القرآن الكريم هو أحسن الحديث وأحسن الكتاب الذي علم البشرية جمعاء أفضل أساليب الحياة، وكونه أحسن الحديث فمن باب أولى أن يكون فيه أحسن آداب التحدّث مع الآخرين. ففي حياة الإنسان، تعتبر آداب التحدث مع الآخرين من الركائز الأساسية التي تساهم في بناء علاقات جيدة وتوصيل الأفكار بطريقة فعالة. فالحديث هو وسيلة التواصل التي يستعملها الإنسان للتعبير عن أفكاره ومشاعره، ولتحقيق ذلك بشكل يليق ويحفظ كرامة الجميع، لا بد من الالتزام بآداب التحدث.
ولذلك، فإن آداب التحدث ليست مجرد قواعد بسيطة، بل هي فن يتطلب مهارة ووعي، حيث يجب على المتحدث أن يحرص على تطبيق آداب التحدث في جميع مواقف حياته. فآداب التحدث تضمن حسن الاستماع، واحترام الآخر، وتجنب الكلمات الجارحة، الأمر الذي يجعل من آداب التحدث أساسًا للتفاهم والتعايش السلمي. ومن هنا، فإن أهمية آداب التحدث تظهر جليًا في حياة المجتمع، حيث تتفاعل آداب التحدث مع أخلاق الإنسان، وتنعكس على سلوكياته، آداب التحدث تشكل جسرًا للتواصل الفعّال، وتؤكد على أهمية التزام كل فرد بمبادئ آداب التحدث للحفاظ على روابط المحبة والاحترام المتبادل، فآداب التحدث ليست مجرد قواعد، بل هي مفتاح التقدم والتطور في المجتمعات.
آداب التحدث مع الوالدين
يقول الله سبحانه: {وَقَضَیٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاۡ إِلَّآ إِيَّاهُ وَ بِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَٰنًا ۚ إِمَّا يَبۡلُغَنَّ عِندَكَ ٱلۡكِبَرَ أَحَدُهُمَآ أَوۡ كِلاَهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلَا تَنۡهَرۡهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوۡلاً كَرِيمًا ﴿*﴾ وَٱخۡفِضۡ لَهُمَا جَنَاحَ ٱلذُّلِّ مِنَ ٱلرَّحۡمَةِ وَقُل رَّبِّ ٱرۡحَمۡهُمَا كَمَا رَبَّيَانِی صَغِيرًا}.[1]
تقول الآية: “فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ“ بمعنى لا تظهر عدم ارتياحك أو تنفرك منهم “وَلا تَنْهَرْهُما” ثمّ تؤكّد مرّة أخرى على ضرورة آداب التحدّث معهم بالقول الكريم، إذ اللسان مفتاح إلى القلب “وَقُلْ لَهُما قَوْلًا كَرِيماً“. و- من جانب ثالث تأمر الآية بالتواضع لهم، هذا التواضع الذي يكون علامة المحبة، و دليل الود لهم: “وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ”.[2]
“فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما” وهي أول مرتبة من مراتب الرعاية والأدب – آداب التحدث – ألا يند من الولد ما يدل على الضجر والضيق، وما يشي بالإهانة وسوء الأدب .”وَقُلْ لَهُما قَوْلًا كَرِيماً” وهي مرتبة أعلى إيجابية أن يكون كلامه لهما يشي بالإكرام والاحترام. “وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ” وهنا يشف التعبير ويلطف، ويبلغ شغاف القلب و حنايا الوجدان. فهي الرحمة ترق وتلطف حتى لكأنها الذل الذي لا يرفع عينا، ولا يرفض أمرا. و كأنما للذل جناح يخفضه إيذانا بالسلام والاستسلام.[3]
“فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ“ في عملية رد فعل للشعور بالضيق النفسي من تصرفاتهما، كمظهر من مظاهر التعبير عن الأفعال في أقلّ نماذجه، فإذا لم يجز ذلك، فلا يجوز ما هو أشد منه، لأن الأساس هو حرمة الإيذاء، فيحرم الأقوى في الإيذاء إذا كان الأضعف محرما. وقد جاء في كلمات أهل البيت عن الإمام جعفر الصادق (ع) أنه قال: “لو علم اللَّه لفظة أوجز في ترك عقوق الوالدين من أفّ لأتى بها” “وَلا تَنْهَرْهُما” أي لا تغلظ عليهما بالزجر والصوت الشديد القاسي “وَقُلْ لَهُما قَوْلًا كَرِيماً” بالكلمة الحلوة اللطيفة التي تحمل الحب والعطف والحنان وتوحي بالانفتاح والاحترام والإعزاز والكرامة والابتسامة المشرقة والنظرة الحنونة.[4]
آداب التحدث مع المسلمين
قال سبحانه: {فَبِمَا رَحۡمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمۡ ۖوَلَوۡ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ ٱلۡقَلۡبِ لَٱنفَضُّواْ مِنۡ حَوۡلِكَ ۖ فَٱعۡفُ عَنۡهُمۡ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ وَ شَاوِرۡهُمۡ فِی ٱلۡأَمۡرِ فَإِذَا عَزَمۡتَ فَتَوَكَّلۡ عَلَی ٱللَّهِ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُتَوَكِّلِينَ}.[5]
أي بسبب الرحمة التي رحم اللّه بها المسلمين الذين اتبعوك وآمنوا بك، ما أودعه في شخصيتك الرسالية في محبتها لهم وانفتاحها على قضاياهم وإحساسها بالمسؤولية في تثبيتهم على الخط الإيماني والتزامهم به، وفي إبعادهم عن حالة الاهتزاز النفسي التي قد تحركها في الذات الأجواء السلبية، التي قد تسيطر عليها من خلال ردود الفعل على قسوة هنا وغضب هناك، وتشنج من الداعية في بعض المواقع،
“لِنْتَ لَهُمْ” فكنت الرقيق في أسلوبك وكلامك معهم وخطابك لهم، والرّقيق في نبضات قلبك أمام آلامهم وأحلامهم ومشاكلهم، والمتسامح معهم إذا أخطئوا، والمتساهل معهم إذا خالفوا تعاليمك، وذلك هو سر العظمة في أخلاقه النبوية وروحيته الإنسانية وسلوكيته الإسلامية التي تعمق إحساس النبي بالآخرين في خط الانتماء، وانفتاح الإنسان على الناس الذين يلتقي بهم في الخط الفكري والعملي، لتأكيد الانتماء والعلاقة القوية وحركية المسلم الداعية في تقوية روحية المسلمين في مواقع الصراع.
“وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا” أي فظ اللسان والطباع، خشن المعاملة، سيّئ الخلق، “غَلِيظَ الْقَلْبِ” في قسوة الإحساس الداخلي في خفقاته ونبضاته بالطريقة السلبية، “لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ” أي لتفرقوا عنك، لأن الناس يبتعدون عن أي شخص يغلق قلبه عنهم، ويقسو في المعاملة معهم، ويضغط بالخلق السّيّء على مشاعرهم، لأن النفس مجبولة على النفور ممن يسيء إليها، كما هي مجبولة على حب من أحسن إليها.[6]
قال عزّ شأنه: {وَٱقۡصِدۡ فِی مَشۡيِكَ وَٱغۡضُضۡ مِن صَوۡتِكَ ۚ إِنَّ أَنكَرَ ٱلۡأَصۡوَٰتِ لَصَوۡتُ ٱلۡحَمِيرِ}.[7]
إنّ هاتين الآيتين في الحقيقة أمرتا بصفتين، ونهتا عن صفتين: فالنهي عن «التكبّر» و«العجب»، فإنّ أحدهما يؤدّي إلى أن يتكبّر الإنسان على عباد اللّه، والآخر يؤدّي إلى أن يظنّ الإنسان أنّه في مرتبة الكمال وأسمى من الآخرين، وبالتالي سيغلق أبواب التكامل بوجهه، وإن كان لا يقارن بينه وبين الآخرين. وبالرغم من أنّ هاتين الصفتين مقترنتان غالبا، ولهما أصل مشترك، إلّا أنّهما قد تفترقان أحيانا. أمّا الأمر بصفتين، فهما رعاية الاعتدال في العمل والكلام، – آداب التحدث – لأنّ التأكيد على الاعتدال في المشي أو إطلاق الصوت هو من باب المثال في الحقيقة.
