- الإسلام
- القرآن
- النبي وأهل بيته
- الشيعة
- الأسرة
- أسئلة وأجوبة
- الدعاء وشروط استجابته
- وقت المطالعة : 4 دقیقة
- بواسطة : امین نجف
- 0 تعليق
السؤال:
يتردّد من البعض : إنّ الذين قتلوا الحسين ( عليه السلام ) هم شيعة ، فهل هم شيعة كما يقال ؟ أم أنّهم غير ذلك ؟ وهل كانوا من أتباع أهل البيت ثمّ انحرفوا أم ماذا ؟
الجواب:
في الواقع هذه شبهة روّج إليها البعض ، ممّن في قلبه مرض ، طعناً منه بالمذهب الشيعي ، من أنّ الشيعة هم الذين قتلوا الإمام الحسين ( عليه السلام ) ! والواقع خلاف ذلك ، فإنّ الذين قتلوه ( عليه السلام ) هم شيعة آل أبي سفيان ، بدليل خطاب الإمام الحسين ( عليه السلام ) إليهم يوم عاشوراء : « ويلكم يا شيعة آل أبي سفيان ، إن لم يكن لكم دين ، وكنتم لا تخافون يوم المعاد ، فكونوا أحراراً في دنياكم هذه ، وارجعوا إلى احسابكم إن كنتم عرباً كما تزعمون » (۱) .
ثمّ لم نجد أحداً من علماء الرجال أدرج أسماء هؤلاء الذين قتلوه ( عليه السلام ) ـ كأمثال عمر بن سعد ، وشبث بن ربعي ، وحصين بن نمير ، و … ـ ضمن قوائم رجال الشيعة ، بل النصوص تدلّ على أنّهم من جمهور المسلمين .
وأمّا كونهم محكومين بأنّهم كانوا تحت إمرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) لا يدلّ على أنّهم شيعة علي ( عليه السلام ) ، كما أنّه ليس كلّ من صلّى خلف علي أو قاتل في جيش علي هو شيعي بالضرورة ، لأنّ الإمام علي ( عليه السلام ) يعتبر الخليفة الرابع للمسلمين ، فالكلّ يقبله بهذا الاعتبار ، لا باعتبار أنّه معصوم ، وأنّه الخليفة بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) مباشرة .
وأمّا أنّهم كانوا ممّن أرسلوا إلى الإمام الحسين ( عليه السلام ) برسائل تدعوه للمجيء إلى الكوفة ، لا يدلّ أيضاً على أنّهم شيعته ( عليه السلام ) ، لأنّهم كانوا يتعاملون مع الإمام الحسين ( عليه السلام ) باعتباره صحابي ، وسبط الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ، وله أهلّية الخلافة والقيادة ، لا باعتبار أنّه إمام من الأئمّة الإثني عشر ، وأنّه معصوم ، وأنّه أحقّ بالخلافة من غيره .
مضافاً إلى هذا ، فإنّ مواقفهم من الإمام الحسين ( عليه السلام ) ومن معه يوم عاشوراء تدلّ على أنّهم ليسوا بشيعة له ، من قبيل منعهم الماء عليه ، فيخاطبهم برير الهمداني بقوله : وهذا ماء الفرات تقع فيه خنازير السواد وكلابه ، وقد حيل بينه وبين ابنه ، فقالوا : يا برير ، قد أكثرت الكلام فاكفف ، فوالله ليعطش الحسين كما عطش من كان قبله (۲) ، يقصد عثمان بن عفّان ، فهل هذا جواب شيعي ؟!
ثمّ إنّ الشيعة في الكوفة يمثّلون سبع سكّانها ، وهم ۱۵ ألف شخص ، كما نقل التاريخ ، فحوالي ۱۲ ألف زجّوا في السجون ، وقسم منهم اعدموا ، وقسم منهم سفّروا إلى الموصل وخراسان ، وقسم منهم شرّدوا ، وقسم منهم حيل بينهم وبين الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، مثل بني غاضرة ، وقسم ضئيل منهم استطاعوا أن يصلوا إليه ( عليه السلام ) .
إذاً شيعة الكوفة لم تقتل الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، وإنّما أهل الكوفة ـ من غير الشيعة ـ قتلوه ( عليه السلام ) بمختلف قوميّاتهم ومذاهبهم .
