- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 5 دقیقة
- بواسطة : امین نجف
- 0 تعليق
الزواج عقد يوقعه الرجل والمرأة من أجل حياة مشتركة تحت سقف واحد ، ويتضمَّن هذا العقد مجموعة من البنود والضوابط التي تنظم علاقاتهما المتشابكة ، من أجل إرساء دعائم بناء متين يحفظ حقوقهما ويحدد واجباتهما ، فمسألة الزواج كعقد مشترك ، أمر تجمع عليه كل القوانين في جميع الدول والمجتمعات .
فإن شقاء وسعادة الأسرة التي تعتبر حجر الأساس في بناء المجتمع أمر يتوقف على سعي الرجل والمرأة في خلق أجواء صحية ومناخ مناسب ، وتوفير الظروف المناسبة لنمو شجرة السعادة وامتداد جذورها بعيداً في أرض معطاء .
وما أكثر أولئك الذين أخطئوا طريق السعادة بسبب جَهلهم وعدم رعايتهم للحقوق والواجبات الزوجية ، فقضوا أعمارهم في نزاع وخلاف وشجار لا نهاية له ولا ثمرة من ورائه سوى المرارة والألم والعذاب .
مسألة الحقوق :
إن جميع الأديان السماوية والمذاهب الوضعية تؤكد على أهمية الحقوق والواجبات الاجتماعية وضرورة رعايتها من قبل الطرفين من أجل إرساء دعائم الحياة المشتركة بينهما في جو مفعم بالسلام .
إن بحث مسألة حقوق فرد ما يعني بحث مسألة واجبات الفرد المقابل ، فعندما نطرح مثلاً مسألة حقوق الطفل على الوالدين فهذا يعني أننا نبحث مسألة واجبات الوالدين تجاه الطفل .
وإذن فهناك معادلة بين الحق والواجب فلكل فرد حق معين ، وعلى كل فرد واجب محدد وأي إخلال بهذه المعادلة يعني بروز قضية العقاب والجزاء لإقرار المعادلة بشكل متوازن .
الأسرة والحقوق :
تحتلُّ مسألة الحقوق في الإسلام مساحة واسعة ، وتحظى بأهمية فائقة ، وقد سُئل الإمام الرضا ( عليه السلام ) عن حق المؤمن على المؤمن ، فقال ( عليه السلام ) : ( إنَّ مِنْ حَقِّ المُؤمِنِ عَلَى المُؤْمِن المَوَدَّةَ في صَدْرِهِ والمُوَاسَاةَ فِي مَالِه ، ولا يقول له : أفٌّ ، فإذا قال له أفٌّ فليس بينهما ولاية ، وإذا قال له أنت عدوِّي فقد كفَّر أحدهما صاحبه ، وإذا اتَّهمه انماث الإيمان في قلبه كما ينماث الملح في الماء ) .
وإذا كان لمسألة الحقوق كل هذه الأهمية فإنَّ أهميتها الكبرى تتجلَّى في الحياة الزوجية ، حيث يتعين على إنسانين العيش معاً تحت سقف واحد ، والسير سوية في طريق واحد .
ولذا يتعيَّن على الرجل والمرأة الإحاطة بشكل عام بالواجبات والحقوق المتبادلة بينهما من أجل إرساء حياة هادئة مفعمة بالحب والسلام .
احترام الحقوق :
تقوم الحياة الزوجية على أساس احترام الحقوق ، وبالرغم من الدور الفاعل للحب والمودَّة في تعزيز العلاقات الزوجية ، إلاَّ أنَّ مسألة احترام الحقوق تحظى بأهمية فائقة في مضمار العلاقات بين الزوجين ، فقد يواجه الزوجان – مثلاً – تنوعاً واختلافاً واسعاً في الأذواق والمشارب والأهواء .
ومن أجل تلافي الاصطدام بينهما فإنَّ تحكيم الحق والواجب هنا هو الأساس في الفصل وحَلِّ المشكلة قبل أن تتطور إلى نزاع أو شجار .
ولهذا شرع الإسلام لكل فرد من أفراد الأسرة حقوقاً معينة ينبغي احترامها وعدم تجاوزها .
وهنا ينبغي الإشارة إلى أن عدم رعاية الزوجين لحقوق كل منهما يعني مخالفة صريحة للتعاليم الإلهية ، وهو أمر يعرِّض الإنسان للحساب والعقاب .
فاحترام ورعاية الحقوق الزوجية هو واجب شرعي يتوجب الالتزام به ، إضافة إلى آثاره الإيجابية في إشاعة الدفء والحب في أجواء الأسرة .
وإن ما يدعو إلى الأسف حقاً أن يتجاهل الرجل والمرأة تلك الحقوق الإلهية ، وإهمال واجباتهما تجاه بعضهما البعض .
كما أن مسألة زعامة الأسرة ليست امتيازاً في نظر الإسلام بقدر ما هي مسؤولية تعني إدارة الأسرة وقيادتها في الطريق الصائب ، حيث يتبلور دور العقل والكياسة والتجربة في شؤون الحياة ، إضافة إلى عناصر التضحية والإيثار والصبر .
كما أن توزيع الواجبات في الأسرة مسألة يشير إليها الإسلام ويؤكد عليها ، بعد أن يأخذ بنظر الاعتبار قابليات كل من الزوجين واستعداداتهما الفطرية .
وهنا نرى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يسند شؤون المنزل وإدارته إلى فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) ، بينما يوكِّل الأعمال خارج المنزل إلى زوجها الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) .