والحقّ أنّ الإنسان الذي يتّبع هذه النصائح الأربع موفّق و سعيد وناجح في الحياة، و محبوب بين الناس، وعزيز عند اللّه. وممّا يستحقّ الانتباه أنّ من الممكن أن نسمع أصواتا أزعج من أصوات الحمير في محيط حياتنا، كصوت سحب بعض القطع الفلزّية إلى بعضها الآخر، حيث يحسّ الإنسان عند سماعه بأنّ لحمه يتساقط، إلّا أنّ هذه الأصوات لا تمتلك صفة عامّة، إضافة إلى وجود فرق بين المزعج والقبيح من الأصوات، والحقّ هو أنّ صوت الحمار أقبح من كلّ الأصوات العاديّة التي يسمعها الإنسان، وبه شبّهت صرخات ونعرات المغرورين البله.
وليس القبح من جهة ارتفاع الصوت وطريقته فحسب، بل من جهة كونه بلا سبب أحيانا، لأنّ بعض المفسّرين يقولون: إنّ أصوات الحيوانات تعبّر غالبا عن حاجة، إلّا أنّ هذا الحيوان يطلق صوته أحيانا بدون مبرّر أو داع، و بدون أي حاجة أو مقدّمة! و ربّما كان ما ورد في بعض الرّوايات من أنّ الحمار كلّما أطلق صوته فقد رأى شيطانا، لهذا السبب. و قال البعض: إنّ صراخ كلّ حيوان تسبيح إلّا صوت الحمار! و على كلّ حال، فإنّنا إذا تجاوزنا كلّ ذلك، فإنّ كون هذا الصوت قبيحا من بين الأصوات لا يحتاج إلى بحث، و إذا رأينا في الرّوايات المرويّة عن الإمام الصادق عليه السّلام، و التي فسّرت هذه الآية بالعطسة بصوت عال، أو الصراخ عند التكلّم و التحدّث، فإنّه في الحقيقة مصداق واضح لذلك.[8]
آداب التحدث مع غير المسلمين
قال تعالى: {وَقُل لِّعِبَادِی يَقُولُواْ ٱلَّتِی هِیَ أَحۡسَنُ إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ يَنزَغُ بَيۡنَهُمۡ ۚ إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ كَانَ لِلۡإِنسَٰنِ عَدُوًّا مُّبِينًا}.[9]
الأحسن من حيث المحتوى والبيان، والأحسن من حيث التلازم بين الدليل ومكارم الأخلاق والأساليب الإنسانية، ولكن لماذا يستعمل هذا الأسلوب مع المعارضين؟ الجواب: إذا ترك الناس القول الأحسن واتبعوا الخشونة في الكلام والمجادلة ف “إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ” و يثير بينهم الفتنة والفساد، فلا تنسوا: “إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوًّا مُبِيناً”. أمّا من هم (العباد) المقصودون في هذه الآية؟ في صدد الجواب هناك رأيان مختلفان بين المفسّرين، وكل رأي مدعم بالقرآئن التي تؤيده؛ هذان الرأيان هما:
أوّلا: المقصود من «عبادي» هم عبيده المشركون، إذ بالرغم من أنّهم سلكوا طريقا خاطئا، إلّا أنّ اللّه تبارك وتعالى يناديهم «عبادي» وذلك من أجل إثارة عواطفهم الإنسانية، ويدعوهم إلى «القول الأحسن» ويعني هنا كلمة التوحيد وترك الشرك ومراقبة أنفسهم من وسواس الشيطان، وهكذا يكون الهدف من هذه الآيات- بعد ذكر أدلة التوحيد والمعاد- هو النفوذ إلى قلوب المشركين حتى يستيقظ ذوي الاستعداد منهم. الآيات التي تلي هذه الآية- كما سيأتي- تناسب هذا المعنى، و كون هذه السورة مكّية يرجح هذا الرأي، إذ لم يكن الجهاد قد فرض بعد وكانت الدعوة بالمنطق والأسلوب الحسن فقط هي المأمور بها.
