- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 6 دقیقة
- بواسطة : امین نجف
- 0 تعليق
المولد والنشأة
ولد في غينيا، بمدينة ” بوكر ” عام ۱۹۷۱م، من عائلة تنتمي للمذهب المالكي، درس في المدارس الأكاديمية حتى نال الشهادة الثانوية، درس على يد والده ـ الذي كان من كبار علماء المالكية في منطقتهم ـ بعض الكتب الدينية، وواصل بعدها دراسته في جامعة ” جمال عبد الناصر ” في علم الاجتماع، وأُخرج منها قبل إكماله للدراسة بسبب إنتمائه إلى مذهب أهل البيت (عليهم السلام) ودفاعه العلني عن مبادي وعقائد الشيعة.
أعلن تشيعه عام ۱۹۹۰م في عاصمة بلده ” كوناكري “.
مرحلة التشكيك والاستفسارات:
يقول الأخ جرنو: ” كنت أيام الإعدادية أدرس في المدرسة العربية الفرنسية التي توغّل فيها الوهابيين عبر إحتلال مواقع التدريس، وكان لهم نشاط فعال في نشر المذهب الوهابي والتشكيك في المذاهب الإسلامية الأخرى ومن ضمنها المذهب المالكي، وهدفهم من ذلك تضعيف بنيتنا وإنتماءنا لمذهبنا، ومن ثم التوجه إلى مبادئهم وأفكارهم، وكان دأبهم أيضاً الإكثار من القدح في الشيعة والتشيع.
وفي يوم طلبت من أحد الأساتذه أنّ يوضح لنا بصورة مجملة عقائد الشيعة الإمامية؟
فقال الأستاذ: إنّهم يعتقدون بوجود أئمة إثنا عشر أوّلهم الإمام عليّ ثم الحسن والحسين….
فقلت: ونحن أيضاً نحترم هؤلاء ولا نرى بأساً في إتباعهم، فردّ عليَّ الأستاذ بعنف والتجيء إلى التشنيع والتهريج والسبّ محاولاً إسكاتي، لكنني واصلت البحث معه، فأخرجني من الصف وقال: أنت تريد إفساد عقيدة الطلاب.
والواقع كنت في ذلك الحين غير مطلع بتاتاً على عقائد الشيعة وإنتمائهم المذهبي، ولم يحفزني للبحث عنهم سوى هذا التصرف السيء من الأستاذ الوهابي، وكذلك تشنيعه المستمر وغير المنطقي ضدّ المذهب الشيعي، وكنت أقول في نفسي: لماذا كلّ هذه الشدّة والعنف على الشيعة!! وما الذي فعلوه!! وما هي عقائدهم التي تجعل هذا الأستاذ وأمثاله يندفعون إلى سبّهم وشتمهم؟!
ومن هذا المنطلق بدأت بالاستفسار والتحقيق حول الشيعة، وكان معظم الذين أسألهم عن الشيعة لا يعرفون الكثير عنهم، فكانوا إمّا أن يظهروا جهلهم، أو يكرّروا الإشاعات المبثوثة ضد الشيعة من دون أن يكون لديهم أدلّة على ذلك.
التشنيع ضد الشيعة:
كان من جملة التشنيعات الكثيرة ـ التي ذكرها الأستاذ الوهابي ضمن حديثه عن الشيعة ـ أنّ الشيعة قوم يدينون بدين يختلف عن بقية المسلمين، فهم يجيزون الزنا ـ والعياذ بالله ـ لقولهم بالزواج المؤقت، ويتهمون الأمين جبرئيل ـ والعياذ بالله ـ بالخيانة أو الخطأ في تبليغ الرسالة، وذلك بأنّ الله بعثه ليسلّم النبوّة لعليّ (عليه السلام) ولكنه عصى أمر الله تعالى فأعطاها لمحمد(صلى الله عليه وآله وسلم)، ولذلك ترى أنّهم يتوضؤون على غير الطريقة التي نتوضأ بها!!.
وكان من حسن الصدف أن ألتقي بأحد الأصدقاء الذين اعتنق التشيع، فسألته عن الشيعة ومايقال عنهم، فتبسم إبتسامة مشفوعة بالحزن، وقال: إنّ التشنيع ضدّ الشيعة ليس ظاهرة مستجدة، بل هي ظاهرة قديمة قد سنّها خلفاء بني أميّة من قبل، وإجتهد حكّام الجور ومن تبعهم منذ القدم للحط من شأنهم وإبعادهم عن الساحة الإسلامية، حفاظاً على مصالحهم ومآربهم التي كانوا يريدون تنفيذها من دون أي إتجاه يعكر انغماسهم في لذاتهم الزائقة “.
والواقع أنّ هذه التهم هي دليل العاجز الذي لا يسعه أن يقابل الفكر بالفكر والدليل بادليل، فيكون سبيل خلاصة ذكر أمور ما أنزل الله بها من سلطان ـ كتهمة خيانة الأمين التي تضحك الثكلى ـ فهذا الكلام لم يقل به أحد من عوام الشيعة ولا أطفالهم، وهذه كتب الشيعة قد ملأت الآفاق، نعم يقرّون ويعترفون إمامة الإمام عليَّ (عليه السلام) بعد النبيّ محمد(صلى الله عليه وآله وسلم)، وأنّه أوّل الأئمة الإثنى عشر ووصي النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)وخليفته من بعده.
