الدعاء وأسراره كما يراها الإمام الرضا (ع)

الدعاء وأسراره كما يراها الإمام الرضا (ع)

کپی کردن لینک

لقد كان الإمام علي الرضا (ع) مثالًا حيّا للتواصل الروحي مع الله سبحانه، متسلحا بالدعاء كوسيلة للتقرب إلى الخالق وطلب العون في مختلف شؤون الحياة، من هنا نتناول هنا جوانب متعددة من الدعاء في نظر الإمام الرضا (ع)، بدءا من تسلحه بالدعاء كوسيلة للنجاح والنجاة، إلى مفهوم إخفاء الدعاء وأثره في الاستجابة، ووصولاً إلى مسألة إبطاء الإجابة، والتي تحمل في طياتها دروسا عميقة حول الصبر والاعتماد على الله، كما سنستعرض بعض أدعيته (ع)، بالإضافة إلى حرزه (ع) الذي يمثل أحد أبرز أساليبه في تعزيز الحماية الروحية.

تسلحه (ع) بالدعاء

ومن مظاهر حياة الإمام علي الرضا (ع) المعنوية تسلحه بالدعاء إلى الله تعالى، والتجاؤه إليه في جميع أموره، وكان (ع) يجد فيه متعة لا تعادلها أية متعة من متع الحياة، وقبل أن نعرض لبعض أدعيته نذكر ما أثر عنه (ع) من أهمية الدعاء وغيره:

حث الإمام الرضا (ع) أصحابه على الدعاء إلى الله سبحانه وتعالى، فقال (ع) لهم: عَلَيْكُمْ بِسِلاحِ الْأَنْبِياءِ. فقيل له: وما سلاح الأنبياء؟ قال: الدعاء[1].

وأوصى الإمام علي الرضا (ع) أصحابه بإخفاء الدعاء، وأن يدعو الإنسان ربه سراً لا يعلم به أحد. قال له: دَعْوَةُ الْعَبْدِ سِرَا دَعْوَةً وَاحِدَةً تَعْدِلُ سَبْعِينَ دَعْوَةً عَلَانِيَةٌ[2].

إبطاء الإجابة في الدعاء

وتحدث الإمام الرضا (ع) عن الأسباب التي توجب إبطاء الإجابة في الدعاء، فقد روى أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال: قلت لأبي الحسن – يعني الإمام علي الرضا (ع) ـ: جعلت فداك، إني قد سألت الله حاجة منذ كذا وكذا سنة، وقد دخل قلبي من إبطائها شيء؟

فقال له: يا أَحْمَدُ، إِيَّاكَ وَالشَّيْطَانَ أَنْ يَكُونَ لَهُ عَلَيْكَ سَبِيلٌ حَتَّى يُقْنِّطَكَ. إِنَّ أَبا جَعْفَرٍ – يعني الإمام محمد الباقر (ع) – كانَ يَقولُ: إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَسْأَلُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ حَاجَتَهُ، فَيُؤَخِّرُ عَنْهُ تَعْجِيلَ إِجابَتِهِ حُبّاً لِصَوْتِهِ، وَإِسْتِمَاع نَحِيبِهِ.

ثم قال: وَاللَّهِ مَا أَخَّرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ مَا يَطْلُبُونَ مِنْ هَذِهِ الدُّنْيَا خَيْرٌ لَهُمْ مِمَّا عَجَّلَ لَهُمْ فيها، وَأَيُّ شَيْءٍ الدُّنْيَا؟ إِنَّ أَبَا جَعْفَرٍ كَانَ يَقُولُ: يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَكُونَ دُعَاؤُهُ فِي الرَّخاءِ نَحْواً مِنْ دُعَائِهِ فِي الشَّدَّةِ، لَيْسَ إِذا أُعْطِيَ فَتَرَ، فَلَا تَمِلَّ الدُّعاءَ، فَإِنَّهُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِمَكانٍ – أي بمنزلة – وَعَلَيْكَ بِالصَّبْرِ، وَطَلَبِ الْحَلَالِ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ.