نعم ، هذا صحيح أنّ اكثر الشيعة في الكوفة ، لكن لا أكثر الكوفة شيعية ، والدليل على أنّ الشيعة كانوا أقلّية في الكوفة ، هو عدّة قضايا :
منها : ما ذكرته بعض المصادر : من أنّ علياً لما تولّى الخلافة أراد أن يغيّر صلاة التراويح ، فضجّ الناس بوجهه في المسجد ، وقالوا : وا سنّة عمراه (۳) .
ومنها : ما في الفقه الإسلامي ، إذا قيل هذا رأي كوفي ، فهو رأي حنفي لا رأي جعفري .
وللمزيد من الفائدة نذكر لكم نصّ كلام السيّد محسن الأمين في كتابه أعيان الشيعة : « حاش لله أن يكون الذين قتلوه هم شيعته ، بل الذين قتلوه بعضهم أهل طمع لا يرجع إلى دين ، وبعضهم أجلاف أشرار ، وبعضهم اتبعوا رؤساءهم الذين قادهم حبّ الدنيا إلى قتاله ، ولم يكن فيهم من شيعته ومحبيه أحد .
أمّا شيعته المخلصون فكانوا له أنصاراً ، وما برحوا حتّى قتلوا دونه ، ونصروه بكلّ ما في جهدهم إلى آخر ساعة من حياتهم ، وكثير منهم لم يتمكّن من نصره ، أو لم يكن عالماً بأنّ الأمر سينتهي إلى ما انتهى إليه ، وبعضهم خاطر بنفسه وخرق الحصار الذي ضربه ابن زياد على الكوفة ، وجاء لنصره حتّى قتل معه ، أمّا أنّ أحداً من شيعته ومحبّيه قاتله فذلك لم يكن ، وهل يعتقد أحد أنّ شيعته الخلّص كانت لهم كثرة مفرطة ؟ كلاّ ، فما زال أتباع الحقّ في كلّ زمان أقلّ قليل ، ويعلم ذلك بالعيان ، وبقوله تعالى : ( وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ) (۴) (۵) .
ويمكن أن يقال : إنّ الشيعة من أهل الكوفة على قسمين :
۱ـ شيعة بالمعنى الأخصّ ، يعني يعتقدون بالتولّي والتبرّي ، وهؤلاء لم يكونوا في جيش عمر بن سعد ، الذي حارب الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، بل إمّا استشهدوا معه ( عليه السلام ) ، أو كانوا في السجون ، أو وصلوا إلى كربلاء بعد شهادته ( عليه السلام ) .
۲ـ شيعة بالمعنى الأعمّ ، يعني يحبّون أهل البيت ( عليهم السلام ) ، ويعتقدون بالتولّي دون التبرّي ، ولا يرون أنّ الإمامة منصب إلهيّ وبالنصّ ، وهؤلاء كان منهم من بايع الإمام الحسين ( عليه السلام ) في أوّل الأمر ، ثمّ صار إلى جيش عمر بن سعد .
وكلّ ما ورد من روايات ونصوص تاريخية فيها توبيخ لأهل الكوفة ، فإنّما تحمل على الشيعة بالمعنى الأعمّ ، أي الذين كانوا يتشيّعون بلا رفض ، وبلا اعتقاد بالإمامة الإلهية ، وما إلى ذلك من أُصول التشيع .
ــــــــــــــ
(۱) لواعج الأشجان : ۱۸۵ ، تاريخ الأُمم والملوك ۴ / ۳۴۴ ، البداية والنهاية ۸ / ۲۰۳ ، مقتل الحسين لابن مخنف : ۱۹۰ ، اللهوف : ۷۱ ، كشف الغمّة ۲ / ۲۶۲ .
(۲) الأمالي للشيخ الصدوق : ۲۲۲ ، روضة الواعظين : ۱۸۵ ، لواعج الأشجان : ۱۱۱ .
(۳) جواهر الكلام ۱۳ / ۱۴۰ و ۲۱ / ۳۳۷ ، الصحيح من السيرة ۲ / ۱۴۹ .
(۴) سبأ : ۱۳ .
(۵) أعيان الشيعة ۱ / ۵۸۵ .
إعداد: مركز آل البيت العالمي للمعلومات / قم المقدسة