أضواء على مسح الأرجل في الوضوء:
إنّ مسألة الاختلاف في الوضوء هي من السائل الفقهية الفرعية تتبع الأصل، إلاّ أنّ بعض الأقلام أبت إلاّ أن تُدخل الناس في تشكيكات فرعية لاهين الناس عن الالتفات إلى الاختلاف الأساسي وهو مسألة الإمامة والخلافة، ومع ذلك فإنّ علماء الشيعة لم يتركوا إستفسار الآخرين حول وضوئهم من دون جواب، بل أثبتوا ما ذهبوا إليه بأدلة نقلية وردت عن مخالفيهم فضلا عما في طرقهم الخاصة والتي روى معظمها الأئمة من عترة الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم).
ومن خلال آية الوضوء نستطيع أن نتعرّف على حكم الأرجل، في قوله تعالى: ( يَأَيُّهَا الَّذيِنَ آمَنُوا إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلـوةِ فَاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إلَى المَرَافِقِ وَأمْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إلَى الْكَعْبَيْنِ ) (المائدة: ۶).
فالحكم هو وجوب المسح، ولا معنى للقول بالغسل إذ أنّه مخالف للآية الكريمة، اضافة إلى السيرة العملية لرسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم).
ويقال في بيان ذلك: إنّ في قوله تعالى: (وَأَرْجُلَكُمْ) وردت قراءتان مشهورتان:
القراءة الأولى:(وأرجلِكم) بالجر، وهي قراءة ابن كثير وحمزة وأبي عمرو وعاصم (في رواية أبي بكر عنه)، كما ذكر ذلك الرازي في تفسيره(۱)، وعلى هذه القراءة تصبح الأرجل معطوفة على الرؤوس فيجب مسحها كما وجب ذلك في الرؤوس.
أمّا القراءة الثانية: وهي قراءة (وأرجلَكم) بالنصب، وهي قراءة نافع وابن عامر وعاصم (في رواية حفص عنه) كما ذكر ذلك الرازي أيضاً(۲)، وعلى هذه القراءة يكون حكم الأرجل المسح أيضاً، لأنّ الأرجل تكون معطوفة على الرؤوس المنصوبة محلا المجرورة لفظاً، والعطف على المحل وارد في لغة العرب، فيقال: ” ليس فلان بعالم ولا عاملا ” بنصب عامل عطفاً لها على محل عالم.
كما أنّه لا يصح عطف الأرجل على الوجوه والأيدي، لعدم جواز العطف على الأبعد مع إمكان العطف على الأقرب، وكذلك لوجود الفاصل الأجنبي، فلا يصح أن يقال: ” ضربت زيداً ومررت ببكر وخالداً ” بعطف خالد على زيد، لوجود الفاصل وهو ” مررت ببكر “، كذلك في الآية لا يصح عطف (أَرْجُلَكُمْ) على (وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ) لإمكان العطف على الأقرب وهو ( رُءُوسِكُمْ ) ولوجود الفاصل الأجنبي وهو عبارة ( وَأمْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ ).
أضف إلى كل هذا ورود الأخبار في مصادر أبناء العامة توضح وجوب المسح دون الغسل، منها:
۱ ـ أخرج الحاكم في (المستدرك) بسنده إلى رفاعة بن رافع عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، قال: ” إنها لا تتم صلاة أحد حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله عزّوجلّ، يغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ويمسح رأسه ورجليه إلى الكعبين “(۳)، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجه بخمسة أسانيد صحيحة.
۲ ـ أخرج أحمد بسنده عن أبي مالك الأشعري أنّه قال لقومه: ” اجتمعوا أصلي لكم صلاة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، فلمّا أجتمعوا قال: هل فيكم أحد غيركم؟ قالوا: إلاّ ابن أخت لنا، قال: ابن أخت القوم منهم، فدعا بجفنة فيها ماء فتوضأ وتمضمض واستنشق وغسل وجهه ثلاثاً وذراعيه ثلاثاً ومسح برأسه وظهر قدميه ثم صلى بهم “(۴).
۳ ـ وأخرج أحمد عن عليّ (عليه السلام) ، قال: ” كنت أرى باطن القدمين أحقّ بالمسح من ظاهرهما حتى رأيت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يمسح ظاهرهما “(۵).
والجدير ذكره أنّ الله سبحانه وتعالى أبدل الغسل مسحاً في التيمم وأسقط المسح في آية التيمم، وبأدنى تأمّل يتبيّن لنا أنّ حكم الأرجل في الوضوء هو المسح لا الغسل، فقد قال تعالى في نفس آية الوضوء: ( وَإنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَر أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنْكُمْ مِّنَ الغَآئِطِ أَوْ لامَسْتُمْ النِسَآءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَآءً فَتَيَمَمُواْ صَعِيداً طَيَّباً فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم ) (المائدة: ۶).