وَإِيَّاكَ وَمُكاشَفَةَ النَّاسِ، فَإِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ نَصِلُ مَنْ قَطَعَنَا، وَنُحْسِنُ إِلَى مَنْ أَساءَ إِلَيْنَا، فَنَرَى وَاللَّهِ فِي ذلِكَ الْعَاقِبَةَ الْحَسَنَةَ، إِنَّ صَاحِبَ النَّعْمَةِ فِي الدُّنْيَا إِذَا سَأَلَ فَأُعْطِيَ طَلَبَ غَيْرَ الَّذِي سَأَلَ وَصَغُرَتِ النَّعْمَةُ فِي عَيْنِهِ فَلَا يَشْبَعُ مِنْ شَيْءٍ، وَإِذا كَثُرَتِ النَّعَمُ كَانَ الْمُسْلِمُ مِنْ ذَلِكَ فِي خَطَرٍ لِلْحُقوقِ الَّتِي تَجِبُ عَلَيْهِ، وَمَا يُخَافُ مِنَ الْفِتْنَةِ فيها.

أَخْبِرْنِي عَنْكَ لَوْ أَنِّي قُلْتُ لَكَ قَوْلًا أَكُنْتَ تَثِقُ بِهِ مِنِّي؟

وسارع أحمد قائلاً: جعلت فداك، إذا لم أثق بقولك فيمن أثق وأنت حجة الله على خلقه.

فأجابه الإمام الرضا (ع): فَكُنْ بِاللَّهِ أَوْثَقَ، فَإِنَّكَ عَلَى مَوْعِدٍ مِنَ اللَّهِ، أَلَيْسَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ[3].

وَقَالَ: لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ [4].

وَقَالَ:  وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا[5].

فَكُنْ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَوْثَقَ مِنْكَ بِغَيْرِهِ، وَلَا تَجْعَلُوا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا خَيْراً، فَإِنَّهُ مَغْفُورٌ لَكُمْ[6].

وأعرب الإمام علي الرضا (ع) عن الأسباب التي تحجب الدعاء، وتؤخر إجابته، كما دعا إلى التحلي بأخلاق أهل البيت (ع) والاقتداء بهم.

من أدعيته (ع)

وأثرت عن الإمام الرضا (ع) كوكبة من الأدعية الشريفة، كان من بينها ما يلي:

1ـ من أدعية الإمام علي الرضا (ع) هذا الدعاء، يطلب (ع) فيه الأمن والإيمان، قال (ع):

يا مَنْ دَلَّنِي عَلَى نَفْسِهِ، وَذَلَّلَ قَلْبِي بِتَصْدِيقِهِ، أَسْأَلُكَ الْأَمْنَ وَالْإِيمَانَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ[7].

وحفل هذا الدعاء على إيجازه بظاهرة من ظواهر التوحيد، وهي أن الله تبارك وتعالى دل على ذاته، وعرّف نفسه لخلقه، وذلك بما أودعه وأبدعه في هذا الكون من العجائب والغرائب، وكلها تنادي بوجوده.

2ـ كان الإمام الرضا (ع) يدعو بهذا الدعاء الجليل:

اللَّهمَّ اعْطِنِي الْهُدَى وَثَبَّتْنِي عَلَيْهِ، وَاحْشُرْنِي عَلَيْهِ آمِناً، أَمْنَ مَنْ لَا خَوْفَ عَلَيْهِ، وَلَا حُزْنَ وَلَا جَزَعَ، إِنَّكَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ[8].

لقد دعا الإمام الرضا (ع) بطلب الهداية، والانقياد الكامل إلى الله الذي هو من أعلى درجات المقربين والمنيبين إلى الله تعالى.

3ـ وكان الإمام علي الرضا (ع) يدعو بهذا الدعاء لطلب الرزق والسعة في العيش، وكان (ع) يدعو به عقيب كل فريضة، وهذا نص الدعاء:

يا مَنْ يَمْلِكُ حَوائِجَ السَّائِلِينَ، وَيَعْلَمُ ضَمِيرَ الصَّامِتِينَ، لِكُلِّ مَسْأَلَةٍ مِنْكَ سَمْعٌ حَاضِرٌ وَجَوابٌ عَتِيدٌ، وَلِكُلِّ صَامِتٍ مِنْكَ عِلْمٌ بَاطِنٌ مُحِيطٌ، أَسْأَلُكَ بِمَواعِيدُكَ الصَّادِقَةِ، وَأَياديكَ الْفَاضِلَةِ، وَرَحْمَتِكَ الْواسِعَةِ، وَسُلْطَانِكَ الْقَاهِرِ، وَمُلْكِكَ الدّائِم، وَكَلِماتِكَ التَّامَاتِ، يَا مَنْ لَا تَنْفَعُهُ طاعَةُ الْمُطيعينَ، وَلَا تَضُرُّهُ مَعْصِيَةُ الْعاصِينَ صَلَّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَارْزُقْنِي مِنْ فَضْلِكَ، وَأَعْطِنِي فيما تَرْزُقُنِي الْعَافِيَةَ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الراحمين[9].

