وإنما نقصد عبادة رب الكعبة.
وزيارة القبور ليست محرّمة وهي جائزة وتأكيد الاستحباب فيها شديد، وقد زار الرسول(صلى الله عليه وآله) شهداء أحد، راجع صحيح مسلم ج۲، ص۶۳، سنن النسائي ج۳، ص۷۶٫
قد حضر(صلى الله عليه وآله) لزيارة البقيع، راجع كتاب إحياء العلوم للغزالي، وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): زوروا القبور فإنها تذكركم بالآخرة، راجع سنن ابن ماجة ج۱، ص۴۹۴، باب ۳۶، صحيح مسلم ج۲، ص۳۶۵، باب ۳۵٫
ثم يقول المؤلف في نهاية كتابه: فهذه بعض الردود الصادعة في مقابل افتراءات المروجين ضد شيعة أهل البيت (عليهم السلام) إنما أوجهها إلى المنصفين (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ) (الزمر: ۱۸)، وإلى العامة من أبناء المذاهب الذين آمل منهم أن يتحرروا فكرياً من المبادىء الهدامة والأفكار الخاطئة فقد خلقتم أحراراً ليس عبيد لفكر من الأفكار والعبودية لله عزّوجلّ إلى المتحريين فكرياً الذين يترقبوا الدليل الواضح: (اولئك الذين هداهم الله واولئك هم اولوا الألباب أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِى النَّارِ) (الزمر: ۱۹)، وذلك للرد بها على مزاعم المشككين وشبهات المرجفين، إذاً فالسلف والخلف من شيعة أهل البيت (عليهم السلام) إنما دانوا بدين الله الصافي عن أهل البيت (عليهم السلام) ، عن النبي(صلى الله عليه وآله)، عن الله عَزَّوجل، وأهل البيت (عليهم السلام) أدرى بما في بيت الرسول(صلى الله عليه وآله)، والرسول(صلى الله عليه وآله) هو المصدر الأعظم المعبر عن الله عزَّوجلّ، وقد أوصانا بأهل بيته الطّاهرين وليس بغيرهم، فما الذي ياترى يدعونا أن نتّبع غيرهم وهم الحق وأدلتهم مستقاة من كتاب الله عزّوجلّ، والرسول(صلى الله عليه وآله)يوصينا بهم أنهم سفن النجاة من كُلّ هلكة، وأمانها من الاختلاف في الدين، وأعلام هدايتها ما خالفتها قبيلة من العرب إلاّ اختلفوا فصاروا حزب إبليس، وقال (فلا تقدموهم فتهلكوا ولا تأخروا عنهم فتهلكوا ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم) فمن هم الذين رزقوا فهم وعلم رسول الله(صلى الله عليه وآله) أفلا شك أنّهم الأئمة الطّاهرين الذين هم سفينة نوح، وباب حطة من تمسك بهم نجى ومن تخلف عنهم غرق بل وفي النار هوى، وهم الذين لم يختلفوا فيما بينهم، وهم قرناء الكتاب، وهم عديلهُ في الحجية، فكما أن القريب إلى المقارن ينسب، فكذلك القرآن لم يأتيه الباطل لا من بين يديه ولا من خلفه أي معصوم، فكذا الثقل الثاني للقرآن عترة الرسول(صلى الله عليه وآله)معصومين بقرينة لا يفترقا حتى يردا علي الحوض.
اللّهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل وارزقنا اجتنابه، وارزقنا حبّ محمد وآله الطاهرين من يومنا إلى يوم الدين، واللعنة الدائمة على أعدائهم من الجِنة والناس والإنس أجمعين من يومنا إلى يوم الدين.