فالإحساس المتقابل بمسؤولية الزوجين تجاه بعضهما البعض له أثره الكبير في رسم صورة واقعية للحياة ، تساعدهما على السير بثبات واستقامة نحو الهدف المنشود .
مسؤولية الرجل :
يتحمل الرجل في الإسلام مسؤولية إدارة الأسرة وتوفير ما تحتاجه من غذاء وكساء ، كما أنه في الخط الأول في مواجهة الأخطار التي تهدِّد كيانها ومصيرها ، وإضافة إلى ذلك يتحمّل الرجل مسؤولية بناء الأسرة على أسس صحيحة ليكون البناء سليماً .
وعلى الرجل أن يكون بعيداً في تفكيره وأن لا يحصر همَّه في الحصول على متعه الشخصية ، وأن لا يجعل همَّه الأول هو الحياة الدنيا ولذائذها ، لأن ذلك يقود في النهاية إلى انحطاط الأسرة وتفككها .
مسؤولية المرأة :
تتحمّل المرأة مسؤولية كبرى في الحياة الأسرية ، بل هي تشكل محور الأسرة ، فعليها تقع مسؤولية إدارة المنزل وتربية الجيل تربية صحيحة.
ومع كل هذه الأهمية في دور المرأة فإننا نؤكد على خطأ زعامة المرأة للأسرة ، لأنها بمثابة القلب النابض الذي يمد الأسرة بالحياة والنشاط والأمل ، في حين يمثل الرجل دور العقل المدبِّر في قيادة الأسرة ، ولهذا فإنَّ كِلا الدورين يُكمِل أحدهما الآخر في تناغم وانسجام .
حقوق الأبناء :
لا تنحصر مسؤولية الزوجين تجاه بعضهما البعض فقط بل أنها تشمل دائرة أوسع من ذلك بكثير ، ذلك أنهما مسؤولان عن أبنائهما ، فالطفولة لها حق كبير، وتربيتهما تربية صالحة هي مسؤولية كبرى تقع على عاتق الوالدين.
الأطفال في حاجة إلى محيط أسري هادئ يشعرهم بالطمأنينة والأمن ، أما النزاع والاختلافات فهي بمثابة عاصفة عاتية تدمر مشاعر الطفل وتقذف في قلبه الخوف والقلق .
وإذا كانت هناك هموم تعكِّر صَفو الحياة فينبغي على الوالدين معالجتها بعيداً عن الأطفال ، فالابتسامة والحنان والمحبة والرعاية هي حق الطفولة ، وهي من واجبات الوالدين .
اجتناب الأنانية :
الحياة الأسرية تقوم على الأخلاق الرفيعة والصفات الإنسانية السامية ، وتتناقض مع الأنا والأنانية ، ولا تنسجم مع النرجسية.
وإذا تذكَّرنا أنَّ لدينا حقوقاً فيجب أن لا نتناسى حقوق الآخرين ، فإذا كان لنا حق في الحياة الأسرية الهادئة ، فإن لأزواجنا نفس هذا الحق المفترض .
وإنها لنَظْرة ضيِّقة للحياة عندما لا نرى سوى أنفسنا ومصالحنا فقط ، فإن أكثر الخلافات التي تحتدم في فضاء الأسرة إنما تنشأ من الأنانية ، وعدم أخذ الطرف الآخر بنظر الاعتبار .
فصحيح أنه يجب أن نعتمد على أنفسنا ، لكنه لا يعني مصادرة آراء الآخرين ، وهناك مع الأسف أفراد لا يرون سوى مصالحهم الشخصية فقط ، بل لا يرون سوى أنفسهم ، حتى أنهم لا يتحدَّثون مع أحد انطلاقاً من إعجابهم الشديد بأنفسهم ، ومثل هؤلاء الأفراد يعيشون عزلة مريرة .
مراعاة الأدب :
يصبح للحياة العائلية طعمها الحلو إذا ما روعي فيها الأدب ، على أن يبقى ذلك ضمن الحدِّ المعقول بعيداً عن الرسميات الفارغة ، فالاحترام المتبادل مطلوب بين الزوجين اللذين يمثل أحدهما في نظر الآخر أباً وأماً لأبنائه ، فمن حق كل منهما أن يكون له رأيه في شؤون الأسرة وهمومها .
والإسلام هنا يوصي الزوجين بالاحترام ورعاية الأدب في علاقاتهما المشتركة ، وينهى عن الجرأة في علاقاتهما الجنسية ، إذ لابد أن يكون هناك قدر من الحياء يحفظ لهما كرامتهما الإنسانية .
وأخيراً :
فالزواج يأخذ في حسابه المصلحة العليا للأسرة ، فليس هناك مصالح شخصية ، أو زعامة دكتاتورية ، أو محاولة للسيطرة على الآخرين ، فكلُّ هذا يعتبر خطراً على الأسرة وكيانها ، ولا ينبغي هنا تقليد الآخرين فيما يعملون ، فلكلٍّ ظروفه وأساليبه في الحياة ، وهنا ينبغي التحرك ضمن معطيات الظروف .
كما ينبغي أن نعرف حدودنا ، فلا نتجاوز على حقوق الآخرين مِمَّن يشاركوننا حياتنا ، فقد ينجح فلانٌ من الناس في حياته الأسرية باعتماده أسلوباً ما ، ولكن هذا الأسلوب قد يدمِّر حياتنا العائلية ، فلكلٍّ طريقته في الحياة .