4ـ ومن بين أدعية الإمام الرضا (ع) الشريفة هذا الدعاء العظيم، وجاء فيه بعد البسملة:

اللهم يا ذا الْقُدْرَةِ الْجَامِعَةِ، وَالرَّحْمَةِ الْوَاسِعَةِ، وَالْمِنَنِ الْمُتَتَابِعَةِ، وَالْآلَاءِ الْمُتَوالِيَةِ، وَالْأَيادى الْجَمِيلَةِ، وَالْمَوَاهِبِ الْجَزِيلَةِ، يَا مَنْ لَا يُوصَفُ بِتَمْثِيلٍ، وَلَا يُمَثَّلُ بِنَظِيرٍ، وَلَا يُغْلَبُ بَظَهِيرٍ.

يا مَنْ خَلَقَ فَرَزَقَ، وَأَلْهَمَ فَأَنْطَقَ، وَابْتَدَعَ فَشَرَعَ، وَعَلا فَارْتَفَعَ، وَقَدَّرَ فَأَحْسَنَ، وَصَوَّرَ فَأَتْقَنَ، وَاحْتَجَّ فَأَبْلَغَ، وَأَنْعَمَ فَأَسْبَغَ، وَأَعْطَى فَأَجْزَلَ، وَمَنَحَ فَأَفْضَلَ.

يا مَنْ سَمَا فِي الْعِزَّ فَفَاتَ خَواطِفَ الْأَبْصَارِ، وَدَنَا فِي اللُّطْفِ فَجَازَ هَوَاجِسَ الْأَفْكَارِ. يا مَنْ تَفَرَّدَ بِالْمُلْكِ فَلَا نِدَّ لَهُ فِي مَلَكَوتِ سُلْطَانِهِ، وَتَوَحَّدَ بِالْكِبْرِياءِ فَلَا ضِدَّ لَهُ فِي جَبَرُوتِ شَأْنِهِ.

يا مَنْ حَارَتْ فِي كِبْرِياءِ هَيْبَتِهِ دَقَائِقُ لَطَائِفِ الْأَوْهَامِ، وَانْحَسَرَتْ دُونَ إِدْرَاكِ عَظَمَتِهِ خَطَائِفُ أَبْصَارِ الْأَنامِ. يا عالِمَ خَطَرَاتِ قُلُوبِ الْعالَمينَ، وَشَاهِدَ لَحَظَاتِ أَبْصارِ النَّاظِرِينَ.

يا مَنْ عَنَتِ الوجوهُ لِهَيْبَتِهِ، وَخَضَعَتِ الرَّقابُ لِعَظَمَتِهِ وَجَلالِهِ، وَوَجِلَتِ الْقُلُوبُ مِنْ خِيفَتِهِ، وَارْتَعَدَتِ الْفَرَائِصُ مِنْ فَرَقِهِ، يَا بَدىءُ يا بديع، يا قَوِيٌّ يا مَنيعُ، يا عَلِيُّ يَا رَفيعُ، صَلَّ عَلَى مَنْ شُرِّفَتِ الصَّلَاةُ بِالصَّلاةِ عَلَيْهِ، وَانْتَقِمْ لِي مِمَّنْ ظَلَمَني، وَاسْتَخَفَّ بِي، وَطَرَدِ الشَّيْعَةَ عَنْ بابي، وَأَذِقهُ مَارَةَ ا الذُّلِّ وَالْهَوَانِ كَمَا أَذاقَنيها، وَاجْعَلْهُ طَرِيدَ الْأَرْجَاسِ، وَشَرِيدَ الْأَنْجَاسِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمينَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ[10].

