( الديمقراطية ) تعني : أن القوانين التي تحكم البلاد هي القوانين التي صَوَّت عليها أغلب المواطنين ، وصارت سارية المفعول ، وأصبح الجميع ملزمٌ بتطبيقها والانصياع إليها .
والديمقراطية بالشكل الذي وضحناه لا تنسجم مع الإسلام ، لأن الحكم والتشريع في الإسلام مختص بالله سبحانه ، قال الله تعالى في كتابه الكريم : ( إِنِ الحُكمُ إِلا لله ) يوسف : ۶۷ .
فهو عز وجل وحده العالم بما يصلح حال الإنسان والمجتمع في كل زمان ومكان ، وما على الإنسان إلا العمل بأوامر الله ونواهيه ، وهذا الخضوع هو مصداق للعبودية التي توصل الإنسان إلى درجة الكمال والسعادة المطلقة .
والديمقراطية المعمول بها الآن في المجتمعات الغربية تدعو إلى فصل الدين وأحكامه عن معترك الحياة السياسية ، وهذا من وجهة نظر الإسلام تمرد على أحكام الله عز وجل ، لأنها أخذت حق الحاكمية والتشريع من الله ومنحته للإنسان ، وهذا شرك حاربه الله ورسوله ( صلى الله عليه وآله ) .
أما إذا كان المقصود من الديمقراطية أن يضع الشعب نصب عينيه الأحكام والقوانين الإلهية ، ويجعلها الأطار الذي يتحرك فيه لبلوغ أهدافه ، فلا يكون هناك أي تعارض بينها وبين الإسلام .
وقد أشار الإمام الخميني ( قدس سره ) إلى هذا بقوله : ( إن المعيار هو رأي الشعب ) ، وفي الحالات التي يخرج فيها الشعب عن الأُسس التي وضعها الإسلام فلا اعتبار لرأي الشعب في مثل هذه الحالات .
ولربَّ سائل يسئل : إذن ما معنى الآية : ( وَأَمرُهُم شُورَى بَينَهُم ) الشورى : ۳۸ .
فنقول : ليس المراد من ذلك إعطاء الصلاحية للشعب ليناقش ويغير حلال الله وحرامه ، لأنه تعالى يقول : ( وَمَا كَانَ لِمُؤمِنٍ وَلا مُؤمِنَةٍ إِذَا قَضَى الله وَرَسُولُهُ أَمراً أَن يَكُونَ لَهُم الخيرة مِن أَمرِهِم ) الأحزاب : ۳۶ .
فالمقصود من المشاورة هنا مشاورة الرسول ( صلى الله عليه وآله ) للمسلمين في الأمور العامة ، كمشاورته لهم في أمر القتال وكيفيته الذي شرعه الله وأمر به المسلمين .