زواج المتعة:
إنّ الطاعن على مسألة الزواج المؤقت ” المتعة ” إنّما يطعن في أحكام الله تعالى التي بلّغها نبيّه محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم) للناس، ولم يستدل بشيء سوى ادّعاء الشرف والغيرة! ومن هناك كان جزاء تمسك شيعة أهل البيت (عليهم السلام) بها التشنيع والإتهام والإشاعات والإفتراء عليهم، وقد قال الله تعالى: ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ) (النساء: ۲۴).
والملاحظ أنّ الرازي ينقل أثناء بحثه حول هذه الآية عن عمران بن حصين، أنّه قال: ” إنّ الله أنزل المتعة آية وما نسخها بآية أخرى، وأمرنا بها رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وما نهانا عنها، ثم قال رجل برأيه ماشاء “(۶).
وذكر السيوطي في الدر المنثور، عن الحكم أنّه سئل عن هذه الآية أمنسوخة؟ قال: لا، وقال عليّ[ (عليه السلام) ]: ” لولا أن عمر نهى عن المتعة ما زنى إلاّ شقي “(۷).
وقد ورد في الصحاح الكثير من الأخبار عن الزواج المؤقت، منها:
۱ ـ عن عبد الله بن مسعود، قال: ” كنا نغزو مع رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وليس لنا نساء، فقلنا: ألا نستخصي، فنهانا عن ذلك، ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل معين “(۸).
۲ ـ عن جابر بن عبد الله وسلمة بن الأكوع، قالا: كنا في جيش، فأتانا رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: ” قد أذن لكن أن تستمتعوا فاستمتعوا “(۹).
۳ ـ عن جابر بن عبد الله، قال: ” كنا نتمتع على عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وأبي بكر وعمر حتى نهانا عمر عنها أخيراً، يعني متعه النساء “(۱۰).
وقد ذكر الرازي في بحث المتعة أنّه روي أنّ عمر قال على المنبر: ” متعتان كانتا مشروعتين في عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وأنا أنهى عنهما متعة الحج ومتعة النكاح “(۱۱).
ومن ينكر المتعة ويتخذها ذريعة للتشنيع ضد التشيع، هو في الحقيقة يشنّع على القرآن الكريم ويطعن في الحكمة الإلهية للتشريع، وكأنّه بذلك يريد أن يفرض على الله شريعة تتلاءم مع عقله الذي لم يستوعب مضامين الرسالة وروحها.
الوصول إلى الحقّ:
يقول الأخ جرنو: ” بمرور الأيام تبيّن لي أنّ الحقّ مع الشيعة في هذه المسائل وأمثالها التي يشنّع أعداؤهم بها عليهم، لكن غفل الذين يحاولون أن يعموا بصائر الآخرين ليبقوهم على التبعية والتقليد لهم، أن الغبار المتراكم على مرآة الحقيقة سيزول في يوم من الأيام، فتعود المرآة ناصعة براقة تعكس حقائق الأشياء في النفوس المستعدة والقلوب السليمة.
وهكذا وبالتدريج بدأت فكرة التشيع تتبلور في ذهني، حتى أعلنت تشيعي عام ۱۹۹۰م في العاصمة ” كوناكري “، ويالها من لحظات حساسة غيرت مسيرة حياتي وهدتني سبيلاً لم يخطر على بالي من قبل.
وكان من حسن حظي أنني التقيت بعد استبصاري ببعض من سبقني في التشيع، وكان جملة منهم قد عاد لتوه إلى البلد من السفر الذي قضاه في إحدى الحوزات العلمية الشيعية، فقرّر هؤلاء تأسيس مدرسة شيعية باسم أهل البيت (عليهم السلام) ، فكنت من أوائل الطلبة الذين التحقوا بها “.
(۱) أنظر: التفسير الكبير: ۴ / ۳۰۵٫
(۲) المصدر نفسه.
(۳) مستدرك الحاكم: ۱ / ۳۶۸ (۸۸۱).
(۴) أنظر: مسند أحمد بن حنبل: ۵ / ۳۴۲ (۲۲۹۴۹).
(۵) المصدر نفسه: ۱ / ۹۵ (۷۳۷).
(۶) أنظر: التفسير الكبير: ۴ / ۴۴٫
(۷) الدر المنثور: ۲ / ۴۸۶٫
(۸) أنظر: صحيح مسلم باب نكاح المتعة: ۲ / ۱۰۲۲ (۱۴۰۴)، صحيح البخاري: ۵ / ۱۹۵۲ (۴۷۸۴).
(۹) أنظر: صحيح البخاري: ۵ / ۱۹۶۷ (۳۸۲۷)، صحيح مسلم: ۲ / ۱۰۲۲ (۱۴۰۵).
(۱۰) أنظر: مسند أحمد بن حنبل: ۳ / ۳۰۴ (۱۴۳۰۷).
(۱۱) أنظر: التفسير الكبير: ۴ / ۴۳٫
المصدر: مركز الأبحاث العقائدية