وحفل هذا الدعاء الشريف بحمد الله والثناء عليه بأجمل ألوان الثناء، كما حفل في آخره بما جرى عليه من الظلم والأذى والاضطهاد من قبل المأمون العباسي، فقد طرد شيعة الإمام علي الرضا (ع)، واستخف به، لما ظهر للعالم الإسلامي سمو مكانة الإمام الرضا (ع) وعظيم شخصيته وتفاهة شخصية المأمون، وأنه لا رصيد له من الدين والأخلاق ما يستحق به مركز الخلافة الإسلامية، ويبدو من هذا الدعاء مدى تألم الإمام الرضا (ع) من المأمون حيث دعا عليه بحرارة وألم.

5ـ من بين أدعية الإمام علي الرضا (ع) الشريفة هذا الدعاء، وقد جاء فيه بعد البسملة:

اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَرَدِّ نَوازِلِ الْبَلاءِ، وَمُلِمَّاتِ الضَّرَاءِ، وَكَشْفِ نَوائِبِ اللَّأَواءِ[11]، وَتَوالي سُبوع النَّعْمَاءِ، وَلَكَ الْحَمْدُ رَبِّ عَلَى هَنيء عَطَائِكَ، وَمَحْمُودِ بَلائِكَ، وَجَلِيلِ آلَائِكَ.
وَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى إِحْسَانِكَ الْكَثِيرِ، وَخَيْرِكَ الْغَزِيرِ، وَتَكْلِيفِكَ الْيَسِيرَ، وَدَفْعِكَ الْعَسِيرَ.
وَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى تَثْمِيرِكَ قَليلَ الشَّكْرِ، وَإِعْطَائِكَ وَافِرَ الْأَجْرِ، وَحَطِّكَ مُثْقِلَ الْوِزْرِ، وَقَبولِكَ ضِيقَ الْعُذْرِ، وَوَضْعِكَ بِاهِضَ الْإِصْرِ، وَتَسْهِيلِكَ مَوْضِعَ الْوَعْرِ، وَمَنْعِكَ مَقْطَعَ الْأَمْرِ.
وَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى الْبَلَاءِ الْمَصْرُوفِ، وَوَافِرِ الْمَعْرُوفِ، وَدَفْعِ الْمَخَوفِ، وَإِذْلالِ الْعَسوفِ.
وَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى قِلَّةِ التَّكْلِيفِ، وَكَثْرَةِ التَّخْفِيفِ، وَتَقْوِيَةِ الضَّعِيفِ، وَإِغاثَةِ اللَّهِيفِ، وَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى سِعَةِ إِمْهَالِكَ، وَدَوامِ إِفْضالِكَ، وَصَرْفِ إِمْحَالِكَ، وَحَمِيدِ فِعَالِكَ، وَتَوالي نَوالِكَ.
وَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى تَأْخِيرِ مُعاجَلَةِ الْعِقَابِ، وَتَرْكِ مُغَافَصَةِ الْعَذَابِ، وَتَسْهِيلِ طُرُقِ الْمَآبِ، وَإِنْزالِ غَيْثِ السَّحابِ، إِنَّكَ الْمَنَانُ الْوَهَّابُ[12].

وحوى هذا الدعاء جملاً من آيات الثناء على الله تعالى، خالق الكون وواهب الحياة.

هذه بعض أدعية الإمام الرضا (ع) وهي تكشف عن جانب من حياته الروحية، وهي الانقطاع إلى الله والاتصال به، والاعتصام بحبله تبارك وتعالى.

حرزه (ع)

كان الإمام علي الرضا (ع) يتسلح بهذا الدعاء الشريف:

بسم الله الرحمن الرحيم

يا مَنْ لَا شَبِيهَ لَهُ وَلَا مِثَالَ، أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، وَلَا خَالِقَ إِلَّا أَنْتَ، تُفْنِي الْمَخْلُوقِينَ وَتَبْقَى، أَنْتَ حَلُمْتَ عَمَّنْ عَصَاكَ وفِي الْمَغْفِرَةِ رضاك[13].

كما كان الإمام الرضا (ع) متشبّثاً بهذا الدعاء الجليل:

اسْتَسْلَمْتُ مَولايَ لَكَ، وَأَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ، وَتَوَكَّلْتُ فِي كُلِّ أموري عَلَيْكَ، وَأَنا عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدَيْكَ، إِخْبَأنِي اللَّهُمَّ فِي سِتْرِكَ عَنْ شِرارِ خَلْقِكَ، وَاعْصِمْنِي مِنْ كُلِّ أَذىً وَسُوءٍ بِمَنَّكَ، وَاكْفِنِي شَرَّ كُلِّ ذِي شَرِّ بِقُدْرَتِكَ.