ثانيا: كلمة «عبادي» خطاب للمؤمنين، حيث تعلّمهم الآية أسلوب النقاش مع الأعداء، فقد يحدث في بعض الأحيان أن يتعامل المؤمنون الجدد بخشونة مع معارضي عقيدتهم ويقولون لهم بأنّهم من أهل النّار والعذاب، و أنّهم ضالون، ويعتبرون أنفسهم من الناجين، قد يكون هذا الموقف سببا في أن يقف المعارضون موقفا سلبيا إزاء دعوة الرّسول (ص) اضافة لذلك، فإنّ الاتهامات التي يطلقها المشركون ضدّ شخص رسول اللّه (ص) ويتهمونه فيها بالسحر والجنون والكهانة والشعر، قد تكون سببا في أن يفقد المؤمنون السيطرة على أنفسهم ويبدأوا بالتشاجر مع المشركين ويستخدموا الألفاظ الخشنة ضدّهم .
القرآن يمنع المؤمنين من هذا العمل و يدعوهم إلى التزام اللين والتلطّف بالكلام واختيار أفضل الكلمات في أسلوب التخاطب، حتى يأمنوا من إفساد الشيطان.كلمة «بينهم» وفقا لهذا الرأي توضح أنّ الشيطان يحاول زرع الفساد بين المؤمنين و من يخالفهم؛ أو أنّه يحاول النفوذ إلى قلوب المؤمنين لإفسادها «ينزغ» مشتقة من «نزغ» و تعني الدخول إلى عمل بنيّة الإفساد. بملاحظة مجموع هذه القرائن يتبيّن لنا أنّ التّفسير الثّاني ينطبق مع ظاهر الآية الكريمة أكثر من التّفسير الأوّل، لأنّ كلمة «عبادي» في القرآن تستخدم عادة لمخاطبة المؤمنين، إضافة إلى أنّ سبب نزول الآية يؤيد هذا المعنى و يدعم هذا التّفسير.[10]
قال تعالى: {ٱذۡهَبَآ إِلَیٰ فِرۡعَوۡنَ إِنَّهُۥ طَغَیٰ ﴿*﴾ فَقُولاَ لَهُۥ قَوۡلاً لَّيِّنًا لَّعَلَّهُۥ يَتَذَكَّرُ أَوۡ يَخۡشَیٰ}.[11]
آداب التحدث حتى مع الطاغية فرعون. قال السيد فضل الله: “أكد اللّه سبحانه لهما أن عليهما أن يختارا الأسلوب اللين في الكلمة والجو، والابتعاد عن طبيعة الإثارة في ذلك “فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً” لا خشونة فيه ولا عنف، ولا إثارة، “لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ” عند ما يقوده الأسلوب الحكيم إلى التفكير “أَوْ يَخْشى” عند ما تثير فيه الذكرى الخوف أمام قضية المصير في ما ينتظره من عذاب اللّه”.[12]
وقال عزّ وجلّ: {ٱدۡعُ إِلَیٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِ ۖ وَجَٰدِلۡهُم بِٱلَّتِی هِیَ أَحۡسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِۦ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِين}.[13]
لا شك في أنه يستفاد من الآية أن هذه الثلاثة الحكمة والموعظة والمجادلة من طرق التكليم والمفاوضة فقد أمر بالدعوة بأحد هذه الأمور فهي من أنحاء الدعوة وطرقها وإن كان الجدال لا يعد دعوة بمعناها الأخص. وقد فسرت الحكمة- كما في المفردات- بإصابة الحق بالعلم والعقل، والموعظة كما عن الخليل- بأنه التذكير بالخير فيما يرق له القلب، والجدال- كما في المفردات- بالمفاوضة على سبيل المنازعة والمغالبة. والتأمل في هذه المعاني يعطي أن المراد بالحكمة- و الله أعلم- الحجة التي تنتج الحق الذي لا مرية فيه ولا وهن ولا إبهام والموعظة هو البيان الذي تلين به النفس ويرق له القلب، لما فيه من صلاح حال السامع من الغبر والعبر وجميل الثناء ومحمود الأثر ونحو ذلك.[14]
وقال تعالى: {وَإِذۡ أَخَذۡنَا مِيثَٰقَ بَنِیٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ لَا تَعۡبُدُونَ إِلَّا ٱللَّهَ وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَانًا وَذِی ٱلۡقُرۡبَیٰ وَٱلۡيَتَٰمَیٰ وَٱلۡمَسَٰكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسۡنًا وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ ثُمَّ تَوَلَّيۡتُمۡ إِلَّا قَلِيلاً مِّنكُمۡ وَأَنتُم مُّعۡرِضُونَ}.[15]
في الكافي، عن أبي جعفر (ع): في قوله تعالى: “وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً” الآية. {قولوا للناس أحسن ما تحبون أن يقال فيكم}. وفي الكافي، أيضا عن الصادق (ع) قال: {قولوا للناس ولا تقولوا إلا خيرا حتى تعلموا ما هو}. وفي المعاني، عن الباقر (ع) قال: {قولوا للناس أحسن ما تحبون أن يقال لكم، فإن الله عز و جل يبغض السباب اللعان الطعان- على المؤمنين الفاحش المفحش السائل- ويحب الحيي الحليم العفيف المتعفف}. أقول: وروى مثل الحديث في الكافي، بطريق آخر عن الصادق (ع) وكذا العياشي عنه (ع) و مثل الحديث الثاني في الكافي، عنه. و مثل الحديث الثالث العياشي عن الباقر (ع) و كان هذه المعاني استفيدت من إطلاق الحسن عند القائل و إطلاقه من حيث المورد.[16]
النتيجة
آداب التحدث مع الآخرين أساسية لبناء علاقات جيدة وتحقيق التفاهم، فهي تضمن حسن الاستماع واحترام الآخر وتجنب الكلمات الجارحة. لقد أكد الله تعالى في القرآن الكريم على أهمية الاتصاف بأدب الكلام، يقول الله تعالى: «وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا» وهو موقف واضح يدل على ضرورة التحلي بآداب التحدث واحترام المخاطب. إن تطبيق آداب التحدث يعكس أخلاق الإنسان ويعزز التعايش السلمي، لذا فإن آداب التحدث ضرورة في حياة كل فرد ومجتمع. فآداب التحدث ليست مجرد قواعد، بل هي مفتاح للتقدم والحفاظ على روابط المحبة والاحترام المتبادل، حيث تبرز أهمية آداب التحدث في تحسين العلاقات وتسهيل التواصل.
الهوامش
[1] – الإسراء: 23 – 24.
[2] – مكارم الشيرازى، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج8، ص443 – 444.
[3] – قطب، سيد، فى ظلال القرآن، ج4، 2221 – 2222.
[4] – فضل الله، من وحى القرآن، ج14، ص83 – 84.
[5] – آل عمران: 159.
[4] – فضل الله، من وحى القرآن، ج6، ص342.
[7] – لقمان: 19.
[2] – مكارم الشيرازى، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج13، ص48 – 49.
[9] – الالإسراء: 53.
[2] – مكارم الشيرازى، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج9، ص29 – 30.
[11] – طه: 43 – 44.
[4] – فضل الله، من وحى القرآن، ج15، 113 – 114.
[13] – النحل: 125.
[14] – الطباطبائى، الميزان في تفسير القرآن، ج12، 371 – 372.
[15] – البقرة: 83.
[14] – الطباطبائى، الميزان في تفسير القرآن، ج1، ص220.
المصادر
- الطباطبائى، محمدحسين، الميزان في تفسير القرآن، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات – لبنان – بيروت، الطبعة: 2، 1390 ه.ق.
- فضل الله، محمد حسين، من وحى القرآن، دار الملاك – لبنان – بيروت، 1419 ه.ق.
- قطب، سيد، فى ظلال القرآن، دار الشروق – لبنان – بيروت، الطبعة: 35، 1425 ه.ق.
- مكارم الشيرازى، ناصر، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، مدرسة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) – ايران – قم، 1421 ه.ق.