اللَّهُمَّ مَنْ كَادَنِي أَوْ أَرَادَنِي فَإِنِّي أَدْرَأُ بِكَ فِي نَحْرِهِ، وَأَسْتَعِينُ بِكَ مِنْهُ، وَأَسْتَعِيذُ مِنْهُ بِحَوْلِكَ وَقُوَّتِكَ، فَسُدَّ عَنِّي أَبْصَارَ الظَّالِمِينَ، وَشُدَّ عَنِّي أَيْدِي الظَّالِمِينَ إِذْ كُنْتَ نَاصِرِي، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَإِلَهَ العالَمينَ.

أَسْأَلُكَ كِفَايَةَ الْأَذَى، وَالْعَافِيَةَ وَالشَّفَاءَ وَالنَّصْرَ عَلَى الْأَعْداءِ، وَالتَّوْفِيقَ لِما تُحِبُّ رَبَّنَا وَتَرْضى، يا إِلهَ الْعَالَمِينَ، يَا جَبَّارَ السَّمَواتِ وَالْأَرَضِينَ، يا رَبَّ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ[14].

لقد استسلم الإمام علي الرضا (ع) وأسلم نفسه وجميع أموره للواحد القهّار الذي بيده جميع مجريات الأحداث، وقد احتجب (ع) بهذا الدعاء ليردّ الله عنه كيد المعتدين وظلم الظالمين.

الاستنتاج

أن حياة الإمام علي الرضا (ع) الروحية تتجلى من خلال تسلحه بالدعاء كوسيلة للتواصل مع الله تعالى، حيث كان يجد فيه متعة لا تضاهيها أي متعة أخرى، وقد أكد (ع) على أهمية الدعاء، مشيرا إلى أنه سلاح الأنبياء، وحث أصحابه على الدعاء بإخلاص وإخفاء، كما تناول أسباب إبطاء إجابة الدعاء، مشددا على ضرورة الصبر والثقة برحمة الله تعالى، وذكرنا مجموعة من أدعية الإمام (ع) التي تعكس عمق إيمانه، مثل الدعاء للأمن والإيمان، ودعاء الهداية، ودعاء الرزق، كما كان يعبّر عن شكره لله في أدعيته، معترفا بفضله ورحمته.

الهوامش

[1] ابن طاووس، مهج الدعوات، ص307.
[2] الكليني، الكافي، ج2، ص476.
[3] البقرة، ١٨٦.
[4] الزمر، ٥٣.
[5] البقرة، ٢٦٨.
[6] الكليني، الكافي، ج2، ص488.
[7] الكليني، الكافي، ج2، ص579.
[8] الصدوق، عيون أخبار الرضا، ج2، ص63.
[9] الكفعمي، مصباح الكفعمي، ص223.
[10] الكفعمي، مصباح الكفعمي، ص390.
[11]  وهي نوازل الدهر.
[12] الكفعمي، مصباح الكفعمي، ص٥٤٦.
[13] الصدوق، عيون أخبار الرضا، ج2، ص64.
[14]  الكفعمي، مصباح الكفعمي، ص293.

مصادر البحث

1ـ القرآن الكريم.
2ـ ابن طاووس، علي، مهج الدعوات ومنهج العبادات، بيروت، مؤسّسة الأعلمي، الطبعة الثانية، 1424 ه‍.
3ـ الصدوق، محمّد، عيون أخبار الرضا (ع)، تصحيح وتعليق حسين الأعلمي، بيروت، مؤسّسة الأعلمي، طبعة 1404 ه‍.
4ـ الكفعمي، إبراهيم، جنّة الأمان الواقية، المعروف بمصباح الكفعمي، النجف، دار الكتب العلمية، الطبعة الثانية، 1405 ه‍.
5ـ الكليني، محمّد، الكافي، طهران، دار الكتب الإسلامية، الطبعة الثالثة، 1388 ش.

مصدر المقالة (مع تصرف)

القرشي، باقر، موسوعة سيرة أهل البيت (ع)، تحقيق مهدي باقر القرشي، النجف، دار المعروف، الطبعة الثانية، 1433 ه‍، ج30، ص63 ـ ص74.

لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *